اخر الاخبار

لم تعد شهرة المنتجات تستند لأسباب منطقية أو تقليدية

بقلم: Amanda Mull

كلما نظرت إلى شاشة هاتفي ووجدت طفرة كبيرة جديدة خلال العام الماضي، كنت أشعر وكأنني أفقد صوابي، حتى عند مشاهدة البسيط منها. أستحلفكم، ما هو ”لابوبو“؟ وهل شوكولاتة دبي علامة تجارية، أم نوع من الحلوى فحسب؟ ومن هو بينسون بون، وما الذي يريده منا؟

في البداية، ظننتُ أن هذا قد يكون مجرد علامة مقلقة أخرى على تقدمي في السن، إذ لم أعد أفهم اليافعين. لكن يبدو أنهم هم أيضاً محتارون تماماً كما الكبار حيال أشياء كثيرة يُنتظر منهم التعلق بها، ومنا كذلك إلى حد ما.

دمى “سوني إنجلز” و”سميسكي” تجتاح “تيك توك”

أصبح ارتباك المراهقين والشباب في العشرينات من العمر ميماً بحد ذاته على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ ينشر مستخدمو المنصات بدرجة تبلغ حد الهراء ما يتعلق بطفرات جديدة مثل ”لابوبو“ و“شوكولاتة دبي“ و”سوني إنجل“ و”لاتيه ماتشا“ وبسكويت ”كرامبل“ وآيس كريم ”بريتي ليتل بيبي“.

إذا لم تتعرف على أي مما سلف لا تقلق، لأن هذه المعرفة لن تساعدك على الفهم. إن جانباً مما يجعل بيئة الطفرات الحالية مربكة جداً هو أن القصة وراء معظم هذه الأشياء – سواء سبب وجود المنتج أو كيف أصبح كثير من الناس على دراية به – لا تبدو محورية لشعبيتها. في الواقع، يبدو أن بعض هذه الأشياء ليس وراءها قصة كبيرة على الإطلاق.

على سبيل المثال، ”لابوبو“ هي مجموعة من صغار الوحوش ذوي ابتسامات شيطانية تبيعها شركة الألعاب الصينية ”بوب مارت إنترناشونال“. الإصدار الأكثر شيوعاً هو نسخة قماشية مصغرة معلقة على سلسلة مفاتيح وتُباع مقابل حوالي 28 دولاراً في “صناديق عمياء”، أي أنكم لن تعرفوا لون ”لابوبو“ الذي تبتاعونه أو إن كان يرتدي زياً إلى أن يصبح بحوزتك.

شهرة بسبب فنانة

 تستند الألعاب، التي سُوقت في 2019، إلى شخصيات من سلسلة كتب أطفال لم تُروج مطلقاً في الولايات المتحدة. لكن يبدو أن شعبيتها أميركياً تُعزى بشكل كبير إلى المغنية والممثلة التايلاندية لاليسا مانوبال (أو ليزا) من فرقة البوب الكورية الشهيرة ”بلاك بينك“، وهي تحب هذه الألعاب وتُشاركها أحياناً في منشورات ”إنستغرام“. هذا كل ما في الأمر حقاً.

ومع ذلك، كان ذلك كافياً لبدء تسارع حاد في مبيعات ”لابوبو“ استمر لأكثر من عام، لدرجة أنه أصبح أقرب للمحال شراؤها خلال الأشهر القليلة الماضية. وقد حفّز هذه الندرة انتشار مجموعة أكبر من المنتجات المقلدة هي ”لافوفوس“، التي يبدو أن كثيراً من المعجبين يُحبونها بقدر ما يُحبون الأصلية.

برغم ظهور”لافوفوس“، فقد أدى هذا الشغف إلى مضاعفة مبيعات ”بوب مارت“ ثلاث مرات في النصف الأول من هذا العام وزيادة أرباحها بنسبة 350%، وهكذا ارتفاع مُذهلٌ بحق بالنظر إلى حجم ”بوب مارت“ الكبير، فقد شارفت إيراداتها على ملياري دولار في 2024.

مؤثرو “تيك توك” ينقلون شركة حلي من حافة الإفلاس إلى الازدهار

ثم هناك شوكولاتة دبي بحشوتها الخضراء الطرية بالفستق الحلبي ورقائق المعجنات المقرمشة، التي قدّمتها في 2022 سارة حمودة وهي صانعة شوكولاتة في دبي. انتشر هذا المنتج على نطاقٍ واسع بفضل لقطة مُقرّبة عشوائية ومبهجة عبر ”تيك توك“ في نهاية 2023، ظهرت فيها شابة جميلة تتناول هذه الشوكولاتة؛ وقد أسبغ عليها الإنترنت اسم “شوكولاتة دبي” اختصاراً.

 سرعان ما ظهر مُقلّدون، وتبعهم مزيد منهم طيلة عام 2024، إذ نشر الناس قصصاً عن تجاربهم الأولى مع ألواح الحلوى التي كان يصعب العثور عليها. لا يكاد يوجد أيٌّ من شوكولاتة دبي المتوفرة حالياً يرتبط بحمودة، لكنه أصبح نوعاً من الحلويات.

انتشار غير نمطي

اكتسبت هذه الشكولاتة شعبيةً واسعةً وساهمت في زيادة مبيعات منتجات الفستق الأخرى ورفعت أسعاره عالمياً، ومكّنت من تحقيق نجاحاتٍ كبيرة، مثل ”ميلك شيك شاك دبي“ بنكهة الشوكولاتة والفستق. وربما لا مفرّ من ذلك، يوجد الآن لوح شوكولاتة دبي على شكل ”لابوبو“.

أتصور أن الفكرة وصلتكم، الأمر أشبه بهذا الآن، وهو انحرافٌ طفيفٌ ولكنه مذهلٌ عمّا كان يتطلبه انطلاق المنتجات أو الأفكار إلى طبقة المستهلكين العليا. حتى أكثر الصيحات السابقة سذاجةً وعشوائيةً كان لانتشارها تفسيرٌ حقيقي.

“تيك توك” يجعل من لصقات للبثور صيحة تجميل

في ثمانينيات القرن الماضي، انطلقت دمى “كابيدج باتش كيدز” جزئياً لأنها كانت أول دمى تعِد الأطفال بالحصول على لعبةٍ تُشبههم، وكان الآباء يُواجهون ضغطًا لإيجاد الدمية المُناسبة.

لم يقتصر حماس “بيني بيبي” في التسعينيات على استخدام الشركة الأم “تاي” لأساليب الندرة المصطنعة لإغواء هواة جمع الألعاب؛ بل شمل ظهور موقع ”إي باي”، الذي قدّم للأمريكيين فرصةً مغريةً للثراء السريع من خلال إعادة بيع مقتنيات عبر الإنترنت.

في مرحلةٍ ما، شكّلت هذه الدمى 10% من مبيعات ”إي باي”. وحديثاً، أصبحت أكواب السفر كبيرة الحجم من “ستانلي” أحدث أوعية الشرب التي ترمز إلى المكانة الاجتماعية، بعدما جعلها مزيجها الفريد من الحجم والمقبض وسهولة حملها على حامل الأكواب توصيةً شائعةً بين الأمهات المؤثرات.

انتبهت “ستانلي” لجمهورها الجديد وبدأت تطرح مزيداً من الألوان والإصدارات المحدودة لجذب ما أصبح في النهاية جنوناً استهلاكياً مذهلاً.

انتشار تسانده خوارزميات

يُمكن القول إنَّ الموجة الحالية من الطفرات المُحيِّرة هي الأولى التي تجاوزت تماماً هذا النمط التقليدي من النشأة الثقافية، والذي يتطلب أن تكون للمنتجات علاقة، مهما كانت ضئيلة، بكيفية عيش الناس وتفكيرهم في حياتهم الواقعية، لتحقق انتشاراً هائلاً.

تستبدل هذه الطفرات الجديدة ذلك بمنطق الإنترنت الاجتماعي: فحتى إن لم يرق لك منشورٌ قدمته لك الخوارزميات ولم تتناوله بإعجاب أو تعليق أو مشاركة، فإنَّ مُجرَّد التوقف عن التمرير لبضع ثوانٍ يُساعد على دفع هذه الأشياء إلى مزيد من المُشاهدين.

تُعتبر الطفرات الاستهلاكية التي تزدهر في هذا النظام البيئي مُحفِّزة جداً، فهي غريبة أو لطيفة أو شهية المظهر أو مُثيرة للدهشة أو مُربكة. لطالما كانت هذه السمات جزءاً مما يُساعد على انتشار الطفرات، لكنها الآن تُصبح السمة الأساسية اللازمة لفرصة الانتشار في كل مكان.

كيف يستغل مهربو البشر “سناب تشات” و”تيك توك”؟

تقليدياً، كان هذا النوع من الترويج المُحفِّز أولاً موثوقاً به فقط عند التسويق للأطفال، نظراً لحساسيتهم الشديدة للأشياء المُشرقة واللطيفة والحلوة. وليس من قبيل المصادفة أن تكون الحيوانات المحشوة والحلويات السكرية من المستفيدين المتكررين من هذا النظام الآن، حتى لو كان بالغون هم من يتحكم في شعبيتها.

يُعد المحتوى الذي تقدمه الخوارزميات فعالاً جزئياً لأنه مُربك، ويساعد ذلك على خفض دفاعاتنا ضد الاندفاع، وهي التمييز وضبط النفس والصبر وتُمثل سمات النضج العاطفي، فيصبح معظمنا أكثر طفولية.

في مقال نُشر عام 2024، وصف ناقد موسيقى الجاز ومؤرخ الموسيقى تيد غيويا هذا النمط بـ”ثقافة الدوبامين”، وهي فكرة مفادها أن حياتنا على الإنترنت قد صُممت لإحداث التحفيز قبل كل شيء. كتب: “إن أبرز سماتها غياب الثقافة أو حتى أنها ترفيه غير المدروس إذ يُستبدل كلاهما بنشاط قهري”.

صخب يمنع الملل

يجادل غيويا بأن الجمهور الذي اعتاد على هذا الضجيج المستمر يرغب بمزيد منه وبأشكال أشد لدرء الملل والخوف اللذين يتسللان بسرعة مع غيابه. لم يعد بإمكانك الاكتفاء بمشاهدة فريقك المفضل يلعب. الآن، لكي تشعر بشيء حقيقي، عليك أن تراهن على المباراة أيضاً.

إن وجود اسم دبي ضمن أبرز الطفرات الرائجة مثاليٌّ جداً؛ إذ أن دبي، من حيث أنها أشبه بعلامة تجارية عالمية مصممة لكي لا ترتبط بحدود ثقافية معينة. إذ تتراوح مكونات هذه العلامة من عربات الغولف الذهبية إلى منحدرات التزلج المسقوفة في الصحراء.

لو كانت ثقافة الدوبامين مكاناً على الخريطة، لتنافست دبي ولاس فيغاس على اللقب، لكنني أعرف إلى أين يتجه رهاني في ”بولي ماركت“.

على الرغم من قتامة هذا الأمر، إلا أن التوجهات التي برزت حديثاً تشترك في عاملٍ واحدٍ على الأقل: إنها أشياء مادية تتطلب من الناس الخروج إلى العالم الحقيقي للتفاعل معها.

قد يسعى هيكل الحوافز في الإنترنت الاجتماعي إلى تحويلنا جميعاً إلى كائنات زومبي معزولة لا تستطيع الانفصال عن منصاتها، لكن ما تزال هناك دلائل على أن معظم الناس يرغبون في شيء ملموس ولو قليلاً، حتى لو أرادوا أيضاً ”لابوبو“ – وهو، للإنصاف، لطيف جداً.

مهما حاولت شركات التقنية العملاقة، فإن الإنترنت لا يستطيع استبدال الواقع الملموس، ويبدو أن معظم الناس لا يرغبون في أن يفعل ذلك بشكل أكثر اكتمالاً مما هو عليه. تكمن المشكلة الآن في أن الحياة الواقعية انقسمت إلى عالمين لم يعودا منفصلين في الواقع، ومعظمنا يعتمد على نفسه في التوفيق بينهما قدر الإمكان.

على أقل تقدير، فإن الانتشار الواسع للعبة أو وجبة خفيفة يُشبه إشارة إلى نوع من الواقع التوافقي القائم رغم العزلة الخوارزمية. قد يُساعد هذا في تفسير سبب عدم اهتمام معظم الناس بما إذا كانت ”لابوبو“ أو ”شوكولاتة دبي“ هي المنتج الأصلي. قد يكون هذا بديلاً سيئاً للمجتمع الحقيقي، لكن الجزء القيم فيه هو مجرد الحصول على سبب مقنع لمغادرة المنزل والتوقف عن تصفح ”تيك توك“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *