على مستثمري “ميتا” الحذر من ثقة زوكربيرغ المفرطة
![](https://khaleejcapital.com/wp-content/uploads/2025/02/SmlASgT6Rn_1738910899-780x470.jpg)
بعد صدمة “ديب سيك”، أصبحت شركة “ميتا بلاتفورمز” النجم الأبرز بين “العظماء السبعة”.
ارتفع سعر سهمها بنسبة 20% منذ بداية العام، ما دفع قيمتها السوقية إلى مستوى قياسي يقارب 1.8 تريليون دولار، بإضافة 500 مليار دولار خلال الأشهر الـ12 الماضية فقط.
في وقت تسود فيه حالة من القلق بشأن العائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، يبدو أن “وول ستريت” تشتري ما يقدمه الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ، إذ يُتداول السهم عند 27 ضعف الأرباح المتوقعة، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر 2020.
هناك عدة أسباب لهذا التفاؤل، كما أن هناك ما يبرر التشكيك فيه.
ما يقود هذا الارتفاع هو الشعور بأن استراتيجية “ميتا” في الذكاء الاصطناعي تعززت بفضل ظهور “ديب سيك”، النموذج مفتوح المصدر القادم من الصين. بينما كان الذعر الأولي في السوق نابعاً من مخاوف من أن الصين تطيح بوادي السيليكون، فإن ما كشفه الأمر، بالنسبة لـ”ميتا”، هو أن النماذج الأرخص والمفتوحة للذكاء الاصطناعي قد تكون هي المستقبل. إذا كان هذا هو الاتجاه القادم، فإن “ميتا”، باعتبارها الرائدة أميركياً في هذا المجال، تتمتع بمكانة قوية.
بعد ذلك، قدمت الشركة تقرير أرباح إيجابياً أظهر أداءً متميزاً لأعمالها الإعلانية. ويرجع ذلك جزئياً إلى استخدامها قدرات الذكاء الاصطناعي لمساعدة المعلنين على إنشاء إعلانات أكثر فاعلية واستهداف المستخدمين بدقة. أسفر التعاون مع “إنفيديا” عن زيادة بنسبة 8% في عدد الإعلانات “عالية الجودة” المعروضة للمستخدمين. كما أن هناك الآن أربعة ملايين عميل يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بـ”ميتا” لإنشاء إعلانات أكثر كفاءة، بزيادة أربع مرات مقارنة بستة أشهر مضت فقط.
اقرأ أيضاً: زوكربيرغ يتوقع عاماً مميزاً لـ”ميتا” في الذكاء الاصطناعي ويدافع عن خطط الإنفاق
المنصات الضخمة.. عنصر قوة لـ”ميتا”
أكد زوكربيرغ للمستثمرين أن شركته ستكون الأولى التي تمتلك مليار مستخدم لروبوت الدردشة الخاص بها. ويكمن أحد عناصر القوة الأساسية لـ”ميتا” في منصاتها الضخمة المتعددة، إذ يمكنها دفع 3.35 مليار شخص لاستخدام الذكاء الاصطناعي (رغم القيود التنظيمية في بعض المناطق). ووصف زوكربيرغ ذلك بأنه “ميزة مستدامة على المدى الطويل”.
كما تعهد بإجراء تحديثات على تطبيق “فيسبوك” الأساسي، الذي ظل متراجعاً على صعيد الابتكار. لم يفصح زوكربيرغ عن تفاصيل خططه، لكنه أشار إلى أن التركيز في العام المقبل سيكون على جعل التطبيق أكثر “تأثيراً ثقافياً”.
اعتقاده بأنه قادر على جعل “فيسبوك” منصة مؤثرة مجدداً يعكس ثقة زوكربيرغ المتزايدة التي بدأت تتسرب إلى أوساط المستثمرين. فهم يرون في مظهره الجديد (السلسلة الذهبية والشعر المجعد وعلاقته المتنامية مع الرئيس دونالد ترمب واليمين)، إشارات إيجابية لمستقبل “ميتا”. لم تؤثر قراراته بإلغاء فرق التحقق من المعلومات والتخفيف من سياسات الإشراف على المحتوى سلباً على مبيعات الإعلانات، وفقاً للشركة. في المقابل، قد يستفيد زوكربيرغ من موقف تنظيمي أكثر مرونة محلياً، فضلاً عن حليف محتمل في معاركه ضد الاتحاد الأوروبي. قال: “لدينا الآن إدارة أميركية تفخر بشركاتنا الرائدة”.
لكن لا يمكن لشركة أن تعتمد فقط على “الطاقة الذكورية” (أسلوب القيادة الحاسم). فالسؤال الذي يلوح في الأفق هو كيف يمكن لرهانات “ميتا” على الذكاء الاصطناعي أن تحقق إيرادات حقيقية مستقبلاً؟ على عكس منافسيها، الذين يبنون أنظمة الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات لبيع تلك القدرات الحاسوبية، فإن طموحات “ميتا” في الذكاء الاصطناعي تبدو أكثر تركيزاً داخلياً، فهي تخدم عميلاً واحداً فقط: “ميتا” نفسها.
نموذجها مفتوح المصدر “لاما”، رغم كونه مثيراً للإعجاب، يُمنح لأي شخص يريد استخدامه على أمل أن يصبح أكثر ذكاءً بسرعة. ثم ستطبق “ميتا” هذا الذكاء في منتجاتها الخاصة، مثل روبوتات الدردشة وغيرها من الميزات غير المحددة بعد. لكن، لتحقيق أي غاية؟ قد يكون الجواب الإعلانات، أو ربما تدفع الشركات للاندماج مع النظام للوصول إلى مستخدمي “ميتا”. لكن ذلك ليس مضموناً، فقد سبق أن اعتقدت “ميتا” أن الشركات ستتهافت للاندماج مع تطبيق “ماسنجر”، لكنها لم تفعل.
اقرأ أيضاً: “ميتا” تطور محرك بحث لروبوتها للذكاء الاصطناعي
مهمة صعبة
تحويل نموذج الذكاء الاصطناعي لـ”ميتا” إلى أكثر من مجرد إلهاء أو خدعة تسويقية سيكون مهمة صعبة. ففائدته أقل إثارة للإعجاب مقارنة بالقدرات “الوكيلة” (القادرة على التصرف بذكاء واتخاذ قرارات بناءً على البيانات) الخاصة بالمساعدين الرقميين الذين يمكنهم الوصول إلى التقويم وبرامج الخرائط، كما هي الحال مع “جوجل”، أو الاندماج في أدوات العمل اليومية للشركات مثل “مايكروسوفت”. كما أنه لن يكون متاحاً للمستخدمين فوراً مثل “مساعد جوجل” أو “سيري” من “أبل” (بافتراض أن “أبل” تتمكن من حل مشكلاتها الخاصة).
حتى في مجال كتابة الأكواد، وهو أحد أكثر استخدامات الذكاء الاصطناعي الواعدة في مراحله المبكرة، اعترف زوكربيرغ بأن مهندسه الافتراضي، الذي وصفه بأنه “مهندس متوسط المستوى جيد”، لن يكون متاحاً للاستخدام الخارجي “في أي وقت قريب”.
أنا من محبي الواقع الافتراضي، لكن الادعاء بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز قطاع “الميتافيرس” لدى “ميتا” يبدو واهياً. لا يزال الإقبال على السماعات والنظارات الذكية ضعيفاً، وبالرغم من الطرازات الجديدة والحملة الإعلانية المكثفة، لم تحقق “ميتا” سوى نمو سنوي في الإيرادات بنسبة 1% فقط خلال الربع الأخير. كما خسرت الشركة 17.7 مليار دولار خلال عام 2024 في محاولتها لبناء “الميتافيرس”.
زوكربيرغ محق في الإشادة بالمكاسب التي حققتها “ميتا” من الذكاء الاصطناعي حتى الآن. لكن هذه المكاسب تقتصر إلى حد كبير على تحسين نموذجها الحالي القائم على بيع الإعلانات للمستخدمين الذين يقضون ساعات في تصفح منصاتها دون هدف واضح، بدلاً من بناء مشروع ثوري جديد في الذكاء الاصطناعي. الطموحات الأكبر، والمكافآت المحتملة، يمكن العثور عليها لدى منصات أخرى.