محاولة شراء أسهم “أوبن إيه آي” حالياً مضيعة للوقت

تلوح الاكتتابات العامة في الأفق، إذ يُقال إن شركة ”سبيس إكس“ (SpaceX) تخطط لطرح أسهمها للاكتتاب العام في 2026 ولربما تجمع أكثر من 30 مليار دولار. كما لدى ”أنثروبيك“ (Anthropic) خطط مشابهة في مستهل العام، ويبدو أن الاستعدادات على قدم وساق لإدراج أسهم “أوبن إيه آي” بقيمة تريليون دولار في النصف الثاني من 2026.
إنه زمن مثير، على الأقل لمن يعتقدون أن هذه الشركات ستحدد مستقبلنا وأنها تستحق قيمتها الحالية، مثير لدرجة أن البعض قد لا يرغب في الانتظار. لكن في عالم تبقى فيه الشركات خاصةً لفترة أطول بكثير مما مضى، منطقي بالتأكيد التفكير في كيفية امتلاك أسهم “أوبن إيه آي” قبل معظم المستثمرين الآخرين.
بخلاف طرق الاستثمار الواضحة -عبر ”مايكروسوفت“ و“إنفيديا“، أو رمز ”روبن هود“ (Robinhood)، أو الإقامة في أبوظبي على أمل الاستفادة من شركة الاستثمار التقني “إم جي إكس” (MGX)- كيف يمكنكم الحصول على حصة من “أوبن إيه آي”، ولو سهم واحد فقط؟
طرح عليّ محررو بلومبيرغ هذا السؤال، ورغم أنني لست مقتنعةً تماماً بقيمة “أوبن إيه آي” الدائمة، إلا أن التحدي يبقى تحدياً. وسرعان ما وجدت نفسي في رحلة أشبه برحلة هوميروس لاكتشاف ما إذا كان بإمكاني فعل ذلك.
التطبيقات والأسواق الإلكترونية تتيح الوصول.. نظرياً
في البداية، بدا الأمر سهلاً جداً. فقد وصلتني رسالة بريد إلكتروني تشير إلى إمكانية الاستغناء عن الوسيط وامتلاك سهم فعلي عبر ”إكويتي زن“ (EquityZen)، وهي منصة خاصة بالشركات. ملأت الاستمارات، وأكدّت بريدي الإلكتروني، ثم بحثت في المنصة عن “أوبن إيه آي“.
بدا كل شيء مبشراً. إلى أن وصلت إلى صفحة “أوبن إيه آي”. يعطي الموقع الأسهم “تقييماً سوقياً” بناء على عدة عوامل، منها شعبيتها ونشاطها الأخير. كانت شعبية “أوبن إيه آي” عالية جداً: 98 من 100. أما نشاط تداولها الأخير فكان 0 من 100. لا يوجد أي نشاط حديث على الإطلاق. تقول ”إكويتي زن“ إنها “تعمل مع المساهمين الراغبين في البيع”. لم ينجح الأمر معهم بما فيه الكفاية حتى الآن. وافقت على تلقي “إشعار عند توفر الصفقة التالية”. أظن أن هذا تعبير ملطف لـ”لا تتوقع الكثير”.
“أوبن إيه آي” تسعى لجمع تمويل جديد بتقييم يصل إلى 750 مليار دولار
من ناحية أخرى، تبدي ”إكويتي زن“ حماساً كبيراً. أتلقى الآن رسائل بريد إلكتروني منتظمة تخبرني عن مجموعة متنوعة من الشركات الرائعة “المتاحة الآن على منصة (إكويتي زن)“. للأسف، لا يتعلق أيٌّ منها بالشركة التي أبحث عنها فعلاً.
بعد ذلك، جربت ”هايف“ (Hiive)، وهي منصة أخرى للتداول الثانوي تلبي احتياجات من يملكون ثروة صافية لا تقل عن مليون دولار، باستثناء منازلهم، أو دخلاً يزيد عن 200 ألف دولار. مرة أخرى، وبعد كثير من تصوير جواز السفر والتحقق من الهوية، بدأت بداية واعدة: لدى ”هايف“ صفحة مخصصة لـ”أوبن إيه آي”. لسوء الحظ، واجهت مشكلات مألوفة. لا يوجد أي قوائم أو عروض لـ”أوبن إيه آي”، مع ملاحظة تشير إلى أن “منصة (هايف) لا تسهل حالياً المعاملات في (أوبن إيه آي)”. على الأقل، هذا صحيح.
محاولات عبر القنوات المألوفة
اتضح أن هناك كثير من هذه المنصات، وكلها تعاني عقبات مشابهة. جربت ”ناسداك برايفت ماركت“ (Nasdaq Private Market)، الذي يسعر الأسهم بسعر 785.73 دولار، لكنه لا يتيح أي أسهم، ولا مفاجأة في هذا.
اقترح علي صديق شركة ”ساكسون ويبر“ (Saxon Weber)، وهي شركة وساطة وبنك استثماري متخصص في السوق الثانوية. أنشأت حساباً، ثم انتقلت إلى صفحة “أوبن إيه آي” وأدخلت متطلباتي: شراء سهم واحد، بسعر 770 دولاراً للسهم (السعر المعلن)، بإجمالي حجم صفقة 770 دولاراً. للمضي قدماً في هذا المسار المثير، كان عليّ ملء استمارة تسجيل تتضمن أسئلة لم أستطع الإجابة عنها إطلاقاً تتناول فترة عملي المفترضة لدى “أوبن إيه آي”.
هل بيع “حوت ناسداك” لأسهم “إنفيديا” يعبر عن يأس؟
جربت برنامج الدردشة الآلي: هل يمكنني شراء سهم واحد فقط في “أوبن إيه آي” بدلاً من بيع بعض الأسهم؟ لم أتلق رداً. تلقيت لاحقاً رسالةً عبر البريد الإلكتروني تشكرني على “اهتمامي باستكشاف أسعار أسهم و/أو خيارات (أوبن إيه آي)“، وهذا شيء إيجابي- وإن كان يشير في الغالب إلى أن الطلب يفوق العرض بكثير. وكان هذا جعجعةً بلا طحن.
للإنصاف تقول المنصات إنها بلا حيلة. تشير منصة ”هايف“ إلى أن “أوبن إيه آي” لا تسمح بالتداول الثانوي، وأنها تجري محادثات مع الشركة تحسباً لأي تغيير مع اقتراب طرح أسهمها للاكتتاب العام.
اتصل بي ممثل من ”سكسون ويبر“ وأكد لي بلطف أنه لا يمكن حالياً بيع أسهم فعلية لي، بينما رفضت ”إكويتي زن“ التعليق، ولم تستجب ”ناسداك برايفت ماركت“ لطلب التعليق.
هل تنفع شبكة معارفي الشخصية في هذا المسعى؟
لحسن الحظ، لدي معارف. أبدأ بشركة ”بايلي غيفورد” (Baillie Gifford)، وهي شركة لإدارة صناديق النمو مقرها إدنبرة، وتُعدّ من أبرز الشركات في مجال الاستثمار في الشركات الخاصة في المملكة المتحدة، كما أنها تدير صندوق ”سكوتيش مورغيج إنفستمنت فند“ (Scottish Mortgage Investment Trust) الذي يبلغ حجمه 12 مليار جنيه إسترليني (16 مليار دولار).
لا يملك هذا الصندوق أسهماً في “أوبن إيه آي”، لكنه يمتلك حصة كبيرة في ”إنفيديا“، واستثمر حديثاً 91 مليون جنيه إسترليني في ”أنثروبيك“ (Anthropic). كما يمتلك حصة كبيرة في ”سبيس إكس“. لا شك أن توم سليتر، المدير المشارك، يعرف شخصاً آخر.
أرسلت أيضاً رسائل إلى كل معارفي في مجال الاستثمار الخاص. وعندما صادف وجود كورت بيوركلوند، الرئيس التنفيذي لشركة ”بيرميرا“ (Permira)، إحدى أكبر صناديق الاستثمار الخاص في العالم، في الاستوديو لتسجيل حلقة من برنامجي الصوتي “ميرين تتحدث عن المال”، سألته إن كان بإمكانه أن يجد لي حصة.
رئيس مجلس إدارة “أوبن إيه آي” تؤرقه الفقاعات لكنه ما يزال مطمئناً
بعدما تمكن من التوقف عن الضحك الذي أطلقت نوبته حقيقةً أن شخصاً يتحدث بلا توقف عن فقاعة الذكاء الاصطناعي يتوق بشدة إلى امتلاك حصة في “أوبن إيه آي”، أخبرني أن ”بيرميرا“ لا تملك أسهما في “أوبن إيه آي” -فهي لا تستثمر في حصص أقلية- واقترح عليّ التوجه إلى إحدى المنصات. ربما ”هايف“؟ فأجبته بأن ذلك لن يجدي.
ثم وصلني بريد إلكتروني من صديق في نيويورك. قال: جرب ”روين هود“، فهذه الرموز لا بد أن تكون مدعومة بشيء ما. وأرفق مشكوراً البريد الإلكتروني المباشر لشخص ذي منصب رفيع، كنت آمل أن يقدم لي نصيحة.
لكن الأمر لم يكن كذلك. فالرموز “مشتقات مالية ومدعومة بحصة (روبن هود) في شركة ذات غرض خاص تمتلك سندات “أوبن إيه آي” القابلة للتحويل”. إذاً ليس هناك أسهم فعلية. وكان اقتراحه الآخر هو ”فورج غلوبال“ (Forge Global). وقدم موقع ”فورج“ الإلكتروني معلومات مفيدة مفادها أن “أوبن إيه آي” من أكثر الشركات مشاهدة كما أن ”سبيس إكس“ موجودة أيضاً في تلك القائمة.
في النهاية، تلقيت رداً يفيد بأن ”فورج“ لا تمتلك أي أسهم في “أوبن إيه آي”، وأخبروني أن “الوصول إلى هذه الشركة صعب جداً”. كما لو أني لا أدرك هذا فعلاً.
ماذا عن شركة ”إيه آر كيه“؟
التالي: فريق كاثي وود، إذ إن شركة ”إيه آر كيه إنفست“ (ARK Invest)، في نهاية المطاف، تضم أحد أكبر استثمارات “أوبن إيه آي“ المعروفة. ربما توجد طريقة للحصول على سهم واحد بدافع التحقيق الصحفي؟ لكن لم تكن هناك طريقة.
رد روبرت كامينتسيف، المدير المالي لصندوق ”إيه آر كيه فينتشر فند“ (ARK Venture Fund)، مع لا مهذبة لكن بحزم. قال إنه على الرغم من إمكانية نقل جزء من الأسهم نظرياً، إلا أنه عملياً يتطلب مراجعة يدوية، ووثائق مخصصة، وتنسيقاً بين عدة أطراف. كما أن هناك عبئاً إدارياً مستمراً، لذا “تفوق تكلفة إدارة مستثمر لا يريد سوى سهم واحد أي فائدة”. لست متأكداً مما إذا كان روبرت قد فهم كلامي تماماً، لكن لنكمل.
ومضة من أمل
بينما كان البحث على وشك أن يصبح بلا جدوى، اتضح أن مديري ”سكوتيش مورغج“ يعرفون أشخاصاً. أرسلوا قائمة بأسماء وسطاء ثانويين يعرضون عليهم فرصاً استثمارية- ليس بالضرورة في “أوبن إيه آي”، بل في شركات خاصة معروفة. كان هذا بمثابة اختراق. أرسلت أيضاً المزيد من الرسائل الإلكترونية إلى: ”هايف“ (مجدداً)، و“ساكسون ويبر“ (لا شيء مستحيل)، و“ويليام بلير“ (William Blair)، و“سيتر كابيتال“ (Setter Capital)، و“جيه بي جي-في سي“ (JBG VC).
ثم حدث اختراق آخر، لكن اتضح أنه اختراق ظاهري. قبل أن تبدأ الردود بالتدفق من الوسطاء الثانويين -أمزح بالطبع- وصلتني رسالة من كاليفورنيا. صديق يعمل في مجال الاستثمار الخاص يمكنه ترتيب شراء أسهم “أوبن إيه آي” عبر شركة ذات غرض خاص. وكان الحد الأدنى للاستثمار مليون دولار.
طموح “سوفت بنك” في “أوبن إيه آي” يفوق قدرة البنوك
كان هذا تقدما مثيراً. شرحت له وضعي المالي المحدود المخصص للنفقات الصحفية- هل هناك هيكل استثماري يمكنه استيعاب سهم واحد بدلاً من مبلغ ضخم؟ وافق على الاستفسار. لم أعلق آمالاً كبيرة، وهذا من حسن حظي، لأنه عندما رد عليّ، كان الحد الأدنى قد ارتفع إلى 25 مليون دولار. لست متأكدةً ما إذا كان هؤلاء من يمكن تسميتهم بائعين متحمسين.
ها نحن ذا: ما زلت لا أملك سهماً واحداً. لم يقدم أيٌّ من سماسرة السوق الثانوية الذين أخبرني عنهم بايلي غيفورد أي جديد. لا أشعر بأنني محبوبةٌ أو فعالةٌ على الإطلاق. صحيحٌ أنني أستطيع على الأرجح توفير أسهم “أوبن إيه آي” بقيمة 25 مليون دولار، وربما حتى مليون دولار في يومٍ جيد. لكنني لا أستطيع توفير سهمٍ واحد.
ربما يكون هذا هو الأفضل. مهما قيل لك في قطاع الاستثمار الخاص، فإن الاستثمار في الشركات غير المدرجة ليس للمترددين. يصعب فعل ذلك على نطاقٍ صغير، وهذا منطقي. فمع غياب بنية تحتية للإدراج، تكون النفقات مرتفعة وأحجام المعاملات منخفضة، لا سيما وأن الطريقة الوحيدة للشراء، كما هو الحال مع “أوبن إيه آي”، يبدو وكأنه عبر شركة ذات غرض خاص. يحتاج الجميع إلى التداول بكمياتٍ كبيرة لتحقيق ربح.
حتى لو تمكنت من الدخول، لا أحد يستطيع أن يضمن لك الخروج. لا يوجد ضمانٌ على الإطلاق بأن شركاتٍ مثل “أوبن إيه آي” و“أنثروبيك“ ستدرج أسهمها -وماذا لو انفجرت فقاعة الذكاء الاصطناعي؟- أما إن أُدرجت، فستصل قيمتها إلى ما يقارب تريليون دولار.
مع وضع كل ذلك في الاعتبار، ربما يكون آخر ما ترغب فيه الآن هو امتلاك سهم في “أوبن إيه آي”. ستُدرج عمّا قريب، ومع هذا الإدراج ستتوفر جميع مزايا الشفافية واكتشاف الأسعار التي توفرها أسواق الأسهم. حينها يمكنك البيع والشراء كما تشاء. لا حاجة إلى 25 مليون دولار، ولا إلى شركة ذات غرض خاص، ولا إلى التحقق المتواصل من الهوية، والأهم من ذلك، لا حاجة إلى مشتقات مالية.



