اخر الاخبار

عصر ترمب الذهبي في أول 100 يوم.. مشرق للذهب وقاتم للأسهم والدولار

عندما أدى دونالد ترمب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، أعلن عن بزوغ فجر “العصر الذهبي” الجديد.

وبعد مرور مئة يوم تقريباً من ولايته الثانية، حصل المستثمرون الذين صدقوا كلماته حرفياً، واشتروا المعدن الثمين، على مكافأة مجزية.

ولكن أولئك الذين أخذوه على محمل الجد، وسارعوا إلى شراء الأسهم الأميركية والدولار، أُصيبوا بخيبة أمل، بجانب مشتري سندات الخزانة الأميركية، الذين رأوا مكانة الدين الأميركي كملاذ آمن في موضع شك.

وبدلاً من أن تعمل الإدارة الجديدة على تعزيز هيمنة الاقتصاد والبورصة الأميركية عبر مجموعة من التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، فقد أدى سيل من التعريفات الجمركية وعدم اليقين الجيوسياسي إلى توليد بعض أكثر التقلبات السوقية تطرفاً في التاريخ الحديث.

بعدما بدأت مؤشرات الأسهم الأميركية ولاية ترمب الثانية بالقرب من قممها القياسية، تتجه الآن لتسجيل أعنف هبوط لها بعد تنصيب رئيس منذ تولي جيرالد فورد منصبه في 1974. كما تراجع الدولار، ليتكبد أعنف هبوط منذ السبعينيات، منذ تخلي الولايات المتحدة عن معيار الذهب قبل أكثر من 50 عاماً.

من تفوّق في الأسواق؟ ارتفع الذهب، الملاذ الآمن، ليسجل أعلى مستوياته على الإطلاق، بينما حافظت بتكوين، رغم تراجعها هذا العام، على مكاسبها التي حققتها بعد الانتخابات، مدعومةً بالتفاؤل بشأن سياسات ترمب الداعمة للعملات المشفرة.

فيما يلي نظرة على أداء الأسواق في أول 100 يوم من حكم ترمب:

الأسهم

رغم استقراره مؤخراً، انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بحوالي 8% منذ تنصيب ترمب، ويتجه لتكبد أسوأ أداء له خلال أول 100 يوم من ولاية رئيس أميركي منذ عهد جيرالد فورد في 1974، بعد استقالة ريتشارد نيكسون.

وكان هذا بمثابة تحول جذري لم يتوقعه سوى القليل في وول ستريت بعد تحقيق مكاسب تجاوزت 20% في عامين متتاليين، وسط توقعات سائدة بأن تكون أجندة ترمب داعمة للنمو. وبدلاً من ذلك، تأرجحت الأسواق بشكل جنوني مع فرض رسوم جمركية على كل دولة تعمل فيها شركات أميركية تقريباً- ثم علّق بعضها، ومنح استثناءات لصناعات معينة، وصعّد الحرب التجارية مع الصين.

هذه الاضطرابات، إلى جانب المساعي الجريئة من قبل الإدارة لترحيل العمال غير المسجلين وعمليات الفصل الجماعي للموظفين الفيدراليين، أثارت قلق المستثمرين ودفعت مؤشر “إس آند بي 500” إلى سابع أسرع تصحيح له منذ 1929.

قال مارك مالك، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “سيبرت”: “لقد كان الأمر بمثابة مخاطرة نظامية متطرفة في أعنف صورها، مقارنة بما يجب أن يكون”، و”التقلبات كانت مختلفة تماماً عن أي شيء شهدناه في الماضي، وانتشرت بشكل عشوائي في جميع القطاعات وفئات الأصول مثل النار في الهشيم، وتغذيها وسط استمرار تصريحات عشوائية وتحركات سياسية متغيرة”.

الكريبتو

واجهت بتكوين، وهي الأصل الرئيسي في حملة ترمب الرئاسية المؤيدة للعملات المشفرة، صعوبة في الحفاظ على زخمها.

رغم الحماس المبكر، انخفض سعر أكبر أصل رقمي بأكثر من 7% منذ تنصيب ترمب، حتى بعد الانتصارات السياسية الكبرى للقطاع الأوسع (العملات المشفرة)، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

خلال حملته الرئاسية، تعهد ترمب بضمان أن كل ما تبقى من عملة بتكوين سيكون “مصنوعاً في الولايات المتحدة”، وبإنشاء احتياطي استراتيجي من العملة المشفرة. وفي السابق بدا ترمب متشككاً حيال الأصول الرقمية، لكنه تحول ليتبنى القطاع خلال حملته الانتخابية، ويرجع ذلك جزئياً إلى تكثيف الصناعة لمشاركتها في الانتخابات من خلال التبرعات السياسية الكبيرة.

“روَّج ترمب في حملته الانتخابية لمنصة مؤيدة للعملات المشفرة، وحقق نتائج كبيرة” وفق ريتشارد جالفين، المؤسس المشارك لصندوق التحوط “DACM”، في إشارة إلى تعيين مُنظمين داعمين للقطاع في أدوار رئيسية، في حين أسقطت لجنة الأوراق المالية والبورصات قضايا تشفير بارزة.

لا تزال أسعار “بتكوين” مرتفعة بأكثر من 30% عن مستوياتها ما قبل الانتخابات. وقال جافلين: “السوق سارعت في الاستفادة من البيئة المؤيدة للعملات المشفرة في نوفمبر، ولكن منذ ذلك الحين تأثرت بضعف الأسهم والسندات الأوسع مع بدء الإعلان عن سياسات التعريفات الجمركية”.

الدولار

خسر مؤشر الدولار نحو 9% منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض، متجهاً لتكبد أكبر خسائره منذ أوائل السبعينيات، عندما تخلت الولايات المتحدة عن معيار الذهب وسمحت للدولار بالتحرك بحرية.

اتسمت الأيام المئة الأولى من تعيين الرؤساء الأميركيين بقوة العملة طيلة العقود الأخيرة، مع تسجيل متوسط ​​عوائد يقترب من 0.9% بين عامي 1973، عندما بدأ نيكسون ولايته الثانية، و2021، مع تولي جو بايدن منصبه.

أمّا في عهد ترمب، فتعرضت سوق الصرف، البالغ حجمها 7.5 تريليون دولار يومياً، لتقلبات حادة نتيجة فرض الرسوم الجمركية، ثم التراجع عنها، ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي. وارتفعت جميع العملات الرئيسية الأخرى التي تتابعها بلومبرغ مقابل الدولار منذ تنصيبه (ترمب)، وفي مقدمتها الكرونة السويدية والفرنك السويسري واليورو.

وحتى البيزو المكسيكي والدولار الكندي ارتفعا مقابل العملة الأميركية منذ 20 يناير، حيث خفف التأجيل والمفاوضات من حدة تهديدات ترمب التجارية الأكثر عدوانية.

سندات الخزانة الأميركية

انتقلت التحركات الدرامية الأعنف منذ عقود إلى سوق سندات الخزانة الأميركية البالغة قيمتها 29 تريليون دولار خلال الأيام المئة الماضية.

ارتفعت سندات الخزانة الأميركية، مما أدى إلى انخفاض العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 3.86% في أوائل أبريل، بعد أن أعلن ترمب عن مجموعة واسعة من التعريفات الجمركية على جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين تقريباً، مما حفز الطلب بين المستثمرين على الملاذات الآمنة.

لكن هذا الإقبال سرعان ما تبخّر مع انتشار الخوف في وول ستريت من أن الحرب التجارية المتصاعدة ستدفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود، ليلجأ المستثمرون إلى بيع سندات الخزانة. سجّل العائد المرجعي أكبر ارتفاع أسبوعي له منذ 2001، ملامساً 4.59%.

وأثارت تقلبات السوق -التي غذّتها أيضاً هجمات ترمب على رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول- تساؤلات حول مكانة سندات الخزانة كملاذ آمن، والتي لطالما نُظر إليها باعتبارها الأصول “الخالية من المخاطر” في العالم. كما تُستخدم ديون الحكومة الأميركية كمعيار لتسعير كل شيء، بدءاً من الأسهم إلى السندات السيادية وأسعار الرهن العقاري، في حين تعمل كضمان لتريليونات الدولارات من الإقراض يومياً.

الائتمان

انتعشت أسواق الائتمان في بادئ الأمر عند انتخاب ترمب. وفي نوفمبر، وصلت علاوات المخاطر على ديون الشركات الكبرى في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ 1998. لكن هذا التراجع لم يدم طويلاً، إذ قلبت رسوم ترمب الجمركية الشاملة أسواق الدين رأساً على عقب في أسوأ انهيار لها منذ الجائحة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية في 2 أبريل بأيام قليلة، سجلت مؤشرات المخاطر في سوق سندات الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا أقوى ارتفاع لها منذ أزمة المصارف الإقليمية، وانهيار بنك كريدي سويس، في مارس 2023. وارتفعت العائدات الإضافية على السندات الحكومية التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بالسندات غير الاستثمارية على مستوى العالم في أسوأ موجة بيع منذ مارس 2020.

وأصبحت الشركات غير قادرة فعلياً على الاقتراض في أسواق الديون الأميركية لأيام، وهبطت أسعار السندات، وارتفعت تكاليف التداول، وتضخم مؤشر بلومبرغ لقياس كمية الديون المتعثرة في جميع أنحاء العالم ليصل لأعلى مستوى له في 15 شهراً على الأقل.

شدة الانهيار دفعت البعض إلى التساؤل عمّا قد يتطلبه الأمر ليتدخل الاحتياطي الفيدرالي.

وتنفس حاملو السندات الصعداء بعد تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً. فقد استغل المقترضون من جميع الأنواع -من بعض أكبر البنوك في وول ستريت إلى أكبر تجار التجزئة في العالم- هذا الإعفاء الجزئي لجمع الديون بسرعة بينما لا تزال الفرصة سانحة.

في أسواق السندات دون الدرجة الاستثمارية والقروض الممولة بالديون، تم تأجيل العديد من الصفقات، وبات على البنوك التعامل مع قروض “معلّقة” بقيمة 5.7 مليار دولار. ولكن في الأيام الأخيرة، ظهرت علامات على أن المستثمرين ما زالوا على استعداد لتحمل المخاطر، حيث نجحت مجموعة من البنوك في بيع نحو 1.23 مليار دولار من القروض المرتبطة بشراء شركة “إكس هولدينغز كورب”، المعروفة سابقاً باسم “تويتر”.

النفط

انخفضت أسعار النفط، ويرجع جزء كبير من ذلك إلى التوقعات الاقتصادية القاتمة الناجمة عن حرب الرسوم الجمركية.

وفي الوقت نفسه، بدأت منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها في استعادة ضخ الإمدادات المتوقفة في محاولة لمعاقبة الدول التي تنتج أكثر من حصصها.

تُتداول أسعار عقود مزيج برنت الآجلة الآن عند حوالي 65 دولاراً للبرميل بعد أن تراجعت في أوائل أبريل إلى 58.40 دولار.

قبل تولي ترمب منصبه، كان سعر النفط دون 81 دولاراً. والأهم من ذلك، أن انخفاض أسعار النفط سيساعد ترمب على تحقيق وعده الانتخابي بخفض التضخم وتقليل أسعار الوقود.

الذهب

يُعدّ الذهب أحد الأصول القليلة التي استفادت من الاضطرابات، مسجلاً 28 قمة جديدة منذ فوز ترمب في انتخابات 5 نوفمبر.

وفي بادئ الأمر، تراجع سعر الذهب عن مستوياته القياسية مع مخاوف المتداولين من إدراج المعدن النفيس في الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، فيما ارتفعت أسعار العقود الآجلة في الولايات المتحدة مما ساعد على رفع الأسعار عالمياً وسط تسارع المتداولين إلى نقل الذهب إلى نيويورك قبل فرض أي رسوم.

لكن في النهاية، توقفت هذه الممارسات عندما حصل الذهب على استثناء. ولكن بعد تراجعه لفترة وجيزة مع هبوط الأسواق العالمية، سرعان ما اتجهت موجة صعود سعر الذهب إلى ذروتها بعد أن أثبت الوقت مكانته باعتباره الملاذ الآمن.

وصل سعر الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق متخطياً 3500 دولار للأونصة في وقت سابق من هذا الشهر، وحتى بعد الانخفاض في الجلسات الأخيرة، ينافس الذهب الآن مؤشر “إس آند بي 500” كأحد أفضل الأصول الرئيسية أداءً في العالم على مدى السنوات الخمس الماضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *