ما هو مبدأ “التوأم الرقمي” الذي تريد السعودية توسيع استخدامه؟
منذ إطلاق “رؤية 2030″، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط، استثمرت المملكة مئات المليارات في قطاعات جديدة تشمل السياحة، الصناعة، والتعدين، مع التركيز المتزايد على توظيف التكنولوجيا لدعم هذه المجالات.
أبرز مثال على ما سبق ما ورد على لسان وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف خلال إحدى الجلسات في “المنتدى الاقتصادي العالمي 2025” الذي انعقد في دافوس مؤخراً. الخريف قال إن بلاده “تؤمن بأن التكنولوجيا ستكون المفتاح الذي يمكننا من اللحاق بالركب”، مضيفاً أن الوزارة تعمل “مع الموردين والشركاء لبحث كيفية مساعدتنا في توسيع نطاق التوأم الرقمي كفكرة وكقنية”.
ما هو “التوأم الرقمي”؟
“التوأم الرقمي” هو مفهوم صناعي حديث يُستخدم بشكل متزايد في الشركات لتحسين عمليات الإنتاج من خلال الاستفادة من البيانات. تقوم الفكرة على إنشاء نسخة رقمية تمثل كائناً مادياً أو شخصاً أو نظاماً معيناً، ويتم تحديثها باستمرار بناءً على البيانات المجمّعة في الوقت الفعلي. تسمح هذه النسخة الافتراضية بإجراء محاكاة دقيقة للظروف الحقيقية، مما يمكّن المؤسسات من التنبؤ بالنتائج واتخاذ قرارات محسّنة.
نشأ المفهوم لأول مرة عام 1991 في كتاب “عوالم المرآة” لديفيد غيليرنتر. لكن، في عام 2002، أدخل الدكتور مايكل غريفز من جامعة ميشيغان فكرة “التوأم الرقمي” إلى عالم التصنيع. لاحقاً، في عام 2010، قدّم جون فيكرز من وكالة “ناسا” المصطلح رسمياً، وفق تقرير صادر عن شركة “آي بي إم”.
وكمثال على ما سبق، لنفترض أن شركة ما تريد بناء توأم رقمي لتوربينات الرياح. عليها أولاً تزويد هذه التوربينات بمستشعرات مختلفة مرتبطة بمجموعة واسعة من الوظائف الأساسية، مثل حالة الطقس والحرارة وحركة الرياح.
وعند إدخال البيانات في نظام المعالجة، يقوم بتطبيقها على النسخة الرقمية، وإصدار نتائج افتراضية. كما يمكن للشركة في هذه المرحلة تعديل البيانات للحصول على نتائج مختلفة، مثل معرفة كيفية تأثير الوصول إلى درجات حرارة معينة على حركة المراوح وإنتاج الكهرباء من هذه التوربينات.
نظام أوسع من المحاكاة
على الرغم من التشابه مع أنظمة المحاكاة التقليدية، يتميز “التوأم الرقمي” بكونه بيئة افتراضية متكاملة قادرة على دراسة وتنفيذ عمليات محاكاة متعددة في وقت واحد. يُستخدم هذا النهج لتحليل البيانات في الوقت الفعلي، مما يُسهم في تحسين عمليات تطوير المنتجات، وزيادة الكفاءة، ودعم اتخاذ القرارات بشكل أفضل.
قال ويل روبر كبير مستشاري “ماكينزي” في مقابلة نشرتها شركة الاستشارات، إن الشركات التي تشغل “توأم التصنيع الرقمي” أولاً “ستهز الأسواق التي تعمل فيها”.
منذ انطلاق المصطلح، باتت الشركات تبدي حماسة متزايدة تجاه تبني فكرة “التوأم الرقمي”، إذ تتوقع “ماكينزي” أن ينمو هذا القطاع بنحو 60% سنوياً على مدار السنوات المقبلة، ليصل إلى 73.5 مليار دولار بحلول 2027.
في المملكة العربية السعودية، يمكن أن يؤدي تبني مفهوم “التوأم الرقمي” في قطاعي التصنيع والتعدين إلى تحسين أداء الشركات وزيادة كفاءتها. كما يمكن أن يعزز اتخاذ القرارات المدعومة بالبيانات، مما يسهم في تحقيق أهداف “رؤية 2030″، حيث يُعد قطاع التعدين “الركيزة الثالثة” للصناعات الوطنية. يُذكر أن المملكة رفعت العام الماضي تقديراتها لإمكانيات الثروات المعدنية غير المستغلة إلى 2.5 تريليون دولار، ما يؤكد الإمكانيات الكبيرة لهذا القطاع في دعم التحول الاقتصادي.