اخر الاخبار

صادرات النفط الروسي تقفز لكن المخزونات تتكدس بحراً وسط تعثر التفريغ

سجّلت صادرات روسيا من النفط الخام أعلى مستوياتها منذ أكثر من عامين ونصف العام، غير أن تأخّر تفريغ الشحنات أسفر عن قفزة جديدة في كميات النفط المخزّنة على متن الناقلات، مع تكدّس السفن الراسية قبالة سواحل الهند والصين.

ورغم ارتفاع متوسط التدفقات على مدى أربعة أسابيع إلى أعلى مستوى منذ مايو 2023 خلال الفترة المنتهية في 21 ديسمبر، لا تزال عمليات تسليم الشحنات تواجه صعوبات، إذ قفزت كميات النفط الموجودة في البحر بنسبة 48% منذ نهاية أغسطس. وتنتظر ما لا يقل عن 20 ناقلة محمّلة بالخام الروسي الحصول على تصاريح للرسو في موانئ صينية وهندية، بينما استغرق تسليم شحنات أخرى عدة أشهر.

اتخذ متوسط الشحنات على مدى أربعة أسابيع مساراً صعودياً في ديسمبر، معوضة خسائر الشهر السابق، وسط تقلبات يُرجّح ارتباطها باضطرابات الأحوال الجوية. وجاء التراجع في الصادرات الذي لوحظ خلال نوفمبر عقب إدراج الولايات المتحدة أكبر شركتين روسيتين مُصدرتين، “روسنفت” (Rosneft PJSC) و”لوك أويل” (Lukoil PJSC)، على القائمة السوداء.

أدى الانخفاض الثاني عشر على التوالي في الأسعار إلى تهاوي قيمة الشحنات إلى أدنى مستوى لها خلال ثلاثة أعوام تقريباً.

اقرأ أيضاً: تكدّس ناقلات النفط الروسي قبالة الصين مع تراجع مشتريات الهند

وبحسب بيانات تتبّع السفن التي جمعتها “بلومبرغ”، شحنت موسكو 3.87 مليون برميل يومياً خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 21 ديسمبر. وهذا يمثل زيادة تقارب 200 ألف برميل يومياً مقارنة بالفترة المنتهية في 14 ديسمبر، مدفوعة بانتعاش الشحنات الأسبوعية من ميناء بريمورسك على بحر البلطيق. 

تراجع سعر الخام الروسي

يُرجّح أن يكون التراجع الحاد في عمليات المعالجة قد أتاح كميات إضافية من النفط الخام للتصدير. ولا تزال عمليات التكرير دون المتوسط الموسمي وسط هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية، بعدما تسبّبت إحدى الضربات في إلحاق أضرار بمصفاة ياروسلافل شمال موسكو، التي تبلغ طاقتها اليومية نحو 300 ألف برميل، ما يضعها ضمن أكبر عشر منشآت لإنتاج الوقود في روسيا.

فاقم الانخفاض الثاني عشر المتتالي في أسعار النفط الخام الضغوط التي تواجهها موسكو، إذ كان تراجع أسعار الخامات الروسية أكثر حدّة مقارنة بالمؤشرات العالمية. وأدّت الحاجة إلى تقديم خصومات كبيرة إلى هبوط خام الأورال بنحو 25 دولاراً للبرميل، أو ما يعادل 40%، عن ذروته المسجّلة في منتصف يوليو، لتتراجع الأسعار إلى نحو 34 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع.

وفي المقابل، سجّل خام “إسبو” المحمل في المحيط الهادئ أداءً أفضل نسبياً، مع تراجع قيمته بنحو 30% خلال الفترة نفسها.

ناقلات النفط الروسية تختفي من أنظمة التتبع

يتزامن تكدّس الخام الروسي في البحر مع تكثيف الولايات المتحدة إجراءاتها ضد الناقلات المتجهة من وإلى فنزويلا، والتي يتهمها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنقل نفط خاضع للعقوبات. وقد أدّت هذه الخطوات إلى تصاعد القلق لدى شركات الشحن ومشتري الخام الروسي، وسط مخاوف من أن تصبح شحناتهم هدفاً لإجراءات مماثلة.

في هذا السياق، اختفت سفن عديدة من أنظمة التتبّع في أرخبيل رياو شمال شرق سنغافورة، وهو موقع مفضل لنقل البراميل الإيرانية الخاضعة للعقوبات بين السفن، ويزداد الإقبال عليه من جانب ناقلي الخام الروسي الساعين إلى تمويه مصدر شحناتهم.

وتشير بيانات التتبّع إلى تنفيذ ما لا يقل عن ست عمليات نقل لشحنات روسية في المنطقة منذ نوفمبر، إلى جانب اختفاء ست ناقلات أخرى محمّلة بالكامل حتى الآن هذا الشهر. كما رُصدت عمليات نقل إضافية بالقرب من قناة السويس وبجوار ميناء كوزمينو الروسي في المحيط الهادئ.

تدفقات النفط الخام الروسي 

أظهرت بيانات تتبّع السفن وتقارير وكلاء الموانئ أن ما مجموعه 38 ناقلة حمّلت 28.31 مليون برميل من الخام الروسي خلال الأسبوع المنتهي في 21 ديسمبر، بزيادة ملحوظة عن الرقم المُعدل البالغ 22.73 مليون برميل على متن 29 ناقلة في الأسبوع السابق.

طالع أيضاً: بلومبرغ: إنتاج روسيا من النفط في نوفمبر دون هدف “أوبك+”

على أساس المتوسط اليومي، قفزت الشحنات خلال الأسبوع المنتهي في 21 ديسمبر إلى 4.04 مليون برميل يومياً، بزيادة تقارب 800 ألف برميل يومياً، ما عكس معظم التراجع الذي سُجّل في الأسبوع السابق. وفي سياق منفصل، جرى شحن ثلاث شحنات من خام “كيبكو” الكازاخستاني من ميناء نوفوروسيسك خلال الأسبوع. وتعرّض أحد مرسيَي التحميل العاملين في محطة “سي بي سي” القريبة لأضرار جراء هجوم بطائرة مسيّرة بحرية، ما قد يكون أدى إلى تحويل بعض البراميل الكازاخستانية إلى نوفوروسيسك لحين استبدال عوامة التحميل.

وجاءت القفزة في التدفقات مدفوعة بارتفاع حاد في الشحنات من ميناء بريمورسك الواقع على بحر البلطيق.

قيمة الصادرات 

على أساس متوسط 4 أسابيع، ارتفعت القيمة الإجمالية لصادرات موسكو بشكل طفيف إلى 1.13 مليار دولار أسبوعياً خلال فترة الـ28 يوماً المنتهية في 21 ديسمبر الجاري، بزيادة 2% مقارنة بالرقم المعدل للفترة المنتهية في 14 ديسمبر. غير أن زيادة كميات التصدير بدد أثره إلى حد كبير الانخفاض الثاني عشر على التوالي في متوسط الأسعار، ما أبقى القيمة قريبة من أدنى مستوياتها منذ يناير 2023.

بحسب هذا المقياس، تراجعت أسعار صادرات خام الأورال الروسي من بحر البلطيق بنحو 1.30 دولار للبرميل لتصل إلى 38.73 دولار، في حين انخفضت أسعار الشحنات من البحر الأسود بمقدار 0.90 دولار للبرميل إلى 36.55 دولار. كما هبط سعر خام “إسبو” الروسي في المحيط الهادئ بمقدار 1.60 دولار ليبلغ متوسطه 49.33 دولار للبرميل. كذلك تراجعت أسعار التسليم إلى الهند بمقدار دولار واحد إلى 56.03 دولار للبرميل، وهو مستوى منخفض جديد للفترة منذ مارس 2023. وجميع الأسعار وفق بيانات شركة “أرغوس ميديا” (Argus Media).

على أساس أسبوعي، بلغ متوسط قيمة الصادرات نحو 1.11 مليار دولار خلال الأيام السبعة المنتهية في 21 ديسمبر، بزيادة 16% مقارنة بالفترة المنتهية في 14 ديسمبر، إذ فاق تعافي الكميات أثر تراجع الأسعار.

وجهة شحنات الخام الروسية

قفزت الشحنات المرصودة إلى عملاء روسيا في آسيا، بما في ذلك الشحنات التي لا تُظهر وجهة نهائية، إلى مستوى قياسي بلغ 3.7 مليون برميل يومياً خلال فترة الـ28 يوماً المنتهية في 21 ديسمبر، مقارنة برقم معدل قدره 3.42 مليون برميل يومياً في الفترة المنتهية في 14 ديسمبر.

في حين يبدو أن كميات الخام الروسي المتجهة إلى كل من الصين والهند تشهد تراجعاً كبيراً، فإن ذلك يجري تعويضه من خلال تزايد الكميات على متن الناقلات التي لم تُحدد وجهتها النهائية بعد، ما يسمح بانعكاس هذا النمط في مراحل لاحقة. إذ باتت الناقلات تُظهر بشكل متزايد وجهات مؤقتة إلى أن تعبر مسافات بعيدة في بحر العرب، بينما لا تُظهر بعض السفن أي نقطة وصول نهائية، حتى بعد رسوها لتفريغ الشحنات.

كما تقضي الناقلات فترات أطول في البحر، مع قيام عدد منها بتحويل مسارها بعيداً عن وجهاتها الأولية على الساحل الغربي للهند أو في تركيا. كذلك تواجه بعض الناقلات تأخيرات بانتظار التفريغ في الموانئ الصينية.

نقاط التسليم للنفط الروسي تتبخر

أصبح حجم الخام الموجود على متن ناقلات لم تُحدد وجهتها النهائية أكبر من إجمالي الكميات على السفن التي تشير إلى أنها متجهة إلى الصين أو الهند أو تركيا مجتمعة.

بلغت التدفقات على متن الناقلات التي تُظهر موانئ صينية كوجهة لها 950 ألف برميل يومياً خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 21 ديسمبر، انخفاضاً من 1.01 مليون برميل يومياً في الفترة المنتهية في 14 ديسمبر. كما تراجعت الكميات المتجهة إلى الهند إلى 840 ألف برميل يومياً من رقم معدل قدره 900 ألف برميل يومياً في الفترة السابقة. في المقابل، يوجد ما يعادل 1.9 مليون برميل يومياً على متن سفن لم تُحدد وجهتها النهائية بعد.

من هذه الكمية، يوجد نحو 1.68 مليون برميل يومياً على متن الناقلات الآتية من الموانئ الغربية لروسيا تُظهر وجهتها على أنها بورسعيد أو قناة السويس، أو على متن سفن من موانئ المحيط الهادئ من دون نقطة تسليم واضحة، إضافة إلى 230 ألف برميل يومياً أخرى على متن ناقلات لم تعلن بعد عن وجهتها.

في السابق، كانت هذه الشحنات تصل في النهاية غالباً إلى الهند أو الصين، غير أن تشديد العقوبات الأميركية يبقي هذا النفط عالقاً في البحر، في وقت تسعى روسيا ومشترو نفطها إلى إيجاد مسارات بديلة. قفز حجم الخام الروسي الموجود في البحر 48% منذ نهاية أغسطس الماضي.

تراجعت التدفقات المتجهة إلى تركيا خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 21 ديسمبر الجاري إلى نحو 140 ألف برميل يومياً، مقارنة بـ230 ألف برميل يومياً في الفترة المنتهية في 14 ديسمبر. ولم تُسجل أي شحنات من الخام الروسي إلى سوريا منذ سبتمبر الماضي. ونادراً ما تُظهر الناقلات التي تحمل الخام الروسي إلى الدولة الواقعة في شرق البحر المتوسط وجهتها النهائية، وغالباً ما تختفي من أنظمة التتبع الآلي عندما تصبح جنوب جزيرة كريت، ما يصعّب تقدير التدفقات قبل وصول السفن قبالة ميناء بانياس، حيث يمكن عادة رصدها عبر صور الأقمار الصناعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *