قمة كوب 29 تختتم أعمالها باتفاق بشأن تمويل المناخ بعد معركة مريرة
وافقت نحو 200 دولة على مضاعفة حجم الأموال المتاحة لمساعدة البلدان النامية على مواجهة ارتفاع درجات الحرارة بوتيرة أسرع.
لكن التسوية المنجزة في ختام قمة “كوب 29″، التي استمرت أسبوعين في أذربيجان، جاءت بعد مفاوضات شاقة، وحادّة بشكل علني أحياناً، ما أدّى إلى اتفاق قد يراه حتى مؤيدوه غير كافٍ ومخيب للآمال، ويضع عملية التعاون المناخي العالمي تحت وطأة أسئلة وجودية أثقل.
يوشك ارتفاع درجة الحرارة العالمية أن يصل إلى 1.5 درجة مئوية، وهي نقطة تحول حاسمة لتجنب العواقب الأكثر كارثية لتغير المناخ.
خوان كارلوس مونتيري جوميز، الممثل الخاص لدولة بنما، قال: “كنا بحاجة إلى مغادرة باكو باتفاق للحفاظ على النظام متعدد الأطراف على قيد الحياة. لقد فعلنا ذلك. لكنني أعتقد أن هدف 1.5 درجة مئوية قد انتهى”.
300 مليار دولار سنوياً
تعهدت الدول الغنية بتقديم ما لا يقل عن 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035، من خلال مجموعة واسعة من المصادر، بما في ذلك التمويل العام وكذلك الصفقات الثنائية والمتعددة الأطراف. كما تدعو الاتفاقية الأطراف إلى العمل نحو إطلاق ما مجموعه 1.3 تريليون دولار سنوياً، ومن المتوقع أن يأتي معظمها من خلال التمويل الخاص.
دخلت الدول المتقدمة والنامية المفاوضات وهي تتبنى مواقف متباعدة. وفي وقت ما يوم السبت، بدا أن المحادثات على حافة الانهيار، قبل أن تسهم العديد من الاجتماعات المغلقة في تقريب وجهات النظر للتوصل إلى اتفاق.
تكافح الدول الغنية سلسلة من القيود المالية والسياسية، بما في ذلك التضخم والميزانيات المقيدة والشعبوية المتزايدة. كما ألقى انتخاب دونالد ترمب وتهديده بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ التاريخية بظلاله على القمة.
بموجب تسوية، وافقت الدول الغنية في النهاية على الالتزام بمبلغ 50 مليار دولار إضافي عما دعت إليه مسودة اتفاق يوم الجمعة. كما جعلوا أي اتفاق مشروطاً بإعادة تأكيد نتائج مؤتمر المناخ كوب 28 العام الماضي في دبي والتي تضمنت تعهداً بالانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري.
لكن المملكة العربية السعودية، ومعها مجموعة من الدول العربية، عارضت تمييز أي مصدر للطاقة بعينه. وقال جون بوديستا، كبير المفاوضين الأميركيين المعنيين بالمناخ، للصحفيين إنه من الصعب رفع سقف الطموحات عندما تتفاوض مع السعوديين”، معتبراً أنه في الوقت الذي يواجه فيه العالم مثل تلك التأثيرات الكارثية الناجمة عن تغير المناخ، فإن التقدم خطوة واحدة في كل مرة لا يكفي.
في النهاية، كان على الدول المتقدمة أن تكتفي ببساطة بإعادة تأكيد الاتفاق الذي تم التوصل إليه العام الماضي في مؤتمر دبي، دون الإشارة إلى “الوقود الأحفوري” بالاسم.
قليل جداً
يقل التمويل المتعهد به عن تريليونات الدولارات التي تقول الدول الفقيرة والضعيفة إنها بحاجة إليها لكي تتعامل اقتصاداتها مع تغير المناخ. كما تريد أن يأتي جزء أكبر من هذا المال في شكل منح ودعم مالي مُيسر آخر، إذ أن القروض التي تستند إلى آليات السوق تخاطر بزيادة أعباء ديونها.
وجاء تبني الاتفاق على الرغم من اعتراضات الهند، التي رفع مندوبوها أيديهم في محاولة للتدخل، وعندما تم إقرار الاتفاق، صعدوا إلى المنصة في محاولة فاشلة لجذب الانتباه.
وصفت ممثلة الهند شاندني راينا الاتفاق بأنه غير كاف. وقالت: “الهدف ضئيل جداً وبعيد للغاية”، وتخلل كلمتها التصفيق والهتافات على نحو متكرر.
ومع ذلك، بالنسبة للبعض، من المرجح أن تكون النتيجة بمثابة دليل على أن عملية مؤتمر الأطراف لا تزال أفضل نهج لتنسيق العمل العالمي لمواجهة التحديات المتصاعدة لتغير المناخ.
قال لورانس توبيانا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة المناخ الأوروبية، وهو مهندس اتفاقية باريس التاريخية: “انعقد مؤتمر المناخ كوب 29 في ظروف صعبة، ولكن التعددية حية وأكثر ضرورة من أي وقت مضى”.
ستسهم الاتفاقية الجديدة في تحديد التزامات كل دولة على حدة بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي بحلول عام 2035، فضلاً عن الجولة التالية من محادثات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة في البرازيل. وأكدت العديد من الدول النامية أن الالتزام المالي، الأقل من المتوقع، من شأنه أن يبطئ انتقالها إلى الطاقة الخالية من الانبعاثات ويقيد طموحاتها في تحديد أهداف خفض الكربون المقرر وضعها في فبراير.