كوريا الجنوبية في مرمى نيران ترمب بسبب رسومها الجمركية

أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أن كوريا الجنوبية تفرض رسوماً جمركية غير عادلة على المنتجات الأميركية بمعدلات تفوق حتى تلك التي تفرضها الصين، كما انتقد تقديم الدعم المالي لشركات تصنيع الرقائق الأجنبية مثل شركة “سامسونغ إلكترونيكس”.
قال ترمب في خطاب ألقاه أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي: “متوسط الرسوم الجمركية التي تفرضها الصين على منتجاتنا يبلغ ضعف ما نفرضه عليها، بينما يبلغ متوسط الرسوم الجمركية التي تفرضها كوريا الجنوبية 4 أضعاف ذلك. فكروا في الأمر، 4 أضعاف! ونحن نقدم لهم الكثير من المساعدات عسكرياً وفي مجالات أخرى كثيرة، لكن هذه هي حقيقة ما يجري. هذا يحدث من الأصدقاء والأعداء على حد سواء”.
تصريحات ترمب مثيرة للقلق
ربما تثير تصريحات ترمب قلق صانعي السياسات والشركات في كوريا الجنوبية، إذ تعكس توجهاً بأن الرئيس سيحول تركيزه في نهاية المطاف على العلاقات التجارية والأمنية مع سيول.
تراجعت العملة الكورية الجنوبية الوون مقابل الدولار الأميركي لفترة وجيزة مسجلة نحو 1460 وون بعد إشارة ترمب إلى الرسوم الجمركية الكورية، لكنها قلصت خسائرها لاحقاً وعادت للارتفاع إلى حوالي1450 وون في فترة ما بعد ظهيرة الأربعاء. كما أنهت أسهم “سامسونغ” تعاملاتها بانخفاض 0.9% الأربعاء.
تطرق الرئيس الأميركي أيضاً إلى كل من المكسيك والهند ودول أخرى تسجل فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة الأميركية بينما تفرض رسوماً جمركية على المنتجات الأميركية. إلا أن تصريحاته سلطت الضوء بشكل خاص على ما يعتبره درجة عالية من عدم الإنصاف في تعامل كوريا الجنوبية تجارياً مع الولايات المتحدة الأميركية، إذ تعد كوريا مورداً رئيسياً لكل شيء للأسواق الأميركية، بداية من السيارات وصولاً إلى أشباه الموصلات.
كوريا الجنوبية ترد على ترمب
في بيان صدر عقب خطاب ترمب، أوضحت كوريا الجنوبية أن معدل الرسوم الجمركية الفعلي المفروض على الواردات الأميركية بلغ 0.79% العام الماضي، بفضل اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التي دخلت حيز التنفيذ خلال 2012. وأضاف البيان أن الرسوم الكورية لن تكون 4 أضعاف نظيرتها الأميركية إلا إذا تم احتسابها وفقاً للمعدلات المطبقة بين أعضاء منظمة التجارة العالمية، وهو ما لا ينطبق في ظل الاتفاق الثنائي بين البلدين.
وتُقدر “بلومبرغ إيكونوميكس” أن مجرد التهديد بفرض رسوم جمركية أميركية قد يؤدي إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية 0.8% العام الجاري، مع تركز التأثير في النصف الثاني.
ربما تواجه أيضاً كوريا الجنوبية مشكلات أخرى مع إدارة الرئيس الأميركي. إذ تعتمد سيول على الضمانات الأمنية من واشنطن لردع أي عدوان من كوريا الشمالية. كان ترمب قد وصف العام الماضي حليفته الآسيوية بأنها “آلة لكسب المال”، مجدداً مطالبته بأن تتحمل كوريا الجنوبية نصيباً أكبر من تكاليف تمركز القوات الأميركية على شبه الجزيرة الكورية.
خلال خطابه، انتقد ترمب أيضاً قانون الرقائق والعلوم الذي أقرته إدارة الرئيس السابق جو بايدن، واصفاً إياه بأنه “شيء فظيع للغاية”.
شركة “سامسونغ”
رغم أن الرئيس الأميركي لم يذكر اسم سامسونغ -الشركة الكورية الجنوبية المصنعة لرقائق الذاكرة، والتي تُعد أحد المستفيدين الرئيسيين من الدعم الحكومي بموجب القانون لإنشاء مصنعها في تكساس- إلا أن تصريحاته أعادت إثارة المخاوف بشأن إمكانية إلغاء البرنامج بالنسبة للشركات الأجنبية التي تبني منشآت تصنيع في الولايات المتحدة الأميركية.
أوضح ترمب: “سيأتون لأنهم لن يضطروا لدفع رسوم جمركية إذا قاموا بالبناء في أميركا. يجب عليكم التخلص من قانون الرقائق، وأياً كان ما تبقى منه، السيد رئيس مجلس النواب، ينبغي أن تستخدموه لسداد الديون أو لأي سبب آخر ترغبون به”.
ماذا تقول بلومبرغ إيكونوميكس
“التهديد بفرض رسوم جمركية أميركية جديدة، وما يصاحبه من عدم اليقين، قد يؤدي إلى تقليص الصادرات والإنتاج عبر تأثير قرارات المصدرين الكوريين الجنوبيين، فضلاً عن تراجع الطلب الأميركي على الواردات الكورية”.
هيوسونغ كوون خبير اقتصادي
خط أنابيب غاز ألاسكا
في سياق آخر متعلق بكوريا الجنوبية، كشف ترمب أن سيول من بين الدول التي تسعى للمشاركة في مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي في ألاسكا، وهو المشروع الذي روج له المسؤولون الأميركيون لدى صانعي السياسات الآسيويين، بمن فيهم رئيس وزراء اليابان ووزير التجارة الكوري الجنوبي.
كان مسؤولون كوريون جنوبيون قد زاروا واشنطن الأسبوع الماضي، داعين حليفتهم القديمة إلى إعفاء بلادهم من الرسوم الجمركية التي يخطط ترمب لفرضها. تعتمد كوريا الجنوبية بشكل كبير على التجارة لدعم نموها الاقتصادي، إذ تجني أكبر شركاتها الجزء الأكبر من إيراداتها من الأسواق الخارجية.
حتى الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الصين والمكسيك وكندا ستؤثر على كوريا الجنوبية بشكل غير مباشر، إذ ستؤدي إلى هبوط الطلب على المنتجات التي تدخل في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة الأميركية.