شركة عقارية متعثرة في قلب أحدث أزمة قروض للبنوك الأميركية

كشفت بيانات حديثة أن القروض المتعثرة التي أعلن عنها بنكا “زيونز بانكورب” و”ويسترن ألاينس بانكورب” الأسبوع الجاري، تعود جذورها إلى إفلاس شركة استثمار في العقارات التجارية في جنوب كاليفورنيا بوقت سابق من العام الجاري.
في دعوى قضائية رُفعت الأربعاء الماضي، أدرج “زيونز” قائمة تضم 16 عنواناً لعقارات كانت مرهونة كضمان مقابل قروض تجاوزت قيمتها 60 مليون دولار منحت لمجموعة من المستثمرين. وعندما تقدّمت شركة العقارات “موم سي إيه إنفستكو” (MOM CA Investco) ومقرها نيوبورت بيتش بطلب حماية من الإفلاس في فبراير الماضي، كان 6 من هذه العقارات مدرجة ضمن استثماراتها.
أولوية سداد الديون
عندما تولى مصرفيو بنك “كاليفورنيا بنك آند ترست” (California Bank & Trust) –التابع لـ”زيونز”– عملية ترتيب هذه القروض في عامي 2016 و2017، حرصوا على إدراج بند الحماية المعتاد في العقد الذي يضمن للمصرف أولوية السداد في حال تخلف المقترض عن الدفع أو تمت تصفية أصوله، بحسب الدعوى المقدمة الأسبوع الحالي إلى محكمة مقاطعة لوس أنجلوس العليا ضد المدعى عليهم، وبينهم جيرالد مارسيل وأندرو ستوبين وديبا شايام.
اقرأ أيضاًَ: فضيحة احتيال في قروض عقارية تهز مصارف أميركية وتكشف ثغرات ائتمانية
غير أن مشكلتين حدثتا في الوقت نفسه. أولاً، تقدمت “موم سي إيه إنفستكو” بطلب حماية من الإفلاس، ما أدى إلى خطط لبيع بعض عقاراتها. وثانياً، تبين أن العقارات التي استُخدمت كضمان لتلك القروض كانت مرهونة في الواقع لشركات أخرى تسبق “زيونز”، ويقع مقرها في مدينة سولت ليك، في أولوية استيفاء الديون عند تصفية الأصول.
“ويسترن ألاينس” وقع في موقف مشابه، إذ رفع البنك، الواقع مقره في فينيكس، دعوى ضد مجموعة المستثمرين نفسها، بينهم مارسيل وستوبين، متهماً إياهم بالتلاعب في هيكل القروض بطريقة حرمت البنك بشكل غير قانوني من حقه في الحصول على السداد قبل غيره.
قال “ويسترن ألاينس” إن مجموعة المستثمرين ما زالت مدينة لها بأكثر من 98.6 مليون دولار. أوضح أن تلك القروض كان من المفترض أن تكون مضمونة بعقارات ضمن صناديق استثمارية مملوكة لستوبين ومارسيل، لكن تبين أن تلك العقارات كانت قد دخلت فعلياً مرحلة نزع الملكية، وهو ما لم يُفصح عنه للبنك، وفقاً للدعوى المقدمة في أغسطس الماضي في محكمة لوس أنجلوس.
امتنع ممثلو “زيونز” و”ويسترن ألاينس” عن التعليق.
أدلة براءة
قال براندون تران، المحامي الذي يمثل مارسيل وستوبين، في بيان عبر البريد الإلكتروني: “موكلاي ينفيان بشدة جميع الادعاءات بارتكاب أي مخالفات. هذه المزاعم لا أساس لها وتشوه الحقائق. نحن واثقون من أنه بمجرد عرض جميع الأدلة، ستثبت براءتهما تماماً”.
تقف وراء إفلاس “موم سي إيه إنفستكو” مجموعة من مستثمري العقارات التجارية في جنوب كاليفورنيا، كانوا في السابق أصدقاء قبل أن يتحولوا إلى خصوم في ساحات القضاء. وتضم محفظة الشركة فندقاً في حي لاغونا بيتش الراقي، ومجمع شقق سكنية تبلغ قيمته 65 مليون دولار في مدينة ريدلاندز، بحسب ملف طلب الحماية من الإفلاس المقدم في فبراير الماضي.
طالع المزيد: مؤشرات أميركا تنخفض بعد اضطرابات مصرفية أعادت التذكير بهشاشة السوق
رُفعت القضية تحت بند الفصل 11 الخاص بإعادة التنظيم، قبل أن تُرفض في أغسطس الماضي. خلال الأسابيع التي سبقت الرفض، حذر القاضي الفيدرالي المشرف على القضية المستثمرين العقاريين من أن عجزهم عن التوصل إلى اتفاق لا يخدم مصالحهم، مؤكداً أن إنهاء القضية من مسار الإفلاس ليس الخيار الأمثل.
أوضح القاضي الأميركي بريندان شانون أن إنهاء القضية يعني أن الدائنين سيكونون أحراراً في رفع دعاوى أمام المحاكم المحلية للاستيلاء على العقارات المختلفة وبيعها بأسعار منخفضة للغاية. بعد عدة جلسات استماع ظل خلالها الطرفان الرئيسيان في النزاع على خلاف، قرر شانون إغلاق ملف القضية الخاضع للفصل 11.
انهيار سريع
تأسست “موم سي إيه إنفستكو” في عام 2021 على يد محمد هوناركار وماهندر ماخيجاني كمشروع مشترك. كان هوناركار يدير في الوقت ذاته شركة لبيع الهواتف المحمولة، بينما تخصص ماخيجاني في شراء العقارات المتعثرة وإدارتها نيابة عن مستثمرين عبر كيان يُدعى “كونتينيوم أناليتيكس” (Continuum Analytics). من بين كبار المستثمرين في “كونتينيوم” كل من مارسيل وستوبين، بينما تعود الملكية القانونية إلى شايام.
قنبلة زمنية بتريليون دولار تهدد سوق العقارات الأميركية.. تفاصيل أكثر هنا
لكن الشراكة انهارت سريعاً، إذ اتهم هوناركار شركاءه –الذين كانوا يسيطرون على الشركة– بالاحتيال. وفي مرحلة من النزاع، استعان ماخيجاني بحراس مسلحين للسيطرة على بعض العقارات، كما استأجر شاحنات إعلانات متنقلة تجوب شوارع لاغونا بيتش وهي تعرض صور هوناركار مع اتهامات له وموظفين في إدارة المدينة المحلية بالفساد، وفقاً لما ورد في وثائق المحكمة.
تُظهر ملفات القضايا أن المستثمرين الذين تمت مقاضاتهم من قبل “زيونز” و”ويسترن ألاينس” –أي مارسيل وستوبين وشايام– يرتبطون أيضاً بعدد من الكيانات الاستثمارية المتصلة بماخيجاني. كان الثلاثة من بين المستثمرين المؤسسين في شركة “نانو بنك” (Nano Banc)، الذي يُعدّ ماخيجاني أحد أبرز مصادر العملاء والصفقات له.
تلاعب بملكية عقارات
منح “نانو بنك” المؤسسين قروضاً تجاوزت 100 مليون دولار، بحسب ملف تحكيم قُدم في مارس الماضي. كما اكتشف “زيونز” أن أحد العقارات التي كانت تملك حق الرهن الأول عليها –وهو مبنى في لاغونا بيتش– قد تم تحويل سند ملكيته إلى “نانو بنك”.
اقرأ أيضاً: أزمة القروض العقارية في أميركا تثير المخاوف من انتقالها إلى أوروبا
أما عقار آخر، وهو مجمع سكني في بيل فلاور، فقد تبين أن سند ملكيته نُقل إلى البنك الآخر الذي يقاضي المستثمرين، وهو “ويسترن ألاينس”.