اخر الاخبار

لماذا يدمج صندوق النقد المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج تمويل مصر؟

تأخّر الحكومة في التخارج من ملكية الشركات العامة لصالح القطاع الخاص هو السبب الرئيسي وراء قرار صندوق النقد الدولي بدمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم مصر، بحسب مسؤولين مصريين تحدثوا مع “الشرق”.

كانت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، كشفت لـ”الشرق” قبل أيام أن الصندوق سيدمج المراجعتين الخامسة والسادسة ليجري إنجازهما معاً في فصل الخريف من هذا العام. يأتي ذلك بعد أن كان الصندوق قد بدأ بالفعل تنفيذ المراجعة الخامسة تمهيداً لصرف شريحة تمويلية جديدة تعول عليها القاهرة المثقلة بالديون في الوفاء بالتزاماتها. 

الحكومة لم تلتزم

أحد المسؤولين أوضح لـ”الشرق” أن قرار الصندوق يهدف إلى “خلق التزام أكبر لدى الحكومة لتنفيذ برنامج الطروحات”، فيما أشار آخر إلى أن “الحكومة لم تلتزم بالجدول الزمني المتفق عليه لتنفيذ البرنامج خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2025”.

وتوقع المسؤولان إتمام صفقات تخارج حكومية لصالح القطاع الخاص “خلال الربع الثالث من العام الجاري” ضمن برنامج الطروحات الحكومية، في مسعى لإنجاح المراجعتين اللتين من المرجح إنجازهما بين شهري سبتمبر وأكتوبر المقبلين.

لم تعلن القاهرة حتى الآن عن أحدث نسخة من برنامج طرح الشركات الحكومية على القطاع الخاص، بعد إسناد الملف إلى وزير الاستثمار حسن الخطيب. في الوقت نفسه، تعثرت صفقة بيع “بنك القاهرة” إلى “بنك الإمارات دبي الوطني” نتيجة خلافات على التقييم، كما ذكر أشخاص مطلعون لـ”الشرق” أواخر الشهر الماضي.

لا تأثير على الجنيه

استبعد ثلاثة مسؤولون أن يتأثر الجنيه المصري بقرار دمج المراجعتين، مشيرين إلى أن الاحتياطيات النقدية وتدفقات العملة الأجنبية في مصر “في وضع جيد حالياً”.

في المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد فؤاد أن قرار الصندوق “سلبي على المدى القصير” ويشير إلى عدم وجود تقدم ملموس في تخارج الحكومة من النشاط الاقتصادي وإفساح المجال للقطاع الخاص.

“الصندوق يرى أن إصلاحات الضرائب التي تتبعها وزارة المالية إدارية وليست هيكلية ولا تحقق هدف رفع حصيلة ضريبة القيمة المضافة إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام”، على حد قوله.

واستبعد فؤاد -هو الآخر- أن يؤدي تأجيل المراجعة إلى تراجع الجنيه أو نشوء أزمة دولارية، مشيراً إلى أن السوق تشهد تدفقات قوية للأموال الساخنة، بالإضافة إلى تعافي قطاع السياحة وزيادة تحويلات المصريين في الخارج.

وقدّر فؤاد نطاق سعر صرف الجنيه مقابل العملة الأميركية في الفترة المقبلة  ما بين 48 إلى 50 جنيهاً للدولار الواحد.

في السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ”الشرق” إن التأثير السلبي قائم بالفعل، لكنه سيكون محدوداً لأسباب منها تراجع الدولار عالمياً، واحتمال التوصل إلى تهدئة في غزة، ما قد يدعم إيرادات قناة السويس.

زيادة الضرائب

تحقيقاً لمتطلبات الصندوق، تتجه مصر لتعديل قانون ضريبة القيمة المضافة، بما يشمل رفع أسعار السجائر المحلية والمستوردة بنسبة تقارب 23%، وزيادة الضرائب على المشروبات الكحولية بنسبة 15%، وفرض ضريبة جديدة بنسبة 10% على البترول الخام. 

كما تتضمن التعديلات تحويل ضريبة الكحوليات من ضريبة نسبية إلى ضريبة قطعية تُحسب وفق نسبة الكحول، إلى جانب إخضاع المقاولات وأعمال التشييد والبناء للسعر العام للضريبة عند 14% بدلًا من 5% حالياً.

وتسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز الحصيلة الضريبية دون التسبب في أعباء إضافية مباشرة على الفئات الأوسع من المواطنين، الذين يعيش نحو ثلثهم تحت خط الفقر.

ميزان المدفوعات

تأجيل المراجعة وتأخر صرف الشريحة التمويلية الجديدة حتى الربع الرابع على الأقل، سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على ميزان المدفوعات، بحسب  فؤاد، الذي أشار إلى اعتماد الحكومة على هذه الشرائح في سداد أقساط القروض القائمة، إلى جانب توسعها في استيراد الغاز الطبيعي، والذي يقدر بنحو 12 مليار دولار سنويا لتلبية احتياجات محطات الكهرباء.

كما حذر الخبير الاقتصادي من أن إرجاء المراجعة قد يؤثر سلباً على صرف الشريحة الثانية من دعم الاتحاد الأوروبي للبلاد، نظراً لارتباطها باستمرار التعاون مع صندوق النقد.

توصلت مصر في مارس 2024 لاتفاق مع صندوق النقد لزيادة برنامج الدعم من 3 إلى 8 مليارات دولار، ما مكّنها من جذب تمويلات واستثمارات ساهمت في دعمها للخروج من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد منذ مطلع 2022.

وفي إبريل 2025، اعتمد البرلمان الأوروبي إتاحة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المقدمة إلى مصر بقيمة 4 مليارات يورو، ضمن حزمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 5 مليارات يورو، منها مليار يورو حصلت عليه الحكومة بالفعل نهاية ديسمبر الماضي.

يرى هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بشركة “الأهلي فاروس” لتداول الأوراق المالية، أن قرار التأجيل لن تكون له آثار سلبية كبيرة، موضحاً أن “مصر ستحصل على الشريحتين بقيمة 2.4 مليار دولار فور انتهاء الإجراءات، ولا أتوقع تراجع الجنيه”.

وتتسق هذه الرؤى مع تقييم صندوق النقد الدولي، حيث أكدت المتحدثة باسم الصندوق خلال حديثها مع “الشرق” أن البعثة التي زارت القاهرة بين 8 و16 يونيو الماضي رصدت “تقدماً بناءً في جهود احتواء التضخم وتحسناً ملحوظاً في الاحتياطيات الأجنبية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *