قطاع الأدوية السعودي يتماسك رغم التراجع.. واحتمال الصعود غير مستبعد

يرى المحللون أن قطاع الأدوية في السعودية يتجه لمرحلة نمو مستدام، مدفوعاً بتوسع التصنيع المحلي وتراجع مكررات الربحية للشركات المدرجة لمستويات أكثر جاذبية، في وقت تعمل فيه المملكة على تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز أمنها الدوائي.
تشير بيانات الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلى أن القيمة السوقية لصناعة المستحضرات الدوائية والأدوية الحيوية بلغت 27.9 مليار ريال في 2020، مع توقعات بالوصول إلى 44.1 مليار ريال بحلول 2030، في حين يغطي الإنتاج المحلي نحو 25% فقط من الطلب، ما يعكس فجوة وفرصاً استثمارية واسعة أمام الشركات العاملة في القطاع.
نمو قائم وتقييمات أكثر جاذبية
قالت المحللة المالية ماري سالم إن قطاع الأدوية يُعدّ قطاع نمو، خصوصاً مع انتقال عمليات تصنيع الأدوية إلى داخل المملكة وزيادة التركيز على الصناعات الدوائية المحلية.
وأوضحت أن تراجع مؤشر قطاع الأدوية بنحو 5.75% منذ بداية العام يُعدّ محدوداً وطفيفاً مقارنة بأداء السوق ككل، كما أن حركة مؤشر القطاع تُظهر تداولاً عرضياً بدون تقلبات مرتفعة.
يتألف قطاع الأدوية المدرج في السوق الرئيسية من ثلاث شركات، تتصدرها شركة الدوائية باعتبارها الأقدم تاريخاً، إذ تم إدراجها في السوق منذ عام 1994. يليها شركة جمجوم فارما التي دخلت السوق في يونيو 2023 وتُعدّ الأكبر من حيث القيمة السوقية، فيما تُعدّ شركة أفالون فارما الأحدث والأصغر من حيث القيمة، بعدما تم إدراجها في فبراير 2024.
يبرز من بين الأسهم الأفضل أداءً من بداية العام جمجوم فارما وأفالون فارما مع ميل إيجابي واضح، بينما شكّل سهم الدوائية ضغطاً على المؤشر العام للقطاع.
وأضافت سالم أن أوزان الشركات داخل القطاع متقاربة نسبياً، ومع زيادة عدد الشركات المدرجة تتسع فرص المنافسة وجذب المستثمرين، ليس بالضرورة على مستوى الأساسيات التشغيلية فقط، بل أيضاً من ناحية التقييمات الاستثمارية.
وترى أن القطاع قادر على جذب سيولة جديدة من المؤسسات وصناديق الاستثمار خصوصاً مع نشاط الطروحات الأولية، نظراً لأن هذه الفئة من المستثمرين تميل للاستثمار طويل الأجل.
كما تشير التقييمات الحالية إلى مستويات مغرية، حيث تراجع مكرر ربحية القطاع من 47 مرة في 2024 إلى نحو 26 مرة حالياً، مع استقرار نسبي في الأرباح وتوقعات بتحسن الأداء مستقبلاً.
وافد جديد إلى القطاع
تقدمت اليوم شركة “أدوية سدير” السعودية بطلب تسجيل أسهمها وطرحها للاكتتاب العام في السوق الرئيسية، وهي مملوكة بنسبة 35% لشركة الحمادي القابضة المدرجة في السوق الرئيسية ضمن قطاع الرعاية الصحية والتي تعمل في إدارة المستشفيات.
حققت شركات القطاع الثلاث خلال العام 2024 نمواً في أرباحها بأكثر من النصف حيث بلغ صافي الأرباح 461 مليون ريال في 2024 مقارنة في أرباح العام 2023. تصدرتها شركة جمجوم فارما الأعلى بالربحية بـ356 مليون ريال ثم شركة أفالون فارما وآخرها شركة الدوائية أقدم شركات القطاع التي أُدرجت قبل 31 عاماً بـ24.5 مليون ريال.
عند الإدراج، كانت القيمة السوقية لجمجوم فارما عند مستوى 4.2 مليار ريال، قبل أن ترتفع إلى 10.62 مليار ريال حتى إغلاق جلسة الخميس الماضي. وفي المقابل، بلغت القيمة السوقية لشركة الشرق الأوسط للصناعات الدوائية “أفالون فارما” عند إدراجها 1.64 مليار ريال، لترتفع بدورها إلى 2.42 مليار ريال وفقاً لإغلاقات السوق الأخيرة. وباحتساب القيم السوقية للشركات الثلاث مجتمعة، يصل إجمالي حجم القيمة السوقية للقطاع إلى 16.36 مليار ريال.
قطاع نمو ودفاعي
وصف المحلل المالي محمد زيدان قطاع الأدوية بأنه قطاع نمو ودفاعي معاً، مشيراً إلى أن تراجعه المحدود يعكس تماسكاً واضحاً مقارنة ببقية السوق.
وأضاف أن توجه المحللين وشركات الأبحاث لا يميل حتى الآن إلى توصيات شراء، حيث تتوزع الآراء بين الحياد والشراء المشروط بتطورات التحركات السعرية.
“جمجوم”.. رؤية فنية تميل للصعود
تراجع سهم جمجوم فارما بنحو 0.3% منذ بداية العام، إلا أن تماسكه المتكرر عند مستوى 145 ريالاً يعكس دعماً فنياً مهماً، بحسب تقديرات المحللين وشركات الأبحاث.
ويرى المحللون أن مستوى 160 ريالاً ثم 175 ريالاً يشكلان مناطق مقاومة رئيسية في حال استمرار الزخم الشرائي. وبحسب متوسط مستهدفات المحللين خلال 12 شهراً، يُتوقّع وصول السهم إلى 170 ريالاً.
بينما يذهب محمد زيدان إلى تقدير مستهدف أعلى عند 175 ريالاً باعتباره الهدف الفني الأقرب في حال اختراق مستويات المقاومة.
“أفالون”.. بين حياد المحللين وتفاؤل فني
لا توجد حتى الآن أي توصيات بيع على سهم أفالون، إذ تشير بيانات بيوت الأبحاث إلى أن 25% من المحللين يوصون بالشراء مقابل 75% بالحياد. خسر السهم 0.7% من قيمته منذ بداية العام إلا أنه يتسم بتقلبات سعرية مرتفعة وفق تقديرات المحلل محمد زيدان.
ويرى المحللون أن السهم قد يعيد اختبار متوسط 200 يوم عند 126 ريالاً، وفي حال تجاوزه يُرجّح استهداف مستويات 137 ريالاً كمقاومة أولى. وبحسب بيوت الأبحاث، يبلغ متوسط السعر المستهدف للسهم 146 ريالاً ما يعادل نمواً يقارب 20% من الأسعار الحالية.
أما زيدان فيتبنى رؤية أكثر تفاؤلاً، إذ يرى أن اختراق 137 ريالاً قد يدفع السهم نحو 150 ريالاً، وهو مستوى يفوق متوسط تقديرات السوق بنحو 10%.
“الدوائية”.. بين ضغط بيعي وفرصة انعكاس فني
يُعدّ سهم الدوائية الأكثر تراجعاً ضمن أسهم شركات قطاع الأدوية بنسبة 13%، حيث تعرّض لموجة بيع قوية دفعته لاختبار مستوى 21 ريالاً مرتين قبل أن يُظهر تماسكاً عنده.
وتشير آراء المحللين إلى انقسام واضح، إذ يرى 50% أن الشراء هو السيناريو المرجح رغم اختلاف تقديرات الأسعار المستهدفة بين بيوت الأبحاث. ويبلغ متوسط السعر المستهدف 34.5 ريال وهو مستوى يوازي قمة 2024 تقريباً.
لكن محمد زيدان يعتبر أن الثبات فوق 21 ريالاً قد يمهد لتحول الاتجاه على المدى المتوسط، مع فرصة لبلوغ السهم 40 ريالاً في حال استمرار الزخم الإيجابي.
يقف القطاع على عتبة توسع صناعي واستثماري، مدعوماً ببيئة تنظيمية داعمة وتراجع مكررات الربحية، فيما تعكس حركة الأسهم تبايناً واضحاً بين فرص فنية صاعدة وضغوط بيعية محتملة، بينما يمثل دخول شركات جديدة مثل “أدوية سدير” مرحلة أوسع من المنافسة والتسعير داخل السوق.



