مؤشرات وول ستريت تسجل أطول موجة مكاسب منذ يناير

اختتمت مؤشرات الأسهم الأميركية أسبوعاً قوياً لتحقق مكاسب بعدما عوّض ارتفاع أسعار أسهم الشركات الأكثر نفوذاً في وول ستريت الإشارات المتضاربة حول مدى التقدم في المفاوضات التجارية مع الرئيس دونالد ترمب.
أدى ارتفاع أسعار أسهم الشركات الكبرى إلى صعود مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) متخطياً مستوى 5500 نقطة، مسجلاً أطول فترة من الصعود المتواصل منذ يناير. قفز سعر سهم “تسلا” بنسبة 9.8% في حين ارتفعت أسهم “ألفابت” بفضل نتائج أعمالها القوية. ولفترة وجيزة، فقدت الأسهم الزخم بعد أن أشار ترمب إلى أنه من غير المرجح تأجيل فرض الرسوم الجمركية المتبادلة، وتصريحاته بأنه لن يُلغي الرسوم الجمركية على الصين دون “مقابل مادي”. وارتفعت السندات والدولار.
قال مارك هاكيت من شركة “نيشن وايد” (Nationwide): “لقد شهدت الأسواق انتعاشاً مدهشاً”، و”بينما تتلاشى المخاوف من أزمة شبيهة بعامي 2008 و2020، فإن العودة إلى القمم القياسية لن تكون سهلة. تُظهر الأسواق مرونة، لكنها لا تزال تواجه نفس التحديات المستمرة، بما في ذلك حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية ومؤشرات تباطؤ اقتصادي”.
مخاوف الرسوم تعصف بمعنويات المستهلكين
أدت المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الرسوم الجمركية إلى تراجع معنويات المستهلكين الأميركيين لتسجل أجد أدنى مستوياتها على الإطلاق في حين ارتفعت توقعات التضخم على المدى الطويل إلى أعلى مستوياتها منذ 1991.
وبينما يقيّم المستثمرون إشارات متباينة حول ما إذا كانت الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم ستهدأ، أوردت بلومبرغ أن الصين تدرس تعليق رسومها الجمركية البالغة 125% على بعض الواردات الأميركية.
صرح ترمب لمجلة “تايم” بأنه يتوقع إبرام اتفاقيات تجارية مع شركاء الولايات المتحدة الراغبين في خفض الرسوم الجمركية خلال ثلاثة إلى أربعة أسابيع. إلا أن الرئيس أعطى إشارات متضاربة حول وضع المحادثات مع الصين، حتى مع نفي بكين إجراء أي مفاوضات.
اقرأ المزيد: ترمب يتوقع إبرام اتفاقات تجارية خلال أقل من شهر
قال يواكيم كليمنت، الخبير الاستراتيجي في “بانمور ليبيرم” (Panmure Liberum): “نحن الآن في مرحلة حرجة من الرسوم الجمركية”. وأضاف: “لا يوجد تغيير جوهري في التوقعات، لذا تتابع الأسواق الأخبار المتناقضة وتتأثر باستمرار بتصريحات دونالد ترمب وحكومته المتغيرة باستمرار”.
هل تمرر الشركات كلفة الرسوم إلى المستهلكين؟
في حين تشير البيانات الأخيرة إلى صمود الإنفاق الأميركي حتى الآن، إلا أن التوقعات لهذا العام أقل تفاؤلاً. فمع استعداد الشركات لتحميل المستهلكين تكاليف الرسوم الجمركية والسلع، قد تؤدي هذه الزيادات إلى مزيد من تباطؤ الطلب الاستهلاكي وزيادة التضخم.
مع بقاء هوامش الربح بالقرب من مستويات قياسية، تتمتع الشركات الأميركية ببعض المساحة لامتصاص التكاليف الناجمة عن التعريفات الجمركية الأعلى. ومع ذلك، يشير تاريخ أداء الشركات المدرجة على مؤشر “إس آند بي 500” على مدى العقدين الماضيين إلى أن قدرتها على تحمل الرسوم الإضافية هشة، على الأقل وفقاً لمؤشر واحد.
وفقاً لتقرير “بلومبرغ إنتليجنس”، فإنّ معظم نمو هامش الربح المُحقق بشق الأنفس من مبيعات الشركات على المؤشر منذ عام 2004 جاء من قطاع التكنولوجيا المزدهر. وباستبعاد المجموعة، لم ترتفع الربحية إلا بشكل طفيف.
قال ديفيد ليفكويتز من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت” (UBS Global Wealth Management): “إن تباطؤ النشاط الاقتصادي الناجم عن التعريفات الجمركية، فضلاً عن ارتفاع التكاليف، من شأنه أن يعيق نمو أرباح الشركات”، و”لكن من المتوقع أن ينتعش الاقتصاد العام المقبل مع تكيف الشركات والمستهلكين مع التعريفات الجمركية، بمساعدة تخفيضات أسعار الفائدة التي سيجريها بنك الاحتياطي الفيدرالي ووضوح السياسة الضريبية”.
“بنك أوف أميركا” يوصي ببيع الأسهم الأميركية
أوصى استراتيجيو “بنك أوف أميركا” بقيادة مايكل هارتنت المستثمرين باستغلال صعود أسعار الأسهم الأميركية والدولار في البيع.
وأشاروا إلى أن الدولار يمر بفترة هبوط طويلة الأجل في حين أن التحول بعيداً عن الأصول الأميركية لا يزال أمامه طريق طويل. وتوقعوا استمرار هذا الاتجاه حتى يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، أو توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري مع الصين، وبقاء الإنفاق الاستهلاكي مرناً.
ويقدر استراتيجيو مجموعة “غولدمان ساكس” أن المستثمرين الأجانب باعوا أسهما أميركية بقيمة 63 مليار دولار منذ بداية مارس، مشيرين إلى أن البيانات عالية التواتر من تدفقات الصناديق تشير إلى أن المستثمرين الأوروبيين كانوا يقودون عمليات البيع، في حين واصل مستثمرون من مناطق أخرى شراء الأسهم الأميركية.
ارتفاع مخاوف الركود
ويتوقع المحللون أن تؤثر الحرب التجارية على النمو الاقتصادي خلال العامين الحالي والمقبل، إذ ستدفع الرسوم الجمركية الأسعار إلى الارتفاع وتؤثر سلباً على إنفاق المستهلكين.
من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 1.4% في العام الحالي، و1.5% في 2026، وفقًا لأحدث استطلاع أجرته بلومبرغ لآراء الاقتصاديين، مقارنةً بـ2% و1.9% في استطلاع الشهر الماضي. ويتوقع متوسط المشاركين الآن احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي خلال الاثني عشر شهرًا القادمة بنسبة 45%، ارتفاعاً من 30% في مارس.