كبرى الشركات تروج للغاز باعتباره أفضل وسيلة لكبح الانبعاثات

طرح كبار منتجي الغاز الطبيعي في العالم وقودهم كحل للدول التي تكافح من أجل التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة متقطعة الإمدادات، في مسعى للحد من الانبعاثات الكربونية.
وخلال مشاركته في حلقة نقاش ضمن فعاليات مؤتمر الغاز العالمي المنعقد في بكين، شدد باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز” (TotalEnergies SE)، على أن حرق الغاز يولد ما يقارب نصف كمية الغازات الدفيئة الناتجة عن الفحم، داعياً الحكومات إلى عدم تجاهل أهمية هذه الخطوة المرحلية في مسار تقليص الانبعاثات.
وأضاف أن منتجي الغاز بحاجة إلى التركيز على خفض التكاليف من أجل تعزيز قدرتهم التنافسية أمام الفحم في الأسواق الناشئة.
وأوضح بويان أن “الفحم هو الخصم الحقيقي للغاز، والمنافس له، لأنه يُنتج في العديد من الدول الناشئة مثل الصين والهند، ويوفر فرص عمل، وسواء شئنا أم أبينا، فإن سعره رخيص”.
تصاعد التحذيرات البيئية من الغاز
تتعارض هذه الرؤية تماماً مع موقف نشطاء البيئة، الذين يحذرون من أن الغاز قد لا يكون مجرد مرحلة انتقالية نحو الطاقة النظيفة، بل قد يرسخ مركزه، تماماً كما حدث مع الفحم في السابق.
علاوة على ذلك، تشير الصور الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية إلى أن صناعة الغاز تطلق غاز الميثان بكميات أكبر مما هو مُعلن عنه، وهي انبعاثات تُشكل تهديداً مباشراً للمناخ يفوق في خطورته ثاني أكسيد الكربون.
أوضح بويان أن الغاز ومصادر الطاقة المتجددة يمكن أن يكملا بعضهما البعض، حيث تعتمد أنظمة الكهرباء بشكل متزايد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تظل مرهونة بالظروف الجوية مناسبة.
واستشهد بمثال ألمانيا، حيث تسعى الحكومة إلى بناء المزيد من المحطات التي تعمل بالغاز بعد فترة طويلة من انخفاض سرعة الرياح في وقت سابق من هذا العام، مما أثر على إنتاج الكهرباء.
وتابع قائلاً: “لم تهب الرياح لمدة أسبوع. هل تعتقد أن العملاء سينتظرون أسبوعاً كاملاً للحصول على الكهرباء؟ بالتأكيد لا. الناس يريدون كهرباء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وهذا يعني أنه حتى مع إنشاء نظام جيد للطاقة المتجددة، ستظل هناك حاجة إلى منظومة احتياطية”.
حلول بلا انبعاثات كربونية
هذه العلاقة التكاملية المحتملة أدت إلى وصف البعض للغاز بأنه وقود انتقالي، مع تحول الدول بعيداً عن الاعتماد على الوقود الأحفوري في النهاية.
لكن بالنسبة لشركة “بتروناس” (Petronas) الماليزية المملوكة للدولة، فإن هذا السيناريو مستبعد في مناطق مثل آسيا، حيث يستمر الطلب على الطاقة في النمو بوتيرة متسارعة. وبدلاً من ذلك، ينبغي على منتجي الغاز تطوير سُبل للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الوقود أو إطلاقه.
وقال تنكو توفيق، رئيس شركة “بتروناس”، خلال الجلسة ذاتها: “الغاز ليس وقوداً انتقالياً، بل هو وقود أساسي في بعض المناطق الجغرافية إذا تم ضبطه وإدارته بشكل مناسب ضمن مزيج الطاقة”.
تجري شركات مثل “بتروناس” و”وودسايد إنرجي غروب” (Woodside Energy Group) الأسترالية محادثات مع عملائها بشأن حلول طويلة الأجل لا تنبعث منها غازات دفيئة، مثل الأمونيا والهيدروجين.
لكن إلى أن تصبح هذه الأنواع من الوقود قابلة للتطبيق على نطاق واسع وذات قدرة تنافسية اقتصادية، ينبغي على المشترين اتخاذ خطوات تدريجية تُسهم في الحد من انبعاثات الفحم، بحسب ما صرحت به الرئيسة التنفيذية لشركة “وودسايد” ميغ أونيل.
وقالت أونيل إن “هناك بعض الأشخاص في العالم يودون أن ننتقل مباشرة من وضعنا الحالي إلى عالم خالٍ من الانبعاثات غداً. لكن علينا أن نعترف بأن كل خطوة نُحرزها لتقليل الانبعاثات بمرور الوقت هي خطوة إيجابية، ويجب أن نواصل دعم هذه الخطوات”.