اخر الاخبار

مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي تحكم قبضتها على وول ستريت

عادت التقلبات إلى وول ستريت خلال جلسة شهدت تراجع أسعار أسهم التكنولوجيا جنباً إلى جنب مع العملات المشفّرة، وسط موجة بيع في أسهم المضاربة السوق، بالتزامن مع تزايد القلق بشأن قدرة الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة.

تكبدت الأصول المفضّلة لدى متداولي الزخم من الأفراد أكبر الخسائر بجلسة الخميس، ومن بينها العملات المشفرة وقطاع الذكاء الاصطناعي.

وبعد ارتفاع يقارب 2%، تراجع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” تزامناً مع هبوط سعر سهم “إنفيديا”. وبينما طمأنت شركة الرقائق المستثمرين بشأن الطلب على الذكاء الاصطناعي، ما تزال هناك تساؤلات بشأن ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، والاستثمارات الضخمة. وهبط سعر “بتكوين” إلى ما دون 87 ألف دولار للمرة الأولى منذ أبريل.

انهيار “بتكوين” وتراجع وول ستريت

قبل الساعة 11 صباحاً بتوقيت نيويورك بقليل، كان ستيف سوسنيك يجري اتصالاً هاتفياً يُسأل فيه عن عودة الحماس في سوق الأسهم في أعقاب النتائج الجيدة من “إنفيديا”. سأله نظيره عمّا إذا كان يعتقد حقاً أن انهيار “بتكوين” يمكن أن يؤثر على سوق الأسهم الأميركية بأكملها. فأجاب: “للأسف، نعم”.

“بتكوين” تفقد ثلث قيمتها من ذروتها التاريخية

وقال كبير الإستراتيجيين في “إنترأكتيف بروكرز” (Interactive Brokers): “لقد أصبحت (بتكوين) مؤشراً بديلاً للمضاربة لدرجة أن العديد يستخدمونها كإشارة”. وأضاف: “للأفضل أو للأسوأ، ثبت أنني كنت محقاً”.

وبصفته متداولاً منهجياً لفترة طويلة، يقول سوسنيك إن ذلك يخبره بأن الخوارزميات تتفاعل مع العلاقة بين الأسهم و”بتكوين”.

شكوك حول مواصلة خفض الفائدة

يتزامن ذلك مع شكوك المستثمرين حيال قدرة الفيدرالي على مواصلة سياسة التيسير النقدي بعد تقرير وظائف مختلط -وقديم- نسبياً.

وللإنصاف، رفع متداولو السندات رهاناتهم قليلاً بأن الفيدرالي سيُقدم على خفض الفائدة للمرة الثالثة على التوالي. فقد ألمحت أسواق المال إلى احتمال بنحو 35% لخفض الفائدة في ديسمبر، ارتفاعاً من حوالي 20% قبل صدور البيانات. وانخفض عائد سندات الخزانة لأجل عامين ثلاث نقاط أساس إلى 3.56%. وتذبذب الدولار.

هل نشهد فقاعة ذكاء اصطناعي؟ سوق السندات لا تعتقد ذلك

انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 1%. وتراجع سعر سهم “إنفيديا” بنسبة 2.2%، متخلياً عن مكاسب فاقت 5% في وقت سابق. وتجاوز مؤشر التقلب الرئيسي في وول ستريت “VIX” مستوى 25 نقطة. وهبطت “بتكوين” بنسبة 4.5%. وجاءت هذه التحركات القوية قبل يوم واحد من انتهاء صلاحية ما يقدّر بـ3.1 تريليون دولار من عقود الخيارات الاسمية يوم الجمعة.

مخاوف اقتصادية وتقييمات مرتفعة

قال فؤاد رزاق زاده من “سيتي إندكس” (City Index): “الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي لم تختفِ بطريقة سحرية. ومع انتهاء موسم الأرباح فعلياً، لا يرى المستثمرون محفزات جديدة كافية لإثبات أن الطلب على التكنولوجيا خارج نطاق (إنفيديا) يتمتع بالصلابة نفسها. وهذا يحد من صعود المؤشرات الأوسع”.

توقعات “إنفيديا” القوية تهدّئ مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي

يرى آدم فيليبس من “إي بي ويلث أدفايزرز” (EP Wealth Advisors) أن المستثمرين بدأوا يتذكّرون “قوانين الجاذبية” بعد موجة صعود طويلة في الأسهم خلال الأشهر الماضية.

وأضاف: “قد يكون أمامنا مزيد من الهبوط، لكننا نرى في ذلك تصحيحاً صحياً يشير إلى أن المستثمرين ينتبهون للمخاطر في البيئة الحالية”.

فيليبس لا يرى مؤشرات على تشكّل فقاعة ذكاء اصطناعي، لكنه يقرّ بوجود “توقعات مبالغ فيها” في العديد من أسهم الذكاء الاصطناعي ذات التقييمات المرتفعة والإنفاق الكبير على البنية التحتية.

وأضاف: “يبقى موقفنا العام من الأسهم محايداً، ونحن مهيؤون لمشاركة أوسع في السوق خلال الأشهر المقبلة”.

يأتي الهبوط الجديد في أسهم التكنولوجيا في وقت تزايدت مخاوف المستثمرين بشأن التقييمات، وطبيعة التمويل الدائري في صفقات الذكاء الاصطناعي، والمبالغ الضخمة المنفقة على البنية التحتية دون نتائج واضحة.

بيزوس: طفرة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي “فقاعة” ستؤتي ثمارها

قال ديلين وو من “بيبرستون غروب” (Pepperstone Group): “إنفيديا قدّمت ما تحتاجه السوق، لكن الأسئلة الأعمق لم تختفِ، بدءاً من قدرة الشركات العملاقة على تحقيق عوائد من إنفاقها الضخم على الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى مدى استدامة الإنفاق القائم على الديون”.

أما بالنسبة لآدم كريسافولي من “فايتال نوليدج” (Vital Knowledge)، فإن كل شيء يعود إلى الذكاء الاصطناعي. وأوضح: “الذكاء الاصطناعي هو القوة الأكثر تأثيراً في السوق بأسره. وسوء أداء الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الأسبوعين الماضيين لم يكن بسبب شكوك حول اتجاهات مراكز البيانات، الجميع يعلم أن الإنفاق على البنية التحتية ما يزال مرتفعاً للغاية. لذلك فإن نتائج أعمال إنفيديا لم تكن حاسمة لإسكات المشككين”.

الابتعاد عن المخاطرة

أشار دينيس ديبوشير من “22 في ريسيرش” ( 22V Research) إلى أن نتائج (إنفيديا) الإيجابية لم تكن كافية لضحد الشكوك في السوق، قائلاً: “على مدار الأسبوعين الماضيين، مالت المؤشرات نحو تقليل المخاطر مع سيطرة انخفاض التقلب عبر مختلف فئات الأسهم”.

في “سيتادل سيكيوريتيز”، أشار سكوت روبنر إلى مجموعة رئيسية يراقبها: المستثمرون المنهجيون.

فهذه الصناديق، التي تضبط تعرضها للأسهم بشكل آلي بناءً على اتجاهات الأسعار والتقلب، دخلت “مرحلة خفض المخاطر”، وقلّصت حيازاتها من الأسهم مع التراجع الأخير. ويرى روبنر أن هذه التدفقات الخارجة ستظل قوية خلال الأيام المقبلة قبل أن تتلاشى تماماً.

لماذا تتزايد المخاوف من فقاعة ذكاء اصطناعي تريليونية؟

أما بائع الأسهم على المكشوف كارسن بلوك من “مادي واترز كابيتال” (Muddy Waters Capital)، فقال إنه ليس الوقت المناسب للرهان ضد أكبر الشركات التكنولوجية الأميركية رغم التحذيرات من احتمال وجود فقاعة ذكاء اصطناعي.

وأضاف: “أفضل بكثير أن أكون في مركز شرائي وليس بيع على المكشوف في هذه السوق. إذا حاولت بيع (إنفيديا) أو أي من أسهم التكنولوجيا الكبرى على المكشوف، فلن تستمر في السوق طويلاً”.

سوق تفتقر لمحفزات

قال كريس مورفي من “سوسكويهانا إنترناشونال غروب” (Susquehanna International Group): “بعد نتائج إنفيديا وضعف احتمال خفض الفائدة في ديسمبر، يتساءل المستثمرون عمّا بقي لدعم أي صعود بنهاية العام”. وأضاف أن “الأسهم ذات التقييمات المرتفعة التي قادت السوق سابقاً هذا الربع” تراجعت بالتزامن مع بتكوين، “ما يؤكد النبرة الحذرة تجاه أصول المضاربة”.

جاك ياناسيفيتش من “ناتيكسيس إنفستمنت مانجرز سوليوشنز” (Natixis Investment Managers Solutions) قال: “كانت بتكوين تواصل الهبوط، ثم لحقت الأسهم بها”. وأضاف: “ارتفاع السندات ربما يمثل إشارة جيدة أيضاً. قد نكون أمام عملية تدوير بين الأصول عالية المخاطر والمنخفضة”.

بيانات سوق العمل الأميركية

لم تُسهم أيضاً بيانات قديمة لسوق العمل في تحسين المعنويات، وهي صورة لا تبدو أنها ستغيّر كثيراً من توجهات مسؤولي الفيدرالي الذين كانوا بالفعل يميلون إلى عدم خفض الفائدة الشهر المقبل.

تجاوز نمو الوظائف الأميركية التوقعات في سبتمبر، لكن معدل البطالة واصل الارتفاع، ما يعكس هشاشة سوق العمل. وأظهرت بيانات منفصلة الخميس أن طلبات إعانات البطالة الأولية انخفضت إلى 220 ألفاً الأسبوع الماضي، ما يشير إلى أن الشركات ما تزال تحتفظ بالعمال رغم الضبابية الاقتصادية.

البطالة الأميركية خلال سبتمبر عند أعلى مستوياتها في 4 سنوات

ترى كاي هيغ من “غولدمان ساكس أسيت مانجمنت” أن خفض الفائدة في ديسمبر ما يزال ممكناً نظراً لاستمرار ضعف سوق العمل كما يظهر في معدل البطالة. وفي المقابل، يرى ديفيد راسل من “ترايدستيشن” أن انخفاض طلبات إعانة البطالة في نوفمبر يشير إلى أن سوق العمل ما تزال متماسكة، وبالتالي لا يوجد سبب لخفض الفائدة الشهر المقبل.

وقال فلوريان ييلبو من “لومبارد أودييه أسيت مانجمنت” (Lombard Odier Asset Management): “تقرير الوظائف لا يشكل حدثاً مهماً للسوق نظراً لقدم البيانات، لكنه مهم للفيدرالي، إذ يمثل دعوة جديدة للإبقاء على الفائدة”.

تقرير وظائف سبتمبر يزيد تعقيد قرار الفائدة

جيم بيرد من “بلانتي موران فاينانشال أدفايزرز” (Plante Moran Financial Advisors) قال: “على الرغم من أنه أفضل من المتوقع، فإن تقرير وظائف سبتمبر يشير إلى أننا لم نقترب بعد من مرحلة تجاوز المخاطر”.

وأضاف: “ينبغي لتقرير وظائف سبتمبر، وأي بيانات أخرى تشير إلى أن اقتصاد العمالة مستقراً، أن يمنح صناع السياسات النقدية مزيداً من الوقت حتى تتضح معالم مسار التضخم على الأجل القصير، والتأكد من أن المزيد من التيسير لن يطلق موجة جديدة من الضغوط السعرية”.

قالت إلين زينتنر من “مورغان ستانلي ويلث مانجمنت”: “قد تكون أرقام سبتمبر أعلى من التوقعات، لكن فيما يتعلق بقرار الفيدرالي في ديسمبر، فإن بيانات أكتوبر كانت هي المهمة”. وأضافت أن هذا التقرير تم تأجيله الآن لما بعد اجتماع اللجنة، “ما يزيد من غموض مسار خفض الفائدة”.

وترى أن البيانات المتاحة حتى الآن تدعم خفضاً في ديسمبر، لكن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي قد يفضّلون الانتظار لحين توفر المزيد من البيانات.

قال يوجينيو أليمان من “ريموند جيمس” إن أرقام سبتمبر كانت قوية، لكن سوق العمل الأميركية ما تزال ضعيفة.

وأضاف: “نتوقع أن يكون عدد الوظائف في أكتوبر سلبياً بسبب خروج عدد كبير من العمال الفيدراليين من كشوف الأجور. هذا سيجعل قرار ديسمبر أكثر صعوبة وقد يدفع الأعضاء لإبقاء الفائدة حتى تتضح صورة سوق العمل”.

توقع كريشنا جوهامن “إيفركور” أن تكون تقارير التوظيف في الشهرين المقبلين ضعيفة.

وأضاف: “عند النظر للأرقام بشكل كلي، نجد أن البيانات لن تحسم القرار”. وقال إن رئيس الفيدرالي جيروم باول “سيضطر لاتخاذ القرار بناءً على حُكمه بشأن رد الفعل المناسب وإدارة اللجنة”.

وأشار إلى أن “أي قرار سيشهد انقساماً داخل اللجنة”. وأضاف: “نرجّح أن يكون الانقسام أكبر في حال اتخاذ قرار بالخفض، مقارنة بميول باول التي ترجّح اتخاذ خطوة أخيرة لتجنب المخاطر”.

تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي

تابع المستثمرون أيضاً تصريحات بعض مسؤولي الفيدرالي يوم الخميس.

قال مايكل بار، عضو مجلس محافظي الفيدرالي، إن البنك المركزي يحتاج للتحرك بحذر عند التفكير في خفض إضافي للفائدة مع بقاء التضخم فوق مستواه المستهدف. وبعد بيانات الوظائف الأخيرة، قال إنه يرى سوق العمل “تتباطأ نوعاً ما”، مع خلق الاقتصاد وظائف قريبة من المستوى الذي يبقي البطالة مستقرة.

من جهتها، قالت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، إن خفض الفائدة لدعم سوق العمل قد يطيل فترة بقاء التضخم فوق الهدف، ويرفع مخاطر الاستقرار المالي.

محضر “الفيدرالي”: العديد من مسؤولي السياسة النقدية يميلون لإبقاء الفائدة في ديسمبر

وأشار أوستان غولسبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى أنه ما يزال متحفظاً بشأن تقديم خفض جديد للفائدة خلال اجتماع ديسمبر.

أظهر تقرير الوظائف الصادر يوم الخميس أيضاً أن الزيادة الشهرية في متوسط الأجور بالساعة كانت الأصغر منذ يونيو. ويولي الاقتصاديون اهتماماً خاصاً لهذا المؤشر باعتباره محركاً للإنفاق الاستهلاكي، الذي أصبح أكثر تشعّباً مؤخراً، إذ يساهم الأميركيون الأكثر ثراءً بنحو نصف الإنفاق الإجمالي.

وقال ستيف واييت من “بي أو كيه فاينانشال” (BOK Financial): “بيانات الأجور لن تُربك الفيدرالي من زاوية التضخم، لكننا ما زلنا في فترة (جمود بيانات)، وسنظل كذلك لفترة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *