قلق الشركات من التعريفات الجمركية يقترب من ذروته
لا يزال الموسم الحالي للإعلان عن نتائج الأعمال في بدايته، لكن يبدو أن التعريفات الجمركية أصبحت بالفعل كلمة رائجة بين المديرين التنفيذيين في الشركات. تم استخدام كلمة “التعريفات الجمركية” 140 مرة على الأقل في سجلات المبيعات والأرباح للربع الأول، للشركات المدرجة في مؤشري “إس آند بي 500″ و”ستوكس يوروب 600”.
أعلنت أكثر من 15% من الشركات عن نتائجها المالية حتى الآن، مما يعني أنه إذا استمر هذا الاتجاه، قد يقترب عدد المرات التي يتم فيها ذكر التعريفات الجمركية، إلى نفس المستوى عام 2018، أي ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأولى.
في حين كان ترمب واضحاً منذ فوزه في الانتخابات خلال نوفمبر أن التعريفات الجمركية الشاملة ستكون جزءاً من سياساته، إلا أنه لم يقدم تفاصيل دقيقة حول كيفية تطبيقها، مما وضع المديرين التنفيذيين للشركات في موقف صعب بما يتعلق بوضع الخطط المستقبلية للعام.
اقرأ المزيد: كيف يرى مرشح ترمب لحقيبة التجارة الرسوم والعلاقة مع الحلفاء والخصوم؟
“إن فرض التعريفات الجمركية، وهو أمر محتمل للغاية، وأي معاملة بالمثل سيكون لها تأثير على أعمالنا وربحيتنا”، حسبما قال فايبهاف تانيجا، المدير المالي لشركة “تسلا”، خلال مؤتمر المحللين عقدته الشركة الأربعاء.
وأضاف: “لقد حاولنا توطين سلسلة التوريد لدينا في الأسواق المختلفة، لكننا ما زلنا نعتمد بشكل كبير على استيراد الأجزاء (قطع الغيار) من جميع أنحاء العالم لجميع أعمالنا”.
قال المديرون التنفيذيون في شركة إدارة المستشفيات “إتش سي إيه هيلث كير” (HCA Healthcare) وشركة تصنيع معدات الاتصالات “إريكسون” وشركة البرمجيات العملاقة “إس إيه بي” (SAP)، خلال مؤتمرات المحللين الأخيرة، إنهم بحاجة إلى مزيد من التفاصيل قبل أن يتمكنوا من تقدير التأثير الناجم عن التعريفات الجمركية.
أشار فرانسوا ريمو، الاستراتيجي لدى “لا فرانسيز أسيت مانجمنت” ( La Francaise Asset Management) في باريس إلى أن “موقف ترمب من التعريفات الجمركية يتغير كل يوم، لذا من المستحيل في الوقت الحالي تسعير السياسة التجارية الأميركية في نموذج تحليل اقتصادي شامل”. وأضاف: “شخصياً، عند النظر إلى الأسهم الأوروبية، لا أقوم بتسعير ذلك في نموذجي الخاص على الإطلاق، لأنني لا أعرف كيف ستتطور سياسته التجارية”.
اقرأ المزيد: لماذا تثير خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية جدلاً واسعاً؟
يقدر استراتيجيون في “سيتي غروب” أن زيادة الرسوم الجمركية العالمية بمقدار 5 نقاط مئوية من المستوى الحالي البالغ 2.5%، ستؤثر على نمو أرباح مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة متوسطة أحادية الرقم (أي بين 4% و6%)، ومع ذلك، قد يتم تعويض بعض هذا التأثير عبر تخفيضات ضريبية محتملة.
فرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على السلع الأوروبية سيؤدي إلى خفض ربحية أسهم الشركات بنسبة تتراوح بين 1% و2%، وفقاً لتقرير أعده فريق من المحللين بقيادة بيتا مانثي ونُشر في وقت سابق من هذا الشهر.
خلال أسبوعه الأول في المنصب، تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المكسيك وكندا، بينما سيطبق تعريفة أقل أو لن يفرض أي عقوبات على السلع القادمة من الصين. تم إعفاء أوروبا حتى الآن، لكن في أحدث تعليق له، قال ترمب إنه يريد فرض تعريفات جمركية شاملة تكون “أكبر بكثير من 2.5%”.
اقرأ المزيد: ترمب: أفضل عدم فرض رسوم جمركية على الصين
قال المسؤولون التنفيذيون في شركة تصنيع المعدات الطبية “إنتويتيف سيرجكال” (Intuitive Surgical)، والتي تعتمد على المكسيك في بعض عمليات التصنيع، إن التأثير المحتمل للتعريفات الجمركية قد يكون “ملموساً”، لكنهم لم يدرجوا أي سيناريو في توقعاتهم المالية المستقبلية.
أما شركة “جيه بي هانت ترانسبورت سيرفيسز” (J.B. Hunt Transport Services) فاعتبرت أن معظم العملاء يتبنون “نهج الانتظار والترقب” لمعرفة كيف قد تؤثر التعريفات الجمركية المحتملة على قرارات الشراء والأعمال المستقبلية، في حين أشارت “كوستكو هولسيل” (Costco Wholesale) لتجارة الجملة، إلى تسريع شراء المخزون مقدماً، لتجنب تأثير الرسوم في المستقبل.
اعتبر مايكل غرين، كبير محللي الاستثمار في شركة “سيمبليفاي أسيت مانجمنت” (Simplify Asset Management) إن الشركات “تحاول استباق تأثير التعريفات الجمركية المتوقعة، ولذلك شهدنا في الربع الرابع زيادة كبيرة في الواردات وبناء المخزون”.
قال خبراء استراتيجيون لدى “بنك أوف أميركا” في تقرير بحثي حديث، إن حالة عدم اليقين قد يكون لها في البداية تأثير إيجابي على الأرباح، لأنها قد تحفز الشركات على شراء المزيد من السلع وتخزينها. كما أشاروا أيضاً إلى أن الشركات أصبحت أكثر استعداداً للتعريفات الجمركية هذه المرة، لأنها قلصت بالفعل اعتمادها على الصين منذ عام 2018.
ومع ذلك، قد يكون هناك تأثير غير متساوٍ حسب القطاع. ففي حين قلصت العديد من الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الواردات، اعتمادها على الصين، إلا أن مجالات مثل السيارات والآلات والمعدات الكهربائية شهدت زيادة في الواردات، حسب “بنك أوف أميركا”.
قلق من سياسات ترمب الأخرى
التعريفات الجمركية ليست السياسة الوحيدة لترمب التي تثير قلق التنفيذيين في الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد: ترمب والرسوم الجمركية.. أداة تفاوض أم تهديد جدي؟
وردت كلمة “الهجرة” 22 مرة حتى الآن في مؤتمرات المحللين لمناقشة النتائج المالية (مثل الأرباح والإيرادات) لشركات “إس آند بي 500″، وهو أكبر عدد منذ الربع الأول من عام 2017، عندما ذكرت 44 مرة.
قد يكون لخطط الترحيل الجماعي تأثير كبير على الأرباح في صناعات متنوعة مثل الضيافة والترفيه التي تعتمد بشكل كبير على تقديم الخدمات، وكذلك الزراعة والإنتاج الغذائي والصناعة والبناء التي تعتمد بشكل كبير على العمالة.
اقرأ المزيد: معاناة اقتصاد العالم بسبب سياسات ترمب ستتجلى في 2026
قال غابرييل فوا، مدير محفظة في شركة “ألجيبرس انفستمنتس”(Algebris Investments): “لا تزال الأسواق تترقب موقف ترمب التجاري والجيوسياسي”. وأضاف: “سوف تظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي مرتفعة على المدى القصير، مما يستلزم علاوة مخاطر أعلى للاستثمار في الأصول ذات البيتا العالية” (الأصول التي تميل إلى التقلب بشكل أكبر من السوق).