ماذا بعد تمديد دراسة تنظيم الإيجارات في السعودية 90 يوماً ؟

وجّه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتمديد فترة دراسة تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين مدة لا تتجاوز 90 يوماً، “لاستكمال كافة المتطلبات بما يكفل تحقيق التوازن بين مصالح كل الأطراف في القطاع العقاري”، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
وأكدت أن الدراسة ستراعي كافة الأطراف ذات العلاقة بما يضمن العدالة في المعاملات الإيجارية، وحماية المستفيدين من أي تقلبات مهما كان مصدرها، والمحافظة على بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة.
ما هي الإجراءات المتوقعة لتنظيم الإيجارات؟
تنظيم الإيجارات لتحقيق التوازن بين المؤجرين والمستأجرين جاءت ضمن 5 توجيهات أصدرها الأمير محمد بن سلمان في نهاية مارس الماضي لضبط القطاع العقاري، وتضمنت تكليف الهيئة العامة للعقار والهيئة الملكية لمدينة الرياض برصد ومراقبة أسعار العقار والرفع بتقارير دورية، مع إعداد دراسة خلال مدة لاتتجاوز 90 يوماً لضبط العلاقات الإيجارية.
وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل قال في تصريحات عقب صدور الإجراءات أن “نظام الإيجار يشهد مراجعة شاملة تشمل العلاقة التعاقدية وعناصر تنظيمية إضافية”.
أهم الإجراءات المتوقعة في السوق السعودية هي تحديد سقف للزيادة السنوية للإيجار، يتراوح بين حد أدنى وآخر أقصى، حسب الخبير العقاري ماجد الركبان، والذي يستبعد وجود تدخل في تحديد السعر الأصلي للإيجار قبل الزيادة، مرجحاً أن يترك ذلك لآليات السوق.
وقال لـ”الشرق” إنه يتوقع أن تؤدي الإجراءات إلى ترشيد السوق العقارية، مع كبح جماح الانفلات في التسعير، الذي يؤثر سلباً على القطاع في نهاية الأمر.
وفق مصدر مطلع فإن احتمال تحديد نطاق سعري لكل منطقة يظل احتمالاً مطروحاً، مع وضع مؤشر لتصنيف المباني وفقا لجودة وعمر الوحدات السكنية، ليتم على أساس هذا التصنيف تحديد الإيجارات، إلا أن الركبان يستبعد من جهته هذا الاحتمال، في ضوء تجارب خليجية مشابهة مع صعوبة التصنيف على امتداد مختلف المناطق والمدن في المملكة.
وكشف المصدر الذي تحدث إلى “الشرق” أن الدراسة لا تتضمن فقط ضبط الأسعار وكبح النمو المتسارع في الزيادات بالمدن الكبرى، لكنها تشمل أيضاً صياغة إطار تنظيمي موحّد للعقود الإيجارية عبر إلزامية التسجيل في منصة “إيجار”، وتحديد مسؤوليات والتزامات الطرفين بوضوح، بالإضافة إلى إيجاد آلية لتسريع وتيرة حل المنازعات بين المستأجر والمالك.
ما الباعث على هذه الإجراءات؟
تعاني السوق العقارية في السعودية من عشوائية الزيادات في الأسعار دون مراعاة للتفاوت بين مستوى كل منطقة سكنية أو تجارية، وهو ما دفع لضرورة التدخل لإعادة تنظيمها حسبما يرى سلمان القرني، مقدم برنامج “متر مربع” في “راديو الشرق”.
ونوّه القرني إلى أن كبح جماح التضخم في القطاع العقاري سيعود بالفائدة على اقتصاد البلاد بشكل عام، كما سيشجع على المزيد من جذب الاستثمارات وانتقال العاملين بالشركات العالمية للإقامة في الرياض، وأشار إلى أن تنظيم السوق بعد الإجراءات التي تم الإعلان عنها في مارس الماضي شجع عدداً من كبرى شركات التطوير العقاري الإقليمية على ضخ استثمارات في السوق السعودية.
وفق استطلاع آراء أكثر من ألف شخص من المقيمين بالمملكة نحو 90% منهم من السعوديين أجرته مؤخراً “نايت فرانك”، اتضح أن 37% من المواطنين والمقيمين مستعدون لإنفاق ما بين 20 ألفاً إلى 40 ألف ريال سنوياً على استئجار مسكن. ولفت التقرير إلى أنه وفق هذه الميزانية سيجد المستأجرون صعوبة في الحصول على شقة من غرفة نوم واحدة في الرياض أو جدة.
وتكشف بيانات الهيئة العامة للإحصاء ارتفاع أسعار الإيجارات بنسبة 25% بين مارس 2022 ونهاية سبتمبر 2024.
وجاء التدخل الرسمي لضبط السوق في توقيت مهم بالنظر إلى سعي الحكومة إلى مضاعفة نسبة التملك السكني للمواطنين إلى 70% بحلول نهاية العقد، كما تتزايد الاستثمارات الأجنبية والمحلية في العقار التجاري، مما يفرض ضرورة استقرار بيئة التعاقد
ما التداعيات المتوقعة؟
تحبس السوق العقارية أنفاسها في انتظار الإجراءات المنتظرة وسط توقعات بأنها ستؤدي لزيادة كبيرة في الطلب، بينما ستؤدي الإجراءات الأخرى، التي وجه إليها ولي العهد، إلى زيادة في المعروض، مما سينتج توازن السوق.
الإعلان عن إجراءات تنظيم السوق أدى لانخفاض سعر البيع بالفعل خلال النصف الأول من العام بأكثر من 17% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما تراجعت قيمة الصفقات العقارية خلال نفس الفترة بأكثر من 17%، وهي إشارة إيجابية لما قد تشهده أسعار الإيجارات أيضاً حسب القرني.
إلا أن محللين عبروا عن مخاوف من تأثير سلبي على المعروض في سوق الإيجارات بالمملكة نتيجة وضع سقف لزيادات الأسعار، وقال الرئيس التنفيذي لشركة “منصات” العقارية خالد المبيض في حديث سابق لـ”الشرق” إنه ربما يحدث تراجع في الإقبال على الاستثمار في تطوير الوحدات المخصصة للتأجير، وبالتالي زيادة الفجوة بين العرض والطلب، إضافةً لخلق سوقٍ سوداء، فيصبح هناك ما يُعرف بالخلو أو التقبيل على غرار ما حصل في دول مجاورة، ما ينهك المستأجر بمبالغ إضافية.
لماذا التأجيل؟
التوجيه بتمديد مهلة الدراسة جاء بناءً على ما رفعته الهيئة العامة للعقار والجهات ذات العلاقة، وحرصًا على استكمال المتطلبات التنظيمية للحلول المقترحة وضمان شموليتها كافة الأصول السكنية والتجارية والمكتبية، وفق ما أفادت به “واس”.