اخر الاخبار

مؤشرات وول ستريت توقف مسيرتها القياسية بعد تهديدات ترمب التجارية

تراجعت مؤشرات وول ستريت من أعلى مستوياتها على الإطلاق مع تكثيف الرئيس الأميركي دونالد ترمب التهديدات التجارية، مما دفع الدولار إلى الصعود. وأثرت المخاوف بشأن الآثار التضخمية المحتملة لزيادات الرسوم الجمركية سلباً على سوق سندات الخزانة الأميركية. وارتفعت أسعار النفط مع استعداد المتداولين لجهود أميركية مرتقبة لكبح صادرات الطاقة الروسية.

بعد مسيرة صعود دفعت مؤشر “إس آند بي 500” إلى تسجيل خامس قمة له في تسعة أيام تداول، توقف زخم الصعود مؤقتاً. وبينما تراجع ما يقرب من 400 سهم من المؤشر القياسي، دفعت مكاسب معظم شركات التكنولوجيا الكبرى السوق بعيدًا عن أدنى مستويات الجلسة. قفز سعر سهم شركة “كرافت هاينز” على خلفية تقارير تفيد باستعداد الشركة لفصل جزء منها. ومن المقرر أن تُعلن أكبر ستة بنوك أميركية عن أرباحها الأسبوع المقبل، حيث يتوقع المحللون ارتفاع إيرادات التداول.

تهديدات ترمب تضغط على الأسهم

هدد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 35% على بعض السلع الكندية، وأثار احتمال زيادة الرسوم على معظم الدول الأخرى، مصعِّداً بذلك لهجته. وصرح الرئيس الأميركي لشبكة إن بي سي نيوز بأنه يدرس فرض رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 15% و20% على معظم الشركاء التجاريين. ويبلغ الحد الأدنى العالمي الحالي للرسوم الجمركية لجميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين حوالي 10%.

اقرأ المزيد: ترمب يهدد بفرض رسوم بـ35% على سلع كندية ويصعد لهجته التجارية

قال مات مالي من “ميلر تاباك”: “سوق الأسهم تتراجع بسبب موقف الرئيس ترمب الأكثر تشدداً بشأن الرسوم الجمركية”. وأضاف: “وبما أن السوق تشهد تشبعاً شرائياً بشكل كبير، فهي عرضة لتصحيح محتمل”.

قاد التراجع في سوق السندات أوراق الديون طويلة الأجل، وتكبدت السوق خسائر للأسبوع الثاني على التوالي. وسجّل الدولار أقوى أداء أسبوعي له منذ فبراير، وتجاوز سعر “بتكوين” مستوى 118,000 دولار للمرة الأولى.

توقف مسيرة الصعود

رغم تصاعد الأنباء السلبية بشأن الرسوم، فإن السياسة التجارية الأميركية يُتوقع أن تشهد استقراراً في النصف الثاني من العام، بحسب أولريكه هوفمان-بورشاردتي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”.

وأضافت: “نتوقع بشكل أساسي أن تستقر الرسوم الأميركية الفعلية بالقرب من 15% بنهاية العام، ومن المرجح أن يتباطأ النمو الاقتصادي دون التسبب في ركود”، مشيرة إلى أن “معظم الأسهم الكبرى في مؤشر (إس آند بي 500) محصنة نسبياً ضد مخاطر الرسوم، ومن المتوقع أن يصل المؤشر إلى 6500 نقطة بحلول يونيو 2026، رغم التقلبات الموسمية المتوقعة”.

أغلق المؤشر تعاملات يوم الجمعة قرب مستوى 6260 نقطة.

رهانات على موسم نتائج الأعمال

يراهن المستثمرون على موسم أرباح قوي يدفع السوق للصعود قبل أن تفقد زخمها لاحقاً هذا العام، وفقاً لاستراتيجيي “بنك أوف أميركا”. وأفاد مايكل هارتنت في مذكرة بأن انطباعات العملاء تشير إلى أن “لا أحد قلق بشأن الاقتصاد أو التقييمات”.

في المقابل، قال استراتيجيو “سيتي غروب” بقيادة بيتا مانثي إن صعود الأسهم العالمية سيتباطأ خلال 12 شهراً، معتبرة أن توقعات الأرباح تبدو “متفائلة” رغم الغموض “المرتفع” الاقتصادي الحالي.

توقعات نتائج الأعمال

لا تنتظر البنوك الأميركية الكبرى الكثير من شركات مؤشر “إس آند بي 500” في موسم الأرباح هذا، إذ يتوقع المحللون ارتفاع أرباح هذه الشركات بنسبة 2.8% على أساس سنوي، وهو أبطأ معدل نمو منذ 2023، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ إنتليجنس.

قال مايكل لاندسبرغ من “لاندسبرغ بينيت برايفت ويلث مانجمنت”: “نتوقع أن تكون أرباح الربع الثاني جيدة، لكن دون مستويات الربع الأول”، مشيراً إلى أن “جزء كبير من الربع الثاني تأثر بقضايا التعريفات الجمركية والتجارة، وربما أدى ذلك إلى بعض الاضطرابات في الأرباح لبعض الصناعات وسط ترقب العملاء”.

ومع ذلك، أشار لاندسبرغ إلى أن توقعات أرباح شركات مؤشر “إس آند بي 500” قد تكون منخفضة. وأضاف “مع أننا نُدرك التقلبات والصورة غير الواضحة التي جلبتها الرسوم الجمركية، إلا أننا نعتقد أن الأرباح ستكون أفضل إجمالاً من التوقعات الحالية. وإذا جاءت أعلى من هذا المستوى المنخفض، فسيكون ذلك إيجابياً لأداء السوق”.

استدامة صعود الأسهم

من جهته، قال مارك هاكيت من “نيشن وايد”: “في حين قد يتجادل المتشائمون مع المتفائلين حول مدى استدامة الارتفاع، إلا أن استقرار تقديرات الأرباح قد يكون العامل الحاسم في تحديد ما إذا كانت السوق ستواصل الصعود أو تدخل في مرحلة تذبذب أطول”.

وأضاف: “من الواضح أن المتشائمين تفاجأوا وسيطر عليهم التردد بعد عام مليء بالتقلبات المفاجئة”.

“تاريخياً، عندما يرتفع مؤشر (إس آند بي 500) بما يفوق 20% في شهرين أو أقل، كما حدث في الربع الثاني، فإنه يحقق مكاسب بعد عام في جميع الحالات العشر السابقة، بمتوسط صعود يفوق 15%”، وفق هاكيت. وفي الوقت نفسه، تراجعت التقلبات بحدة، لينخفض مؤشر الخوف إلى ما دون 16 نقطة في وقت سابق من هذا الأسبوع.

“يواصل استراتيجيو وول ستريت التخلي عن النهج المتشائم المُتبّع منذ أبريل، إذ رفع العديد منهم هذا الأسبوع توقعاتهم لمستهدفات السوق لنهاية العام”، وأضاف: “لم تعد المعنويات والمراكز متشائمة، على الرغم من وجود مؤشرات قليلة على التشبع، كما لا تظهر أي إشارات على تراجع مشتريات الأفراد والمؤسسات”.

مبالغة في التفاؤل

يتناقص عدد البائعين في سوق الأسهم الأميركية، وهو ما قد ينذر بإفراط في الثقة. وعندما تنخفض الأسهم، يبدو أن هناك عدم تصديق للهبوط: فقد شكّل حجم تداول الأسهم الهابطة 42% فقط من إجمالي حجم التداول في البورصات الأميركية خلال الشهر الماضي، في المتوسط. وهو أقل مستوى له منذ 2020، وفقاً لبيانات جمعتها شركة “ثراشر أناليتكس” (Thrasher Analytics).

وأوضح أندرو ثراشر، المؤسس المشارك للشركة، أن هذه الظاهرة تُشير إلى أن المستثمرين ربما بالغوا في التفاؤل خلال الانتعاش القوي للسوق. وفي السابق، حدثت هذه الظاهرة قبل تراجع أسواق الأسهم، إذ انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 5% على الأقل في آخر ثلاث حالات، والتي حدثت في أعوام 2020 و2019 و2016، وفقاً لبيانات “ثراشر”.

أغلق مؤشر “آي سي إي موف” الصادر عن بنك أوف أميركا (ICE BofA MOVE) لقياس تقلبات عوائد السندات، يوم الخميس عند أدنى مستوى له منذ أوائل 2022. وفي إشارة أخرى على التفاؤل، شهدت مزادات السندات الحكومية لأجل 10 أعوام و30 عاماً هذا الأسبوع طلباً قوياً.

توقعات خفض الفائدة

على صعيد آخر، أرجأ محللو “آر بي سي كابيتال ماركتس” توقعاتهم لبدء خفض الفائدة من سبتمبر إلى ديسمبر، وقالوا إن الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى مزيد من الوقت لتقييم التضخم وسوق العمل.

كتب بليك جوين وإيزاك بروك في مذكرة يوم الجمعة أن “وضع الانتظار والترقب لن يتغير ما لم يظهر دليل على أن التضخم المرتبط بالرسوم الجمركية قد بلغ ذروته وبقي محدوداً نسبياً (أي عدم انتقاله إلى السلع أو الخدمات غير الخاضعة للتعريفات الجمركية أو التأثير على توقعات التضخم على المدى الطويل)، إضافة إلى ضعف أكبر في سوق العمل”. وأضافوا: “من غير المرجح أن يكون أي منهما كافياً بمفرده”.

محضر الفيدرالي الأميركي يظهر انقساماً بشأن مخاوف التضخم

وسيتحوّل تركيز المتداولين الأسبوع المقبل إلى بيانات التضخم، ومن المقرر صدور مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يونيو يوم الثلاثاء.

يتوقّع محللو “مورغان ستانلي” بقيادة مايكل غابن أن تظهر البيانات مزيداً من آثار الرسوم، لكن الضغوط لا تزال طفيفة، مع استمرار ضعف أسعار بعض السلع الخاضعة لرسوم مرتفعة. وتوقعوا تسارعاً أكبر للتضخم المرتبط بالرسوم في يوليو وأغسطس.

وقال إيان لينغن من “بي إم أو كابيتال ماركتس”: “البيانات من أغسطس فصاعداً، حين تُطبق كامل جداول الرسوم المتبادلة، ستكون الاختبار الحاسم للاتجاه العام للتضخم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *