عمالقة الإعلان يتأهبون لخفض في الإنفاق بسبب رسوم ترمب

تستعد شركات الإعلان لتراجع في إنفاق عملائها على التسويق، مع تزايد الغموض الذي يكتنف آفاق القطاع في بقية العام الجاري بسبب الرسوم الجمركية الأميركية.
على الرغم من أن شركات مثل “بابليسيز غروب” (Publicis Groupe SA) ومقرها باريس، ومجموعة “أومنيكوم” (Omnicom Group Inc) ومقرها نيويورك، قد دحضتا مؤخراً فكرة أن عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية قد ضغط بالفعل على ميزانيات التسويق لدى العملاء، إلا أنها لم تستبعد احتمال وجود عثرات في المستقبل.
قال آرثر سعدون، الرئيس التنفيذي لشركة “بابليسيز”، في مؤتمر هاتفي مع المحللين: “بالطبع، يواجه العديد من عملائنا وضعاً زاخراً بالتحديات للغاية بسبب الضبابية بشأن الرسوم الجمركية، وارتفاع التضخم، والسياق الجيوسياسي الأكثر تقلباً من أي وقت مضى”. على الرغم من أن هذا لم يتجسد بعد في أرقام الشركة، إلا أنه أضاف: “قد نشهد تخفيضات في الإنفاق من قبل العديد من العملاء في الكثير من القطاعات لبقية العام”.
نفقات التسويق والسفر
تقلص بعض الشركات بالفعل ميزانياتها. خفضت شركة “فورفيا” (Forvia SE)، وهي مورد لقطع غيار السيارات، نفقات التسويق والسفر، متوقعةً أن تؤثر الرسوم الجمركية سلباً على أعمالها. وصرح أوليفييه دوران، المدير المالي للشركة، في مؤتمر هاتفي لمناقشة الأرباح: “أي تكلفة خارجية، وأي سيولة نقدية تخرج من الشركة، تخضع لتدقيق صارم في الوقت الحالي”.
يُرجح أن تقود صناعة السيارات، وهي أحد القطاعات الأكثر عرضة للحرب التجارية، تقليص الإنفاق الإعلاني، وفقاً لما تقوله، المحللة أنيك ماس من “بيرنشتاين” (Bernstein).
وقال كريغ هوبر، محلل أبحاث الأسهم في “هوبر ريسيرش بارتنرز” (Huber Research Partners): “من المنطقي جداً والأولى تقليص الإنفاق في البيئات غير المستقرة أو الصعبة، لأنه من الأسهل بكثير تقليص ميزانية الإعلانات مقارنةً بتسريح الموظفين أو إغلاق المواقع”.
توقعات بتباطؤ النشاط الاقتصادي
دفعت الطبيعة المرنة للإنفاق على التسويق شركة “أومنيكوم” إلى اتباع نهج حذر في توقعاتها، حيث خفضت الحد الأدنى لنطاق نموها العضوي إلى 2.5% من 3.5% سابقاً.
وأكدت شركة “بابليسيز” توقعاتها الاسترشادية للعام بأكمله بنمو صافي المبيعات العضوية بنسبة تتراوح بين 4% و5%، مع اعتبار نسبة 4% “حداً أدنى ثابتاً” يراعي المناخ الاقتصادي الحالي، وفقًا لسعدون. وتظل توقعات المحللين حالياً دون منتصف النطاق. وصرح ماثيو بلوكهام، من “بلومبرغ إنتليجنس”، بأن التقديرات ومعنويات المستثمرين ستظل تضع في الاعتبار احتمال حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من عام 2025.
أعلنت شركة “دبليو بي بي” (WPP Plc) أنها لم تشهد تراجعاً في إنفاق عملائها على الإعلانات بسبب الرسوم الجمركية حتى الآن، لكنها حذرت من أن مبيعات هذا العام ستبقى ثابتة أو تنخفض بنسبة تصل إلى 2%.
قال مارك ريد، الرئيس التنفيذي لشركة “دبليو بي بي”، في مقابلة يوم الجمعة: “عدم اليقين ليس أمراً جيداً لثقة الشركات، وهذا ما كنا نتحدث عنه عندما قدمنا توقعاتنا لهذا العام”.
وأوضحت “إنتربابليك غروب أوف كومبانيز” (Interpublic Group of Cos Inc)، التي من المقرر اكتمال استحواذ “أومنيكوم” عليها في وقت لاحق هذا العام، أن سوق الإعلام ظل مستقراً حتى الآن في أبريل، وأن المستهلكين أبدوا صموداً. وقال الرئيس التنفيذي، فيليب كراكوفسكي، في مؤتمر هاتفي مع المحللين: “إذا تباطأ الاقتصاد، فسنرى ذلك في المشاريع لأنها تقديرية بشكل أكبر إلى حد ما، أو في الإنفاق الرقمي الذي يُمكن اتخاذ إجراءات فيه بسرعة أكبر”. وأضاف: “لكن في هذه المرحلة، يحاول الجميع فهم متى سيتضح الأمر”.
الخبرة السابقة
قد تتردد الشركات في إجراء تخفيضات كبيرة في ميزانياتها خوفاً من فقدانها ولاء المستهلكين. وقال هوبر: “إذا تعلم هؤلاء المعلنون شيئاً من الأزمة المالية وخلال جائحة كوفيد-19، فهو أن الشركات التي قلصت بشكل كبير الإعلانات أضرت بآفاقها المستقبلية على المدى الطويل”.
من “غير المنطقي” خفض الإنفاق الإعلاني في أوقات الضائقة الاقتصادية، لأن ذلك هو الوقت المناسب تماماً للتسويق الذي يستهدف المستهلكين الذين يصبحون أكثر صرامةً في ميزانيتهم، وفقًا لماس من “بيرنشتاين”. كان الإنفاق الإعلاني أول ما يجري خفضه في فترات الركود السابقة، مما أضرّ بشركات مثل “بابليسيز” و”أومنيكوم”.
وقال ماس: “إذا كان لديك 3000 عميل فقط، ويعاني الآلاف منهم من ضغوط الميزانية، فإن تأثير ذلك عليك سيكون أكبر مما إذا كان لديك الآلاف والآلاف من العملاء”.
نهج مختلف في الإعلان
حتى لو لم تُطبّق التخفيضات الجذرية، سيعتمد المعلنون نهجاً أكثر استراتيجية في إنفاقهم، إذ سيركزون على شبكات الوسائط الإعلامية للبيع بالتجزئة، والأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من الحملات الرقمية في المقام الأول، مع العزوف عن الإعلانات التلفزيونية الباهظة، وفقًا لما كتبه نات شيندلر، المحلل في “سكوتيا بنك” (Scotiabank)، في مذكرة صدرت في وقت سابق من هذا الشهر.
حققت أنشطة الإعلانات القائمة على البحث والتابعة لشركة “ألفابت” (Alphabet Inc) مبيعات بلغت 50.7 مليار دولار في الربع الأول، متجاوزةً تقديرات المحللين. قال مسؤولون تنفيذيون في الشركة في مؤتمر هاتفي مع المستثمرين إن قطاعات التأمين والتجزئة والرعاية الصحية والسفر ساهمت في دعم الوحدة. وستواجه شركتا الإعلانات الرقمية، “ميتا بلاتفورمز” و”أمازون”، اللتان ستصدران نتائج أعمالهما الأسبوع المقبل، توقعات كبيرة في الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن مؤشرات على تباطؤ سوق الإعلانات.
وأضاف شيندلر أن الربع الثاني “يتشكل للتركيز على التحكم والحذر والتحويلات”. “بالنسبة للمعلنين، يعني ذلك الحفاظ على الإنفاق حيث تكون النتائج واضحة، وتقليصه حين لا يكون الأمر كذلك”.