مؤشرات الأسهم الأميركية تنخفض مع عودة التقلّبات إلى وول ستريت

عادت التقلّبات إلى وول ستريت في جلسة شهدت تراجع الأسهم إلى جانب الذهب والعملات المشفّرة. وأدت تقارير إخبارية أفادت بأن إدارة دونالد ترمب تدرس فرض قيود على صادرات البرمجيات إلى الصين لزيادة القلق المحيط بالتجارة.
بعد موجة صعود قوية، ظهرت دعوات لأخذ استراحة. فقد خسر مؤشر “ناسداك 100” نسبة 1% بعد توقعات فاترة من شركة “تكساس إنسترومنتس” وانخفاض بنسبة 10% في سهم “نتفلكس”.
وفي وقت متأخر من الجلسة، تراجع سهم “تسلا” بعدما جاءت الأرباح دون التقديرات رغم ارتفاع المبيعات. كما تابع المتداولون التطورات الجيوسياسية، إذ قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن الولايات المتحدة ستصعّد العقوبات على روسيا.
أسهم المتداولين الأفراد المفضلة تتكبد أكبر الخسائر
شهد يوم الأربعاء جلسة أخرى تكبدت فيها الأصول المفضلة لدى المتداولين الأفراد الذين يعتمدون على الزخم أكبر الخسائر، ومن بينها المعادن الثمينة والعملات المشفّرة وشركات الذكاء الاصطناعي.
وقد انخفضت المؤشرات التي يستخدمها المستثمرون الكميون لتتبّع هذا الاتجاه في سوق الأسهم، مثل مؤشر “بلومبرغ” الأميركي للزخم النقي بشكل حاد في الأيام الأخيرة.
وشهد الأسبوع الماضي تراجعاً ملحوظاً في الحماسة تجاه قطاعات السوق التي كانت منذ بداية أغسطس قد حققت ارتفاعات حادة، بحسب مجموعة “بيسبوك إنفستمنت غروب” (Bespoke Investment Group).
وقال استراتيجيو الشركة: “يبدو أن الموسيقى قد توقفت مؤقتاً، وأن الحفلة انتهت بالنسبة للأسماء الأكثر مضاربة. لا أحد يعلم متى ستُستأنف الموسيقى مرة أخرى، ولكن عادةً، كلما ارتفع سعر السهم زادت قسوة انخفاضه”.
انخفاض المؤشرات الرئيسية وأداء متفاوت للشركات الكبرى
أغلق مؤشر “إس آند بي 500” دون مستوى 6,700 نقطة. وتعرضت شركة “بيوند ميت” (Beyond Meat Inc.) لتذبذب حاد، في تكرار لحالة أسهم “الميم” الشعبية التي تهز السوق دورياً. وخسر مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة نسبة 1.5%. وفي التداولات المتأخرة، أعلنت شركة “آي بي إم” عن إيرادات مخيبة للآمال في وحدة “ريد هات”.
انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة إلى 3.95%. وشهد طرح سندات لأجل 20 عاماً بقيمة 13 مليار دولار طلباً قوياً. وتراجعت “بتكوين” بنسبة 2.6%. أما الدولار فتأرجح من دون اتجاه واضح، بينما انخفض الذهب بنسبة بلغت 2.9% قبل أن يقلص خسائره، في حين قفزت أسعار النفط.
وقالت فيونا سينكوتا من “سيتي إندكس” (City Index) إن “المستثمرين يبحثون عن أساسيات استثنائية تبرر هذه الأسعار المرتفعة”.
تباطؤ الصعود في الأسهم يقابله تفوق في الأرباح الفصلية
في وقت تباطأت وتيرة الصعود في الأسهم، فإن الجانب الإيجابي يتمثل في أن نسبة الشركات التي تفوقت على توقعات الأرباح هذا الربع هي الأعلى منذ عام 2021. وعادة ما تتجاوز معظم شركات “إس آند بي 500” التوقعات، لكن هذا الموسم مميز لأن المحللين رفعوا سقف التوقعات.
وقال دوبرافكو لاكوس-بوجاس من “جيه بي مورغان تشيس” إن الشركات الأميركية ستواصل تحقيق نمو قوي في الأرباح، مدعومة بدورة استثمار قوية في الذكاء الاصطناعي، والإنفاق الحكومي المستمر، والمستهلك الأميركي الذي لا يزال يتمتع بالمرونة.
من جهته اعتبر توماس لي من “فندسترات غلوبال أدفايزرز” (Fundstrat Global Advisors) أن التراجع في أسهم مثل “نتفلكس” و”تكساس إنسترومنتس”، لا يغير الفرضية الأساسية.
وأضاف: “لسنا قلقين بالضرورة من عمليات بيع الأسهم على المدى القصير”.
عدّد لي الأسباب الرئيسة لتوقع نهاية قوية لعام 2025، وهي: أرباح الشركات متينة، والاحتياطي الفيدرالي الذي يتبع نهجاً تيسيرياً، ورؤية الذكاء الاصطناعي التي لا تزال قوية، والموسمية الإيجابية في الربع الرابع.
وقال لي: “ما زلنا متفائلين ونتوقع أن يصل مؤشر (إس آند بي 500) إلى 7,000 نقطة على الأقل بحلول نهاية العام، وهذا هو السيناريو الأساسي، مع احتمال أن نرى مستوى أفضل عند 7,500 نقطة”.
تحول في نغمة الشركات مقارنة بالفصول السابقة
تشير النتائج المالية للشركات والتصريحات “الواثقة” إلى تحوّل واضح عن الفصول السابقة، حين سحب الرؤساء التنفيذيون توقعاتهم للعام المقبل، واستخدموا مكالماتهم الفصلية لتسليط الضوء على حالة عدم اليقين المتعلقة بالتجارة والرسوم الجمركية وسلوك المستهلكين.
وخلال الأشهر العشرة الماضية تقريباً، كانت الاستراتيجية تتمثل في خفض توقعات المستثمرين على أمل أن تكون التقديرات المالية المنخفضة أسهل في التحقيق أو التجاوز إذا تحققت السيناريوهات الاقتصادية الأسوأ.
ومع تقدم موسم الأرباح الحالي، تبدو النتائج واعدة، وفقاً لـ جون ستولتزفوس، كبير استراتيجيي الاستثمار في “أوبنهايمر لإدارة الأصول” (Oppenheimer Asset Management).
وقال في وقت سابق من الأسبوع إن تفوق الشركات الأميركية الكبرى على التوقعات رغم المخاطر المستمرة، يشير إلى أن هناك “قدراً كافياً من المرونة يمنح الأسهم تذكرة للاستمرار بالصعود”.
توقعات بتصحيح محدود في الأسهم
قال دان وانتروبسكي من “جاني مونتغومري سكوت” (Janney Montgomery Scott) إن “الأسواق تأخذ استراحة اليوم بينما يقيّم المستثمرون نتائج الأرباح”.
وأضاف أن شركته ما زالت تتوقع تصحيحاً في حدود 5% إلى 10% في الأسهم خلال ما تبقى من العام، لكنه أشار إلى أن المؤشرات الرئيسية ما زالت تحافظ على متوسط الحركة لـ50 يوماً كدعم رئيسي، ما يُبقي الاتجاه الصاعد قصير الأجل قائماً.
وتابع: “من المرجح أن نرى تداولات متقلبة خلال الأيام المقبلة، لكن الاتجاه الصاعد العام سيبقى قائماً خلف الضوضاء”.
شركات كبرى تتغلب على المخاوف
مع التقدم أكثر في موسم نتائج الربع الثالث، ومع كونه من أكثر الأسابيع ازدحاماً بإعلانات الأرباح، أشار ريان غرابينسكي من “ستراتيغاس” (Strategas) إلى أن مؤشر “إس آند بي 500” بدأ بالخروج من ذروة فترة حظر إعادة شراء الأسهم.
وقال: “هناك بالتأكيد جدار من القلق يجب تسلّقه، ولكن كل الأشياء الأخرى متساوية، فإن عودة الشركات إلى الشراء الذاتي خلال الأسابيع المقبلة ستكون عاملاً داعماً للمخاطرة بشكل عام”.
روايات إيجابية تدعم شهية المخاطرة
بحسب تييري ويزمان من مجموعة “ماكواري” (Macquarie Group)، يركّز المتداولون في الولايات المتحدة على بعض الروايات الإيجابية التي دعمت التفاؤل حيال الأصول الخطرة والأسهم الأميركية.
وقال إن الأخبار الجيدة تتمثل في أن “الاحتياطي الفيدرالي سيُجري خفضاً آخر للفائدة في 29 أكتوبر، وسيواصل الإشارة إلى مزيد من التيسير رغم التضخم الأميركي المستمر”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن “المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين ستؤدي إلى مصالحة تمنع فرض رسوم جمركية أعلى بين البلدين”.
مرّ أسبوعان منذ آخر مرة سجّل فيها مؤشر “إس آند بي 500” مستويات قياسية جديدة. وفي تحرك دفاعي، ارتفعت أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية والعقارات، في حين تخلّفت القطاعات المرتبطة بالسلع والقطاع المالي والتقني عن الركب.
المؤسسات المالية تعود للبيع رغم التفاؤل طويل الأمد
وفقاً لاستراتيجية “بنك أوف أميركا” جيل كاري هال، عاد عملاء البنك إلى بيع الأسهم الأميركية الأسبوع الماضي، بعد أن كانوا قد اشتروا في الأسبوع السابق. وأوضحت أن العملاء المؤسسيين قادوا عمليات البيع، وأن أسهم التكنولوجيا والقطاع المالي شهدت أكبر التدفقات الخارجة.
ورغم ذلك، اشترى العملاء أسهم صناديق المؤشرات المتداولة للأسهم عبر مختلف الأنماط والأحجام.
وقال كريغ جونسون من “بايبر ساندلر” (Piper Sandler)، إنه “على الرغم من تراجع اتساع السوق، فإننا نرى أن التراجعات القصيرة أو التصحيحات المؤقتة صحية وضرورية، بعد التقدم القوي للسوق على مدى خمسة أشهر”.
وأضاف أن “الرياح المواتية الكلية، بما في ذلك انخفاض أسعار الطاقة والعوائد على السندات، ستستمر في تهيئة الفرص لشراء الانخفاضات، بمجرد تأكيد مستويات الدعم”.
الذهب يحافظ على خسائره
في الأسواق الأخرى، واصل المتداولون مراقبة أداء المعادن الثمينة، إذ حافظ الذهب على خسائره في جلسة متقلبة، بعد أن تكبّد أسوأ انخفاض له منذ سنوات، وسط مخاوف من أن ارتفاعه الأخير كان سريعاً ومبالغاً فيه.
ورغم التقلّبات الكبيرة في أسواق الذهب والفضة، ظل سوق العملات مستقراً نسبياً. فقد أصبح تداول الدولار الأميركي هادئاً على نحو غير معتاد، إذ أظهر أحد المؤشرات أنه الأهدأ منذ أكثر من عقد، مع تزامن إغلاق الحكومة الأميركية مع توترات سياسية خارجية، ما يزيد من تعقيد المخاطر في سوق العملات.
وفي الأثناء، توقّف الاحتياطي الفيدرالي عن تلقّي بيانات التوظيف في القطاع الخاص من جهة مستقلة، ما زاد من نقص المعلومات الآنية لدى صانعي السياسات حول الاقتصاد، في ظل استمرار إغلاق الحكومة الفيدرالية.
وتوقفت شركة خدمات الرواتب “إيه دي بي ريسيرش (ADP Research)” عن تزويد البنك المركزي بالبيانات، التي تغطي نحو 20% من القوى العاملة في القطاع الخاص الأميركي، بعد خطاب ألقاه عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر في 28 أغسطس أشار فيه إلى تلك الإحصاءات، بحسب شخص مطّلع على الأمر.