كل ما تريد معرفته عن الرسوم الجمركية والدول الأقرب لعقد صفقة مع ترمب

بعد توقيع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اتفاقاً تجارياً يخفف وطأة الرسوم الجمركية على السيارات البريطانية ويوسع الوصول الأميركي إلى السوق البريطانية، تتجه الأنظار إلى الدول الأخرى التي قد تسعى لعقد اتفاقيات مماثلة مع واشنطن. في ظل سياسة “الرسوم الجمركية القصوى” التي يتبعها الرئيس دونالد ترمب، ولا سيما الصين.
وتجري الولايات المتحدة مفاوضات مع أكثر من 17 دولة في الوقت نفسه أملا في إعادة تشكيل خارطة التجارة العالمية وفقاً لمصالحها الاستراتيجية، كما تسعى واشنطن من خلال هذه الاتفاقات إلى عقد ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف بهدف تنظيم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع شركائها. تشمل هذه الاتفاقات عادةً بنوداً تتعلق بتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية، وتسهيل حركة السلع والخدمات، وحماية الاستثمارات، وفتح الأسواق، ووضع قواعد مشتركة لحقوق الملكية الفكرية والشفافية وسلاسل التوريد.
إليك عدداً من أبرز الدول التي يُتوقع أن تخوض غمار المفاوضات مع الولايات المتحدة بعد نجاح المملكة المتحدة في اقتناص أول صفقة:
الصين: مفاوضات تحت ضغط الرسوم
تعد الصين من أبرز الدول التي تخوض مفاوضات مع الولايات المتحدة، خاصة بعد فرض رسوم جمركية تصل إلى 145% على بعض وارداتها. وتشير تقارير إلى أن الإدارة الأميركية تدرس خفض الرسوم على الصين إلى ما بين 50% و54%، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات التجارية بين البلدين. ومن المقرر أن تُعقد محادثات بين وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ في سويسرا خلال الفترة من 9 إلى 12 مايو الجاري.
الهند: شريك استراتيجي في الانتظار
شارك فريق من المسؤولين الهنود، برئاسة كبير المفاوضين راجيش أغراوال، في محادثات بواشنطن مؤخراً بهدف دفع المفاوضات المتعلقة بالاتفاق التجاري قدماً. وتعد الهند من الدول الأقرب للفوز بالصفقة التجارية التالية مع ترمب بعد قطعها شوطاً طويلاً بالفعل.
اقرأ أيضاً: الصين تعاقب الهند وتهدد من يعقدون صفقات تجارية مع أميركا
ذكرت وزارة التجارة والصناعة الهندية في بيان أن الهند والولايات المتحدة ناقشتا خارطة طريق للتوصل إلى “اتفاق تجاري ثنائي متعدد القطاعات يعود بالفائدة على الطرفين بحلول خريف عام 2025″، مشيرة إلى أن الجانبين يسعيان لتحقيق مكاسب مبكرة متبادلة في المرحلة المقبلة.
اليابان.. الحليف المحتمل لمواجهة الصين
قبل أيام، صرّح كبير المفاوضين التجاريين الياباني، ريوسي أكازاوا، عقب اختتام جولة المحادثات الأخيرة في واشنطن: “اتفقنا على تحديد موعد للاجتماع الرفيع المقبل، ونهدف إلى تسريع وتيرة المحادثات بدءاً من منتصف مايو”.
كما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن اليابان، الحليف العسكري للولايات المتحدة، ستكون على الأرجح من بين أولويات واشنطن، في ظل تدفّق دول تسعى لإبرام صفقاتها الخاصة.
وأضاف أنه يتصور التوصل إلى اتفاقات مع اليابان وشركاء آخرين للولايات المتحدة لتوحيد الجهود في ممارسة ضغوط اقتصادية على الصين.
كندا: توترات رغم اتفاقية “USMCA”
خلال لقائه برئيس الوزراء الكندي مارك كارني في البيت الأبيض، الثلاثاء الماضي، أعرب ترمب عن عزمه إقامة علاقة أكثر ودية مما كانت عليه مع سلفه جاستن ترودو. وأوضح ترمب أنه يعتزم إدخال “تعديلات طفيفة فقط” على اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، المعروفة بـ”USMCA”، والتي تم التفاوض عليها خلال ولايته الأولى، واصفاً إياها بأنها “أسوأ اتفاقية تجارية في تاريخ الولايات المتحدة، وربما في تاريخ العالم”. وأكد أن المحادثات مع كارني ستكون “ودية للغاية”.
لكن وعلى الرغم من وجود اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات كندية، مما أدى إلى ردود فعل غاضبة من أوتاوا. رئيس الوزراء الكندي مارك كارني وصف الرسوم بأنها “غير مبررة” و”انتهاك صريح” للاتفاقيات القائمة.
المكسيك: شريك مضطرب
صرّحت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، في 21 أبريل الماضي، بأنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي ترمب. وأوضحت أنها ناقشت معه، خلال مكالمة هاتفية، الرسوم القائمة حالياً بنسبة 25% على السيارات المستوردة، وكذلك على الصلب والألمنيوم.
وأضافت: “هناك تواصل على مستوى وزيري الاقتصاد والتجارة، وكذلك على المستوى الرئاسي”.
تعد المكسيك من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين شهدت توترات بعد فرض واشنطن رسوماً جمركية على واردات مكسيكية.
استعدادات الاتحاد الأوروبي
من جهته، يستعد الاتحاد الأوروبي لتقديم وثيقة إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل تتضمن مجموعة من المقترحات تهدف إلى تحفيز انطلاق مفاوضات تجارية مع إدارة الرئيس دونالد ترمب.
تتضمن الوثيقة مقترحات لخفض الحواجز التجارية وغير الجمركية، وتعزيز الاستثمارات الأوروبية داخل السوق الأميركية، إلى جانب التعاون في التصدي للتحديات العالمية مثل فائض إنتاج الصلب في الصين.
ومن المقرر أن تتضمن أيضاً عرضاً لزيادة مشتريات الاتحاد الأوروبي من السلع الأميركية، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال والتقنيات المتقدمة.
تواجه العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة، خاصة بعد فرض واشنطن رسوماً جمركية على واردات أوروبية. كانت المفوضية الأوروبية أعربت عن استعدادها لفرض رسوم انتقامية على واردات أميركية بقيمة تصل إلى 95 مليار يورو، في حال عدم التوصل إلى حل تفاوضي قبل انتهاء فترة التهدئة في يوليو المقبل.
فيتنام: مفاوضات تحت المجهر
تواجه فيتنام، التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى بديل رئيسي للصين في قطاعي التصنيع والتصدير، واحدة من أعلى نسب الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على مستوى العالم.
وتجري الولايات المتحدة محادثات مع فيتنام بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري يخفف من الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الفيتنامية. تشير تقارير إلى أن فيتنام تُبدي استعداداً للتعاون، خاصة في ظل نمو العجز التجاري الأميركي مع هانوي.
أستراليا: فرصة لتعزيز العلاقات
قال زعيم المعارضة في أستراليا، بيتر داتون، إنه قادر على إقناع دونالد ترمب بإلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على أستراليا، مشيراً إلى أن الدفاع يجب أن يكون جزءاً من الحل، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “إيه بي سي” الأسترالية.
وأشار إلى أن على أستراليا أن تعرض تعزيز التعاون الدفاعي مع واشنطن، مستشهداً بفرص متاحة ضمن اتفاقية “أوكوس” الحالية كمثال على ذلك.
رغم انتقاد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، الذي أعيد انتخابه حديثاً، لهذه التصريحات، إلا أن أستراليا تسعى إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع أميركا، خاصة في ظل امتلاكها لموارد معدنية استراتيجية وارتباطها بعلاقات دفاعية قوية مع واشنطن.
سويسرا: حماية المصالح بالحوار
تستضيف سويسرا الأسبوع الجاري محادثات تجارية بين أميركا والصين، ومن المقرر أن يلتقي وزير الخزانة سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون مع رئيسة سويسرا، كارين كيلر-سوتر كذلك على هامش المحادثات.
كانت الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر قالت إن بلادها تسعى لحماية مصالحها الاقتصادية من خلال الحوار. وأبدت سويسرا نيتها الدخول في مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة، معربة عن استيائها من الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة.
فرنسا.. رسوم تهدد الاقتصاد
ربما تنضم فرنسا إلى قطار التفاوض مع واشنطن، خاصة بعد أن صرح رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، في مقابلة مع صحيفة “لو باريزيان”، مؤخراً أن الرسوم الجمركية الأميركية تشكّل تهديداً فعلياً على الاقتصاد الفرنسي.
وقال إن رسوم ترمب قد تقلص معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من نصف نقطة مئوية. وأضاف أن هذه الرسوم ستُعيق أيضاً جهود الحكومة الرامية إلى تقليص عجز الميزانية، في وقت تُواجه فيه البلاد تحديات مالية متزايدة.
خارطة تجارية جديدة تتشكل
ختاماً، تشير التحركات الأميركية الأخيرة إلى سعي واشنطن لإعادة تشكيل خارطة التجارة العالمية بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية. في ظل سياسة “الرسوم الجمركية القصوى”، تُجبر الولايات المتحدة شركاءها التجاريين على الدخول في مفاوضات ثنائية تُعيد صياغة العلاقات الاقتصادية. بينما تُحقق بعض الدول تقدماً في هذه المفاوضات، تُواجه أخرى تحديات سياسية واقتصادية تعقّد من فرص التوصل إلى اتفاقات شاملة.