مؤشر “S&P 500” يصعد للشهر الرابع على التوالي
انتعشت مؤشرات الأسهم الأميركية في اللحظات الأخيرة من ختام تعاملات شهر أغسطس الجامح في وول ستريت، ويستعد المستثمرون لما يُعرف تاريخياً بأنه أسوأ شهر للأسهم.
ورغم كل الصدمات التي مرت بها الأسواق العالمية قبل بضعة أسابيع فقط، فإن الأمور تبدو هادئة إلى حد معقول. أغلق مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق. صعدت أسعار الأسهم في الدقائق العشر الأخيرة من التداول، ليرتفع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1% وسط صعود كافة مجموعات الأسهم. ليسجل صعوداً للشهر الرابع على التوالي وسط بيانات تظهر أن الاقتصاد صامد، ما يترك المجال مفتوحاً أمام الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة في سبتمبر. وسواء ظل التخفيض الكبير للفائدة مطروحاً للنقاش، فقد يقدم تقرير الوظائف الأسبوع المقبل بعض الأدلة.
“مع اقتراب أغسطس من نهايته، هدأت المعنويات بشكل ملحوظ مقارنة ببداية الشهر” وفق مارك هاكيت من “نيشن وايد” (Nationwide)، مضيفاً: “تراجعت العديد من المخاوف الأكبر في الاقتصاد. قد يجلب شهر سبتمبر بعض التحديات الموسمية، ولكن إذا تمكن المستثمرون من الاستفادة منها، فيمكن أن تتحول هذه التحديات إلى مزايا في الربع الرابع”.
نظرة تاريخية
منذ عام 1950، تكبد مؤشر “إس آند بي 500” متوسط هبوط بنسبة 0.7% في سبتمبر، وأغلق مرتفعاً في 43% من الحالات، مما يجعله أسوأ شهر للأسهم على أساس متوسط العائد والمعدل الإيجابي، وفق آدم تورنكويست من “إل بي إل فايننشال”. كما كانت تحركات المؤشر في سبتمبر خلال السنوات الأربع الأخيرة ضعيفة بشكل ملحوظ، حيث سجل المؤشر انخفاضات بنسب 4.9% و9.3% و4.8% و3.9% على التوالي.
وقال: “خلال الشهر، يميل المؤشر إلى التحرك العرضي خلال نصفه الأول، على أن يبدأ في زيادة الخسائر حتى نهاية الشهر. بالنسبة لهذا العام، فإن نقطة المنتصف تتزامن أيضاً بشكل وثيق مع اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر”.
ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” إلى حوالي 5,650 نقطة، وسط أحجام تداول ضعيفة قبل عطلة الإثنين في الولايات المتحدة. صعد مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.3%. أضاف مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة 0.7%. ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مجموعة “غولدمان ساكس” تخطط لتسريح أكثر من 1300 موظف من قوتها العاملة العالمية. ارتفعت أسهم “دل تكنولوجيز” (Dell Technologies) على خلفية نتائج أعمال قوية.
انخفض “مؤشر الخوف” في وول ستريت -“VIX”- إلى حوالي 15 نقطة. وذلك بعد ارتفاع غير مسبوق أدى إلى تخطيه مستوى 65 خلال عمليات البيع التي ضربت السوق في 5 أغسطس. اشترى تاجر خيارات فروق أسعار الشراء على -“VIX”- تنتهي صلاحيتها في سبتمبر، وأنفقوا ما يزيد عن 9 ملايين دولار للحماية من الارتفاع المفاجئ في مقياس تقلب مؤشر “إس آند بي 500” لتخطي مستوى 22.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار خمس نقاط أساس إلى 3.91%. وارتفع الدولار في نهاية أسوأ شهر له هذا العام. وهوت أسعار النفط.
الشهر الأسوأ للأسهم
أشارت بيانات من “بيسبوك إنفستمنت غروب” (Bespoke Investment Group) إلى أنه على مدار المائة عام الماضية، كان شهر سبتمبر هو أسوأ شهر في العام بالنسبة لمؤشر “داو جونز الصناعي” بمتوسط انخفاض قدره 1.24%.
ومن جانب آخر، يشير تحليل لبيانات تعود إلى 1928 الذي أجراه “سيتي غروب” إلى أن متوسط التقلب الفعلي لمؤشر “إس آند بي 500” لشهر سبتمبر بلغ تاريخياً 1.5 نقطة فوق نظيره لشهر أغسطس، في حين كان شهر أكتوبر أعلى بمقدار 2.5 نقطة إضافية.
هناك بعض النظريات التي تفسر لماذا يميل شهر سبتمبر إلى أن يكون شهراً أضعف بالنسبة للأسهم.
لسبب واحد، يميل المستثمرون العائدون من العطلة الصيفية إلى إعادة تقييم وضع محفظتهم عل أساس دفاعي. تقوم الشركات بإعداد ميزانياتها للعام المقبل وتناقش السيطرة على التكاليف. وكثيراً ما تنخرط صناديق الاستثمار في “تجميل مراكزها” عبر استراتيجية “window dressing” من خلال بيع مراكزها بخسارة من أجل تقليص حجم توزيعات أرباحها.
وقال هاكيت: “بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات التي تدخل فترة حظر إعادة شراء الأسهم في نهاية الربع الثالث يمكن أن تتأثر قدرتها على دعم سعر أسهمها إذا انخفض السعر”.
عام الانتخابات
وفي حين أن الموسمية يمكن أن تكون سبباً كافياً لبعض الاضطرابات، فإن 2024 هو أيضاً عام الانتخابات، حسبما أشارت “بيسبوك”. وقالت الشركة إنه مع هذا السبب المحتمل الإضافي للقلق، فإن أداء سبتمبر في سنوات الانتخابات كان سلبياً أيضاً.
وفي جميع سنوات الانتخابات الرئاسية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، سجل مؤشر “داو جونز” انخفاضاً بنسبة 0.58% في المتوسط خلال شهر سبتمبر. ورغم أن هذا سلبي، إلا أنه يُقارن بشهر سبتمبر في السنوات التي لا تحوي انتخابات إذ زاد متوسط (الهبوط) إلى 1.37%.
“بعبارة أخرى، تميل الموسمية إلى أن تكون قاسية بغض النظر عما إذا كانت هذه سنة انتخابات أم لا”، كما أشار استراتيجيو “بيسبوك”.
في الوقت الحالي، يعلق العديد من المتداولين آمالهم على المزيد من البيانات التي ستظهر أن الاقتصاد لا ينزلق إلى الهاوية، بينما يستمر التضخم في التحرك نحو هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
تبدد مخاوف الركود والتضخم
أظهر تقرير صدر يوم الجمعة أن معنويات المستهلكين الأميركيين تحسنت للمرة الأولى منذ خمسة أشهر، إذ ساعد تباطؤ التضخم وآفاق خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة في رفع التوقعات بشأن الشؤون المالية الشخصية. ارتفع المقياس الأكثر متابعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم الأساسي في الولايات المتحدة، مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، بوتيرة معتدلة.
قال ديفيد راسل من “تريد ستيشن” (TradeStation): “إن أرقام هذا الأسبوع تبدد المخاوف بشأن الركود والتضخم. قد يتحقق الهبوط السلس بينما يستعد جيروم باول للمضي قدما (أي خفض الفائدة)”.
الهبوط السلس
قال باول الأسبوع الماضي إن الوقت قد حان لكي يخفض البنك المركزي سعر الفائدة، مؤكدا التوقعات بأن المسؤولين سيبدأون في خفض تكاليف الاقتراض الشهر المقبل، وشدد على عزمه منع المزيد من تباطؤ الوظائف.
من جهته، يرى بريت كينويل من “إي تورو” (eToro)، إن المستثمرين -مثل الاحتياطي الفيدرالي- يبدو أن تركيزهم يتحول من التضخم إلى سوق العمل، وقريباً ستتجه كل الأنظار إلى تقرير الوظائف الشهري يوم الجمعة المقبل.
وأشار إلى أن “تقرير الوظائف الشهر الماضي كان منخفضاً عن المتوقع بشكل كبير، مما تسبب في قلق واسع النطاق من أن الاحتياطي الفيدرالي تأخر للغاية في خفض أسعار الفائدة”، و”قد يؤدي بيان ضعيف آخر إلى زيادة التكهنات بخفض قدره 50 نقطة أساس مقابل التوقعات الحالية بخفض بمقدار 25 نقطة أساس”.
من المرجح أن تستفيد أسواق الأسهم مرة أخرى من البيانات الاقتصادية الجيدة، وهو أمر ضروري لتوسيع نطاق الصعود إلى ما هو أبعد من قطاع التكنولوجيا، وفقاً للاستراتيجيين في “بنك باركليز”.
ويقول الفريق بقيادة إيمانويل كاو إن بيانات الوظائف الشهرية في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل ستكون بمثابة الحد الفاصل لتأكيد أو دحض المخاوف من الركود.
وكتبوا: “إذا كان التقرير سيئاً، فلا شك أن رد فعل الأسهم سيكون سيئاً نظراً لمستواها بعد الانتعاش”. ومن ناحية أخرى، فإن الرقم الأفضل من المتوقع من شأنه أن “يساعد في تهدئة مخاوف الركود على المدى القصير، ومن المرجح أن يكون مفيدًا للأسهم”.
سجلت الصناديق النقدية استثمارات داخلة بلغت حوالي 24.5 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 28 أغسطس، وهو الأسبوع الرابع على التوالي من الزيادة، وفقاً لمذكرة من “بنك أوف أميركا كورب”، نقلاً عن بيانات “إي بي إف آر غلوبال”. وأظهرت البيانات أن حوالي 20.7 مليار دولار دخلت صناديق السندات، في حين تدفقت 13.7 مليار دولار إلى الأسهم.
وشهدت الأسهم الأميركية زيادة (في الاستثمارات) للأسبوع التاسع على التوالي بقيمة 5.8 مليار دولار.