مؤشرات وول ستريت تتقلب مع تصاعد توترات الرسوم الجمركية

فشلت مؤشرات الأسهم الأميركية في الحفاظ على زخمها قرب مستوياتها القياسية، بعدما أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن مهلة أغسطس لبدء تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة لن تُمدد، رغم التلميح لانفتاحه على محادثات تجارية. وقفزت أسعار النحاس بعدما دعا ترمب إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 50%. وتراجعت سندات الخزانة الأميركية.
وبعد موجة صعود قوية منذ أدنى مستوياتها في أبريل، بالكاد تحرك مؤشر “إس آند بي 500” مع بقاء المتداولين في حالة ترقب للمخاطر المرتبطة بالأخبار والتطورات. وسجل سهم شركة “فريبورت-ماكموران” المنتجة للنحاس ارتفاعاً.
في المقابل، شهد مؤشر شركات الأدوية تقلبات حادة بعدما أشار ترمب إلى احتمال منحه الشركات المصنعة للأدوية مهلة لا تقل عن عام، قبل فرض رسوم بنسبة 200% على المنتجات المصنّعة في الخارج. وضمن أسهم الشركات الكبرى، ارتفع سهم “تسلا” فيما تراجع سهم “أمازون” مع انطلاق فعالية “برايم داي”.
ومع تراجع سندات الخزانة، اقترب العائد على السندات لأجل 30 عاماً من 5%، وذلك عقب موجة بيع طالت السندات طويلة الأجل في اليابان وألمانيا. وشهد طرح سندات أميركية لأجل ثلاث سنوات بقيمة 58 مليار دولار طلباً ضعيفاً، وهو الأول من ثلاثة مزادات هذا الأسبوع. وتذبذب أداء الدولار الأميركي.
ترمب يعزز لهجته التصعيدية ضد الواردات الأجنبية
أبدى ترمب عزماً متجدداً على المضي قدماً في خططه لفرض ضرائب عالية على الواردات الأجنبية. وأبلغ الصحفيين أنه رغم إحراز تقدم مع الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق تجاري، فإن الإحباط من الضرائب والغرامات التي يفرضها التكتل على شركات التكنولوجيا الأميركية، قد يدفعه إلى إعلان معدل رسوم جديد بشكل أحادي خلال اليومين المقبلين.
وقال بريت كينويل من “إيه تورو” إن “العناوين الإخبارية للحرب التجارية تعود للواجهة، لكن هذا لا يعني أننا أمام تكرار لما حدث في أواخر مارس وأوائل أبريل”. وأضاف: “إذا بقيت الثقة بوجود مفاوضات أو احتمال تمديد المهلة، فقد تواصل الأسواق تجاهل هذه العناوين”.
مع ذلك، أشار إلى أنه إذا شعر المستثمرون بأن الوضع التجاري قد يصبح “أكثر توتراً”، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع جديد في الأسهم. ورأى أن “ما لم تتدهور الأوضاع بشكل كبير، فإن أي تراجع بنسبة 5% إلى 10% سيُنظر إليه كفرصة شراء من قبل المستثمرين الأفراد”.
من جهتها، قالت أولريكه هوفمان-بورشاردتي من “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية”: “رغم أن الرسوم الجمركية ستبقى مرتفعة مقارنة بمستويات بداية العام، وكذلك المخاطر المرتبطة بالعناوين الإخبارية، فإننا نعتقد أن معدل الرسوم الفعلي في أميركا سينهي العام عند نحو 15%”. واعتبرت أن هذا المعدل يشكل عقبة أمام النمو، لكنه “ليس كافياً لإحداث ركود”.
وأضافت أنها توصي بالاستثمار التدريجي في الأسهم العالمية، أو المحافظ المتنوعة للتعامل مع التقلبات القادمة.
توقعات متباينة للأسواق وسط اقتراب موسم الأرباح
حث محللو “جيه بي مورغان تشيس” بقيادة برام كابلان المستثمرين على إعادة التحوط قبل حلول مهلة الرسوم في 1 أغسطس، نظراً لبلوغ مؤشرات الأسهم الأميركية مستويات قريبة من ذروتها، وتلاشي علاوة المخاطر الجيوسياسية بشكل كبير.
وبينما تشير العوامل الاقتصادية العامة مثل التوقعات بنمو طفيف، إلى أرباح قوية لمؤشر “إس آند بي 500” في الربع الثاني، توقع محللو “دويتشه بنك” بقيادة بينكي تشادا أن تؤدي التأثيرات الفريدة للرسوم إلى تقليص الأرباح.
في الأثناء، رفع محللو “غولدمان ساكس” توقعاتهم لأسواق الأسهم الأميركية للمرة الثانية خلال شهرين، مرجحين أن يتدخل الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في وقت أقرب.
ورفع الفريق بقيادة ديفيد كوستين توقعاته لمؤشر “إس آند بي 500” على مدى 12 شهراً إلى 6900 نقطة من 6500، وزادوا الهدف لنهاية العام إلى 6600 نقطة بدلاً من 6100، مشيرين إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة، وقوة أداء أكبر الشركات الأميركية كعوامل داعمة.
كما رفع محللو “بنك أوف أميركا” بدورهم توقعاتهم للأسهم الأميركية، مستشهدين بقدرة الشركات على الحفاظ على توجيهات الأرباح.
وقام الفريق بقيادة سافيتا سوبرامانيان وجيل كاري هول برفع الهدف لنهاية العام لمؤشر “إس آند بي 500” إلى 6300 نقطة من 5600، وحددوا هدفاً لمدة 12 شهراً عند 6600 نقطة.
وقال كريغ جونسون من “بايبر ساندلر”: “نعتقد أن وضع السوق يبدو صعودياً، حتى في ظل تجدد المخاوف بشأن الحرب التجارية”. وأضاف: “رغم احتمال تعرض الأسهم لضغوط مؤقتة، فإن المستثمرين باتوا يتأقلمون مع عناوين الرسوم الجمركية، ويركزون أكثر على اتجاهات السوق”.
وأوضح جونسون أن المؤشرات الفنية مثل اتساع السوق والاتجاهات تبقى إيجابية، وأن “الأدلة الفنية تدعم نظرته المتفائلة مع اقتراب موسم إعلان الأرباح”.