غورغييفا: تأثير تقلبات الدولار على دول المنطقة غير مباشر ومتفاوت

يتفاوت تأثير تقلبات الدولار على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنظر لعدم انكشافها الكبير على السوق الأميركية وتنوع اقتصاداتها، بحسب كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي في رد على سؤال لـ”الشرق”.
تراجع الدولار هذا الأسبوع إلى أقل مستوى منذ ديسمبر 2023 بعدما أدى التهديد الذي أطلقه الرئيس دونالد ترمب بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، وكذلك خطر حدوث ركود في الولايات المتحدة، إلى تزايد صفقات “بيع الأصول الأميركية”. وقد بدأت العملة في فقدان زخمها مع بدء حرب الرسوم الجمركية.
قالت غورغييفا، خلال في مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن اليوم الخميس، إن “دول المنطقة تُتاجر مع الولايات المتحدة لكن معظمها ليس لديها انكشاف كبير، وكما هو الحال أيضاً في أفريقيا، فإن معظم التأثير سيكون غير مباشر”.
خطر تباطؤ النمو العالمي
أشارت مديرة صندوق النقد الدولي إلى أن “الدولار لطالما كان يرتفع وينخفض تاريخياً، وهذا ليس أمراً جديداً”. واعتبرت أن “التأثير السلبي لتقلبات العملة على دول المنطقة يكمن في تباطؤ الاقتصاد العالمي، إذ أن العديد من الدول المصدرة للنفط تُعاني من انخفاض مستمر في الأسعار”.
خفض الصندوق توقعاته للنمو العالمي للعامين الحالي والمقبل إلى 2.8% و3% على التوالي، مُقابل 3.3% لكلا العامين كانت متوقعة في يناير الماضي، وبرر ذلك برفع معدلات التعريفات الجمركية الفعلية إلى مستويات لم نشهدها منذ قرن.
قالت غورغييفا إن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خضعت لتخفيض طفيف في التصنيف الائتماني، رغم أن أداءها هذا العام لا يزال أفضل من العام الماضي”. ونوهت بأن المنطقة شديدة التنوع وتختلف التأثيرات من دول إلى أخرى، في إشارة إلى الدول المصدرة للنفط والأخرى المستوردة، حيث تتفاوت التأثيرات داخل المنطقة نفسها ومُقارنةً بالمناطق الأخرى في العالم.
كان الصندوق قد قدم نظرة متشائمة إزاء نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العامين الجاري والمقبل، إذ توقع في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل نمو اقتصاد المنطقة 2.6% في العام الجاري و3.4% في العام المقبل، ما يشكل خفضاً بواقع 0.9 نقطة مئوية و0.5 نقطة مئوية على التوالي، عن تقديراته الصادرة في مستهل العام الجاري.
“النمو النفطي في المنطقة يشهد انخفاضاً، لكن الاقتصادات غير النفطية لا زالت تحقق أداء جيداً”، بحسب غورغييفا. وأضافت: “هناك دول متوسطة الدخل تعاني الصراعات الإقليمية مثل الأردن ومصر، ولدينا دولٌ مثل السودان وسوريا تأثرت بشدة بالصراعات”، ونوهت بأن المغرب نجح في ترتيب أوضاعه الداخلية وتبنى سياسة مالية نقدية سليمة جعلها الدولة الوحيدة في المنطقة المؤهلة للحصول على خط ائتمان مرن من الصندوق.
تراجع أسعار النفط
تطرقت غورغييفا إلى تداعيات تراجع أسعار النفط على الدول المصدرة له في المنطقة، لكنها أشادت في الوقت نفسه بنتاج جهود تنويع الاقتصاد في هذه الدول. وقالت: “إذا كنت تصدر النفط، وتحصل على إيراداتك بالدولار، فإن ضعف الدولار يُشكّل مشكلةً للوضع المالي، لكن إذا كنت مصدراً قديماً، فهذه هبة، إذ يُمكنك التعامل بسهولة أكبر مع التحديات التي تواجهها”.
قدر الصندوق تراجع متوسط سعر النفط بنحو 15.5% في العام الجاري، و6.8% في العام المقبل، مما سيؤثر إيجاباً على الدول المستوردة، وسلباً على تلك المصدرة. يُتوقع نمو اقتصاد الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، التي تضم من بينها السعودية والإمارات والعراق والجزائر وقطر، 2.6% في العام الجاري لترتفع إلى 3.1% في العام المقبل.
تُنتج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 35% من صادرات النفط العالمية و14% من صادرات الغاز بحسب تقديرات الصندوق الصادرة في 2024. وتمثل عائدات النفط رافداً أساسياً لميزانيات الحكومات في المنطقة بالدول المنتجة للخام.