ما هو سرطان البروستاتا الذي أصاب الرئيس جو بايدن؟

أُصيب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (82 عاماً) بنوع شرس من سرطان البروستاتا انتشر إلى عظامه. ورغم خطورة الحالة، إلا أن هذا التشخيص يعكس أنماطاً أوسع تفشياً إذ يُعد سرطان البروستاتا من أكثر الأنواع شيوعاً بين الرجال، لا سيما مع تقدمهم في العمر، إلا أن معدلات النجاة تحسنت بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية.
إليكم ما نعرفه ولماذا يُعد الأمر مهماً:
ماذا نعرف عن تشخيص بايدن؟
اكتشف الأطباء وجود عُقيدة صغيرة في البروستاتا لدى بايدن خلال زيارة للمستشفى في مايو الجاري، ما تطلب إجراء المزيد من الفحوصات. جرى اكتشاف الحالة نتيجة المعاناة من أعراض متعلقة بالمسالك بولية.
أظهرت الفحوص أن نتيجة تحليل غليسون بلغت 9 درجات، وهي تشير إلى أن الورم ينتمي إلى الفئة الأشد شراسة من المرض. تشير التقارير إلى أن السرطان قد انتشر إلى العظام، وهو ما يُعد سمة مرتبطة بالمرحلة الرابعة من المرض، يجري بايدن حالياً مراجعة لخيارات العلاج مع فريقه الطبي.
حدوث عملية الانبثاث (هجرة الخلايا السرطانية عن طريق الدم أو الأوعية الليمفاوية) يدل على أن المرض ربما كان في طور التطور -والتفاقم- منذ فترة قبل الإعلان عنه.
ما مدى شيوع سرطان البروستاتا؟
في الولايات المتحدة الأميركية، يُعد ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال بعد سرطان الجلد، مع تقدير تسجيل 313780 حالة جديدة خلال 2025. ويُتوقع أن يُشخّص واحد من كل ثمانية رجال بالمرض خلال حياته.
انخفض عدد حالات التشخيص السنوي بصورة كبيرة بين 2007 و2014، وذلك نتيجة لتغييرات في توصيات الفحص التي أدت إلى تقليل عدد اختبارات المستضد البروستاتى النوعي (مادة تفرزها الخلايا الظهارية في البروستاتة) (PSA) في الدم. عاد معدل الإصابة ليرتفع منذ 2014 3% سنوياً، وفقاً للجمعية الأميركية للسرطان.
مَن الأكثر عرضة للإصابة؟
يزداد خطر الإصابة بسرطان البروستاتا مع التقدم في العمر ويختلف حسب العرق. إذ يواجه الرجال السود ومن هم من أصل أفريقي كاريبي خطراً أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالمجموعات الأخرى.
يُعد العمر العامل الأهم. يبلغ عمر حوالي 6 من كل 10 رجال أصيبوا بالمرض 65 عاماً أو أكثر، ويصل متوسط عمر التشخيص 67 عاماً. بالتالي فإن سن بايدن يضعه ضمن الفئة التي يُعد فيها سرطان البروستاتا شائعاً، بل ومتوقعاً.
تُشير دراسات تشريحية إلى أن ما بين 30 و40% من الرجال في الدول الغربية يحملون أوراماً لم تُشخص أثناء حياتهم. كثير من هذه الأورام بطيئة النمو ولا تُسبب أعراضاً، ولكن بعضها -مثل حالة بايدن- يكون شرساً وقادراً على الانتشار بسرعة.
ما مدى خطورة سرطان البروستاتا؟
رغم أن عدد الرجال الذين يتم تشخيصهم بالمرض آخذ في الازدياد -نتيجة لتحسن وسائل الكشف وارتفاع متوسط العمر- إلا أن معدلات الوفيات انخفضت بأكثر من 50% منذ منتصف التسعينيات.
وأسهمت عمليات تحسين تصوير الأشعة، والعلاجات المستهدفة بدقة لموضع الإصابة، وفهم أفضل لأنواع الأورام التي تتطلب علاجاً في هذا التراجع.
حتى الحالات الشرسة يمكن إدارتها لسنوات بفضل العلاجات الحديثة؛ لا سيما اُكتشفت قبل تفاقم المضاعفات.
رغم ذلك، يظل سرطان البروستاتا ثاني أبرز سبب للوفاة بالسرطان بين الرجال الأميركيين، بعد سرطان الرئة. يتوفى حوالي رجل واحد من كل 44 رجلاً بسبب هذا المرض. تشير تقديرات الجمعية الأميركية للسرطان إلى أن عدد الوفيات الناجمة عن سرطان البروستاتا خلال 2025 سيبلغ 35770 حالة.
لكن، ورغم هذا الرقم المقلق، فإن معظم الرجال الذين يتم تشخيصهم بسرطان البروستاتا لا يتوفون بسببه. إذ يوجد أكثر من 3.3 مليون رجل نجوا من المرض يعيشون حالياً في الولايات المتحدة الأميركية.
ما هي علامات الإصابة؟
عادة لا يسبب سرطان البروستاتا في مراحله المبكرة أعراضاً، ولهذا يُكتشف غالباً من خلال اختبار دم للكشف عن المستضد البروستاتى النوعي قبل ظهور أي علامات.
المستضد البروستاتى النوعي هو بروتين تنتجه البروستاتا. تشير المستويات المرتفعة إلى وجود سرطان، لكنها قد تنجم أيضاً عن حالات حميدة مثل تضخم البروستاتا أو التهابات.
وبسبب أن اختبار المستضد البروستاتى النوعي قد يؤدي إلى تشخيص خطاً (نتيجة الإفراط في افتراض أسوأ الاحتمالات) ووصف علاجات غير ضرورية، لم يعد يُوصى به لكل الرجال. بدلاً من ذلك، يُنصح بالتشاور المشترك بين المريض والطبيب، مع مراعاة العمر والمخاطر والقيم الشخصية.
عندما تظهر الأعراض، فقد يشمل ذلك صعوبة في التبول أو التبول المتكرر ليلاً، ووجود دم في البول أو السائل المنوي.
أما سرطان البروستاتا المتقدم، فقد يسبب ضعفاً في الانتصاب، وألماً في العظام (لا سيما الحوض أو العمود الفقري أو الصدر)، أو ضعفاً أو تنميلاً في الساقين أو القدمين، أو فقدان السيطرة على المثانة أو الأمعاء، أو فقدان الوزن أو الشعور بالتعب.
كيف يُشخّص سرطان البروستاتا؟
عادة ما يتم اكتشاف المرض من خلال اختبار المستضد البروستاتى النوعي أو الفحص الشرجي بالإصبع. إذا كانت مستويات المستضد البروستاتى النوعي مرتفعة أو تم العثور على عُقيدة، قد يطلب الأطباء فحوصات أشعة تصويرية، بجانب تحليل عينة من الخلايا والتي تُعد ضرورية لتأكيد التشخيص.
ويتيح تحليل العينة للأطباء تحديد درجة غليسون، التي تعكس مدى ظهور الخلايا السرطانية تحت المجهر بمظهر غير طبيعي. تتراوح الدرجات من 6 إلى 10.
كيف يُصنف سرطان البروستاتا؟
يستعرض الجدول التالي طريقة تصنيف الأطباء للسرطان حسب درجة غليسون، بناءً على مدى سرعة نمو الخلايا السرطانية أو درجة شراستها الظاهرة:
درجة غليسون
|
مجموعة التصنيف | التفسير |
6 (أو 3 + 3 = 6) | 1 | الخلايا تشبه خلايا البروستاتا الطبيعية، والنمو بطيء جداً |
7 (أو 3 + 4 = 7) | 2 | معظم الخلايا ما زالت تشبه الطبيعية، والنمو بطيء غالباً |
7 (أو 4 + 3 = 7) | 3 | الخلايا أقل شبهاً بالطبيعية، والنمو متوسط السرعة |
8 (أو 4 + 4 = 8) | 4 | بعض الخلايا غير طبيعية، وقد يكون النمو سريعاً أو متوسطاً |
9 أو 10 (أو 4+5= 9، 5+4= 9 أو 5+ 5= 10) | 5 | تشوهات جسيمة بالخلايا. نمو السرطان سريع للغاية على الأرجح |
المصدر: مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة
ملاحظة: يُقيّم تصنيف غليسون كل عينة من خلايا سرطان البروستاتا بدرجات تتراوح من 3 إلى 5. يحسب الأطباء الدرجة الإجمالية لنظام غليسون عن طريق جمع أكثر درجتين شيوعاً في العينة. تُكتب كل درجة على حدة، مثل: 3 + 4 = 7، أو تُعرض كدرجة غليسون إجمالية قدرها 7.
|
في حالة بايدن، فإن الدرجة 9 تضع الورم في المجموعة الخامسة؛ وهي الأعلى شراسة. هذا يعني أن السرطان يتكون بشكل كبير من خلايا غير طبيعية، وأنه على الأرجح سينمو بسرعة وينتشر.
رغم أن العديد من الرجال في ثمانينياتهم قد يحملون أوراماً منخفضة الدرجة وغير مشخصة، إلا أن وجود ورم بدرجة غليسون 9 وحدوث انبثاث في العظم يعكس مرضاً متقدماً وسريع النمو، ما يتطلب علاجاً فورياً وليس مجرد متابعة.
ما خيارات العلاج المتاحة؟
يعتمد العلاج على مدى انتشار السرطان ومدى شراسته. تشير التقارير إلى أن السرطان لدى الرئيس الأميركي السابق قد انتشر إلى العظام، لكنه ما زال حساساً للهرمونات، ما يعني أنه قد يستجيب للعلاج بخفض مستويات الأندروجين، وهو نهج شائع يُبطئ نمو السرطان عبر تقليل هرمون التستوستيرون.
عادة ما تتم إدارة سرطان البروستاتا المنتشر والحساس للهرمونات باستخدام مزيج من العلاج الهرموني وأدوية مضادة للأندروجين من الجيل الجديد. يمكن لهذه العلاجات أن تكون فعالة جداً في السيطرة على المرض، أحياناً لسنوات عديدة.
لكن العلاج الهرموني يرتبط بآثار جانبية كبيرة منها انخفاض الرغبة الجنسية وضعف الانتصاب وزيادة الوزن وانخفاض قوة العضلات وهشاشة العظام. رغم أن هذه التأثيرات قد تكون أكثر احتمالاً لدى كبار السن، إلا أنها قد تؤثر بشدة على المرضى الأصغر سناً.