“مرسيدس” و”بورشه” تخفضان توقعات الأرباح بفعل رسوم ترمب

خفضت شركتا “مرسيدس-بنز” و”بورشه” (Porsche AG) توقعاتهما للأرباح العام الجاري، ما يُبرز الأثر الذي تخلفه الحرب التجارية التي يقودها الرئيس دونالد ترمب على بعض أكبر الشركات الأوروبية المصنّعة للسيارات الفاخرة.
وأشارت الشركتان الألمانيتان يوم الأربعاء إلى ضغوط مزدوجة من الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة وتصاعد المنافسة في الصين، حيث تُقوّض حرب الأسعار في سوق السيارات الكهربائية الطلب على الطرازات الأعلى سعراً.
هوامش أرباح أقل بفعل الرسوم
تتوقع “مرسيدس” الآن أن ينخفض هامش أرباحها من تصنيع السيارات إلى 4%، مقارنةً بـ6% على الأقل سابقاً، وذلك في ظل تأثير الرسوم الجمركية على التسعير والمبيعات. أما “بورشه”، التي تفتقر إلى مصنع في الولايات المتحدة، فقد خفّضت توقعاتها للمرة الثالثة العام الجاري، بعد أن فرض اتفاق ترمب يوم الأحد مع الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية بنسبة 15% على السيارات المستوردة من التكتل.
إقرأ أيضاً: “بورشه” و”مرسيدس” تواجهان خسارة 3.7 مليار دولار بسبب رسوم ترمب
كما خفّضت شركة “أستون مارتن لاغوندا غلوبال هولدينغز” (Aston Martin Lagonda Global Holdings Plc) توقعاتها يوم الأربعاء، بعد يوم من تحذير شركة “ستيلانتس” (Stellantis NV) من أن الرسوم الجمركية الأميركية ستُفاقم متاعب صانعة سيارات “جيب” (Jeep) المتعثر نشاطها بالفعل في أميركا الشمالية.
تُضاف الحواجز التجارية المتزايدة إلى التحوّل الهيكلي الجاري في الصين، حيث أدّت حرب الأسعار الشرسة في سوق السيارات الكهربائية بقيادة علامات محلية من بينها “بي واي دي” (BYD Co) إلى تآكل هوامش الأرباح.
منافسة في سوق السيارات بالصين
واجهت “بورشه” و”مرسيدس” صعوبة في كسب موطئ قدم في أكبر سوق للسيارات في العالم من خلال طرازاتهما الفاخرة مثل “تايكان” (Taycan) و”إيه كيو إس” (EQS)، النسخة الكهربائية من سيارة الليموزين الرائدة “إس- كلاس” (S-Class) من “مرسيدس”. في المقابل، تندفع شركات صناعة السيارات الصينية مثل “بي واي دي” (BYD) و”جيلي” (Geely) نحو سوق السيارات الأوروبية الراكدة.
قال أوليفر بلومه، الرئيس التنفيذي لشركة “بورشه”: “ما نزال نواجه تحديات كبيرة حول العالم… وهذه ليست عاصفة عابرة”.
تسعى شركة صناعة السيارات الرياضية الخاضعة لسيطرة “فولكس واغن” (Volkswagen AG) إلى استعادة توازنها من خلال استبدال عدد من كبار المديرين، وتكثيف جهود خفض التكاليف – بما يشمل خفض الوظائف – وإضافة مزيد من الطرازات المزودة بمحركات احتراق داخلي وهجينة قابلة للشحن.
“بورشه” قد تجمع في أميركا
تجاوزت الولايات المتحدة مؤخراً الصين لتُصبح السوق الفردية الأكبر لشركة “بورشه”، إلا أن الشركة لا تملك مصنعاً محلياً هناك وتستورد جميع السيارات التي تبيعها في السوق الأميركية من أوروبا. وكانت “بلومبرغ” قد أفادت في وقت سابق بأن من بين عدة خيارات قيد الدراسة ضمن خطط التوسع الإنتاجي لشركة “فولكس واغن” الأم في الولايات المتحدة، إجراء التجميع النهائي لطرازات “بورشه” هناك.
من جهتها، تعتزم “مرسيدس” نقل إنتاج سيارة “جي إل سي” (GLC) الرياضية متعددة الاستخدامات إلى الولايات المتحدة لتعويض الرسوم الجمركية المفروضة.
بالنسبة لـ”مرسيدس”، فإن هذه الرياح المعاكسة تُقوّض استراتيجية أطلقتها في عام 2022 لتعزيز الربحية من خلال التوجه أكثر نحو سوق السيارات الفاخرة. وتركّز الشركة حالياً على أكثر طرازاتها ربحية، مثل سيارات “مايباخ” الليموزين، وطرازات “إيه إم جي” (AMG) عالية الأداء، و”جي-واغن” (G-Wagon)، في حين تُقلِّص إنتاج الطرازات الأساسية ذات الهوامش الربحية المنخفضة، مثل الطراز المدمج “إيه كلاس” (A-Class).
تأثر تسعير ومبيعات “مرسيدس”
لكن الرسوم الجمركية الأميركية والأداء الضعيف في الصين يُثقلان كاهل “مرسيدس” من حيث التسعير والمبيعات، وقد حذّرت الشركة من أن إيرادات المجموعة في عام 2025 ستأتي أقل بكثير من مستوى العام الماضي.
إقرأ أيضاً: رسوم ترمب تعطل رحلة “مرسيدس” نحو الأرباح
وفي الربع الثاني، تراجع هامش أرباح تصنيع السيارات في “مرسيدس” إلى 5.1% – وهو مستوى أدنى بكثير من المستويات المرتبطة بالتحول نحو الفخامة الذي أطلقه الرئيس التنفيذي أولا كالينيوس. كما أشارت الشركة إلى ضعف الطلب على سيارات الفان وتراجع الإيرادات في وحدة خدمات التنقل، باعتبارهما من العوامل التي تُؤثر سلباً في الأداء.
تراجعت أسهم “مرسيدس” بنسبة 2% في بورصة فرانكفورت. وانخفض السهم بنحو 1% خلال العام الجاري. في المقابل، ارتفعت أسهم “بورشه” بنسبة 2.3% في الساعة 10:12 صباحاً بالتوقيت المحلي، بعدما أشار محللون إلى إيرادات وتدفقات نقدية أفضل من المتوقع. رغم ذلك، ما تزال أسهم الشركة منخفضة بأكثر من الخُمس العام الجاري.
أشارت “بورشه” إلى أن العائد من المبيعات خلال العام الجاري قد يتراجع إلى 5%، بعد أن كانت تستهدف سابقاً 6.5% على الأقل. وتشمل التوقعات المحدّثة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية ونحو 1.3 مليار يورو (1.5 مليار دولار) من التكاليف المرتبطة بإعادة التوجه الاستراتيجي للعلامة التجارية.
“بورشه” و”مرسيدس” الأكثر تعرضا للنزاعات التجارية
تُعد “مرسيدس” و”بورشه” من بين أكثر شركات صناعة السيارات تعرضاً للنزاعات التجارية. فقد واجهتا رسوماً بنسبة 27.5% على المركبات المُصدّرة من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة خلال معظم الربع الثاني. كما تُصدّر “مرسيدس” سيارات رياضية متعددة الاستخدامات تُنتجها في مصنعها بولاية ألاباما إلى الصين، حيث كانت تخضع لرسوم جمركية تتجاوز 100% قبل أن تُخفَّض إلى نحو 35% بعد هدنة تجارية في منتصف مايو.
“بورشه” تدرس خفض التكاليف بعد تراجع مبيعات سياراتها في الصين… التفاصيل هنا
وكانت الشركة الألمانية قد سحبت في وقت سابق من العام الجاري توجيهاتها بشأن الأرباح في رد فعل على تحركات ترمب التجارية، ثم أعادت نشرها يوم الأربعاء.
أوضحت “مرسيدس” أن هامش أرباح تصنيع السيارات لديها كان سيبقى ضمن نطاق التوجيه السابق البالغ 6% إلى 8% لولا تأثير الرسوم الجمركية. كما تأثرت الربحية بإجراءات إعادة هيكلة، من بينها برنامج طوعي للتسريح الوظيفي لموظفي المكاتب الإدارية وبيع عمليات الفان التابعة لها في الأرجنتين.