اخر الاخبار

ضعف السيولة يهدد “نمو”.. هل تجد السوق السعودية الموازية الحل؟

قبل سبع سنوات، كانت السوق الموازية السعودية “نمو” تجربة خجولة، أشبه بمختبر اقتصادي يضم تسع شركات فقط، بقيمة سوقية لا تتجاوز 2.3 مليار ريال. الفكرة كانت واضحة: إنشاء سوق موازية تمنح الشركات الصغيرة والمتوسطة فرصة للحصول على التمويل، دون التعقيدات التي تفرضها السوق الرئيسية. لكن، لم يكن كثيرون يتوقعون أن تتحول إلى ما هي عليه اليوم: 106 شركات، بقيمة سوقية تقارب 60 مليار ريال.

لكن خلف هذا الصعود السريع، يظل السؤال الأكبر: هل يمكن لـ”نمو” أن تتجاوز أكبر عقبة تعترض طريقها لتصبح منصة استثمارية أكثر حيوية: ضعف السيولة؟

هل تتقدم “نمو” بسيولة متواضعة؟

رغم التوسع الهائل في عدد الشركات المدرجة، لا تزال “نمو” تعاني من فجوة هائلة في السيولة مقارنة بالسوق الرئيسية (تداول). الأرقام توضح الصورة: السوق الرئيسية تتجاوز السوق الموازية من حيث حجم التداول بـ131 مرة. هذه المفارقة تُبقي “نمو” في موقع صعب، بين كونها منصة حيوية للشركات الناشئة، وبين محدودية جاذبيتها للمستثمرين الباحثين عن سيولة أعلى.

من يقود التغيير؟

خلف هذا الصعود الكبير، يبرز اسم خالد الحصان، الرئيس التنفيذي لمجموعة “تداول”، الذي يقود استراتيجية طموحة لتعزيز جاذبية “نمو” وزيادة انفتاحها أمام المستثمرين. في مقابلة مع “الشرق”، كشف الحصان عن مراجعات تنظيمية جديدة تستهدف توسيع قاعدة المستثمرين الأفراد، مؤكداً أن الفترة المقبلة ستشهد تغييرات من شأنها تسهيل وصول هذه الشريحة إلى السوق الموازية.

تعرّف على المزيد: خطط خالد الحصان للسوق السعودية

يقول الحصان: “نحن نعمل على تطوير آليات التأهيل والإدراج، وتبسيط إجراءات الطرح، بهدف جعل السوق أكثر نضجاً واستقطاباً للمستثمرين والشركات على حد سواء”. كما أشار إلى أن “نمو” ستواصل فتح أبوابها أمام الإدراج المزدوج، بعد تجربة ناجحة مع سوق هونغ كونغ، في خطوة تعكس طموح “تداول” لتعزيز حضورها الإقليمي والدولي.

ما الأولوية لإنعاش “نمو”: الحوكمة أم السيولة؟

على الرغم من التوسع اللافت، تبقى مشكلة السيولة التحدي الأبرز الذي يواجه السوق الموازية. هنا يتفق كل من هشام أبو جامع، مؤسس “تقنيات مكيال المالية”، وإبراهيم النويبت، الرئيس التنفيذي لشركة “قيمة المالية”، على أن ضعف التداولات مقارنة بالسوق الرئيسية يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق “نمو” لطموحاتها.

بلغة الأرقام، تشكل الشركات المدرجة في “نمو” نحو 42% من إجمالي الشركات المدرجة في السوق الرئيسية، إلا أن حجم التداولات لا يزال ضعيفاً مقارنة بالسوق الرئيسية، حيث تتجاوز قيمة تداولات الأخيرة نظيرتها في “نمو” بـ131 مرة.

ويرى أبو جامع والنويبت أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الفارق هو مرونة لوائح الحوكمة في السوق الموازية. فبينما تتيح هذه اللوائح للشركات الصغيرة فرصة الإدراج بمتطلبات أخف، فإنها في المقابل قد تجعل بعض المستثمرين مترددين في ضخ أموالهم في سوق لا تزال تفتقر إلى مستوى الحوكمة والإفصاح الموجود في السوق الرئيسية.

حقائق عن “نمو”

  • التأسيس: فبراير 2017
  • القيمة السوقية: 60 مليار ريال
  • حجم التداول في “نمو” عام 2024: 14 مليار ريال
  • حجم التداول في السوق الرئيسية عام 2024: 1.86 تريليون ريال (أكبر بـ132 مرة من “نمو”)
  • عدد الشركات المدرجة في “نمو”: 106 شركات (42% من إجمالي شركات السوق الرئيسية)

كيف يمكن معالجة أزمة السيولة؟

يجيب هشام أبو جامع، مؤسس “تقنيات مكيال المالية”: “إذا أردنا أن تصبح “نمو” أكثر جاذبية، فعلينا توسيع قاعدة الشركات المؤهلة للإدراج، بحيث لا تقتصر على الشركات المساهمة العامة فقط، بل تشمل الشركات المساهمة المقفلة أيضاً”، معتبراً أن هذا التوسع سيفتح المجال أمام شركات أكثر للبحث عن التمويل داخل “نمو”، وبالتالي تنويع الشركات المدرجة وتحفيز التداولات.


توسيع قاعدة الإدراج يجعل “نمو” أكثر جاذبية

هشام أبو جامع

أما إبراهيم النويبت، الرئيس التنفيذي لشركة “قيمة المالية”، فيرى أن الحل لا يكمن فقط في زيادة عدد الشركات المدرجة، بل في تحسين مستوى الإفصاح والحوكمة، وهو ما قد يجعل المستثمرين أكثر ثقة في السوق. ويشير النويبت إلى أن “فتح السوق أمام المستثمرين الأفراد قد يكون خطوة إيجابية، لكن بشرط أن يترافق ذلك مع رفع مستوى الإفصاح، وتسهيل إجراءات انتقال الشركات الناجحة إلى السوق الرئيسية”.

ربما يهمك: منصة “إيداع كونكت”.. تعامل مباشر في صناديق الاستثمار دون تعقيدات مديريها

ويقر النويبت بأن السوق الموازية تتمتع بعدة مزايا، من أبرزها تعزيز الحوكمة للشركات المدرجة حديثاً، حتى وإن كانت لوائحها أكثر مرونة مقارنة بالسوق الرئيسية.


فتح السوق للأفراد إيجابي بشرط تعزيز الإفصاح

إبراهيم النويبت

كما تساهم في فصل الملاك عن الإدارة المباشرة من خلال تشكيل مجالس إدارة وجمعيات عمومية، مما يعزز الاستقلالية في اتخاذ القرارات. إضافةً إلى ذلك، تتيح السوق الفرصة للمستثمرين لاكتشاف شركات جديدة لم تكن معروفة سابقاً، وتساعد الشركات على النمو عبر استقطاب الكوادر البشرية المؤهلة.

إلى أين تتجه “نمو”؟

مع استمرار خطط التطوير وفتح السوق أمام شريحة أوسع من المستثمرين، فإن “نمو” تمتلك فرصاً كبيرة لمواصلة نموها. لكن يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن للسوق أن تجد حلولاً ناجعة لمعضلة السيولة؟

إذا تمكنت الجهات التنظيمية من تحسين مستوى الإفصاح، وتقديم حوافز تشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات، فقد نشهد تحول “نمو” إلى منصة أكثر حيوية واستدامة. أما إذا استمرت مشكلة ضعف التداولات، فقد تجد السوق نفسها أمام تحدٍ حقيقي يحد من طموحاتها المستقبلية.

في كل الأحوال، تبدو السوق الموازية في السعودية أمام مفترق طرق: إما أن تصبح منصة استثمارية رئيسية توازي الأسواق الكبرى، أو أن تبقى في الظل، كوجهة ثانوية تقتصر على شريحة محدودة من المستثمرين والشركات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *