اخر الاخبار

مؤشرات الأسهم الأميركية تتخلى عن مكاسب 2025 وسط قوة سوق العمل

تلقت مؤشرات الأسهم الأميركية ضربة قوية وارتفعت عائدات السندات إلى جانب الدولار، مع تقليص المتداولين رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام بعد تقريرٍ للوظائف فاق التوقعات.

تخلت مؤشرات الأسهم عن مكاسبها التي حققتها في 2025، وتكبد مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) أقوى هبوط له منذ 18 ديسمبر، عندما فاجأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسواق عبر الإشارة إلى الحذر بشأن مدى السرعة التي قد يواصل بها خفض أسعار الفائدة.

الأسهم الأكثر مخاطرة في وول ستريت تعرضت لضغوط بيعية، مع انخفاض أسهم الشركات الصغيرة بنحو 10% عن أعلى مستوياتها السابقة. أدى الانخفاض في سندات الخزانة لفترة وجيزة إلى ارتفاع عوائد السندات لأجل 30 عاماً متجاوزةً 5%. تتوقع عقود المقايضات الآن إجمالي خفض للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي دون 30 نقطة أساس هذا العام.

اقتصاد قوي.. وتضخم راسخ

أضاف الاقتصاد الأميركي في ديسمبر أكبر عدد من الوظائف منذ مارس، وانخفض معدل البطالة بشكل غير متوقع، في ختام عام قوي فاق التوقعات. وكانت بيانات منفصلة سبباً في تغذية المخاوف بشأن ضغوط الأسعار الراسخة، مع ارتفاع توقعات المستهلكين للتضخم على المدى البعيد إلى أعلى مستوى منذ 2008. كما أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تفاقم القلق على هذه الجبهة.

يقول نيل بيريل من “بريميير ميتون انفستورز” (Premier Miton Investors)، إن أي أمل في بداية هادئة لهذا العام قد اختفى الآن. وأشار إلى أن “الأخبار تُعد جيدة من حيث قوة الاقتصاد ولكنها سيئة لأولئك الذين يأملون في خفض الفائدة، حيث سيظل التضخم على رأس جدول أعمال الاحتياطي الفيدرالي الآن”. وأضاف: “يبدو أن ارتفاع عوائد السندات سيستمر، وهو أمر سيئ بالنسبة للأسهم. هل من الممكن أن يصل العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 5% بالفعل؟”.

ومن “إنتر أكتف بروكرز” (Interactive Brokers)، يقول ستيف سوسنيك إن متداولي الأسهم كشفوا مرة أخرى عن “إدمانهم للسيولة”. وأوضح: “يشعر متداولو الأسهم مرة أخرى بمزيد من القلق بشأن إمكانية التيسير النقدي بدلاً من نوع الاقتصاد القوي الذي يمكن أن يحسن أساسيات الشركات”.

انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 1.5%، مقترباً من متوسطه المتحرك لمدة 100 يوم. وهبط مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.6%. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي 1.6%. وانخفض مؤشر “العظماء السبعة” بنسبة 1.2%. وخسر مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة 2.2% من رصيده. ارتفع مقياس التقلب المفضل في وول ستريت “VIX” إلى حوالي 20 نقطة.

ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار سبع نقاط أساس إلى 4.77%. وصعد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.5%.

تقليص توقعات خفض الفائدة

بعد بيانات الوظائف القوية الصادرة يوم الجمعة، قلص الاقتصاديون في بعض البنوك الكبرى تنبؤاتهم بشأن التخفيضات المتوقعة في أسعار فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي.

“بنك أوف أميركا”، الذي توقع في السابق تخفيضين للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما هذا العام، لم يعد يتوقع أي تخفيض، وقال إن هناك خطر أن تكون الخطوة التالية هي رفع أسعار الفائدة. لا يزال “سيتي غروب” – الذي تعد توقعاته من بين الأكثر تفاؤلاً في وول ستريت– يتطلع إلى خفض الفائدة 25 نقطة أساس 5 مرات، لكنه يرجح بدء التحرك في مايو. ويرجح “غولدمان ساكس” إجراء تخفيضين هذا العام مقابل ثلاثة تخفيضات.

قالت سيما شاه من “برنسيبال أسيت مانجمنت” (Principal Asset Management): “يمكن أن يكون الاحتياطي الفيدرالي أكثر ارتياحاً للإبقاء على الفائدة في يناير، وسيحتاج إلى بعض المفاجآت التضخمية الهبوطية ذات المغزى أو الانتكاسات في تقارير الوظائف القادمة للتحرك في مارس”. أمّا بالنسبة للسندات العالمية، فإن “قوة تقرير الوظائف الأميركي تزيد من التحديات التي تواجهها” وأشارت إلى أنها “لم تصل بعد إلى ذروة العائدات”.

ارتفاع عوائد سندات الخزانة

تصعد عوائد سندات الخزانة منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر دورة خفض الفائدة. وأدت قوة الاقتصاد الأميركي إلى زيادة هذه التحركات، ليرتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بأكثر من 100 نقطة أساس عمّا كان عليه قبل أول خفض للفائدة. كل ذلك أجبر مستثمري السندات على التعامل مع احتمال عودة العائد المرجعي إلى 5%، وهو المستوى الذي تم تجاوزه عددا قليلا من المرات خلال العقد الماضي.

ارتفاع عوائد سندات الخزانة خلال الشهر الماضي كان مدفوعًا إلى حد كبير بالعوائد الحقيقية -مما يشير إلى أن توقعات النمو المرتفعة كانت المحرك المهيمن وراء عمليات البيع، وفق جينادي غولدبيرغ من “تي دي سيكيوريتيز” (TD Securities).

قالت جينا بولفين من “بولفين ويلث مانجمنت غروب”: “أنصح المستثمرين بالاستعداد لمزيد من التقلبات مع مواكبة السوق لتقلص توقعات خض الفائدة”.

سوق الأسهم والاحتياطي الفيدرالي

يرى كريس زكاريللي من شركة “نورث لايت أسيت” (Northlight Asset): “رغم أن سوق الأسهم لا تحتاج إلى أسعار فائدة أقل لترتفع، فإن الاحتياطي الفيدرالي الذي يقوم بتيسير السياسة النقدية يوفر دائماً بيئة أفضل لمستثمري الأسهم مقارنة بتشديد السياسة النقدية أو الإبقاء على  أسعار الفائدة دون تغيير”.

وأشار إلى أنه “في هذه المرحلة من دورة التيسير النقدي، يجب أن تتحسن الأرباح -وليس فقط بشركات التكنولوجيا الكبيرة- لتصعد الأسواق إلى تقييماتها المرتفعة بالفعل، لذلك علينا الحذر على المدى القصير”.

بالنسبة للمستثمرين الذين يأملون في أن تتوسع أسواق الأسهم خارج شركات التكنولوجيا العملاقة، فإن أحدث البيانات لم تقدم لهم أي جديد، وفق لارا كاسلتون من شركة “يانوس هندرسون انفستورز”.

قال جاي ستير من معهد “أموندي انفستمنت”: “سيشعر الناس الآن بالقلق من أن الاحتياطي الفيدرالي لن يتمكن من خفض الفائدة على الإطلاق. الضغوط تتزايد على البنك المركزي”. وأضاف :”سوف تستمر العائدات في الارتفاع صول 5% في الشهرين المقبلين، مما يضغط على أسواق الأسهم ما لم تحصل على موسم أرباح قوي للغاية في الربع الأول”.

أمّا بريت كينويل من “إي تورو” (eToro)، فيرى أنه في حين أن السوق ربما ليست سعيدة بأحدث تقرير للوظائف، إلا أن هناك الكثير من الأمور الأسوأ من سوق العمل القوية. وأوضح: “بدون أساس قوي في سوق العمل، سينهار الأمر برمته. وهو ما يتعين على المستثمرين أن يضعوه في الاعتبار، حتى لو كان ذلك يعني تقلص توقعات خفض أسعار الفائدة”.

أخبار جيدة وأخبار سيئة

“في الواقع، يبدو أننا عدنا إلى عالم حيث الأخبار الجيدة هي أخبار سيئة” وفق سكوت هلفستين من “غلوبال إكس”، لكنه أشار إلى أن هذا يبدو وكأنه ضيق أفق. وأوضح:”نعتقد أن الشركات يمكنها تحقيق توقعات الأرباح المرتفعة هذا العام مدعومة بتقنيات الأتمتة مثل الذكاء الاصطناعي وإلغاء القيود التنظيمية، وهذا من شأنه أن يدفع أسعار الأسهم بدلاً من الاحتياطي الفيدرالي”.

يبدأ موسم الأرباح الأسبوع المقبل بنتائج أعمال القطاع المالي. ومن المتوقع أن تظهر البنوك بما في ذلك “جيه بي مورغان” و”ويلز فارغو” استمرار الأرباح من الخدمات المصرفية التجارية والاستثمارية، مما ساعد على تعويض انخفاض صافي دخل الفائدة الناجم عن ارتفاع الودائع وتباطؤ الطلب على القروض.

وتزيد البيانات الأخيرة من أهمية مؤشرات التضخم التي ستصدر الأسبوع المقبل. من المتوقع أن تظهر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر ديسمبر والتي ستصدر في 15 يناير تسارعاً للشهر الثالث على التوالي، بمعدل 2.9%.

قالت إلين زينتنر من “مورغان ستانلي ويلث مانجمنت”: “تقرير الوظائف القوي لن يجعل الاحتياطي الفيدرالي أقل تشدداً بالتأكيد. ستتجه كل الأنظار الآن إلى بيانات التضخم الأسبوع المقبل، ولكن حتى المفاجأة الهبوطية في هذه الأرقام ربما لن تكون كافية لدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *