مؤشرات جديدة قد تبرر خفض الفيدرالي للفائدة بشكل كبير
المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لأسعار المستهلك، والتقييم الحالي لطلب المستهلكين، قد يدعمان قرار البنك المركزي الأميركي بتخفيضه أسعار الفائدة بشكل كبير، وتأكيد رئيسه جيروم باول على أن الاقتصاد لا يزال قوياً.
يرى الاقتصاديون أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي سيزيد بنسبة 0.1% فقط في أغسطس للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر. ومن المرجح أن يسجل معدل التضخم للشهر عينه ارتفاعاً بنسبة 2.3% على أساس سنوي، بما يمثل أقل زيادة سنوية منذ بداية 2021، ويتجاوز قليلاً المستهدف الذي حدده “الفيدرالي” عند 2%.
يُعزى التباطؤ في معدل التضخم مقارنةً بالعام الماضي إلى انخفاض أسعار الطاقة وهبوط أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى تراجع التكاليف الأساسية. ومن المتوقع أن يظهر مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، باستثناء الغذاء والوقود، ارتفاعاً بنسبة 0.2% للشهر الثالث على التوالي، ويتوقع الاقتصاديون أن تُظهر بيانات الحكومة ذلك يوم الجمعة.
تراجع التضخم
التراجع في الضغوط التضخمية منذ بداية العام منح صناع السياسات في الاحتياطي الفيدرالي الثقة الكافية لخفض أسعار الفائدة في 18 سبتمبر بمقدار نصف نقطة مئوية. وكان هذا الخفض هو الأول منذ أكثر من أربع سنوات، ويمثل تحولاً في سياسة البنك المركزي باتجاه تفادي تدهور سوق العمل.
سيكون تركيز المستثمرين الأسبوع المقبل منصبّاً على تصريحات عدد كبير من مسؤولي “الفيدرالي”. من بين الذين سيظهرون في فعاليات مختلفة، المحافظون ميشيل بومان، أدريانا كوغلر، وليزا كوك، بالإضافة إلى رؤساء الفروع الإقليميين رافائيل بوستيك، وأوستان غولسبي.
كما أن أرقام التضخم لشهر أغسطس ستكون مصحوبة ببيانات حول الإنفاق والدخل الشخصي، حيث يتوقع الاقتصاديون تحقيق تقدم ملموس آخر في نفقات الأسر. ويساعد النمو المستدام في إنفاق المستهلكين على زيادة احتمالات استمرار الاقتصاد في التوسع.
تشمل البيانات الاقتصادية الأخرى مبيعات المنازل الجديدة لشهر أغسطس، والناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني بالإضافة إلى مراجعات سنوية للناتج المحلي الإجمالي تعود إلى عام 2019، والطلبات الأسبوعية لإعانة البطالة، وطلبات السلع المعمرة لشهر أغسطس.
رأي “بلومبرغ إيكونوميكس”
“في رأينا، يزيد التخفيض الكبير لسعر الفائدة الذي أجراه الاحتياطي الفيدرالي من احتمالية تحقيق هبوط اقتصادي ناعم، لكنه بالتأكيد لا يضمن ذلك. يتنبأ السيناريو الأساسي لدينا بأن يصل معدل البطالة إلى 4.5% قبل نهاية عام 2024، ثم يرتفع إلى 5%”.
آنا وونغ، ستيوارت بول، إليزا وينغر، إستل أو، وكريس جي. كولينز، اقتصاديون
في كندا، من المتوقع أن تُظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي لشهر يوليو، وتقديرات سريعة لشهر أغسطس، نمواً ضعيفاً في الربع الثالث، يُحتمل أن يكون أقل من تقديرات بنك كندا لنمو سنوي بمعدل 2.8%. وفي الوقت ذاته، سيتحدث محافظ البنك المركزي تيف ماكليم بمؤتمر مصرفي في تورونتو.
في أماكن أخرى، ستكشف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن توقعات اقتصادية جديدة يوم الأربعاء، وقد تقوم البنوك المركزية في سويسرا والسويد بخفض أسعار الفائدة، بينما يُتوقع أن يبقي نظيرها الأسترالي على سياسته النقدية دون تغيير.
آسيا وأوقيانيا
بنك الاحتياطي الأسترالي يُرجّح أن يبقي على معدل الفائدة للتعاملات بين البنوك لليلة واحدة عند 4.35% عندما يجتمع مجلسه يوم الثلاثاء، وسينصبّ التركيز على ما إذا كانت المحافظة ميشيل بولوك ستحافظ على نبرتها المتشددة بعد أرقام العمالة القوية التي دفعت المتداولين إلى تقليص الرهانات على خفض معدل الفائدة في ديسمبر.
ترى “بلومبرغ إيكونوميكس” أنه لا يزال هناك احتمال لتخفيف سياسة البنك الاحتياطي الأسترالي في الربع الرابع. ويتعين على السلطات الانتظار حتى يوم الأربعاء لمعرفة ما إذا كان التضخم في أستراليا قد تباطأ للشهر الثالث على التوالي في أغسطس.
تشمل الدول الأخرى التي تصدر تقارير عن التضخم كلاً من ماليزيا وسنغافورة، حيث يُتوقع أن يكون نمو الأسعار قد تباطأ في أغسطس.
تحصل اليابان على بيانات جديدة عن التضخم مع صدور أسعار المستهلك في طوكيو يوم الجمعة، والتي يُقدر أن تكون ارتفعت بوتيرة تتجاوز هدف بنك اليابان البالغ 2% في سبتمبر.
مؤشرات مديري المشتريات لشهر سبتمبر سيتم إصدارها في أستراليا والهند يوم الإثنين، وفي اليابان باليوم التالي.
كما يُتوقع أن يتم الإبقاء على معدل تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل لمدة سنة واحدة في الصين عند 2.3%. وستظهر البيانات الصادرة يوم الجمعة ما إذا كانت وتيرة نمو الأرباح الصناعية حافظت على زخمها في أغسطس بعد أن ارتفعت بأسرع وتيرة خلال خمسة أشهر في يوليو.
ومن المنتظر كذلك صدور إحصاءات التجارة من كوريا الجنوبية وتايلندا وهونغ كونغ.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
في أوروبا، تم تحديد مواعيد لاتخاذ قرارات من قِبل أربعة بنوك مركزية. ويتساءل المستثمرون عمّا إذا كان صناع القرار في هذه البنوك سيختارون اتباع خطى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي قام بخفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
ويُرتقب أن يتخذ البنك الوطني السويسري قراراً بخصوص الفائدة يوم الخميس، وسط توقع معظم الاقتصاديين أن يخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. مع ذلك، يعتقد بعضهم أن خطوة “الفيدرالي” الأميركي قد تزيد من احتمالات خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، خاصةً لمواجهة القوة المستمرة للفرنك السويسري. يُذكر أن هذا الاجتماع سيكون الأخير لرئيس البنك توماس جوردان، الذي تنتهي فترة ولايته نهاية شهر سبتمبر.
أما الأربعاء، فمن المتوقع أن يقوم البنك المركزي السويدي بخفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة مئوية للمرة الثالثة هذا العام، ليصل سعر الفائدة إلى 3.25%، كما سيقوم بتحديد مساره لخفض إضافي في المستقبل.
يخطط المركزي السويدي لخفض أسعار الفائدة مرتين أو ثلاث مرات خلال 2024، وقد تكون إحدى هذه التخفيضات يوم الأربعاء. في اجتماع الشهر الماضي، ناقش المسؤولون إمكانية خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، لكن مع ذلك، يعتقد معظم الخبراء أن البنك سينتظر حتى شهر نوفمبر قبل اتخاذ قرار كبير بشأن أسعار الفائدة.
وفي أوروبا الشرقية، يُنتظر أن يقوم البنك المركزي المجري يوم الثلاثاء، ونظيره التشيكي يوم الخميس، بخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية.
في منطقة اليورو والمملكة المتحدة، سيتم إصدار بيانات أولية لمؤشرات مديري المشتريات لشهر سبتمبر يوم الإثنين، بما يعكس حالة القطاع الخاص بنهاية الربع الثالث.
مع تركيز المستثمرين على ضعف الاقتصاد الألماني، سيكون مؤشر “إيفو” لثقة الأعمال محور الاهتمام يوم الثلاثاء، وهو اليوم نفسه الذي سيتحدث فيه رئيس البنك المركزي الألماني يواخيم ناغل عن الاقتصاد. كما من المقرر صدور توقعات جديدة من معاهد البحوث الاقتصادية في البلاد يوم الخميس.
تقارير التضخم في فرنسا وإسبانيا لشهر سبتمبر ستلفت الانتباه يوم الجمعة، ما يعطي مؤشراً على الوضع العام لمنطقة اليورو في الأسبوع التالي. ويتوقع الاقتصاديون أن تنخفض معدلات التضخم في كلا البلدين إلى أقل من 2%.
إلى جانب ناغل، من المقرر أن يتحدث عدد من صناع القرار في منطقة اليورو، من بينهم رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، كبير الاقتصاديين فيليب لين، ورئيس البنك المركزي الإسباني الجديد خوسيه لويس إسكريفا.
عبر القارة الأفريقية، من المقرر أيضاَ اتخاذ قرارات من قبل بنوك مركزية عديدة.
فمن المرجح أن يقوم المسؤولون النيجيريون يوم الثلاثاء بوقف دورة التشديد النقدي التي رفعت معدل الفائدة إلى 26.75% من 11.5% في غضون أكثر من عامين بقليل. وسيشجعهم على اتخاذ هذه الخطوة تراجع التضخم إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر، بينما يُقيّمون تأثير الفيضانات في البلاد والزيادة الحادة في تكاليف البنزين على نمو الأسعار.
من المحتمل أن يُبقي البنك المركزي المغربي سعر الفائدة عند 2.75% للسماح بخفض الفائدة المفاجئ الذي تمّ في يونيو بالتغلغل في السوق المحلية. وتحتاج المملكة إلى أسعار فائدة منخفضة لتسهيل الاستثمار واحتواء البطالة. كما لدى المغرب خطط استثمار ضخمة لإعادة بناء المناطق المتضررة من الزلزال، وتعزيز البنية التحتية استعداداً لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2030.
في دول الواقعة جنوب القارة السمراء، قد يختار المسؤولون في ليسوتو عدم التماهي مع خفض معدل الفائدة الذي أقرته جنوب أفريقيا، وأن يبقوا على تكاليف الاقتراض عند 7.75%، نظراً لاستمرار ارتفاع معدل التضخم. ورغم أن ليسوتو تميل عادةً إلى محاكاة سياسة جارتها، إلا أن معدل الفائدة الرئيسي لديها أقل بالفعل بمقدار 25 نقطة أساس.
في مكان آخر، سيعلن وزير المالية الزامبي سيتومبيكو موسوكوتواني يوم الجمعة عن خطط لمساعدة الاقتصاد على الانتعاش من أحد أصعب الأعوام التي واجهها هذا القرن، وذلك عندما يكشف عن ميزانية عام 2025 لثاني أكبر منتج للنحاس في أفريقيا.
أميركا اللاتينية
سيكون لدى مراقبي الشأن البرازيلي الكثير لتحليله، إذ إن محضر اجتماع البنك المركزي لشهر سبتمبر بشأن أسعار الفائدة وتقرير التضخم الفصلي يتصدران المشهد.
قد يوفر الأول خارطة طريق أكثر تفصيلاً للسياسة النقدية بعد رفع الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في 18 سبتمبر إلى 10.75%، بينما يقوم الثاني بتحديث جميع التقديرات والسيناريوهات الاقتصادية. ويُقدّر أن يرفع البنك المركزي البرازيل توقعاته للتضخم، ولمعدل الفائدة الرئيسي، ولنمو الناتج المحلي الإجمالي.
في ختام الأسبوع بأكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، من المحتمل أن تُظهر بيانات الوظائف أن سوق العمل في البرازيل لا يزال عند مستويات ضيقة تاريخياً، في حين قد تكون معدلات تضخم منتصف الشهر قد تباطأت بالقرب من أعلى نطاق مستهدف من قِبل البنك المركزي.
من المقرر أن تنشر الأرجنتين قراءات حول الناتج المحلي الإجمالي لشهر يوليو، والتي قد تدعم الرأي القائل بأن الاقتصاد قد تجاوز القاع لهذا العام، وبدأ في التعافي بالنصف الثاني.
في المكسيك، قد يؤدي تراجع الطلب المحلي إلى نتائج ضعيفة أخرى في مبيعات التجزئة، بعد القراءات السنوية والشهرية السلبية لشهر يونيو. في حين أن بيانات التضخم منتصف الشهر قد لا تُعطي صانعي السياسة سبباً قوياً لخفض الفائدة أو الإبقاء عليها بدون تغيير تزامناً مع اجتماع بنك المكسيك بعد بضعة أيام.
التوقعات الأولية تشير إلى خفض بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل سعر الفائدة إلى 10.5%، رغم أن بعض المحللين يتوقعون خفضاً محتملاً بنصف نقطة مئوية للحفاظ على وتيرة متناسقة مع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.