شركات مصرية تضخ 5.6 مليار جنيه في الصناعات المغذية للسيارات حتى 2026

تستعد 8 شركات من مصر تعمل في الصناعات المغذية للسيارات لضخ استثمارات جديدة بقيمة 5.6 مليار جنيه خلال عامي 2025 و2026، بهدف تعميق صناعة المركبات ومكوناتها محلياً، وسط توجه متزايد من غالبية الشركات نحو التوسع في التجميع المحلي، بحسب 10 مصادر تحدثت مع “الشرق”.
تأتي هذه الاستثمارات بعد شهرين من إطلاق استراتيجية الدولة لدعم الصناعة الوطنية، وزيادة نسبة المكون المحلي في السيارات المنتجة محلياً، بما يعزز فرص التصدير ويوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
أطلقت الحكومة المصرية تعديلات جديدة ضمن البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات، خلال يوليو الماضى، والتى نصت على أن يكون الحد الأدنى لقبول الجزء المحلي هو تحقيق نسبة قيمة مضافة محلية 25%، من خلال عمليات تصنيعية فعلية أو مكونات محلية حقيقية، وليس عن طريق التجميع فقط، وفي حال تجاوز نسبة 35% من المكون الصناعي المحلي، يحصل المصنع على حافز إضافي بقيمة 5 آلاف جنيه عن كل زيادة بنسبة 1%، في المكون الصناعي المحلي المستهدف الفعلي لكل سيارة.
صناعة زجاج السيارات
شركة “الدكتور جريش” المتخصصة في صناعة الزجاج تستثمر 500 مليون جنيه خلال العام الحالي بأحد مصانعها الذى يتم إنشاءه حالياً، بهدف وصول حجم إنتاج الشركة إلى 5 آلاف قطعة زجاج للسيارة كاملة (امامى، أبواب، خلفى) يومياً خلال النصف الأول من 2026، بحسب هاني الوكيل مدير إدارة المبيعات وتطوير الأعمال بالشركة لـ”الشرق”.
أضاف الوكيل في حديثه لـ”الشرق”، أن مصانع الشركة البالغة 7 مصانع حالياً تتطلع للتوسع فيإانتاج (قواعد المرايات) خلال المقبلة.
يساهم التوسع في الصناعات المغذية للسيارات في جذب استثمارات جديدة، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويفتح آفاقًا تصديرية واعدة للقطاع.
فيما تسعى “مجموعة ترياق” الصناعية المتخصصة في إنتاج “الردياتير” وأجزاء من مكونات السيارات، لزيادة طاقتها الإنتاجية بنحو 50% إلى 150 ألف قطعة سنوياً، عقب ضخ استثمارات تقدر بنحو 50 مليون جنيه خلال العام الحالي، بحسب ما قاله كيرولوس ترياق، الرئيس التنفيذى لمجموعة ترياق لـ”الشرق”، موضحاً أن الشركة تنتج الردياتير ومكيف السيارة و”الكوندينسر” و”السربنتينة”، وتخطط لتصدير 25 ألف قطعة بحلول عام 2026.
الطلب من مصانع السيارات
توقع ترياق أن يشهد حجم الطلب على مكونات الانتاج من جانب مصانع السيارات المحلية، ارتفاعاً خلال الربع الأخير من العام الحالي 2025، بالتزامن مع نمو المبيعات بالسوق.
التعديلات الجديدة على استراتيجية صناعة السيارات تمثل خطوة مهمة نحو تعميق التصنيع المحلي، من خلال توفير مناخ استثماري أكثر جذباً وتقديم حوافز حقيقية للمصنعين المحليين والدوليين على حد سواء، بحسب منتصر زيتون، عضو بشعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية.
أضاف زيتون في حديثه مع “الشرق” أن الاستراتيجية المعدّلة تضع ضوابط واضحة تدعم سلاسل الإمداد المحلية وتشجع على إنتاج المكونات داخل مصر، ما يسهم في خفض التكلفة وزيادة الاعتماد على التصنيع الوطني بدلاً من الاستيراد.
في السابق، اقتصر نشاط قطاع الصناعات المغذية في مصر على إنتاج عدد محدود من مكونات السيارات مع اعتماد واسع على الاستيراد من الخارج، غير أن الحوافز الحكومية الأخيرة دفعت العديد من الشركات إلى التوسع في التصنيع المحلي، في خطوة من شأنها دعم تعميق الصناعة وخفض أسعار قطع الغيار في السوق خلال الفترة المقبلة.
توسع إنتاج مكونات السيارات
يقول رأفت الخناجرى، رئيس الشركة المصرية للصناعات المغذية للسيارات، إن شركته خصصت استثمارات بقيمة 3 مليارات جنيه يتم ضخها على مدار ثلاث سنوات، بدءاً من العام الجاري وحتى عام 2027، لتوسيع نطاق إنتاج مكونات السيارات، لتشمل منتجات جديدة مثل الضفائر الكهربائية، والشكمانات، والمحاور، بالإضافة إلى أجزاء بلاستيكية ومكونات مصنوعة من الصاج.
أضاف “الخناجري” أن هذه الخطوة تهدف لتقليل الاعتماد على الاستيراد، كما أن التوسعات الجديدة ستوفر مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتسهم في نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة داخل القطاع.
رئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات، علي توفيق، قال إن الحوافز المقدمة للمصنعين تحدد حسب القيمة المضافة للمصنع بواقع 5 آلاف على الجزء الواحد.
أشار توفيق أن الشركات المصنعة تخطط لإنتاج مكونات خاصة للتصنيع السيارات محلياً، وقطع غيار تباع داخل السوق المصرى، وقطع خاصة للتصدير.
استثمارات في سوق السيارات المصرية
تعتزم شركة “إس إن أوتوموتيف” ضخ استثمارات بقيمة مليار جنيه في السوق المصرية، ضمن خطتها لإنتاج مكونات الإنتاج لـ 3 طرازات من علامة دونج فينج بالسوق المصرى عقب الاستحواذ عليها مؤخراً، بحسب مصادر بالشركة لـ”الشرق”.
أمين عام رابطة مصنعي السيارات ورئيس مجلس إدارة، والعضو المنتدب لشركة «جنباي رويال» في مصر، خالد سعد، قال إن عدداً من الشركات الصينية بدأت في التوسع باستثماراتها داخل السوق المصري، خاصة في مجال إنتاج مكونات السيارات، لما تمثله مصر من قاعدة صناعية واعدة وبوابة استراتيجية للتصدير إلى الأسواق الإفريقية والعربية.
أضاف سعد أن البيئة الاستثمارية في مصر أصبحت أكثر جذبًا خلال الفترة الأخيرة، في ظل الحوافز الحكومية والدعم الموجه لتوطين الصناعات المغذية للسيارات.
بالتوازي مع تعافي قطاع تجميع المركبات في السوق المصري، تعمل شركة “ديفو” لفلاتر السيارات على تنفيذ خطط توسعية، وذلك من خلال إنشاء مصنع جديد على مساحة 2700 متر مربع بمدينة جمصة بمحافظة الدقهلية، وفقًا لمسؤول بالشركة لـ”الشرق”.
“تسعى الشركة من خلال هذا التوسع إلى زيادة طاقتها الإنتاجية وتلبية الطلب المتنامي على فلاتر السيارات محليًا، مع التوجه نحو التصدير للأسواق الإقليمية في المرحلة المقبلة، ضمن خطة تهدف إلى تعزيز مكانتها كمُصنّع محلي قادر على المنافسة في السوقين المحلي والدولي”، بحسب المسؤول.
ارتفعت واردات مصر من قطع غيار السيارات بنسبة 71.9% على أساس سنوي خلال النصف الأول من عام 2025، لتصل إلى646.4 مليون دولار، مقابل 375.9 مليون دولار خلال الفترة المماثلة من عام 2024.
الصناعات التكميلية للسيارات
تستهدف مجموعة عياد للصلب ضخ استثمارات بقيمة 10 ملايين دولار بنهاية العام الجارى، بهدف التوسع فى الصناعات التكميلية لقطاع السيارات، بحسب ما قاله ونيس عياد رئيس مجلس إدارة المجموعة.
عياد، أضاف في حديثه مع “الشرق” أن الاستثمارات الجديدة ستوجه لإنتاج بين 50 – 60 منتجا متنوعا يخدم صناعة السيارات والصناعات الهندسية المرتبطة بها.
ذكر أن شركة عياد تمتلك مصنعا مخصصا للصناعات التكميلية، وتعمل على زيادة طاقته الإنتاجية، موضحًا أن هذه التوسعات لا تعتمد على خطوط إنتاج تقليدية بل على ماكينات متخصصة صغيرة الحجم تتناسب مع طبيعة هذه الصناعات بما يعادل 60 ماكينة.
تنظر مصر في الوقت الراهن لهدف توطين صناعة السيارات كمهمة أساسية ضمن استراتيجية اقتصادية أوسع تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد وتخفيف الضغط على العملة الصعبة. فالدولة تنفق مليارات الدولارات سنوياً على استيراد السيارات، وهو ما يشكل عبئاً متزايداً على احتياطاتها من النقد الأجنبي. ومن خلال تعزيز التصنيع المحلي، تسعى الحكومة إلى تقليص هذه الفاتورة وتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي.
يقول شريف الصياد، رئيس مجلس إدارة الشركة تريدكو للصناعات المغذية، إن شركته تعتزم استثمار 50 مليون جنيه في تصنيع مكونات جديدة للسيارات محلياً، حيث تستهدف الشركة استخدام تكنولوجيا متطورة لتصنيع بعض الأجزاء البلاستيكية الداخلية للسيارات.
وافقت الحكومة خلال شهر أغسطس الماضى، على إقامة مصنع جديد لشركة بيراميدز لتشكيل المعادن لإنتاج ألواح الصاج المستخدمة في صناعة السيارات والأجهزة المنزلية، وذلك على مساحة 20 ألف متر مربع. تبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع مليون متر مربع ألواح صاج بانل و500 ألف طن صاج ملون ومشرح سنوياً وتصل نسبة المكون المحلي إلى 35%، ويصدر المصنع 10% من إنتاجه للخارج، ويوفر 300 فرصة عامل.
مضاعفة الإنتاج المحلي في مصر
تستهدف الحكومة مضاعفة الإنتاج المحلي من السيارات في مصر ليصل إلى 260 ألف وحدة سنوياً بحلول عام 2026، مقارنة بنحو 95 ألف سيارة حالياً. كما تتطلع إلى تجاوز حاجز 400 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030، مع تخصيص 25% من هذا الإنتاج للتصدير، وهو ما قد يدر على البلاد ما يقارب 4 مليارات دولار من العملة الصعبة سنوياً.
خلال شهر يوليو الماضى، افتتحت مجموعة “المنصور للسيارات” مصنعاً جديدًا لإنتاج فلاتر المركبات بمدينة العاشر من رمضان، باستثمارات تصل إلى 10 ملايين دولار، وبطاقة إنتاجية تبلغ 10 ملايين فلتر سنوياً.
من بين أبرز أهداف الاستراتيجية الوطنية لتشجيع صناعة السيارات في مصر، رفع نسبة المكون المحلي إلى 60% خلال السنوات المقبلة، وهو ما يُعد حجر الزاوية في أي خطة توطين حقيقية.