مؤشرات على تباطؤ أسعار عقارات دبي المزدهرة
تعود الأبراج الجديدة ومجتمعات الفلل لتظهر مجدداً في دبي هذا العام مع تسابق المطورين للاستفادة من واحدة من أكبر الطفرات العقارية في العالم. مع ذلك، تلوح في الأفق مؤشرات على أن الارتفاع القياسي في الأسعار بدأ يتباطأ.
تطلق شركات التطوير العقاري مشاريع جديدة أسبوعياً، حيث يقولون إن المنازل تُباع خلال أيام، أو حتى ساعات. لكن بعضها، بما في ذلك شركة “إعمار العقارية”، أكبر مطور في دبي، بدأت تتبني نهجاً أكثر حذراً. يستمر هذا الازدهار العقاري منذ عدة سنوات، وهو الأطول منذ فتح باب التملك الأجنبي للمنازل في دبي عام 2002.
“إعمار” تتعامل بحذر مع رفع الأسعار
قال مؤسس وعضو مجلس الإدارة المنتدب لـ”إعمار” محمد العبار في ديسمبر: “توقعاتنا تشير إلى أن السوق ستظل جيدة في العام المقبل هنا، وعلى مستوى العالم. هناك معنويات إيجابية تجاه الأعمال، خاصة مع قدوم ترمب”.
مع ذلك، أشار العبار إلى أن “إعمار” تتعامل بحذر مع رفع الأسعار المفرط لأنه قد “يقضي على مصدر الربح الأساسي”.
تحتاج دبي إلى مواصلة جذب السكان الجدد لشغل المنازل قيد الإنشاء. كما أن توفير السكن بأسعار معقولة بات ضرورياً لتجنب مغادرة المغتربين المدينة، في ظل مواجهة الكثيرين لارتفاع التضخم العالمي وتكاليف المعيشة.
مليونيرات جدد
وفقاً لشركة “نايت فرانك”، تُقدَّر قيمة حوالي خُمس المنازل في دبي بأكثر من مليون دولار. ترجح الشركة ارتفاع أسعار المنازل بنسبة 8% في عام 2025، وهو تباطؤ مقارنة بالقفزة السابقة البالغة 20%.
أما أسعار المنازل الفاخرة، فيتوقع أن ترتفع بنسبة 5% هذا العام، متفوقة على لندن (2%) ونيويورك (3%).
يُتوقع أن تُكمل “إعمار”، التي تولت إنشاء برج خليفة، ما بين 6 آلاف إلى 7 آلاف منزل سنوياً بحلول ذروة عامي 2026 و2027، وفقاً لتقديرات “بلومبرغ إنتليجنس”.
لكن ازدهار دبي يثير تساؤلات حول استدامة سوق يتم فيه بيع جزء كبير من المعروض الجديد بالتقسيط قبل اكتمال البناء. وهي استراتيجية تحمل مخاطر، حيث قد يعجز بعض المشترين عن إكمال المدفوعات.
قوة الدولار الأميركي، الذي ترتبط به عملة الإمارات، تجعل العقارات المحلية أكثر تكلفة بالنسبة للعديد من المشترين الأجانب.
تدفق السكان الجدد، بما في ذلك المستثمرون الأثرياء، ومليونيرات العملات الرقمية، والهنود الأغنياء الباحثون عن منازل ثانية، ساهم في زيادة الطلب. وبلغ عدد سكان دبي 3.8 مليون نسمة في عام 2024، مقارنة بـ3.66 مليون في 2023. كما أجبر ارتفاع الإيجارات العديد على ترك منازلهم ودفعهم إلى الانتقال إلى مشاريع سكنية في ضواحي المدينة على أطراف الصحراء.
قال ياسين فاليمول، الرئيس التنفيذي لشركة الوساطة العقارية “ذا لكشري أدريس” (The Luxury Address)، المتخصصة في العقارات الفاخرة: “الطلب لا يزال موجوداً، لكن المبيعات بدأت تتباطأ، حيث بلغت الأسعار والإيجارات حدودها القصوى”.
وقال الوسطاء إن المبيعات بدأت بالتباطؤ، خاصة في سوق العقارات “قيد الإنشاء”. المشترون الذين اقتنوا هذه المنازل قبل اكتمال البناء يُضطرون إلى خفض الأسعار لإعادة البيع قبل الانتهاء، حيث انخفض متوسط السعر إلى 1600 درهم (436 دولاراً) للقدم المربعة مقارنة بـ1700 درهم في عام 2023، وفقاً لبيانات الباحث “ريدين”.
استمرار الزخم
لا تزال الأوقات الجيدة مستمرة لبعض المطورين. على سبيل المثال، باعت شركة “سوهو” (SOHO) 84 شقة من أصل 110 في أحد أبراجها. قال الرئيس التنفيذي للشركة، ساهيل خوسلا: “تتسم العقارات بالنشاط الدوري، وهذه الدورة الحالية قوية. المدينة والدولة تعملان على قدم وساق من أجل جذب الأعمال والاستثمارات الدولية من خلال التأشيرات الذهبية”.
مع ذلك، حذّر خوسلا من التوسع المفرط مشيراً إلى أن خطط الدفع الخاصة بشركته تستهدف المستخدمين النهائيين الذين يمكنهم تسديد نصف المبلغ أثناء البناء، والباقي بعد استكماله حيث يمكن للمشترين ترتيب قروض الرهن العقاري في تلك المرحلة.
أضاف: “مع ذلك، نحن حذرون للغاية، ونتبع استراتيجية مدروسة. نتقدم ببطء شديد في التطوير”.
إلى ذلك، قال عمران فاروق، رئيس مجلس إدارة شركة “سمانا”، إن شركته حققت مبيعات شهرية قياسية في سبتمبر. جاء ذلك بعد أداء استثنائي قوي في يوليو، الذي يُعد عادةً شهراً بطيئاً بالنسبة للشركة التي تعد واحدة من أكبر الشركات التي توفر منازل تقل قيمتها عن مليون درهم.
مقياس صحة سوق العقارات
تُعد “إعمار” واحدة من أفضل المؤشرات على صحة السوق. من المتوقع أن تصل أرباحها في 2025 إلى 13 مليار درهم مع اكتمال العديد من المشاريع قيد الإنشاء، وفقاً لتقديرات المحللين التي جمعتها “بلومبرغ”. ويمثل ذلك قفزة كبيرة مقارنة بأرباح بلغت حوالي 3.8 مليار درهم في عام 2021.
ومع ذلك، فإن الإمداد المستمر بالمنازل الجديدة من شأنه أن يكبح ارتفاع الأسعار. أطلقت شركات التطوير العقاري في دبي عدداً قياسياً من المشاريع السكنية الجديدة في عام 2024، وفقاً لبيانات “ريدين”، حيث بلغ إجمالي المنازل التي بدأ العمل عليها أو أُعلن عنها حوالي 140 ألف وحدة ضمن 588 مشروعاً.
بالنسبة للعديد من شركات العقارات، فإن التحدي الأكبر الآن يتمثل في إكمال المشاريع.
قال العبار: “كان عاماً قياسياً وبصراحة نحن نشعر بالإرهاق”، موضحاً أن مبيعات العقارات لدى “إعمار” ارتفعت بـ70% في عام 2024 مقارنة بالعام السابق. أضاف: “هذا يمثل ضغطاً كبيراً على المقاولين والموردين والمهندسين المعماريين، والسوق ككل، وأكبر خطر يواجهنا الآن هو التنفيذ”.