اخر الاخبار

سيولة البنوك السعودية رهينة النفط وأسعار الفائدة في 2025

تواجه البنوك السعودية العام المقبل تحديات متعلقة بالسيولة في ظل توقعات بتزايد الطلب على الاقتراض لتمويل المشاريع الكبرى التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة، وكذلك المرتبطة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم في 2034، لكن النفط وحركة أسعار الفائدة سيكونان عاملين مؤثرين في تحديد حجم هذا التحدي.

استمرار سعر النفط دون 80 دولاراً للبرميل في العام المقبل من شأنه أن يُشكل ضغطاً على السيولة بالمصارف السعودية، في حين تحتاج المملكة على الأرجح إلى أن يكون سعر النفط عند 100 دولار للبرميل لتلبية احتياجات الإنفاق على مشروعاتها الكبيرة، وفق تقرير حديث صادر عن “بلومبرغ إنتليجنس”.

يؤدي ارتفاع عوائد النفط إلى تقليص اقتراض المملكة من البنوك المحلية، كما يحفز زيادة الودائع الحكومية لدى البنوك، ما يساهم في زيادة السيولة المتاحة لدى المصارف. 

شح السيولة والاستدانة

ترى “بلومبرغ إنتليجنس” أن السيولة “شحيحة” لدى المصارف السعودية، في ظل فورة الاقتراض من بنوك المملكة، إذ أن نسبة القروض إلى الودائع بالنظام المصرفي بلغت 106.4% حتى أكتوبر الماضي، وفق تقرير أصدره “مصرف الراجحي”.

كان إدموند كريستو، كبير المحللين لدى “بلومبرغ إنتليجنس”، أشار في وقت سابق من العام الجاري إلى أن فجوة السيولة بالمصارف السعودية بلغت 11% من الميزانيات العمومية، أي ما يعادل 111 مليار دولار في عام 2023، بزيادة 65.7% مقارنةً مع العام السابق.

ويؤدي استمرار فجوة السيولة المرتفعة إلى زيادة تكلفة التمويل لدى المصارف، كما ينعكس على مستويات النقد لديها، ما يؤثر على صافي هامش الفائدة.

حاجة البنوك السعودية إلى السيولة ستعزز توجهاً لدى بنوك مثل “السعودي الفرنسي” و”الأهلي السعودي” لإصدار سندات دولية متوسطة الأجل، وفق التقرير.

بلغ حجم إصدارات البنوك السعودية من أدوات الدين حوالي 14 مليار دولار منذ بداية العام حتى منتصف نوفمبر، وفق تقرير أعدّه كريستو في وقت سابق، في حين رفعت “بلومبرغ إنتليجنس” تقديراتها لإصدارات الدين بالعملة المحلية والأجنبية من جانب البنوك السعودية إلى مستوى قياسي هذا العام عند 15 مليار دولار من 11.5 مليار دولار، كما في تقديرات مارس.

كانت وكالة “موديز” نبّهت في تقرير صادر مؤخراً بأن المصارف السعودية تواجه تحدياً يتمثل في أن التمويل بالودائع ميسورة التكلفة والمستقرة لن يكون كافياً لدى البنوك للاستجابة للطلب المتنامي المرتبط بالبنية التحتية ومشاريع التنمية المندرجة ضمن برامج “رؤية 2030”.

مشاريع عملاقة

تُخطط المملكة لتنفيذ مشاريع بقيمة 703 مليارات دولار -باستبعاد مشاريع الطاقة- على مدى السنوات الخمس المقبلة، بحسب بيانات “ميد” (MEED) استناداً إلى العقود التي جرت ترسيتها حتى أكتوبر الماضي. وتحتل الصدارة المشروعات العقارية متعددة الاستخدامات بقيمة 170.2 مليار دولار، تليها مشروعات المرافق عند حوالي 140 ملياراً، ثم البنية التحتية بإنفاق مزمع قدره 130 مليار دولار.

وفي أكتوبر الماضي، أشار وزير المالية محمد الجدعان إلى ضرورة تعزيز القطاع الخاص، وذلك في ظل اهتمام المملكة بقطاعات مثل السياحة والترفيه والرياضة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. “مهما كان لديك من المال كحكومة لا يمكنك النجاح وحدك، بل يجب عليك حشد القطاع الخاص في بلادك لإدراك النجاح”، بحسب ما قاله الجدعان في كلمة بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن.

استحوذت شركات القطاع الخاص على حوالي 60% من محفظة قروض القطاع المصرفي في المملكة التي بلغت قيمتها 760.5 مليار دولار حتى الربع الثالث من العام الجاري، وفق تقرير “بلومبرغ إنتليجنس”.

خفض الفائدة يعزز الربحية

خفض الفائدة سلاح ذو حدين؛ فعلى الرغم من تأثيره على هامش دخل البنوك من الفائدة لكنه قد يعزز ربحيتها من خلال زيادة الطلب على الاقتراض.

يلتزم البنك المركزي السعودي بسياسة نقدية تحافظ على استقرار الريال، فتعكس قراراته لتحديد سعر الفائدة اتجاهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي خفض الأسبوع الماضي سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بمقدار 25 نقطة أساس وأشار إلى تقليص عدد مرات خفض الفائدة العام المقبل.

وترى “بلومبرغ إنتليجنس” أن خفض الفائدة، وإن كان بوتيرة أبطأ من التوقعات الأولية، سيكون داعماً لربحية البنوك السعودية إذ سيتيح لها التوسع في الإقراض للشركات التي تسعى لاقتناص فرصة المشاركة في المشاريع العملاقة بالمملكة، ما سيرفع صافي دخل المصارف السعودية من الفوائد بنسبة 12% على أساس سنوي في العام المقبل، لكن المخصصات ستزيد بنسبة 40%.

تأثير منحنى العائد

“منحنى عوائد السندات الأميركية أكثر أهمية بالنسبة للبنوك السعودية من مستويات الفائدة في حد ذاتها. والآن بدأنا نشهد اعتدال هذا المنحنى، مع ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل عن تلك قصيرة الأجل”، وفق محمد زيدان، المحلل المالي في “الشرق”.

تحصل البنوك السعودية على الأموال بعوائد قصيرة الأجل ثم تقوم بإقراضها بعوائد طويلة الأجل، وهذا الفارق يحدد ربحية البنوك. 

أضاف زيدان أن اعتدال منحنى العائد يدعم ربحية البنوك، وهو ما يفسر التفاؤل تجاه الأداء المرتقب للقطاع المصرفي في 2025.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *