صندوق النقد: جهات مصر الحكومية تخفض مديونياتها للمركزي بشكل سنوي
كشف صندوق النقد الدولي أن الجهات الحكومية في مصر ستخفض مديونياتها للبنك المركزي بواقع 100 مليار جنيه كل سنة مالية، حتى تصل إلى صفر، وذلك بموجب خطة العمل الخاصة بمطالبات البنك على الهيئات الحكومية.
وأشار الصندوق في تقرير مراجعة الاقتصاد المصري الصادر اليوم الإثنين، إلى أن الجهات الحكومية سددت بالفعل مطالبات للبنك المركزي بواقع 150 مليار جنيه بنهاية يوليو الماضي.
التقرير أشار أيضاً إلى أن عمليات السحب على المكشوف من البنك المركزي التي قامت بها وزارة المالية، انخفضت بشكل حاد منذ فبراير الماضي لتصل إلى صفر عند 31 مايو 2024.
متأخرات شركات النفط
كشف التقرير أن المتأخرات المستحقة لشركات النفط العالمية وصلت إلى 5 مليارات دولار، ولكن هيئة البترول وضعت خطة للتعامل معها، متوقعاً أن تؤدي خطة السداد إلى خفض المتأخرات لما بين 3.5 و3.8 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2023 – 2024.
وكان مسؤول حكومي كشف لـ”الشرق” في يوليو الماضي، أن الحكومة ستسدد مستحقات شركات النفط الأجنبية المتأخرة على 3 أقساط خلال السنة المالية الحالية، على أن يكون أول قسط بقيمة 1.2 مليار دولار في أكتوبر المقبل.
وفي يونيو، سددت الحكومة 1.3 مليار دولار كدفعة من هذه المستحقات، وفق رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
يأتي سعي مصر لسداد متأخرات شركات النفط الأجنبية في وقتٍ تحاول فيه زيادة إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد، بعد أن تراجع إلى 4.8 مليار قدم مكعب يومياً، وهو ما لا يكفي لسد الاحتياجات اليومية للبلد، مع إعادتها مجدداً إلى صفوف مستوردي الغاز الطبيعي المسال، بعد 5 أعوام كانت فيها في نادي المصدرين.
خدمة الدين
في ما خص خدمة الدين، أشار التقرير إلى أن مدفوعاتها ارتفعت بشكل كبير لتمثل نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر العشرة الأولى من العام المالي 2023-2024 ، حيث مثلت نحو 51% من إجمالي الإنفاق في البلاد، ونحو 84% من إجمالي الإيرادات.
وأضاف التقرير: “ساعد تخصيص الإيرادات غير المتوقعة لوزارة المالية من بيع حقوق التنمية في رأس الحكمة في تقليل احتياجات التمويل الإجمالية والديون”.
صفقة “رأس الحكمة” لم يكن لها تأثير على تقليل احتياجات التمويل الإجمالية فقط، إذ توقع التقرير أن يصل احتياطي النقد الأجنبي إلى 47.2 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، ارتفاعاً من 42.125 مليار دولار نهاية يونيو الماضي.
بموجب اتفاق مع الإمارات، حصل صندوق الثروة السيادي “القابضة” (ADQ) في أبوظبي على حقوق التطوير في منطقة متميزة مطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر، تُعرف باسم “رأس الحكمة” مقابل 24 مليار دولار، وقال الصندوق إنه يعتزم استثمار 11 مليار دولار من الأموال الإماراتية المودعة بالفعل لدى البنك المركزي المصري، في مشاريع إضافية بالعقارات وغيرها من المشاريع المتميزة في مصر.
وقال صندوق النقد الدولي في تقرير مؤخراً إن “التزام السلطات المصرية باستخدام جزء كبير من التمويل الجديد من اتفاق رأس الحكمة لتحسين مستوى الاحتياطيات، وتسريع تسوية الديون المتراكمة والمتأخرات بالعملة الأجنبية، وخفض الديون الحكومية مقدماً، هو أمر رشيد”.
تأثير إيجابي على الاقتصاد
التقرير الجديد أشار أيضاً إلى أن التأثير المحتمل لمشروع “رأس الحكمة” سيكون إيجابياً على الاقتصاد المصري، إذ قد يساعد في تعزيز النمو وتحسين ميزان المدفوعات على المستوى البنيوي، متوقعاً أن تتراوح تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية المرتبطة بالمشروع في نطاق 2.5 إلى 5 مليارات دولار.
ولكنه أشار إلى أن ذلك يتطلب في الوقت نفسه، “صرامة مستمرة في إدارة الاقتصاد الكلي لضمان احتواء المخاطر المحتملة لارتفاع الضغوط على الاقتصاد”.
وتابع أن هناك بعض المخاطر التي قد تعيق تنفيذ برنامج صندوق النقد، منها “الفشل في دعم التحول إلى نظام صرف أجنبي محرر، وعدم كفاية تعديلات أسعار الطاقة التي لا تؤدي إلى رفع الأسعار إلى مستويات التعادل مع الكلفة، ولا تؤدي إلى تحسين ملموس للوضع المالي للشركات المملوكة للدولة في قطاع الطاقة”، فضلاً عن “صعوبة تحقيق تكامل شفاف وشامل لبرنامج الاستثمار خارج الميزانية مع عملية صنع القرار في مجال السياسة الاقتصادية الكلية، وعدم التقدم بشكل هادف في برنامج الإصلاح الهيكلي، ما من شأنه أن يثبط آفاق النمو”.
توصيات الصندوق
الصندوق أشار في التقرير إلى ضرورة التحول الواضح نحو توحيد الإيرادات الضريبية لزيادة الفائض الأولي بشكل مستدام، وإفساح المجال للنفقات ذات الأولوية، كما طالب بالاستفادة من التحسن الحالي في معنويات السوق لتطوير استراتيجية أكثر قوة لإدارة الديون، لخفض احتياجات التمويل الإجمالية.
شدد الصندوق على ضرورة تعبئة موارد مالية إضافية، بالإضافة إلى “تعزيز هيكل حوكمة البنوك المملوكة للدولة، والاستمرار في تعزيز إطار المنافسة، وتحسين الجهود الرامية إلى أتمتة وتحديث إجراءات تيسير التجارة لزيادة الكفاءة وإزالة الحواجز التجارية”.
في نهاية يوليو الماضي أقر الصندوق صرف الشريحة الثالثة من برنامج دعم مصر بقيمة 820 مليون دولار، ودعا الحكومة إلى مزيد من التقدم في ملفات الإصلاحات الاقتصادية المختلفة، معتبراً أن برنامج الإصلاحات يولي اهتماماً لتسريع تنفيذ سياسة ملكية الدولة، معتبرة أن مصر بحاجة إلى المزيد من الإصلاحات الهيكلية لزيادة مشاركة القطاع الخاص.
وتوقعت رئيسة بعثة الصندوق في مصر إيفانا فلادكوفا هولار، إتمام المراجعة الرابعة لبرنامج تمويل التسهيل الممدد مع القاهرة خلال الفترة من 15 سبتمبر وحتى نهاية العام، منوهةً بأن استكمال المراجعة سيسمح بصرف 1.3 مليار دولار من إجمالي قيمة برنامج مصر مع الصندوق، والتي تمثّل الشريحة الأكبر من بين مختلف الشرائح.
من جهته، لمح رئيس الوزراء في مؤتمر صحافي منفصل، إلى أن البلاد لن تدخل في برنامج جديد مع الصندوق، مشيراً إلى أن “استكمال برنامج صندوق النقد الدولي سيكون بنهاية 2026، ونضع أعيننا أن لا ندخل في برنامج جديد مع الصندوق”.