اخر الاخبار

لماذا تفرض إدارة بايدن عقوبات جديدة أكثر صرامة على روسيا؟

فرضت الولايات المتحدة اليوم عقوبات جديدة وُصفت بأنها غير مسبوقة على قطاع الطاقة الروسي.

تستهدف العقوبات المرتقبة النفط والغاز الطبيعي المسال في إطار استراتيجية الولايات المتحدة لزيادة دعم أوكرانيا، إذ يرتقب أن يشمل ذلك أكبر شركات النفط الروسية و183 ناقلة ضمن “أسطول الظل”، بهدف تقليل عائدات روسيا من الطاقة وزيادة تكاليفها الاقتصادية، بحسب ما كشفه مسؤولون أميركيون في ندوة صحافية عبر الهاتف حضرتها “الشرق”.

يسعى الرئيس جو بايدن في آخر أيامه في البيت الأبيض للوفاء بالتزام قطعه مع مجموعة السبع بزيادة التكاليف والمخاطر على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما دام يواصل الحرب على أوروبا. قال مسؤول أميركي: “يُرتقب أن تنضم المملكة المتحدة إلى هذه العقوبات لدفع المشترين للابتعاد عن النفط الروسي والانتقال لشراء النفط من منتجين آخرين، والحيلولة دون وصول موسكو إلى السلع التي تحتاجها لبناء الأسلحة”.

من هم المعنيون؟

تشمل العقوبات المرتقبة الكيانات المشاركة في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال من روسيا، والكيانات التي تحاول توسيع قدرة روسيا على إنتاج النفط في المستقبل، والكيانات التي تقدم الدعم لمشروع “أركتيك إل إن جي” التابع لشركة “نوفاتك” الروسية، إضافة إلى قطاعات المعادن والتعدين، ناهيك عن المسؤولين الكبار في شركة “روس آتوم” الروسية، بحسب المعطيات التي قدمها المسؤولون في إدارة بايدن.

من ضمن الشركات المستهدفة بالأساس “غازبروم نفط” و”سيرجنيفت غاز”، وهما من أكبر الشركات الروسية في مجال الطاقة، إضافة إلى الشركات التابعة لهما. وبموجب العقوبات “لن يكون بإمكان أي جهة تتعامل بالدولار إجراء معاملات مع هذه الشركات، مما يجعل من الصعب على الدول شراء النفط منها”.

وقال مسؤول أميركي إن “الغرض من العقوبات الجديدة هو تغيير حسابات بوتين حول تكلفة استمرار هذه الحرب مع منح أوكرانيا المزيد من النفوذ اللازم للتفاوض على سلام عادل ودائم”.

تسعى العقوبات لضرب كل مرحلة من مراحل إنتاج وتوزيع النفط الروسي، بدءً من المنتجين إلى السفن إلى الوسطاء إلى تجار النفط وأيضاً الموانئ، وهو ما سيجعل تجاوز العقوبات أمراً مكلفاً لروسيا والمشترين على حد سواء، بحسب المسؤولين الأميركيين.

قد تؤثر الإجراءات الجديدة على قيمة الروبل الذي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ويراهن المسؤولون الأميركيون على انخفاض العملة الروسية لزيادة التضخم الذي يقترب حالياً من 10% بما سيدفع البنك المركزية الروسي إلى رفع أسعار الفائدة أكثر أعلى من مستواها الحالي 20%، وبالتالي التأثير على الوضع المالي للشركات الروسية.

المعنيون غير المباشرون بهذه العقوبات هم الموانئ المستقبلة لسفن الشحن والمؤسسات المالية، حيث قال مسؤول أميركي إن “كل من يتعامل مع نفط روسي سيهتم أكثر بالقدرة على الاستمرار في الأعمال بالدولار بدل النظر في مسألة ناقلة نفط روسي، هذا يعني تقليل الأعمال التجارية مع روسيا للحفاظ على الأعمال التجارية بالدولار”. 

لماذا الآن؟

تأتي الخطوة الأميركية قبل أيام قليلة من تنصيب الرئيس الجديد دونالد ترمب الذي أبدى رغبته في إنهاء الحرب وعقد لقاء مع بوتين. لكن المسؤولين الأميركيين في الإدارة المنتهية أوضحوا سياق هذه العقوبات، أولها استقرار أسواق النفط، والثاني الوضع الاقتصادي الجيد للاقتصاد الأميركي.

الإجراءات الجديدة سبق أن دعا إليها عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين، بما في ذلك مستشار الأمن القومي القادم مايك والتز، بحسب إفادات مسؤول أميركي ضمن إدارة بايدن. وهي مؤشر قد يعني استمرار هذه العقوبات خلال إدارة ترمب.

وقال المسؤولون الأميركيون “إن الإمدادات العالمية خلال معظم فترة هذه الحرب كانت ضيقة ومعرضة لخطر عدم تلبية الطلب، حيث كان تقليل صادرات روسيا من النفط إلى العالم مرجح ليؤدي إلى زيادة عائدات صادرات بوتين مع رفع الأسعار في جميع أنحاء العالم”. سارعت واشنطن آنذلك لوضع آلية سقف السعر في ديسمبر 2022 للحد من إيرادات مبيعات نفط موسكو مع الحفاظ على استقرار إمدادات الطاقة العالمية.

“مع توقع تجاوز العرض العالمي من الطاقة الطلب العالمي خلال العام الجاري مع وجود قدرة إنتاجية كافية داخل وخارج “أوبك+” لزيادة الإنتاج إذا لزم الأمر، أصبح بإمكان واشنطن تطبيق هذه العقوبات الجديدة الصارمة”، بحسب المسؤولين الأميركيين. 

منذ بداية حرب روسيا على أوكرانيا، انخفضت أسعار النفط القياسية بحوالي 35 دولاراً للبرميل، وانخفض متوسط أسعار البنزين في الولايات المتحدة من حوالي 4 دولارات للغالون إلى أكثر بقليل من 3 دولارات للغالون.

عامل آخر يدعم واشنطن في اتخاذ هذه الخطوة يتمثل في إعادة التضخم نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وهو ما يمنح مزيداً من المرونة لاتخاذ إجراءات أقوى لاستهداف قطاع الطاقة الروسي. 

قدرة تفاوض أوكرانيا

من منظور أبعد، يراهن المسؤولون الأميركيون على هذه العقوبات لـ”تعزيز قدرة أوكرانيا على الصمود وتقوية موقفها في التفاوض على إنهاء عادل ودائم لهذه الحرب”. 

كانت واشنطن صرفت حصتها من قرض مجموعة السبع البالغ 50 مليار دولار لأوكرانيا، والذي سيتم سداده من الفوائد المكتسبة على الأصول الروسية المجمدة.

ورغم الاختلاف في وجهات النظر قليلاً بين بايدن وترامب بخصوص الحرب الروسية، فإن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن هذه العقوبات الجديدة ستضع “أساسًا قوياً يمكن للإدارة المقبلة البناء عليه”.

في نوفمبر الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على جميع البنوك الروسية تقريباً التي ما زالت تربطها علاقات دولية، بما في ذلك بنك “غازبروم”، وهو القناة المالية الرئيسية للكرملين في قطاع الطاقة العالمي. دفع هذا الإجراء العملة الروسية، الروبل، إلى أضعف مستوياتها منذ الأسابيع الأولى من الحرب، مما تسبب في زيادة إضافية في تكاليف الاقتراض في روسيا، والتي دفعت بالفعل البنك المركزي الروسي إلى رفع معدل الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي يتجاوز 20%.

نجحت عقوبات واشنطن وحلفائها في تقليل عائدات الضرائب النفطية الروسية في عامي 2023 و2024 حيث كانت أقل بكثير مقارنة بعام 2022 من خلال تنفيذ سقف للأسعار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *