قطار الرياض.. خطوة نحو تغيير نمط التنقل في العاصمة السعودية
تعمل السعودية على التحول إلى مركز رئيسي للأعمال والسياحة في المنطقة. ولكن من زار العاصمة، يدرك أن التكدس المروري في شوارعها أمر مألوف وشائع. حل هذه المعضلة، كان من الأهداف الرئيسية لشبكة البنى التحتية والمواصلات التي شرعت المملكة في بنائها خلال السنوات الماضية.
قطار الرياض أحد هذه الوسائل وأحدثها حتى الساعة، إذ بات بإمكان السكان والزوار التنقل عبر وسيلة نقل عام تعمل بنظام آلي للقيادة، وتعتمد أحدث التكنولوجيات، ما يجعله “العمود الفقري” لشبكة النقل العام في المدينة، ويجهز العاصمة لتغير في نمط التنقل مستقبلاً.
المشروع افتتحه الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم الأربعاء، ليكون أحد عناصر منظومة النقل في العاصمة، ويشمل 6 مسارات بطول 176 كيلومتراً و85 محطة تربط مختلف شرايين المدينة.
القطار لن يعمل وحيداً، إذ يأتي مدعوماً بمسارات حافلات جديدة أطلقتها الرياض في الفترة الماضية، لتضاف إلى المسارات التي كانت موجودة سابقاً، وهو ما من شأنه أن يلبي الطلب المستقبلي على النقل العام، خصوصاً مع توقعات بارتفاع عدد سكان المدينة إلى أكثر من 10 ملايين شخص بنهاية العقد الحالي، من 7 ملايين حالياً.
المقيمين ليسوا الوحيدين الذين سيستفيدوا من إطلاق القطار، إذ ستخدم هذه الشبكة التي تصل طاقتها الاستيعابية إلى 3.6 مليون شخص يومياً، الزوار القادمين لأغراض الترفيه والرياضة والفعاليات والأعمال، مع ارتفاع عددهم بنسبة 600% من 2018 إلى 2023، وفق تصريحات وزير السياحة أحمد الخطيب.
كما يأتي هذا المشروع بينما تعيش المدينة تطوراً متسارعاً لتتموقع كأبرز مركز أعمال إقليمي، إذ تسارع الشركات الإقليمية والعالمية لفتح مقار إقليمية في المدينة، للاستفادة من النهضة الاقتصادية التي خلقتها رؤية 2030.
وبلغ عدد الشركات متعددة الجنسيات التي حصلت على تراخيص لإنشاء مقرات إقليمية لها في العاصمة 540 شركة، من بينها أكبر البنوك العالمية “غولدمان ساكس” و”بلاك روك” و”سيتي غروب”.
فوائد أخرى
تُعتبر الرياض من العواصم ذات الحرارة المرتفعة خصوصاً في فصل الصيف، ما يصعب مهمة المشي للوصول إلى محطات القطار، وهو ما يمثل أبرز تحديات المشروع الجديد. لذلك، عمدت الرياض إلى إنشاء أكثر من 19 موقعاً لمواقف عامة لسيارات موزعة على مختلف مواقع المدينة، بسعات تتراوح بين 400 و600 سيارة.
من شأن هذه المواقف أن تسهل عملية استخدام القطار، وتحويله إلى وسيلة تنقل يومية في العاصمة، بدلاً من السيارات الخاصة، ما يخفف من التكدس المروري.
فوائد القطار لا تقتصر على معالجة التكدسات المرورية، إذ سيساهم المشروع في “تعزيز الجهود المبذولة لتحقيق الاستدامة البيئية في المدينة، عبر التخفيف من التلوث الناجم عن عوادم السيارات”، وفقاً لما قاله إبراهيم بن محمد السلطان وزير الدولة والرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض.
هناك جانب خفي آخر لخفض التكدسات المرورية. فمن شأن التخفيف من هذه التكدسات، تقليل استهلاك الوقود في المملكة عموماً، خصوصاً مع استخدام تقنيات حديثة في القطار والحافلات والمحطات والمنشآت تساعد في الحد من استهلاك الطاقة، وهو ما ينسجم مع برنامج “رؤية 2030″، ويساعدها في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060.
أضخم مشروع للنقل العام في العالم
أُنجز المشروع من قبل ثلاثة ائتلافات دولية، وهي “سيمنس” الألمانية” و”بومباردييه” الكندية و”ألستوم” الفرنسية، أما تصميه فكان من قبل الشركة الفرنسية “أفون بروميي”، حيث يظهر على شكل وجه مبتسم يسجد ترحيباً بسكان وزوار المدينة.
نصف مسارات وسيلة النقل الجديدة في العاصمة الرياض مقامة على جسور، وأكثر من الثلث تحت الأنفاق، والباقي على سطح الأرض.
المشروع وصفته الهيئة الملكية لمدينة الرياض في بيان صحفي بأنه “أحد أضخم مشروعات النقل العام في العالم، كونه يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة”.
بدء تشغيل في ديسمبر
يُرتقب أن يتم تشغيل 3 مسارات من القطار في الأول من ديسمبر، وبعدها بأسبوعين سيتم تشغيل مسارين آخرين، وفي يناير من العام المقبل، سيتم تشغيل آخر مسار معلن فيه.
إبراهيم السلطان، أشار في تصريحاته إلى أن “المشروع سيغير صورة العاصمة ونمط التنقل لسكانها وزوارها، وسيواكب ما تشهده العاصمة من نمو سكاني متسارع وتوسع عمراني مطرد”.