اخر الاخبار

علامات تجارية من أمازون” إلى شيراتون” مهددة بالسلب في روسيا

من “جورجيو أرماني” و”كالفن كلاين” إلى “أمازون دوت كوم” و”شيراتون”، تتعرض بعض أشهر العلامات التجارية العالمية للسلب في روسيا، وهو خطر يتعاظم مع تفاقم عزلة البلاد الاقتصادية.

خلص تحليل أعدته بلومبرغ بيزنس ويك لوثائق محاكم أن أكثر من 300 شركة أجنبية اعتبرت علاماتها التجارية مهددة قانونياً في روسيا منذ بداية عام 2024. وقد فقدت كثير منها، بما في ذلك ”فيكتوريا سيكريت“ (Victoria’s Secret) و“إريكسون“ (Ericsson) و“إنديتكس“ (Inditex)  و“نوكيا“ (Nokia)، حقوقها في بعض علاماتها التجارية بعد نجاح دعاوى إنهاء الملكية.

بدأت طلبات إلغاء الملكية تتدفق قبل الذكرى الثالثة للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، الذي دفع مئات الشركات، معظمها أميركية وأوروبية، إلى مغادرة روسيا. وقد احتفظت معظمهما بعلاماتها التجارية، التي تمتد صلاحيتها لعشر سنوات، على أمل أن تتمكن في نهاية المطاف من العودة إلى أحد أكبر أسواق المستهلكين في العالم.

هذا الباب يوشك أن يُغلق. إذ إنه بموجب القانون الروسي، يُمكن إلغاء أي علامة تجارية لم تُستخدم لمدة ثلاث سنوات ومنحها لأي شخص يتقدم بطلب للحصول على الحقوق ويدفع رسوماً لا تبلغ 1500 دولار.

تخارج الشركات الأجنبية مصدر جديد لتمويل موازنة روسيا

قال روبن ويبستر، الشريك في شركة المحاماة البريطانية “ستيفنز هيوليت آند بيركنز“ (Stevens Hewlett & Perkins)، التي تمثل الشركات التي تُكافح للحفاظ على حقوق علاماتها التجارية: “في مرحلة ما في المستقبل، سيرغب الجميع في العودة إلى روسيا واستكمال مسيرتهم، لكن سيكون من المستحيل عملياً على كثير من العلامات التجارية أن تفعل ذلك”.

الكرملين يفكك سنوات من العولمة

إن التهديد الذي تتعرض له الحماية القانونية للشركات الأجنبية أحدث مؤشر على اتساع الفجوة بين روسيا والاقتصادات الكبرى التي كانت لعقود من بين مستثمريها الرئيسيين. لقد دأب الكرملين على تفكيك سنوات من العولمة، ولجأ إلى حلفاء مثل الصين والهند الذين لم ينضموا إلى القوى الكبرى الأخرى في فرض عقوبات على روسيا.

إن معظم الشركات التي غادرت روسيا ليس لديها خطط عودة فورية، لكن الكرملين يضمن ألّا يكون هذا الخيار متاحاً أمامها، فقد أمم أصول كثير من الشركات، وهدد بالاستيلاء على مزيد منها، وأجبر شركات أخرى على البيع للمشترين المحليين بأسعار بخسة. 

وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين في يونيو أن الشركات الأجنبية الراغبة في العودة لن تُدعم إلا إذا كان ذلك في “المصلحة الوطنية” لروسيا.

كيف تستخدم أوروبا أصول روسيا المجمدة لصالح أوكرانيا؟

بمجرد أن تفتح دولة أبوابها للاستحواذ على العلامات التجارية، قد تجد الشركات أن الأمر صعب ومكلف. في عام 2012، اضطرت شركة ”أبل“ لأن تدفع 60 مليون دولار لشركة إلكترونيات سجلت علامة ”آيباد“ التجارية في الصين، بينما تستمر النزاعات المتعلقة بالعلامات التجارية الأميركية لعلامات تجارية للمشروبات والسيجار الكوبيين لعقود منذ بدأت.

قال متحدث باسم شركة ”جورجيو أرماني“ (Giorgio Armani) إن الشركة تدافع عن محفظة علاماتها التجارية، وهي “واثقة من نتيجة إيجابية”. تعرضت شركة ”ميشلان“ (Michelin) لهجمات من شركات “تحاول الاستفادة من سمعة علامتها التجارية”، وفقاً لمتحدث باسمها. أضاف أنه على الرغم من أن الشركة لا تخطط للعودة إلى روسيا، إلا أنها تراقب طلباتها بعناية وتحرص دائماً على حماية اسمها.

وقد رفضت كل من ”إنديتكس“ و“أمازون“ و“إريكسون“ و“نوكيا“، و“فيكتوريا سيكريت“، وشركة ”بي في إتش“ (PVH) مالكة ”كالفن كلاين“، و“ماريوت إنترناشونال“ مالكة فنادق ”شيراتون“، التعليق.

إقبال على تمديد تسجيل العلامات التجارية

إحدى الطرق التي يمكن للشركات من خلالها تجنب استهداف علاماتها التجارية هي التقدم بطلب لتمديدها قبل تاريخ انتهاء صلاحيتها. ويشير مكتب براءات الاختراع الروسي (روسباتنت) إلى أنه سجل زيادة في تسجيلات الشركات الأجنبية في الأشهر التسعة الأولى من العام، وأنها قدمت 15534 طلباً في عام 2024، أي أكثر من كل سنة من السنوات الخمس السابقة.

من بين الشركات التي تقدمت بطلبات لتمديد تسجيلاتها هذا العام شركتا ”إنتل“ و“مايكروسوفت“ العملاقتان في وادي السيليكون.

قالت ريكا بالموس، المحامية في شركة ”بابولا-نيفينبات“ (Papula-Nevinpat) للمحاماة في هلسنكي: “ربما غادرت الشركات السوق الروسية، لكنها ما تزال ترغب في الحفاظ على صلاحية تسجيلاتها… روسيا سوق ضخمة جداً، وبعض العملاء الذين أعلنوا في عام 2022 رفضهم العودة بدأوا يعيدون التفكير ويرغبون في تسجيل علاماتهم التجارية”.

روسيا تهدد بالرد بشكل مناسب حال مصادرة أصولها في الخارج

تمت الموافقة على معظم طلبات التجديد، لكن ما كان عادةً عمليةً تلقائيةً أصبح محفوفاً بالمخاطر في بعض الحالات. رُفض طلب تجديد علامة تجارية من شركة ”رينو“ في سبتمبر، على الرغم من أن شركة صناعة السيارات الفرنسية قالت إن الرفض كان بسبب عنوان غير صحيح ويمكن حله.

أكد متحدث باسم ”رينو“ أن العودة إلى روسيا غير واردة في الوقت الحالي، وقال في رسالة بريد إلكتروني إن طلب التجديد هو “إجراء دفاعي” لمنع “سرقة العلامة التجارية في مواجهة قرصنة الملكية الفكرية واسعة النطاق التي تؤثر على الشركات الأوروبية التي غادرت روسيا”.

وصف تقرير الممثل التجاري الأميركي لعام 2025 حول حالة حماية الملكية الفكرية حول العالم الوضع في روسيا بأنه “صعب جداً”.

لا حل فعلياً سوى انتظار انتهاء الحرب

بيّن بارتوش فيرت، رئيس لجنة التجارة الدولية في جمعية العلامات التجارية في المجتمعات الأوروبية أن زيادة حالات إلغاء تسجيل العلامات التجارية غير المستخدمة أمرٌ مقلق، لكن السلطات الأوروبية لا تملك سوى القليل من الحلول. وقال: “لا يسع أعضاء جمعيتنا إلا أن يأملوا بأن تنتهي الحرب قريباً“.

قالت جمعية العلامات التجارية الروسية (Rospatent) في بيانٍ عبر البريد الإلكتروني بأنها “تحمي الملكية الفكرية للشركات الروسية والأجنبية على حدٍّ سواء، وتفي بجميع التزاماتها الدولية”.

لطالما كانت العلامات التجارية مجالاً خصباً لجذب رواد الأعمال في روسيا منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما وجدت كثير من الشركات الأجنبية التي دخلت السوق أن أسماء علاماتها التجارية قد سُرقت. لم تفتتح شركة ”ستاربكس“ أول مقهى في روسيا إلا في عام 2007، بعد أن كسبت دعوى قضائية ضد أحد مقتنصي العلامات التجارية الذي طالب بتعويضٍ كبيرٍ للتنازل عن حقوق الاسم.

“ستاربكس” توقف عملياتها في روسيا

انحازت المحاكم إلى ”ستاربكس“ هذا العام أيضاً، رافضةً دعوى إلغاء علامة تجارية رفعها أنطون بينسكي، رجل الأعمال الذي تولى إدارة أعمال سلسلة المقاهي في روسيا عام 2022 وأعاد تسمية المقاهي باسم “ستارز كوفي”. وسمحت المحكمة بأن تمدد ”ستاربكس“ تسجيلها. رفضت ”ستاربكس التعليق“، ولم يتسنَّ الوصول إلى بينسكي للتعليق.

غالبًا ما تُرفض دعاوى عدم الاستخدام، إما لأن المالك يُثبت استمراره في استخدام العلامة التجارية أو لأن المُدّعي لا يستطيع إثبات مصلحته في الإلغاء، وفقاً لفلاديمير بيرولين، الشريك في شركة ”غوروديسكي آند بارتنرز“ (Gorodissky & Partners) للمحاماة في موسكو. ويضيف أن المحاكم رفضت عشرات الطلبات منذ عام 2022.

ترقب لحكم في قضية “راي بان” كمؤشر

قد تُلقي دعوى إلغاء قائمة ضد علامة ”راي بان“ (Ray-Ban) التجارية التابعة لمجموعة ”لوكسوتيكا“ (Luxottica) الضوء على ما إذا كان المشهد يتغير. قدّمت هذه الدعوى في يوليو سلسلة متاجر النظارات “آيكرافت” (Eyekraft)، ومقرها موسكو، والتي تبيع خط نظارات يُسمى “راي”، يحمل شعاراً بخط مائل يُشبه شعار “راي بان” تقريباً. وتزمع المحكمة عقد جلسة الاستماع التالية في مطلع ديسمبر. رفضت شركة “لوكسوتيكا” التعليق، ولم تُجب “آيكرافت” على الأسئلة المُرسلة عبر البريد الإلكتروني.

في تحليل مجلة “بيزنس ويك” لوثائق المحكمة، برزت بعض الأسماء عدة مرات. وقد رفع أندريه كوزوخاريف ما لا يقل عن 12 دعوى إلغاء لعدم الاستخدام خلال العام الماضي، معظمها ضد علامات تجارية للملابس مثل “ستوسي” و”فريد بيري” و“كارهارت”.

ما تزال معظم هذه الدعاوى قائمة، بينما رُفضت قضيتان. ولم يستجب هو ولا الشركات لطلبات التعليق المتعددة.

روسيا تسعى للتحايل على العقوبات النفطية لتخفيف التأثير على موازنتها

رفعت شركة “ملتي غودز برودكشن” (Multigoods Production)، وهي شركة جملة مقرها هونغ كونغ، ما لا يقل عن 20 دعوى إلغاء منذ منتصف عام 2024، ونجحت في أربع دعاوى على الأقل ضد ”أمازون يوروب“ و”نوكيا” و”إنديتكس” و”فيكتوريا سيكريت”. ولم يتسنَّ التواصل مع الشركة عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني.

حتى علامات السجائر تتعرض لمحاولات إلغاء التسجيل

كادت شركة ”إمبريال براندز“ (Imperial Brands) تخسر إحدى أشهر علاماتها التجارية من قِبل شركة سجائر روسية. في أبريل، فازت شركة ”يونيفرسال سيغاريت مانوفكتوري“ (Universal Cigarette Manufactory) ومقرها كالينينغراد، بدعوى لإلغاء علامة ”جيتان“ (Gitanes) التجارية. وكان موقع ”يونيفرسال سيغاريت مانوفكتوري“ الإلكتروني باللغة الروسية قد تضمن إعلاناً بارزاً في سبتمبر يفيد بأن سجائر ”جيتان“ ستتوفر قريباً، لكنه حذف الإعلان بعد وقت قصير من توجيه الصحفيين طلبات متكررة للتعليق لم تستجب لها الشركة.

تُظهر الوثائق المقدمة إلى مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الروسي (روسباتنت) أن شركة ”أو أو أو بينيفت إكسبيرينس“ (OOO Benefit Experience)، ومقرها سانت بطرسبرغ، التي تملك العلامات التجارية لمعظم علامات سجائر ”يونيفرسال سيغاريت مانوفكتوري“، سحبت طلباً لتسجيل علامة ”جيتان“ التجارية في يوليو.

ما السبيل لجعل روسيا تعاني ألم العقوبات أكثر؟

لم تعترض ”إمبريال براندز“ على قرار الإلغاء، وفقاً لمتحدث باسمها، الذي قال إن مبيعات العلامة التجارية قد توقفت في روسيا قبل بضع سنوات من عام 2022 بسبب تراجع شعبيتها. ورفض التعليق على إعلان ”يونيفرسال سيغاريت مانوفكتوري“ الإلكتروني.

يُحاجج توماس فاركاس، محامي الملكية الفكرية في شركة ”إيفرشيدز ساذرلاند“ (Eversheds Sutherland) في ميونيخ، بأنه حتى لو لم تكن الشركات تنوي العودة إلى روسيا، فإن الشركات التي تفقد علاماتها التجارية قد تجد أسماء علاماتها التجارية وشعاراتها مُلصقة على سلع ذات جودة مشكوك فيها، وهذا يُضعف ثقة المستهلك، خاصةً إذا صُدّرت أو هُرّبت عبر الحدود.

قال فاركاس، مُشدداً على أنه لا يُشير إلى أي حالة أو شركة مُحددة: “بمجرد أن تجد شركة تبيع منتجات تحمل اسمك، يصعب إيقافها. الأمر لا يقتصر على فقدان علامتك التجارية في روسيا، بل ستواجه أيضاً مشكلة السوق الرمادية هذه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *