علامات على استقرار سوق السندات الأميركية بعد شهرين من موجات البيع
بدأت سوق السندات الأميركية تظهر إشارات على الاستقرار بعد موجة بيع استمرت شهرين؛ حيث بدأ المستثمرون بالتدخل كلما بلغت العوائد ذروات جديدة.
شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات ارتفاعاً حاداً منذ منتصف سبتمبر، مدفوعة بفوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، واستمرار معدلات التضخم المرتفعة، وسلسلة من البيانات الاقتصادية القوية. مع ذلك، ليس هناك إجماع واضح حول اتجاه هذه العوائد في المستقبل.
لكن بعد أن تجاوز المؤشر العالمي عتبة 4.5% في 15 نوفمبر، سرعان ما انعكس الاتجاه بفعل موجة من عمليات الشراء المكثفة، ولم يعد هذا المستوى مهدداً منذ ذلك الحين. أغلقت عوائد السندات لأجل 10 سنوات يوم الجمعة عند 4.4%، بانخفاض قدره 3 نقاط أساس مقارنة بإغلاق الأسبوع السابق.
صرح مديرو الصناديق في شركة “باسيفيك إنفستمنت مانجمنت” (Pacific Investment Management Co) بأن العوائد التي تزيد عن 4% تعتبر جذابة بحد ذاتها. مع تحرك ديون الحكومة الفيدرالية الآن عكس اتجاه أسعار الأسهم، بدأت السندات تلعب دورها التقليدي كوسيلة تحوط ضد تراجع سوق الأسهم.
قالت إيرين براون من “بيمكو” (Pimco) في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ إن “السندات أصول منخفضة التقلب، وذات عائد مرتفع”، مضيفة أنه إذا عادت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى مستوى 5%، فستكون “مهتمة للغاية بشراء المزيد بشكل أكثر جرأة”.
تحول مضطرب للسندات
شهد الشهران الماضيان تحولاً مضطرباً آخر في سوق السندات، إذ خالفت التوقعات بانتعاشها بمجرد بدء “الاحتياطي الفيدرالي” بخفض أسعار الفائدة. بدلاً من ذلك، ومع الخطوة الأولى للاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، ارتفعت العوائد بسبب قوة الاقتصاد وانتصار ترمب في الانتخابات، ما دفع المتداولين إلى إعادة تقييم نطاقها.
أعلن ترمب يوم الجمعة عن ترشيح سكوت بيسنت الذي يدير صندوق التحوط “كي سكوير غروب” (Key Square Group) لتولي منصب وزير الخزانة الأميركية بعد مفاضلة مطولة شملت مرشحين بارزين. يُعتبر بيسنت الذي يصفه بعض العاملين في “وول ستريت” بأنه “متشدد مالياً”، شخصية رئيسية في الإشراف على مبيعات الديون الحكومية الكبيرة.
انتقد بيسنت إدارة الرئيس جو بايدن في تمويل الديون الفيدرالية، ووجه انتقادات للاحتياطي الفيدرالي بسبب خفضه الكبير لأسعار الفائدة في سبتمبر.
قالت سوبادرا راجابا، رئيسة استراتيجيات أسعار الفائدة الأميركية في “سوسيتيه جنرال”: “لا أعتقد أن المستثمرين لديهم قناعة قوية بارتفاع العوائد بشكل كبير، لكن في الوقت نفسه، هناك مقاومة لأي انتعاش كبير”. أضافت: “المستثمرون يتداولون بحذر، من دون اتخاذ أي مراكز محددة”.
مع وجود حالة من عدم اليقين حول تعريفات إدارة ترمب والتحفيز المالي، قالت راجابا: “الأمر يتعلق أكثر بالتريث من أجل استيعاب الديناميكيات في السوق”.
من جانبه، يرى فيليبي فيارويل، مدير المحافظ في شركة “توينتي فور أسيت مانجمنت”، أن نطاق 4.25% إلى 4.5% يمثل قيمة عادلة لعوائد السندات لأجل 10 سنوات، لكنه أضاف أن “التقلب سيستمر” بالنظر إلى أن “صورة التضخم لم تتدهور بشكل كبير مؤخراً”، كما أن المستثمرين لا يزالون غير متأكدين من تأثير سياسات ترمب على نمو الأسعار.
بينما يرى المتداولون في العقود الآجلة فرصة أقل بقليل من 50% لقيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة في اجتماع الشهر المقبل، فإنهم يأخذون في الحسبان انخفاضاً إجمالياً بحوالي 66 نقطة أساس بحلول ديسمبر 2025.
رأي استراتيجيي “بلومبرغ”
“تُتداول عوائد السندات لأجل 10 سنوات حول مستوى 4.4%. من غير المحتمل أن تخرج عن هذا النطاق حتى تظهر محفزات جديدة. قد يكون أحد المحركات الرئيسية هو الإجابة عن سؤال من سيقود وزارة الخزانة الأميركية”.
أليس أندريس، استراتيجية أسعار الفائدة والعملات الأجنبية في الولايات المتحدة
مع ذلك، أشار بعض الاستراتيجيين إلى أن عوائد السندات لأجل 10 سنوات قد ترتفع أكثر، وربما تصل إلى 5%، وهو مستوى سُجل آخر مرة في أكتوبر 2023، إذا خفض ترمب الضرائب بشكل كبير، ورفع التعريفات الجمركية. تظهر التداولات في خيارات الديون رهانات تحوط ضد خطر ارتفاع العوائد، ما يشير إلى أن احتمال زيادة العوائد ليس مستبعداً تماماً.
هذا الأسبوع، سيتلقى المتداولون رؤى جديدة مع إصدار مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، وهو المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، يوم الأربعاء. ومع صدور هذا التقرير قبل يوم من عطلة “عيد الشكر” في الولايات المتحدة الموافق يوم الخميس، وإغلاق الأسواق مبكراً في اليوم التالي، قد يؤدي انخفاض حجم التداول إلى تقلبات كبيرة في الأسعار، إذا تجاوزت القراءة التوقعات بشكل كبير.