ضربة قوية لصادرات اليابان قد تؤثر على اقتصادها.. ما الأسباب؟
تباطأ نمو صادرات اليابان، مع تراجع الشحنات إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، في نتيجة تسلط الضوء على الآفاق المتباينة للتعافي الاقتصادي في اليابان.
ذكرت وزارة المالية، اليوم الأربعاء أن الصادرات زادت 5.6% في أغسطس مقارنة بالعام الماضي، متراجعة من 10.2% في الشهر السابق. وكانت النتيجة، التي جاءت أقل من التقدير المتفق عليه من جانب الاقتصاديين بنسبة 10.6%، مدفوعة بانخفاض صادرات السيارات بنسبة 9.9%، مع انخفاض شحنات آلات البناء والتعدين أيضاً.
ارتفعت الواردات بنسبة 2.3%، وهي أقل من توقعات الاقتصاديين البالغة 15%. واتسع العجز التجاري إلى 695.3 مليار ين (4.9 مليار دولار).
قد تعطي البيانات الأضعف من المتوقع المسؤولين في بنك اليابان سببا آخر للإبقاء على سعر الفائدة عندما يجتمع المصرف الأسبوع الجاري. وأجمع الاقتصاديون الذين استطلعت “بلومبرغ” آراءهم على ترجيح الإبقاء على السعر الحالي في القرار المرتقب يوم الجمعة، مع توقع الكثير منهم زيادة سعر الفائدة في الربع الرابع من العام الجاري.
آثار الإعصار
تعكس هذه الأرقام جزئياً آثار الإعصار الذي دفع الشركات بما في ذلك شركة “تويوتا موتور” إلى تعليق الإنتاج في بعض المصانع، وفقا لكازوما كيشيكاوا، الاقتصادي في معهد “دايوا” للأبحاث.
قال “كيشيكاوا”: “الصادرات كانت مخيبة للآمال هذا الشهر، لكن ذلك يرجع إلى بعض العوامل الخاصة.. من الصعب أن نستنتج أن الاتجاه العام للصادرات يفقد زخمه”.
كانت البيانات متعارضة مع تقييم بنك اليابان في يوليو. وفي تقرير التوقعات الذي صدر بعد اجتماع مجلس الإدارة في الشهر ذاته، قال البنك: “من المرجح أن تعود الصادرات والإنتاج إلى الاتجاه الصعودي، ويرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع الطلب العالمي على السلع المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، مع استمرار اعتدال النمو لدى الاقتصادات الخارجية”.
أضاف “كيشيكاوا”: “على الرغم من أن نتائج اليوم كانت أضعف بكثير من وجهات النظر التي تم التعبير عنها في تقرير التوقعات الأخير لبنك اليابان، إلا أنني على المدى الطويل أتفق مع البنك في الرأي المتمثل في أن الصادرات سوف تنتعش وسط نمو قوي في الاقتصادات الخارجية”.
اتجاه معاكس
كانت البيانات غير متسقة أيضا مع الاتجاهات الأوسع للتجارة. وقالت منظمة التجارة العالمية في وقت سابق من هذا الشهر إن مؤشر السلع الخاص بها، وهو مقياس لنشاط التجارة العالمية، ارتفع إلى 103 مقارنة بقراءة 100.6 في مارس، مع ظهور مكونات المؤشر مثل السيارات وحاويات الشحن والشحن الجوي عند أو أعلى المستويات.
يعود التراجع الكبير في شحنات السيارات في بيانات اليوم نتيجة المقارنة مع العام السابق، عندما ارتفعت صادرات السيارات بأكثر من 40%.
من بين المنتجات التي دعمت أداء الصادرات اليابانية الشهر الماضي كانت معدات تصنيع أشباه الموصلات، والتي سجلت مكاسب بنسبة 55.2%. واستفاد قطاع التكنولوجيا في اليابان من موجة الطلب العالمي على تطوير الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على أشباه الموصلات المتقدمة والآلات ذات الصلة في الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة.
وعلى أساس إقليمي، انخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث تراجعت بنسبة 0.7% بسبب الانخفاضات المكونة من رقمين في السيارات والآلات المستخدمة في البناء والتعدين والأدوية. وظل قطاع التكنولوجيا نشطاً، مع ارتفاع شحنات معدات تصنيع الرقائق بأكثر من 40%.
كما انخفضت الصادرات إلى أوروبا بنسبة 8.1%، بينما ارتفعت الشحنات إلى الصين بنسبة 5.2%.
عوامل معرقلة
هناك عدد من العوامل التي قد تحجب آفاق التجارة الخارجية. تكافح الصين من أجل إنعاش اقتصادها، حيث أثر الركود طويل الأمد في سوق الإسكان على النشاط الاستهلاكي، وزاد الطقس القاسي من تلك المشاكل خلال فصل الصيف. وفي هذه الأثناء، من المتوقع أن يهدأ النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
يمكن للعوامل الجيوسياسية أيضا أن تخلق رياحا معاكسة. ذكرت صحيفة “فايننشيال تايمز”، أمس الثلاثاء، أن اليابان على وشك الموافقة على اتفاق مع الولايات المتحدة للحد من صادرات التكنولوجيا إلى صناعة الرقائق الصينية. وذكرت صحيفة “نيكاي” أنه خلال الربع من يناير إلى مارس، ذهبت 50% من صادرات اليابان من الرقائق والمكونات ذات الصلة إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
لا تزال اتجاهات العملة مصدراً لعدم اليقين، حيث تفوق الين في أدائه على نظرائه خلال الشهر الماضي، وسط توقعات بأن الفرق بين أسعار الفائدة في اليابان، ومثيلاتها في الدول المتقدمة الأخرى سوف يضيق. من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في وقت لاحق اليوم، لينضم إلى بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي في التحول إلى دورة التيسير.
من الممكن أن تشكل العملة القوية عبئاً على أداء المصدرين اليابانيين، الذين استفادوا في السنوات الأخيرة من ضعف الين. وقالت الوزارة إنه في تقرير التجارة لشهر أغسطس، إن متوسط الين بلغ 150.89 مقابل الدولار، أي أضعف بنسبة 6.1% عن العام الماضي. وتم تداول الين عند حوالي 141.8 للدولار صباح اليوم في طوكيو.