صادرات كوريا الجنوبية تواصل الانتعاش رغم تهديدات رسوم ترمب
حافظت صادرات كوريا الجنوبية على زخم النمو في يناير، مما أبقى على التفاؤل في بداية عام يطغى عليه الاضطراب السياسي الداخلي وتهديد دونالد ترمب بفرض تعريفات جمركية.
ارتفعت قيمة الشحنات المعدلة وفقاً لاختلافات أيام العمل بنسبة 7.7% مقارنةً بالعام السابق، بحسب البيانات الصادرة يوم السبت عن مكتب الجمارك. جاء ذلك بالمقارنة مع زيادة بلغت 4.3% تم الإبلاغ عنها مبدئياً لشهر ديسمبر.
وفي الأرقام الرئيسية التي تأثرت بالتوقف خلال عطلة رأس السنة القمرية، انخفضت الصادرات بنسبة 10.3%، وهو أقل من الانكماش الذي توقعه استطلاع “بلومبرغ” والبالغ 14%. كما انخفض إجمالي الواردات بنسبة 6.4%، مما أدى إلى عجز تجاري قدره 1.9 مليار دولار.
خطر شديد على الاقتصاد
تُعد كوريا الجنوبية واحدة من أكبر الدول المصدرة في العالم، حيث تشكل المنتجات التكنولوجية محور أرباحها. وشكلت تهديدات ترمب بفرض تعريفات جمركية خطراً شديداً على الاقتصاد المعتمد على التجارة، والذي شهد تباطؤاً في شحناته خلال الأشهر الأخيرة.
تُعد أشباه الموصلات القوة الدافعة الأكبر وراء صادرات كوريا الجنوبية، وتواجه شركاتها المصنعة، مثل شركة “سامسونغ”، قيوداً على التصدير إلى الصين، حيث تسعى واشنطن إلى منع بكين من الحصول على أجهزة متقدمة ضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: ورقة للتفاوض أم سلاح حقيقي.. رسوم ترمب تقترب من لحظة الحقيقة
يوم الجمعة، أعلنت وحدة أشباه الموصلات في شركة “سامسونغ” عن أرباح فصلية أقل من المتوقع، بينما تراجعت أسهم منافستها المحلية شركة “إس كيه هاينكس” (SK hynix)، وهو ما يعود جزئياً إلى المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة الذي تطوره شركة “ديب سيك” سيؤدي إلى تخفيضات حادة في الإنفاق على مراكز البيانات والرقائق المتطورة.
كما يواجه صانعو الرقائق في كوريا الجنوبية تحديات جديدة ناتجة عن عودة ترمب إلى السلطة. فقد صرح هوارد لوتنيك، المرشح لمنصب وزير التجارة في إدارة ترمب، لأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن إدارته ستراجع الإعانات التي وُعدوا بها في ظل إدارة بايدن.
وهدد ترمب، الذي أدى اليمين الدستورية كرئيس لفترة ثانية الشهر الماضي، بفرض تعريفات جمركية متفاوتة على الشركاء التجاريين. وتشمل القضايا الرئيسية التي يركز عليها العجز التجاري المتزايد الذي تسجله الولايات المتحدة مع عمالقة التصدير، مثل الصين والمكسيك. وتحتل كوريا الجنوبية المرتبة الثامنة بين الدول التي لديها أكبر فائض تجاري مع الولايات المتحدة.
زيادة الواردات الكورية
تخطط كوريا الجنوبية لزيادة وارداتها من الطاقة الأميركية، إذا برزت الاختلالات التجارية بين البلدين كقضية في واشنطن، وفقاً لما أوردته “بلومبرغ نيوز” في وقت سابق. كما قد تفكر سيول في زيادة وارداتها من المنتجات الغذائية الأميركية.
أرسلت كوريا الجنوبية فريق عمل إلى واشنطن للحصول على تفاصيل أكثر تحديداً بشأن السياسة التجارية لترمب، كما تعمل على خطط عمل لتقليل تأثيرها على شركاتها. وتسعى الحكومة أيضاً لإجراء محادثات مع الرئيس الأميركي لمناقشة سبل التعاون.
تأتي المخاوف بشأن التجارة في وقت يتباطأ فيه الاقتصاد بعد إعلان الرئيس يون سوك يول القصير الأمد للأحكام العرفية، مما أدى إلى تراجع ثقة المستهلكين. وقد تم اعتقال يون بتهم التمرد، بينما تراجع المحكمة طلب العزل الذي تم تمريره ضده.
اقرأ أيضاً: قلق الشركات من التعريفات الجمركية يقترب من ذروته
قام البنك المركزي الكوري الجنوبي بخفض توقعاته للنمو لهذا العام، وسط مخاوف من الاضطرابات السياسية، والتجارة العالمية تحت إدارة ترمب، وضعف صادرات أشباه الموصلات. وقال بنك كوريا الأسبوع الماضي إن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 0.1% فقط في الربع الأخير مقارنةً بالأشهر الثلاثة السابقة.
وفي محاولة لدعم الاقتصاد عبر تعزيز الاستهلاك، قامت الحكومة بقيادة الرئيس المؤقت تشوي سانغ موك بتحديد عطلة لمرة واحدة قبل عطلة رأس السنة القمرية التي استمرت ثلاثة أيام في أواخر يناير. وحصل العديد من العمال على أيام إجازة إضافية، مما ساهم في حدوث تغيرات أكبر من المعتاد في أرقام الصادرات على أساس سنوي.
من المتوقع أن يقوم بنك كوريا بخفض سعر الفائدة القياسي عندما يجتمع في وقت لاحق من هذا الشهر، نظراً لتباطؤ الزخم الاقتصادي. وكان البنك قد أبقى سعر الفائدة دون تغيير بشكل غير متوقع عند 3% الشهر الماضي، بعد تخفيضين متتاليين في أواخر عام 2024.
يُعد تباطؤ نمو الصادرات مصدر قلق رئيسياً لواضعي السياسات في كوريا الجنوبية. فشركات البلاد مندمجة على نطاق واسع في سلاسل التوريد العالمية، بما في ذلك صناعات السيارات، والبطاريات القابلة لإعادة الشحن، وبناء السفن، وتكرير النفط.