ضغوط بيعية تضرب أسهم التكنولوجيا الأميركية الكبرى قبيل نهاية العام
ضربت الضغوط البيعية التي واجهتها أكبر شركات التكنولوجيا في العالم مؤشرات الأسهم الأميركية قرب ختام تعاملات عام استثنائي.
وفي جلسة اتسمت بحجم تداول ضئيل -وهو ما يميل إلى تضخيم التحركات- تراجع مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) بنسبة 1.1% وانخفض مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.4%. في حين استسلمت كل القطاعات الكبرى للهبوط يوم الجمعة، تحملت الشركات الكبرى العبء الأكبر من عمليات البيع في وول ستريت. يأتي ذلك بعد الارتفاع الحاد الذي بموجبه استحوذت أسهم عمالقة التكنولوجيا “العظماء السبعة” على أكثر من نصف أداء مؤشر الأسهم الأميركية في 2024.
قال كيني بولكاري من “سليت ستون ويلث” (SlateStone Wealth): “أعتقد أننا نشهد سمات تعاملات نهاية العام. هل لاحظت أداء 2024؟”، وأضاف “إنه يوم الجمعة، والتعاملات في الأسبوع المقبل ستكون قصيرة بسبب العطلات، وستكون أحجام التداول ضعيفة أيضاً، لكن التحركات ستكون مبالغ فيها. لا أنصح باتخاذ أي قرارات استثمارية كبيرة هذا الأسبوع”.
يرى ستيف سوسنيك من “إنتر أكتف بروكرز” إنه بينما كانت جلسة الجمعة تبدو هادئة بسبب موسم العطلات، إلا أنها كانت مبهمة أكثر مما كان متوقعاً. وأوضح “ما يمكنني ملاحظته هو أن هناك محافظ كبيرة وصناديق معاشات تقاعدية وما شابه، تتجه إلى إعادة موازنة حيازاتها قبل نهاية العام”.
قلص مؤشرا “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” مكاسبهما للأسبوع الحالي. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.8%. وهبط مؤشر أسهم “العظماء السبعة” بنسبة 2%، وقادت أسهم “إنفيديا” و”تسلا” الهبوط. وانخفض مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة 1.6%.
وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أربع نقاط أساس إلى 4.62%. وشهد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري تقلبات.
عمليات الاستردادات
تعثرت الصناديق المرتبطة بالعديد من المواضيع الرئيسية التي قادت صعود الأسواق وتدفقات الأموال على مدى السنوات الثلاث الماضية خلال الأسبوع المنتهي في 25 ديسمبر، وفقاً للبيانات التي جمعتها “EPFR”. وقالت الشركة إن عمليات الاسترداد من صناديق العملات المشفرة وصلت إلى مستوى قياسي، في حين مددت صناديق قطاع التكنولوجيا أطول سلسلة من خروج الاستثمارات منذ الأسبوع الأول من 2023.
أدى ارتفاع الأسهم الأمريكية هذا العام إلى زيادة التطلعات من الأسهم لدرجة قد تعيق تحقيقها المزيد من المكاسب في العام الجديد. كما تزيد درجة التحدي بالنسبة لأسهم التكنولوجيا، نظرا لارتفاعها الهائل في 2024.
خلص تحليل أجرته بلومبرغ إنتليجنس مؤخراً إلى أن المحللين يقدرون نمو أرباح القطاع 30% تقريباً العام المقبل، لكن حصة التكنولوجيا في القيمة السوقية لمؤشر “إس آند بي 500” تشير إلى أن توقعات النمو الأقرب إلى 40% قد تكون أخذتها الأسهم في اعتبارها.
التقييمات المرتفعة
قال جيسون برايد ومايكل رينولدز من “غلينميد” (Glenmede): “لا تزال أكبر الأسهم في السوق وغيرها من شركات التكنولوجيا ذات الصلة تحقق أرباحاً كبيرة”، وأضاف:”التقييمات المفرطة تترك مجالاً لتراجع أسعار الأسهم إذا جاءت الأرباح دون التوقعات. ويجب أن تكافئ السوق المحافظ الاستثمارية المتنوعة”.
من جهة أخرى يرى جون بيلتون، من شركة “غابيلي فاندس” (Gabelli Funds)، إن التقييمات وحدها ليست سبباً لتوقع هبوط الأسهم الأميركية، ولكنها تؤثر على المخاطر/العائد على المدى القريب. وأشار إلى أنه بات أكثر حذراً بشأن الأسهم في العام المقبل مقارنة بالسابق.
ومع ذلك، تشير بيلتون إلى أن أسهم “العظماء السبعة” ما زالت تبدو وكأنها في وضع جيد.
قال ديفيد ميلر، من شركة “كاتاليست فاندس” (Catalyst Funds): “ما زلت متفائلاً بشأن قطاع التكنولوجيا، رغم المخاوف بشأن التقييمات المرتفعة”، وأوضح أن “إمكانات النمو، مدفوعة بشكل خاص بالذكاء الاصطناعي، تبرر هذه التقييمات، لأنها تعزز إنتاجية الشركات بشكل كبير”.
السوق الصاعدة
“تبدو التقييمات المرتفعة مبالغاً فيها، والاقتصاد الأميركي في مرحلة متأخرة. ونتيجة لذلك، قد يكون الطريق أمامنا أقصر مما يوحي به زمن السوق الصاعدة وحده”، وفق برايد ورينولدز من “غلينميد”. وأشاروا إلى أنه في حين أن الصعود الحالي من 2022 حتى الوقت الحاضر يبدو استثنائياً للغاية، إلا أنه كان بمثابة ثاني أقصر سوق صاعدة، وثاني أصغر مكاسب تراكمية، منذ عام 1928.
تاريخيًا، استمرت السوق الصاعدة التي حدثت في أواخر الدورات الاقتصادية وكانت تتسم بتقييمات مرتفعة بعد مرور سنتين، في المتوسط 38 شهراً. وخلص استراتيجيو “غلينميد” إلى أن “تزامن السوق الصاعدة القصيرة، والصعود في أواخر الدورة الاقتصادية، والتقييمات المرتفعة يبرر وضع المخاطر المحايد نسبياً على الأصول الخطرة”.
أمّا توم إيساي من “ذا سفنز ريبورت” (The Sevens Report)، فإن المشاعر لم تعد في حالة النشوة، والأسواق ستبدأ العام بمستثمرين منتظمين أكثر توازناً في توقعاتهم، وسيكون هذا “أمرًا جيدًا لأنه يقلل من مخاطر الضعف”، لكن المستشارين تجاهلوا إلى حد كبير التقلبات الأخيرة.
أضاف إيساي “ومن العدل أن نقول إن هذا الانخفاض الأخير في الأسهم قد أبعد حالة النشوة عن المستثمرين الأفراد، لكنه لم يؤثر على معنويات المستشارين. وإذا وردت أخباراً سياسية سيئة أو أشار مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى “توقف مؤقت” عن خفض أسعار الفائدة، فمن المرجح أن يتسبب ذلك في مزيد من الانخفاضات الحادة القصيرة الأمد.