لبنان يسعى لانتخاب أول رئيس منذ 2022 في أعقاب الحرب
يستعد المشرعون في لبنان هذا الأسبوع لانتخاب أول رئيس للبلاد منذ أكثر من عامين، حيث يُعد قائد الجيش جوزاف عون أحد المرشحين الرئيسيين لقيادة الدولة المنهكة بعد أشهر من الحرب.
يحظى عون بتأييد الولايات المتحدة مع تقديم واشنطن للدعم للجيش اللبناني، ويواجه منافسة من جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط ووزير المالية السابق. وسيتطلب فوز المرشح الحصول على أصوات حوالي ثلثي أعضاء البرلمان، حيث يُعد اختيار الرئيس خطوة حاسمة لجهود إعادة الإعمار، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة للخروج من الأزمة الاقتصادية.
من المقرر أن تجري الانتخابات، يوم الخميس، وستكون أحدث محاولة للبنان لانتخاب زعيم بعد عدة محاولات فاشلة منذ انتهاء ولاية ميشال عون -الذي لا تربطه صلة قرابة بجوزاف عون- في عام 2022. ومنذ ذلك الحين، عملت البلاد بدون حكومة رسمية، مما فاقم الأزمة المالية التي شهدت تخلف لبنان عن سداد ديون سيادية بقيمة 30 مليار دولار من سندات اليوروبوند قبل خمس سنوات.
هذه المرة، من المرجح أن ينجح لبنان في انتخاب رئيس، خاصة بعد ويلات الصراع الأخير بين إسرائيل وحزب الله (الذي يتبع له ميلشيات خاصة وحزب السياسي ذا سطوة كبيرة في البرلمان). وعانى الحزب المدعوم من إيران، والذي تصنفه الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، من خسائر فادحة على مدار أكثر من شهرين من القصف الإسرائيلي، كما أسفر الصراع عن مقتل زعيمه حسن نصر الله وخليفته المحتمل إلى جانب عدد من القادة.
انتخابات الرئاسة في لبنان 2025
في محاولة التصويت العام الماضي، رشح حزب الله وحلفاؤه مرشحهم الخاص، سليمان فرنجية، وهو نائب برلماني سابق وحليف للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، مما عرقل فوز أزعور. لكن المحادثات جارية لإقناع الحزب المنهك جسدياً هذه المرة بالتصويت لأحد المرشحين الرئيسيين.
صعدت السندات السيادية اللبنانية المتعثرة المقومة بالدولار لليوم الخامس على التوالي يوم الأربعاء، مدفوعة بتفاؤل المستثمرين بإمكانية انتخاب رئيس هذه المرة. وامتدت هذه المكاسب في الأيام الأولى من عام 2025 إلى 15%، وهي الأعلى بين نظيراتها في الأسواق الناشئة. وتضاف هذه المكاسب إلى العائد بنسبة 114% الذي جرى تقديمه للمستثمرين العام الماضي، وهو الأعلى أيضاً في هذه الفئة من الأصول بالأسواق الناشئة.
كتب فاروق سوسة، محلل بنك “غولدمان ساكس، في مذكرة: “نحن متفائلون بحذر بأن تصويت غداً يمكن أن يؤدي إلى حسم الانتخابات الرئاسية وإنهاء الفراغ الرئاسي”.
بنود وقف إطلاق النار في لبنان
أدى الصراع بين إسرائيل وحزب الله إلى نزوح 1.2 مليون شخص في لبنان، ومقتل ما لا يقل عن 3 آلاف آخرين، بما في ذلك الأطفال، في حين قضى على جزء كبير من مخزون حزب الله من الأسلحة.
ونص اتفاق وقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر على نشر الجيش اللبناني الذي يتلقى دعماً من الولايات المتحدة في المنطقة الجنوبية إلى جانب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بهدف إبقاء الحدود مع إسرائيل خالية من مقاتلي حزب الله.
هذا الأسبوع، زار المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين -الذي ساعد بالتوسط في الهدنة- لبنان لمتابعة الاتفاق والانتخابات الرئاسية المقبلة. ووصل بعد يوم واحد من وفد من المملكة العربية السعودية، الذي كان الأول من نوعه منذ سنوات، وأجرى محادثات بشأن الرئاسة.
فيما يتواجد مبعوث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جان إيف لودريان، أيضاً في بيروت ومن المرجح أن يلتقي مع المشرعين بما في ذلك نواب حزب الله. وتُظهر موجة الزيارات هذه تحولًا في ميزان القوى في البلاد، مع إضعاف نفوذ حزب الله، وبالتبعية إيران.
انتخاب رئيس لبناني جديد من شأنه أن يمهد الطريق أيضاً لتشكيل حكومة جديدة، والتي ستشرف بعد ذلك على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة للحفاظ على المنطقة الجنوبية خالية من المسلحين، بما في ذلك مقاتلي حزب الله. كما أن وجود إدارة جديدة سيتيح تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتفعيل الاتفاق الذي تم توقيعه قبل أكثر من عامين مع صندوق النقد الدولي، وسيوفر مليارات الدولارات للمساعدة في إعادة الإعمار.
جدير بالذكر أن أجزاء كبيرة من جنوب بيروت دُمرت جراء الهجمات الإسرائيلية الصاروخية العام الماضي. ولم يناقش لبنان بعد إعادة هيكلة ديونه مع حاملي السندات.