اخر الاخبار

مؤشرات وول ستريت ترتفع وسط هدنة جمركية مؤقتة

ارتفعت الأسهم الأميركية مع توقف موجة البيع في السندات، فيما عاد قدر من الهدوء إلى “وول ستريت” بعد سبع جلسات من التداولات العنيفة التي أشعلتها الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وبعد أن ألمح البيت الأبيض إلى وقف مؤقت للرسوم الجمركية على الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الأساسية، صعد مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 1%.

وواصلت “أبل” مكاسبها لليوم الثاني على التوالي ليتجاوز إجمالي الارتفاع 6%، متصدرةً صعود أسهم الشركات الكبرى. كما قفزت أسهم شركات صناعة السيارات بعدما ألمح ترمب إلى احتمال استثناء بعض قطع السيارات من الرسوم الأميركية البالغة 25%.

وفي الوقت ذاته، أنهت سندات الخزانة الأميركية سلسلة خسائر دامت خمسة أيام، وهي الفترة التي شهدت صعوداً في عائدات السندات لأجل 10 سنوات بأكبر وتيرة منذ أكثر من عقدين.

قال مات مالي من “ميلر تاباك” إن المستثمرين بدأوا يدركون أن الإدارة الأميركية قد تكون مضطرة لوضع حدود لمدى عدوانية مقترحاتها.

وقال كريس لاركن من “إي تريد” التابعة لـ”مورغان ستانلي”: “إذا أرادت الأسواق الحفاظ على هذا التعافي في المدى القريب، فعلى المستثمرين أن يروا المزيد من الإشارات على مرونة البيت الأبيض حيال الرسوم الجمركية”، مضيفاً: “لا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة، وقد تستمر التقلبات اليومية على هذا النحو”.

سياسة ترمب تثير حيرة المستثمرين

لا يزال المستثمرون يحاولون استيعاب التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية، وسط المفاوضات المتقلبة. وبينما يؤكد المسؤولون الأميركيون أن استراتيجية الرسوم مدروسة بعناية، يرى المنتقدون أن السياسة التجارية تخضع لمزاج رئيس مغرم بإبرام الصفقات.

وسلطت كبريات شركات “وول ستريت” الضوء على صعوبة التنبؤ بمسار الأسهم. وقال فينو كريشنا من “باركليز” إن التقلبات الأخيرة تركت المستثمرين من دون ثقة في أي مستويات سعرية حالية، فيما أشار دوبرافكو لاكوس-بوياس من “جيه بي مورغان تشيس” إلى أن وضع التوقعات في البيئة الحالية يمثل تحدياً كبيراً مع احتمالات نتائج متباينة على نطاق واسع.

وقال جاي وودز من “فريدم كابيتال ماركتس”: “مع انطلاق هذا الأسبوع، سينصبّ تركيز المتداولين من جديد على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لمتابعة أحدث مستجدات هذه الملحمة من الرسوم الجمركية المفروضة والمرفوعة التي لا تنتهي”، وأضاف: “أحد الأمور التي تتقنها هذه الإدارة هو إبقاء المستثمرين في حالة ترقب دائم”.

“بلاك روك” تعزز المخاطر و”سيتي غروب” تحذر

قال محللون في “بلاك روك” إنهم يزيدون من تعرضهم للمخاطر ويقبلون على الأسهم الأميركية واليابانية، بعد تعليق الإدارة الأميركية للرسوم على عدد كبير من الشركاء التجاريين العالميين، رغم تجنبهم السندات الأميركية طويلة الأجل.

وكتب محللو “بلاك روك إنفستمنت إنستيتوت”، بمن فيهم جان بوافان ووي لي: “لقد تراجع الخطر الفوري لوقوع كارثة مالية”، وأضافوا: “أتاحت لنا مراجعة السياسات تمديد أفقنا التكتيكي ليصل إلى 6-12 شهراً، واستئناف رؤيتنا الإيجابية للأسهم الأميركية واليابانية”.

في المقابل، خفّض محللو “سيتي غروب”، بقيادة بيتا مانثي، نظرتهم للأسهم الأميركية، مشيرين إلى أن حالة الحرب التجارية تُضعف النمو الاقتصادي والأرباح، ما يعزز مبررات تنويع المحافظ بعيداً عن هذه الفئة من الأصول.

وقال مايكل ويلسون من “مورغان ستانلي”: “الأسوأ ربما قد مضى، لكن الأمور لم تهدأ بعد”. وتابع: “التأجيل المؤقت للرسوم المتبادلة لمدة 90 يوماً والتنازلات الإضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع خفّضت من احتمالات الركود في الأجل القصير، لكن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، ومجلس الاحتياطي الفيدرالي في وضع الترقب، وعائدات السندات طويلة الأجل تمثل عائقاً إضافياً”.

تذبذب تاريخي في الأسواق

رغم الاضطرابات وحالة عدم اليقين، لا يزال معظم الاستراتيجيين في الأسواق يتوقعون صعوداً لمؤشر “إس آند بي 500” خلال بقية عام 2025.

وحقق المؤشر أداءً قوياً الأسبوع الماضي، لكنه لا يزال منخفضاً منذ بداية العام، في ظل فرض ترمب رسوماً جمركية كبيرة على واردات من الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والعديد من شركاء أميركا التجاريين.

وأغلق المؤشر تعاملات الثلاثاء مسجلاً خسائر بلغت 15% في 2025، قبل أن يعكس مساره يوم الخميس مع إعلان ترمب تأجيلاً لمدة 90 يوماً على العديد من الرسوم.

وتُعد خسارة 15% ذات دلالة تاريخية، إذ تُظهر بيانات رايان ديتريك من “كارسون غروب” أنه منذ عام 1957، تراجع المؤشر بهذه النسبة خلال الأشهر الأولى من أبريل في 16 مناسبة، ولم ينهِ العام بمكاسب إلا في ثلاث مرات فقط: 2020 و2009 و1982، وكلها جاءت بعد تدخل مباشر من مجلس الاحتياطي الفيدرالي لدعم اقتصاد أميركي مترنح.

وقالت كالي كوكس من “ريتهولتز ويلث مانجمنت”: “كانت تحركات الأسبوع الماضي عنيفة لدرجة أننا ربما نقترب من لحظة الاستسلام التام”، وأضافت: “عندما تكون التوقعات منخفضة جداً، فإن أي خبر إيجابي يجلب معه ارتياحاً هائلاً. الخوف أمر جيد، وعندما يكون الخوف واسع النطاق، يمكن القول إننا أقرب إلى القاع من القمة. لكن، هل هذا هو الوضع فعلاً الآن؟”.

وتعتقد كوكس أن الظروف الراهنة قد تشير إلى مزيد من موجات البيع في المستقبل.

“غولدمان ساكس” يسجل رقماً قياسياً في تداول الأسهم

على صعيد الشركات، أصبح “غولدمان ساكس” أحدث شركة تعلن عن أفضل ربع سنوي لها على الإطلاق في تداول الأسهم، وذلك بعد أن حقق “جيه بي مورغان” و”مورغان ستانلي” إنجازات مماثلة في الأسبوع الماضي، بسبب التقلّبات الحادة في السوق.

وتخلق هذه التذبذبات القوية فرصاً لتحقيق الأرباح، لكنها تنطوي أيضاً على مخاطر خسائر أكبر. وفي مصطلحات الأسواق، تُعرف الفترات التي يستفيد فيها المستثمرون من التقلبات بـ”التقلب الإيجابي”، فيما تعدّ “سلبية” إذا غفلوا عنها، مما قد يعرقل السيولة في السوق.

وسجلت شحنات وحدات “أيفون” من “أبل” ارتفاعاً بنسبة 10% في الربع الأول، وفقاً لـ”آي دي سي”. كما أدلى مارك زوكربيرغ بشهادته أمام المحكمة الفيدرالية كأول شاهد في محاكمة لجنة التجارة الفيدرالية الساعية لتفكيك شركة “ميتا بلاتفورمز”. وتخطط “إنفيديا” لإنتاج معدات ذكاء اصطناعي في أميركا بقيمة تصل إلى 500 مليار دولار. كما وافقت “إنتل” على بيع حصة نسبتها 51% في وحدة رقائقها القابلة للبرمجة “ألتيرا”.

وقال “جيه بي مورغان أسيت مانجمنت” إن سندات الخزانة الأميركية ربما تكون قد لامست القاع مؤقتاً، وسط مؤشرات على زيادة الطلب الأجنبي وتوقعات بتدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي لدعم ديون الحكومة الأميركية عند الحاجة.

وقال بوب ميشيل، الرئيس العالمي للدخل الثابت لدى الشركة، في مقابلة مع “بلومبرغ”: “أشعر باطمئنان إلى أننا نضع قاعاً سعرياً وقمة للعائدات في هذه المرحلة”، وأضاف: “في محادثاتنا مع المستثمرين الأجانب، لم نلاحظ انسحابهم من سندات الخزانة”.

وأشار ميشيل إلى بيانات الاحتياطي الفيدرالي التي تُظهر أن البنوك المركزية ومديري الاحتياطيات الأجانب عززوا أخيراً حيازاتهم من السندات الأميركية.

آثار محتملة على التضخم وسياسات الفائدة

يراقب صانعو السياسات عن كثب مجموعة من المؤشرات المشابهة لتقييم ما إذا كانت رسوم ترمب الواسعة ستؤدي إلى تسارع دائم في التضخم.

وبينما يتوقع العديد من الاقتصاديين أن تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع التضخم، على الأقل في الأجل القريب، فإن التهديدات الجمركية حتى الآن لم تغيّر من توقعات المستهلكين على المدى الطويل.

وطرح عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر سيناريوهين لتأثير سياسة ترمب التجارية على الاقتصاد الأميركي، لكنه قال إن التأثير التضخمي في أي من السيناريوهين سيكون على الأرجح مؤقتاً.

ووصف والر السياسة الجمركية الجديدة بأنها “واحدة من أكبر الصدمات التي تصيب الاقتصاد الأميركي منذ عقود”، وذلك في تصريحات معدّة مسبقاً لفعالية في سانت لويس يوم الإثنين.

وأضاف أنه في حال كان تأثير الرسوم على التضخم طفيفاً، فإن خفض أسعار الفائدة سيكون “مطروحاً بقوة” في النصف الثاني من عام 2025.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *