اخر الاخبار

عرض ليفربول لضم فيرتس يسلط الضوء على حدود الدوري الألماني

التحرك المحتمل من جانب نادي ليفربول للتعاقد مع نجم كرة القدم الألماني فلوريان فيرتس مقابل ما يتردد بنحو 150 مليون يورو (170 مليون دولار) لن يضع فقط “بايرن ميونيخ” في مأزق، بل من المرجح أيضاً أن يؤجج الجدل مجدداً بشأن قدرة الدوري الألماني “بوندسليغا” على منافسة الدوريات الأوروبية الأكثر ربحية في استقطاب المواهب.

اللاعب البالغ من العمر 22 عاماً، والذي يشغل مركز صانع ألعاب هجومي، كان من المتوقع على نطاق واسع أن ينضم إلى بطل ألمانيا الموسم المقبل بعد أن ساهم في قيادة فريقه “باير ليفركوزن” لتحقيق أول لقب دوري في تاريخه العام الماضي، إلا أنه أبدى رغبته في الانتقال إلى “أنفيلد” بعد محادثات أجراها مع الناديين، وفقاً لما أوردته صحيفة “بيلد” الألمانية يوم السبت.

في حال توقيع ليفربول معه، فسيجتمع الدولي الألماني مجدداً بزميله في “ليفركوزن” جيريمي فريمبونغ، الذي يُقال أيضاً إنه بات قريباً من الانضمام إلى “الريدز” (ليفربول). يعكس هذا الصراع حدود قدرة “بوندسليغا” في سوق الانتقالات عند منافسته مع “البريميرليغ” الإنجليزي.

التفوق المالي للأندية الإنجليزية على الألمانية

لطالما حظي “بايرن ميونيخ” بسجل حافل في اجتذاب أبرز لاعبي ألمانيا من خلال عروض مالية لا يستطيع منافسوه المحليون مجاراتها، وضمهم إلى نجوم دوليين مثل المهاجم الإنجليزي هاري كين، أو الفرنسي مايكل أوليس. بعد استعادته للقب الدوري الألماني هذا الموسم، حاول النادي الأكثر تتويجاً في البلاد إقناع فيرتس بالانضمام إلى صفوفه.

لكن التفوق المالي لنادٍ مثل ليفربول، وغيره من أندية “بريميرليغ”، جعل من الصعب بشكل متزايد على الأندية الألمانية الحفاظ على نجومها أو استقطاب أسماء لامعة.

من بين أبرز القيود التي تواجه الأندية الألمانية ما يُعرف بـ”قاعدة 50+1″، والتي تشترط أن يحتفظ الأعضاء بنسبة لا تقل عن 50% زائد واحد من حقوق التصويت في الكيان الذي يُدير الفريق المحترف، وهو ما يضمن بقاء السيطرة بيد المشجعين وأعضاء النادي ويحد من تأثير المستثمرين الخارجيين.

كما تساعد هذه القاعدة على إبقاء أسعار التذاكر في ألمانيا منخفضة نسبياً، ما ينعكس على امتلاء الملاعب هناك، والتي تسجل معدلات حضور جماهيري من بين الأعلى عالمياً.

قال دانيال إيرد، المستشار القانوني في مكتب المحاماة “واتسون فارلي آند ويليامز” ومقره فرانكفورت: “إذا أرادت الرابطة أن تبقى قادرة على المنافسة، فإما أن تُصلح قاعدة 50+1، أو تجد آلية لتقديم دعم مالي أكبر للأندية”، مضيفاً أن “الطريقتين تتطلبان إصلاحاً”.

تستفيد أندية مثل ليفربول ومانشستر سيتي من إيرادات أعلى بكثير بفضل حقوق البث المحلية والدولية، فضلاً عن امتلاكها من قبل مستثمرين أثرياء من الولايات المتحدة أو الشرق الأوسط.

محدودية التمويل للأندية الألمانية 

أما الأندية الألمانية ذات الجماهيرية الكبيرة، مثل “آينتراخت فرانكفورت” أو “فيردر بريمن”، فقد تمكنت من تجاوز بعض العقبات من خلال جمع تمويلات بمساعدة مستثمرين محليين يدعمون الفرق من دون التدخل في إدارتها. 

كان نادي “سانت باولي” في هامبورغ قد جمع نحو 30 مليون يورو (34 مليون دولار) من مشجعيه بين نوفمبر 2024 ومارس 2025، في واحدة من أولى المبادرات التعاونية للاستحواذ على حصة الأغلبية في النادي.

مع ذلك، لا تزال الأندية الألمانية تواجه تحديات لإيجاد مصادر تمويل جديدة خارج نطاق أسعار التذاكر وحقوق البث والرعاية التجارية. فقد حاول ناديا “أوغسبورغ” و”هيرتا برلين” جذب مستثمرين جدد، لكن محاولاتهما باءت بالفشل.

عل الرغم من أن “قاعدة 50+1” تعد من أكثر النقاط المثيرة للجدل في أوساط المشجعين والمؤسسة الكروية الألمانية، الذين يرفضون بشدة التنازل عن السيطرة لصالح مستثمرين أجانب مهتمين بجوانب الربح أكثر من إرث اللعبة، فإن الوضع القانوني لتلك القاعدة قد يتغير.

تجري هيئة مكافحة الاحتكار الألمانية مراجعة للتأكد من توافق “قاعدة 50+1” مع قوانين المنافسة الألمانية والأوروبية. كما أثار بعض قرارات محكمة العدل الأوروبية في الآونة الأخيرة مخاوف محتملة، بحسب إنغو شتراوس، الشريك في مكتب المحاماة “لاثام آند واتكنز” (Latham & Watkins).

جدل متجدد

قد يؤدي ذلك إلى تجدد الجدل الذي أُثير العام الماضي، عندما فشلت للمرة الثالثة محاولة جلب مستثمرين من القطاع الخاص إلى الكيان المسؤول عن بيع حقوق البث التلفزيوني.

أثارت المفاوضات حينها معارضة واسعة من بعض الأندية وجماهيرها، ما اضطر رابطة الدوري الألماني “دي إف إل” إلى إبرام صفقة بث محسّنة قليلاً، منحتها بعض الوقت لصياغة استراتيجية جديدة لتعزيز الإيرادات.

استأنفت “دي إف إل” ومسؤولو الأندية مؤخراً محادثاتهم حول سبل تعزيز جاذبية “بوندسليغا” دولياً، وإمكانية إصلاح “قاعدة 50+1” لتسهيل جذب المستثمرين. تشير وثيقة تحليلية من 108 صفحات اطلعت عليها “بلومبرغ نيوز” إلى مدى ضعف الإيرادات التي يحققها الدوري الألماني خارج سوقه المحلي مقارنة بـ”بريميرليغ”.

لزيادة جاذبيته الدولية، يحتاج الدوري الألماني إلى توسيع قاعدة المنافسة بحيث تتاح الفرصة أمام مزيد من الأندية لمنافسة “بايرن ميونيخ”، واستقطاب نجوم يساعدونها على تحقيق نتائج أفضل في بطولات مثل دوري أبطال أوروبا.

واجهت فرنسا المجاورة تعقيدات مشابهة في سوق كرة القدم الأوروبية، إلى جانب ظروف اقتصادية صعبة، إذ ألغت رابطة الدوري الفرنسي “ليغ 1” عقد البث التلفزيوني مع “دازن” بعد عام واحد فقط من عقد مدته خمس سنوات، فيما ألقت “دازن” باللوم على الرابطة بسبب تقاعسها في مكافحة البث غير القانوني. وزاد من تعقيد المشهد رحيل النجوم الكبار مثل كيليان مبابي، وليونيل ميسي، ونيمار.

على غرار فرنسا، سيبقى الجدل قائماً في ألمانيا بشأن كيفية زيادة التمويل ومواكبة التغيرات السريعة في صناعة الرياضة.

قال مارتن كايند، رجل الأعمال الألماني والرئيس السابق لنادي “هانوفر 96″، وأحد أبرز المدافعين عن إصلاحات أوسع خلال السنوات الأخيرة: “المشكلة تكمن في قاعدة 50+1، لكني أخشى أنه لا يمكن تأمين أغلبية لتعديلها”، مضيفاً: “السبيل الوحيد هو أن يطعن المحامون فيها قانونياً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *