اخر الاخبار

مؤشرات وول ستريت تعود للانخفاض وسط خسائر واسعة في أسهم التكنولوجيا

اجتاحت التقلبات الحادة وول ستريت، إذ أدت إشارات واضحة على تباطؤ سوق العمل الأميركية إلى خسائر كبيرة في أسهم التكنولوجيا مرتفعة التقييم والعملات المشفّرة، بينما ارتفعت السندات مع رهان المستثمرين على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.

شهدت الأسهم عمليات بيع للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام، في حين تراجعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بأكبر وتيرة في شهر، بعد بيانات شركة “تشالنجر غراي أند كريسمس” (Challenger, Gray & Christmas Inc) التي أظهرت أن عمليات تسريح الوظائف في أكتوبر كانت الأكبر منذ أكثر من 20 عاماً.

وتراجع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.9%، فيما لامس مؤشر التقلبات (VIX) مستوى 20 نقطة لفترة وجيزة.

رهانات خفض الفائدة تواجه اختباراً صعباً

على الرغم من أن الرهانات على خفض الفائدة الفيدرالية كانت المحرك الرئيس للسوق الصاعدة إلى جانب طفرة الذكاء الاصطناعي، فإن القلق من ارتفاع التقييمات بدأ يتصاعد.

وتشير المؤشرات الفنية إلى أسباب تدعو للحذر، بينما تتزايد المخاوف من ضيق قاعدة الأسهم التي تقود المكاسب.

وقال كريس مورفي من شركة “سوسكويهانا إنترناشونال غروب” (Susquehanna International Group LLP) إن انخفاض الأسهم الحالي يبدو أنه يزيل بعض المخاطر من السوق.

أما فواد رزاق زاده من “فوركس دوت كوم” فقال إن “المزاج الحذر عاد مجدداً. هذا يوضح أن المسألة ليست دائماً رهانات على خفض الفائدة، فالواقع بدأ يفرض نفسه. بصراحة، السوق كانت بحاجة إلى هذه الصدمة الواقعية. بعد أشهر من الحماس المدفوع بالذكاء الاصطناعي، بدأ المتداولون يكتشفون من جديد أن الأساسيات لا تزال مهمة”.

تصريحات متباينة من مسؤولي الفيدرالي

راقب المستثمرون عن كثب تصريحات عدد من صانعي السياسة النقدية يوم الخميس.

وقالت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، إن التضخم يشكل خطراً أكبر من ضعف التوظيف، في حين صرّح نظيرها في شيكاغو أوستن غولسبي لشبكة “سي إن بي سي” أن غياب بيانات التضخم بسبب الإغلاق الحكومي يثير قلقه بشأن خفض الفائدة.

 أما مايكل بار، عضو مجلس المحافظين، فقال إن المسؤولين ما زال أمامهم عمل لضبط التضخم مع ضمان بقاء سوق العمل قوية.

خسائر واسعة في أسهم التكنولوجيا

انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.1%، وقادت أسهم “إنفيديا” و”تسلا” الخسائر بين شركات التكنولوجيا الكبرى. كما تراجع مؤشر “يو بي إس لأفضل أسهم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة” بنحو 3%.

في المقابل، هبط عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 7 نقاط أساس إلى 4.09%، بينما تُظهر أسواق المال أن هناك احتمالاً يتجاوز 60% لخفض الفائدة الشهر المقبل.
كما تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.3%، وانخفضت “بتكوين” بنسبة 2.5%.

تباطؤ سوق العمل يعزز رهانات خفض الفائدة

قال إلياس حداد من شركة “براون براذرز هاريمان” (Brown Brothers Harriman & Co): “نتمسك برأينا بأن الفيدرالي سيُقدم على خفض إضافي للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر، لأن السياسة النقدية المتشددة يمكن أن تُفاقم هشاشة سوق العمل الحالية”.

وفي ظل ندرة البيانات الاقتصادية نتيجة الإغلاق الحكومي، اتجه المستثمرون إلى بيانات خاصة للحصول على مؤشرات حديثة عن أداء الاقتصاد.

وأعلنت الشركات عن 153074 عملية تسريح خلال الشهر الماضي، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف العدد المسجل في الشهر نفسه من العام الماضي، وجاءت هذه الموجة مدفوعة بقطاعي التكنولوجيا والخدمات اللوجستية (المستودعات).

واعتبر آندي تشالنجر، الرئيس التنفيذي للإيرادات في شركة “تشالنجر غراي أند كريسمس”، أن هذا الرقم هو الأعلى في شهر أكتوبر منذ عام 2003، عندما كان ظهور الهواتف المحمولة يسبب اضطرابات مشابهة في سوق العمل.

السلسلة التاريخية لبيانات الشركة لم تكن دائماً مؤشراً دقيقاً على اتجاهات سوق العمل المستقبلية، ولكن في ظل سوق عمل منخفضة التوظيف، تمثل وتيرة التسريح الحالية خطراً أكبر على العمالة مقارنة بموجة تسريحات 2022 في قطاع التكنولوجيا، حيث تم آنذاك استيعاب العمال المسرّحين بسرعة في قطاعات أخرى، وفقاً لما قاله آدم شيكلينغ، كبير الاقتصاديين في شركة “فانغارد” (Vanguard).

وقال شيكلينغ: “نتوقع في نهاية المطاف أن تساعد القيود المستمرة على عرض العمالة المستمرة خلال السنوات الثلاث المقبلة في تعويض الأثر السلبي للبطالة الناجم عن الضغوط الدورية والتكنولوجية”.

بيانات جديدة تؤكد ضعف التوظيف

أظهرت بيانات شركة “ريفليو لابز” (Revelio Labs) أن الولايات المتحدة فقدت 9100 وظيفة غير زراعية في أكتوبر، بعد أن كانت قد أضافت 33 ألف وظيفة في الشهر السابق.

وقال فايل هارتمن من “بي إم أو كابيتال ماركتس” (BMO) إن هذه البيانات “تُظهر مدى صعوبة الادعاء بأن وتيرة التوظيف تتسارع مجدداً. وعند الجمع بينها وبين بيانات (تشالنجر)، نبقى متشككين في فرضية أن سوق العمل تشهد تسارعاً جديداً مع اقتراب نهاية العام”.

أما دون ريسميلر من شركة “ستراتيغاس” (Strategas) فقال إن سوق العمل الأميركية لا تنهار، لكنها أيضاً ليست قوية بما يكفي لتحمّل الصدمات.

وأضاف: “بينما لا يزال بعض أعضاء لجنة السوق المفتوحة مترددين في الالتزام بخفض جديد للفائدة في اجتماع ديسمبر، إلا أن أي اهتزاز في سوق العمل سيجبرهم على التحرك”.

ضغوط التضخم تقيّد الفيدرالي رغم تباطؤ التوظيف

كان الاحتياطي الفيدرالي قد خفّض الفائدة في أكتوبر لدعم سوق العمل المتدهورة، إلا أن التضخم البالغ 3% في سبتمبر، أي أعلى من الهدف البالغ 2%، أثار قلق بعض المسؤولين الذين يرون أن العودة إلى الهدف ستستغرق وقتاً أطول من المتوقع.

وخلال اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر، دعا جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى تجنّب التنبؤ بخفض جديد في عام 2025.

لكن أولريكه هوفمان-بورشارد من “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية” (UBS Global Wealth Management) تتوقع أن يُقدم الفيدرالي على خفضين إضافيين للفائدة بحلول مطلع 2026.

وقالت: “ستستمر الأدلة على تباطؤ سوق العمل في التراكم، وبيانات التضخم الأخيرة ليست كافية لتحويل تركيز الفيدرالي بعيداً عن ضعف الطلب على العمالة. عمليات الخفض الإضافية في الفائدة يجب أن تؤدي إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة”.

وأضافت أن الاستثمار في الدخل الثابت عالي الجودة يقدم حالياً مزيجاً مغرياً من العائد والاستقرار، مع أداء جيد محتمل في حال تباطؤ النشاط الاقتصادي واستمرار خفض الفائدة، مشيرةً إلى أن المستثمرين الباحثين عن الدخل يمكنهم أيضاً دراسة الأسهم ذات العوائد أو الاستراتيجيات الهيكلية المدرة للنقد.

آمال بانتعاش الأسهم بنهاية العام

قال لويس نافولييه من شركة “نافولييه آند أسوشيتس” (Navellier & Associates): “نشهد اليوم انخفاضاً كبيراً في أسعار الفائدة، لكنها لا تزال أعلى من مستوياتها قبل خفض أكتوبر، وقد يكون هذا التراجع رد فعل لتقلبات سوق الأسهم أكثر من كونه إعادة تقييم لموقف الفيدرالي”.

وأضاف نافولييه أن هناك آمالاً قائمة بانتعاش في الأسهم بنهاية العام بمجرد انتهاء الإغلاق الحكومي وحل مشكلة التعريفات الجمركية، قائلاً: “ما زلنا على بُعد أسبوعين من إعلان أرباح (إنفيديا)، وإذا جاءت قوية فقد تكون الشرارة التي تعيد تأكيد رواية الذكاء الاصطناعي. وإذا تلاها خفض للفائدة في ديسمبر، قد نُنهي العام على ارتفاع”.

وأشار المخضرم في وول ستريت إلى أن التصحيحات في الأسواق عند هذه المستويات من المكاسب أمر طبيعي ومتوقّع، ولا تستدعي الذعر.

وبحسب استراتيجيي “جيه بي مورغان تشيس” (JPMorgan Chase & Co)، فإن التدفقات القوية من المستثمرين الأفراد يُتوقع أن تدعم الأسهم حتى نهاية العام.

واستند هذا التوقع إلى أنماط موسمية لاحظها الفريق بقيادة نيكولاوس بانيغيرتزوجلو في دراسة لتدفقات صناديق الأسهم خلال العقد الماضي، والتي أظهرت أن معدلات التدفق تكون أعلى عادة في ديسمبر والربع الأول الذي يليه، باستثناء سنوات الانتخابات الأميركية.

رواية الذكاء الاصطناعي تبقى صامدة

قال دانيال سكلي، رئيس أبحاث السوق والاستراتيجيات في إدارة الثروات لدى “مورغان ستانلي”: “رغم أن التراجعات أمر حتمي حتى في أقوى الاتجاهات، فإن الحديث عن انهيار فقاعة الذكاء الاصطناعي مبالغ فيه. هذا لا يعني أن تراجعاً أوسع غير ممكن، أو أن بعض الأسهم لم تُسعّر بأكثر من قيمتها، لكن قصة الذكاء الاصطناعي طويلة الأمد لا تزال قائمة”.

وأوضح سكلي أن هذه القصة تتمحور حول مجموعة أساسية ممولة جيداً من كبار المنفقين على الذكاء الاصطناعي، والمدعومة بأرباح قوية وريادة امتدت لثلاثة عقود عبر دورات تكنولوجية متعددة، من الإنترنت والهواتف المحمولة والتجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي اليوم.

ألتمان ينفي السعي لدعم حكومي

في سياق منفصل، نفى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” (OpenAI)، فكرة سعي الشركة للحصول على ضمانات فيدرالية للحد من مخاطر إنفاقها المفرط على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وذلك بعد يوم واحد من إشارة مسؤول تنفيذي كبير في الشركة المصنعة لـ”تشات جي بي تي” إلى احتمال وجود دور للحكومة في تمويل هذه التقنية.

وكتب ألتمان في منشور مطول على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس: “لا نملك ولا نريد ضمانات حكومية لمراكز بيانات أوبن إيه آي. لا ينبغي لدافعي الضرائب أن ينقذوا الشركات التي تتخذ قرارات تجارية خاطئة أو تخسر في السوق بأي شكل آخر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *