اخر الاخبار

كيف تحوّل مفتاح السيارة إلى رمز للفخامة؟

مع محرك بقوة 905 أحصنة وتسارع من الثبات إلى 100 كيلومتر في الساعة خلال أقل من ثلاث ثوانٍ، تتفوّق سيارة “لوتس إليتر” (Lotus Eletre) على “لامبورغيني هوراكان” أداءً، وتتجاوز “بورشه 911 كاريرا” من حيث السرعة. هذه المركبة الرياضية متعددة الاستخدامات، التي يبلغ سعرها 230 ألف دولار، تشكّل حجر الزاوية في خطة “لوتس” للتحوّل الكامل نحو السيارات الكهربائية.

لهذا السبب، نال تصميم مفتاحها عناية خاصة.

مفتاح السيارة قطعة مثيرة للاهتمام، فهو نقطة التماس الأولى بين السائق والسيارة لكنه يكاد لا يلعب أي دور في تجربة القيادة. هو أشبه بالمصافحة الأولى. فالتصميم الجيد يعبّر عن قيم العلامة التجارية ومكانتها. وفي كثير من الأحيان، يُبذل في تصميم المفتاح جهداً أكبر مما قد يتصوّره السائق.

قال مات هيل، رئيس قسم التصميم الداخلي في “لوتس”: “لم نرغب في مفتاح مثقَل بالوظائف يتحوّل إلى قطعة ضخمة ومزعجة”.

تطور شكل المفتاح ووظيفته

شكّل المفتاح كبير الحجم الذي طرحته “بي إم دبليو” عام 2015 مثالاً تحذيرياً. فقد طُرح كخيار إضافي بسعر 670 دولاراً، وزُوّد بعدد كبير من الوظائف تطلبت وجود شاشة لمس. لكن إنتاجه توقف في 2022 بسبب ضعف الإقبال. قال هيل: “ليست الفكرة في استخدام التقنية لمجرّد استخدامها، بل في ما إذا كانت تُحسّن حياتنا فعلاً”.

في المقابل، أمضى فريق التصميم في “لوتس” ستة أشهر لتطوير مفتاح مصنوع من السيراميك الأملس، صُمم على شكل ريشة غيتار، وهو الشكل نفسه لشعار “لوتس”. فالمفتاح رمادي اللون يحتوي على زر واحد فقط لقفل السيارة وفتحها، وأطلق عليه الفريق اسم “الحصاة”.

يمتاز التصميم بالبساطة والأناقة، والأهم من ذلك صغر حجمه، إذ لا يتجاوز عرضه 7 سنتمترات ونصف. قال هيل: “عندما ترتدي بدلة أنيقة، لن يفسد هذا المفتاح مظهرها وهو في جيبك”.

هذا التصميم القائم على مبدأ “ما قلّ ودلّ” نادر في عالم السيارات. فمفاتيح اليوم باتت قادرة على تشغيل السيارة عند اقتراب السائق، وفتح الأبواب الأمامية والخلفية بشكل منفصل، ورفع صندوق الأمتعة إلى ارتفاعات مختلفة، وضبط حرارة المقصورة، وإبلاغ السائق ما إذا كانت النوافذ مغلقة، وحتى عرض مستوى شحن البطارية وكمية الوقود المتبقية. ومع ظهور تشغيل السيارة بزرّ الضغط، أصبحت هذه الأجهزة تؤدي عملياً دور المفتاح بالكامل.

اقرأ أيضاً: كيف يعيد مصممو السيارات ابتكار مركباتهم الكهربائية؟
 

لقد قطعنا شوطاً طويلاً منذ طرحت “كاديلاك” في ثمانينات القرن الماضي نظام الدخول إلى السيارة عبر موجات الراديو في طراز “ألانتِه” كبديل للمفاتيح التقليدية. أما اليوم، فيتكوّن المفتاح العصري من لوحة إلكترونية وبطارية ومجموعة أزرار تتلقى إشارات من أجهزة استشعار، وغالباً ما يضم مفتاحاً معدنياً احتياطياً مخفياً.

أصبح تصميم المفتاح بحد ذاته جزءاً من لغة العلامة. فمفاتيح “بورشه 911” تستلهم من ملامح السيارة في خطوطها، وكذلك مفاتيح “مرسيدس-بنز” المخصصة لطرز الفئة E، التي تتميز بانسيابيتها. أما “فولفو”، فتستحضر في تصميم مفاتيحها المستطيلة طابع سياراتها الكلاسيكية ذات الهيكل الصندوقي. في المقابل، تميل مفاتيح علامات مثل “أودي” و”فورد” و”سوبارو” و”تويوتا” إلى تصميم بيضاوي مفلطح بحواف ناعمة.

رمز لمكانة السيارة

يمكن لبعض المفاتيح أن تصبح أيضاً رمزاً للمكانة، كما هو الحال مع الأقراص البيضاوية من “بنتلي”. فقد استغرقت الشركة عامين وأنفقت 1.5 مليون يورو (1.75 مليون دولار) لتطوير مفتاح طراز (Continental GT)، حتى يعكس فخامة تتماهى مع داخل السيارة. يتميّز المفتاح بنقوش معدنية دقيقة على أطرافه تحاكي تفاصيل المقصورة الداخلية، مع لمسات كروم لمّاعة.

قال دارن داي، رئيس قسم التصميم الداخلي في “بنتلي”: “ننظر إلى المفتاح كبطاقة تعريف خاصة بالعلامة”. لذلك وُضع شعار “B” في أعلى المفتاح، لأنه ما يراه الآخرون حين يُترك على طاولة أو على نضد ما. أضاف: “إنه الانطباع الأول”.

المفتاح الذي لا يرقى إلى مستوى السيارة، قد يقوّض صورتها. فعندما كشفت “كاديلاك” هذا العام عن سيارة “سيليستيك” (Celestiq) الفاخرة بسعر 360 ألف دولار والمصممة لمنافسة “رولز-رويس”، أرفقتها بمفتاح بلاستيكي مشابه لذلك المستخدم في بقية طرز “جنرال موتورز”، وإن جاء داخل غلاف جلدي بخياطة تزيينية مستوحاة من قفازات البيسبول. وبالمقارنة مع خطوط السيارة الانسيابية، بدا المفتاح خارجاً عن السياق تماماً.

انتفاء الحاجة للمفتاح

فيما قد لا تروق المفاتيح الشبيهة ببطاقات الائتمان التي تعتمدها “ريفيان” في طراز (R1T) و”تسلا” في “سايبرترك” لمحبي الأساليب التقليدية، لكنها تتماشى تماماً مع الطابع التقني المتقدّم لهذه السيارات الكهربائية. كما تعبر عن مرحلة تحوّل مفصلية، إذ قالت ريبيكا ليندلاند، المديرة العامة لقطاع السيارات في شركة “أليسون وورلدوايد” (Allison Worldwide) للاستشارات التسويقية: “في المستقبل، سيختفي المفتاح تماماً”.

اقرأ أيضاً: “غوغل” تتيح تطبيقاً جديداً لحفظ بطاقات الائتمان والتذاكر ومفتاح سيارتك
 

لقد أدخلت “هيونداي” مستشعرات بصمة الإصبع إلى سياراتها الرياضية متعددة الأغراض منذ عام 2019، بينما تعمل “فورد” على تطوير نظام للتعرف على الوجه.

أشارت ليندلاند إلى أنها تشغّل سيارتها “ألفا روميو ستيلفيو” عبر التطبيق حصرياً تقريباً، وأضافت: “يجب أن يشعرني النظام بأكمله وكأنه امتداد لهاتفي الذكي”. فانخفاض شحن بطارية الهاتف لا يقلقها كما يفعل فقدان مفتاح السيارة، لأن شحن هاتف فارغ أسهل وأسرع وأرخص بكثير من طلب مفتاح بديل. وتابعت: “على الأقل، يوفّر التطبيق منظومة دعم يمكن الاعتماد عليها”.

أقرّ مات هيل من “لوتس” أن نحو نصف مالكي سيارة “إليتر” لا يلقون بالاً إلى شكل المفتاح الأنيق، إذ إن “غالبية المستخدمين الأوائل يعتمدون كلياً على التطبيق، ويعتبرون المفتاح عبئاً إضافياً”.

أما والد زوجته، فيتمسّك بالشعور بوجود شيء في جيبه عند مغادرة السيارة. قال هيل: “إنه ذلك الإحساس الإدراكي البسيط، لكنه لا يزال مهماً”.

ومع ذلك، يحتفظ مفتاح “إليتر” بميزة يتفوّق بها على الهاتف، فغلافه السيراميكي الصلب يمنحه قدرة أعلى على الصمود في حال السقوط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *