اخر الاخبار

كيف تفاعلت الأسواق مع تهديدات ترمب للاتحاد الأوروبي و”أبل”؟

هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي، كما توعد شركة “أبل” بفرض تعريفات بـ25% على الأقل، إذا لم تنقل الشركة تصنيع هواتف “أيفون” إلى الولايات المتحدة، ما أعاد إحياء المخاوف لدى المستثمرين حيال توجهاته التجارية.

ترمب قال في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الجمعة، إن الرسوم على الاتحاد الأوروبي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من يونيو، مبرراً ذلك بأن “المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لا تحقق أي تقدّم”، مضيفاً أن “التعامل معهم صعب للغاية”.

وفي تصريحات لقناة “فوكس نيوز”، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن “الرئيس يرى أن المقترحات الأوروبية لا ترقى إلى مستوى العروض المقدمة من شركائنا التجاريين الآخرين”، معرباً عن أمله بأن “تحث هذه الرسوم  الاتحاد الأوروبي على التحرك”.

وفي منشور منفصل، كشف ترمب أنه أبلغ “أبل” بالفعل بأن على الشركة تصنيع هواتف “أيفون” داخل الولايات المتحدة، معرباً عن عدم رضاه عن خطوة الشركة نقل جزء من إنتاجها من الصين إلى الهند.

الأسواق تتفاعل

تراجعت مؤشرات الأسهم حول العالم، حيث هبط مؤشرا “إس آند بي 500″ (S&P 500) الأميركي و”ستوكس يوروب 600” (Stoxx Europe 600) الأوروبي بحوالي 1%، وقادت “أبل” هبوط أسهم قطاع التكنولوجيا متراجعة بنسبة 2%. كما هبط الدولار صوب أدنى مستوياته منذ 2023، وتراجعت عوائد سندات الخزانة بمختلف آجالها. طائرات، وحتى الأفلام الأجنبية.

وتُعد تهديدات ترمب الأخيرة بمثابة جولة جديدة من التصعيد في حربه التجارية، بعد أن كان قد أشار سابقاً إلى نيته إنهاء المحادثات مع الشركاء بشأن الرسوم الجمركية التي أعلن عنها في 2 أبريل، والتي تم تعليقها لمدة 90 يوماً لإتاحة الفرصة للمفاوضات.

ويتركز اهتمام ترمب هذا الأسبوع على حزمة ضخمة من التخفيضات الضريبية والإنفاق، يجري النظر فيها حالياً داخل الكونغرس الأميركي.

جهود أوروبية

وكان الاتحاد الأوروبي قد قدّم هذا الأسبوع مقترحاً تجارياً مُحدّثاً إلى الولايات المتحدة بهدف إعادة إحياء المفاوضات، بحسب ما أفاد به ناطق باسم المفوضية الأوروبية قبل إعلان ترمب. وأوضح أن رئيس الملف التجاري الأوروبي، ماروس شيفتشوفيتش، كان من المقرر أن يُجري مكالمة مع نظيره الأميركي جيميسون غرير يوم الجمعة لتقييم مسار المحادثات.

ورفض المتحدث الأوروبي التعليق على تهديدات الرئيس الأميركي قبل المكالمة.

فيما وصف رئيس الوزراء الايرلندي مايكل مارتن تصريحات ترمب بأنها “مخيّبة للآمال للغاية”، مشدداً على أن “الرسوم الجمركية تضرّ بجميع الأطراف”، ومؤكداً أن “التوصل إلى حل تفاوضي هو أفضل نتيجة ممكنة للطرفين وللتجارة العالمية”.

تأثير اقتصادي

وفقاً لتقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”، فإن تطبيق الرسوم الجديدة سيؤثر على تبادلات تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بقيمة 321 مليار دولار، وسيتسبب في خفض الناتج المحلي الأميركي بنسبة تقارب 0.6%، وزيادة الأسعار بأكثر من 0.3%.

ويتضمن المقترح الأوروبي المُحدَّث بنوداً تراعي المصالح الأميركية، مثل حقوق العمال والمعايير البيئية والأمن الاقتصادي، إضافة إلى خفض تدريجي للرسوم إلى الصفر على السلع الصناعية والمنتجات الزراعية غير الحساسة. كما يقترح التعاون في مجالات مثل الطاقة، والذكاء الاصطناعي، والربط الرقمي، والاستثمارات المتبادلة.

انتقادات أوروبية لنهج ترمب

يرى آخرون في أوروبا أن تهديدات ترمب هي محاولة لكسب النفوذ على الاتحاد الأوروبي وليست توجيهاً صارماً.

قال رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف يوم الجمعة خلال مؤتمر صحفي أسبوعي: “هذا كله جزء من المفاوضات؛ وسوف ننظر بهدوء إلى المقترحات ونرد بقوة وحزم”.

لكن كانت هناك مؤشرات على أن المفاوضات لا تسير على ما يرام. وصف مسؤول أوروبي مقترحاً أميركياً سابقاً بأنه “قائمة أمنيات غير واقعية ومن جانب واحد”، وفقاً لما نشرته بلومبرغ في وقت سابق.

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى التعاون مع الولايات المتحدة، ويهدف إلى اتفاق متوازن ومفيد للطرفين. ولا يزال مسؤولو الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأعضاء متشككين في أن إدارة ترمب تسعى إلى تحقيق أهداف مماثلة.

مهمة “مستحيلة”

قال وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، خلال مشاركته في فعالية نظمها موقع “أكسيوس” يوم الأربعاء، إن بعض المفاوضات التجارية وصلت إلى طريق مسدود، واصفاً إياها بأنها “مستحيلة”.

وأضاف: “خذ الاتحاد الأوروبي كمثال، الأمر بالغ الصعوبة، لأن ألمانيا ترغب في إبرام اتفاق، لكنها غير مخوّلة بذلك”.

تصريحات لوتنيك جاءت متسقة مع ما قاله وزير الخزانة سكوت بيسنت الأسبوع الماضي، حين أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يعاني من “مشكلة في اتخاذ القرار الجماعي” فيما يخص قضايا التجارة.

من جهته، جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، اتهامه للاتحاد الأوروبي، قائلاً إن التكتل، الذي أُنشئ في أعقاب الحربين العالميتين لتعزيز السلام والاستقرار في أوروبا،”تأسس في الأصل لاستغلال الولايات المتحدة في التجارة”.

خطة أوروبية للرد

يستعد الاتحاد الأوروبي للمضي قدماً في وضع تدابير انتقامية في حال فشلت المفاوضات مع واشنطن في التوصل إلى نتائج مرضية. وبحسب مصادر مطلعة، أعدّ التكتل خطة لفرض رسوم جمركية إضافية على صادرات أميركية تصل قيمتها إلى 95 مليار يورو (107 مليارات دولار)، وذلك رداً على رسوم ترمب “المتبادلة”، التي شملت فرض تعريفة بنسبة 25% على السيارات وبعض قطع الغيار.

وكانت الدول الأوروبية قد وافقت في وقت سابق من مايو الجاري على تأجيل فرض مجموعة منفصلة من الرسوم الانتقامية لمدة 90 يوماً، بعدما خفّض ترمب نسب التعرفة المفروضة على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي من 20% إلى 10% للفترة ذاتها.

قال وزير التجارة الفرنسي، لوران سان-مارتان، في منشور عبر منصة “إكس” يوم الجمعة: “نحن نحافظ على نهجنا القائم على خفض التصعيد، لكننا مستعدون للرد”.

سباق مع الزمن قبل انتهاء مهلة الرسوم

تسارع الدول والتكتلات التجارية إلى إبرام اتفاقات مع إدارة ترمب لتجنّب موجة جديدة من الرسوم المرتفعة، قبل انتهاء مهلة تعليق الرسوم المتبادلة.

نجحت المملكة المتحدة بالفعل في التوصل إلى اتفاق إطاري مع واشنطن يحمي صناعة السيارات البريطانية، فيما توصّلت الصين والولايات المتحدة إلى اتفاق يخفف حدة الرسوم الجمركية المتبادلة، التي كانت تهدد بشلّ حركة التجارة بين البلدين.

وقد ألمحت الإدارة الأميركية إلى أنها تتوقع الإعلان عن عدد كبير من الاتفاقات خلال الأسبوعين المقبلين.

قالت أغاث ديماريس، كبيرة الباحثين في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”، إن توجيه ترمب بوصلته نحو أوروبا بعد التوصل إلى هدنة تجارية مع الصين “ليس مفاجئاً”، مضيفةً أن مطالبه “تعكس على ما يبدو حالة من الإحباط الأميركي العميق من نهج الاتحاد الأوروبي البطيء والمتأنّي، والذي يتعارض مع رغبته في إبرام صفقات سريعة وجذابة شكلياً، حتى لو كانت ضحلة من حيث المضمون”.

اتصالات مع اليابان وتصعيد جديد

قبل ساعات من تهديده للاتحاد الأوروبي وشركة “أبل”، أجرى ترمب اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، لبحث قضايا الرسوم الجمركية. ومن المتوقع أن يصل كبير مفاوضي التجارة الياباني، ريوسِي أكازاوا، إلى واشنطن قريباً لعقد الجولة الثالثة من المفاوضات مع المسؤولين الأميركيين جيميسون غرير وهوارد لوتنيك، بحسب تقارير إعلامية يابانية.

وفي الوقت ذاته، أكّد ترمب عزمه مواصلة برنامجه الخاص بالرسوم، مشيراً إلى أنه يخطط لفرض ضرائب على واردات أشباه الموصلات والمستحضرات الدوائية، كما هدّد بفرض رسوم على الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة وقطع غيار الطائرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *