“سيلز فورس” تتأهب للاستفادة من اجتياح الذكاء الاصطناعي للوظائف
ستكشف شركة “سيلز فورس” (Salesforce) عن تحولٍ في استراتيجيتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي هذا الأسبوع خلال مؤتمرها السنوي “دريم فورس”، إذ تقول إن أدواتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة على أداء المهام بدون إشراف بشري، كما ستغير طريقة تسعير برمجياتها.
تشتهر الشركة بأنها أدخلت مفهوم البرمجيات كخدمة، والذي يتضمن تأجير الوصول إلى التطبيقات عبر اشتراك. لكن مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي التوليدي في الصناعة، تعيد “سيلز فورس” النظر في نموذجها التجاري لهذه التكنولوجيا الناشئة. ستقوم شركة البرمجيات الكبرى بفرض رسوم قدرها دولارين لكل محادثة يديرها “العملاء” الجدد، وهم أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي المخصصة لتسيير المهام مثل خدمة العملاء أو جدولة اجتماعات المبيعات بدون الحاجة إلى إشراف بشري.
يهدف نهج التسعير الجديد أيضاً إلى حماية “سيلز فورس” حال ساهم الذكاء الاصطناعي في تقليص فرص العمل المستقبلية وأصبح لدى العملاء التجاريين عدد أقل من الموظفين للاشتراك في برمجيات الشركة.
المستفيدون الرئيسيون
رغم التركيز الكبير على الذكاء الاصطناعي منذ أوائل 2023، لم تحقق شركات البرمجيات التطبيقية مثل “سيلز فورس” و”وورك داي” (Workday) و”سيرفيس ناو” (ServiceNow) الكثير من النتائج. بدلاً من ذلك، كانت الزيادة في العائدات والتقييمات من نصيب مصنعي الأجهزة مثل “إنفيديا” أو البنى التحتية السحابية مثل “أوراكل”.
أطلق بعض شركات صناعة البرمجيات تطبيقات مساعد الذكاء الاصطناعي الذين يمكنهم تلخيص أو صياغة المحتوى المكتوب، وأكثرها شهرة هي “كوبايلوت” من “مايكروسوفت”. بشكل عام، لم يكن العملاء مستعدين لدفع ثمن هذه الميزات الإضافية.
“أعتقد أن النتائج التي شاهدها الناس من مساعدي الذكاء الاصطناعي لم ترق لمستوى التوقعات”، حسبما قال المدير التنفيذي للعمليات براين ميلهام في مقابلة في أواخر أغسطس. أضاف: “أعتقد أن الضجة كانت أكبر من النتائح فيما يتعلق بمساعدي الذكاء الاصطناعي”.
العنصر البشري
الإصدار الجديد من منتجات الذكاء الاصطناعي لشركة “سيلز فورس” مصمم ليعمل بدون إشراف بشري، “بعكس مساعدي الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة الذين أصبحوا الآن قديمين ويعتمدون على الطلبات البشرية ويجدون صعوبة في التعامل مع المهام المعقدة أو متعددة الخطوات”، حسبما أوردت الشركة في بيان. على سبيل المثال، أشارت شركة نشر الكتب التعليمية “وايلي” (Wiley) إلى أنها تمكنت من زيادة عدد طلبات خدمة العملاء التي تم حلها باستخدام “وكلاء سيلز فورس” دون تدخل الموظفين.
يمثل هذا تحولاً لشركة “سيلز فورس”، التي كانت تركز حتى وقت قريب على بناء أدوات الذكاء الاصطناعي المساعدة للبشر. وقال باتريك ستوكس، أحد التنفيذيين في الشركة، في سبتمبر 2023: “لدينا مبدأ قائم على دمج العنصر البشري بالأنظمة، إذ لا نعرف ما يكفي حتى الآن لتقديم تكنولوجيا مستقلة بالكامل”.
في مؤتمرها السنوي “دريم فورس” في سان فرانسيسكو هذا الأسبوع، حيث من المتوقع حضور 45 ألف شخص، ستعرض الشركة استراتيجيتها الجديدة. كذلك أعلنت ذراعها الاستثمارية عن صندوق جديد بقيمة 500 مليون دولار مخصص للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
تجنب أثر فقدان الوظائف
يعالج هذا التحول خوفًا آخر لدى المستثمرين، وهو أن فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلباً على نموذج الأعمال القائم على تقديم البرمجيات كخدمة.
واحدة من الفوائد الرئيسية للذكاء الاصطناعي هي تحسين الكفاءة في العمل. فعلى سبيل المثال، الشركة التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء ستحتاج إلى عدد أقل من الموظفين لتقديم نفس الخدمة. رغم ذلك، فإن تباطؤ نمو القوى العاملة يمكن أن يؤثر على نمو إيرادات شركات البرمجيات، حيث أنها عادة ما تُحصّل الرسوم بناءً على عدد الموظفين المخولين استخدام منتجاتها. مع إعلان نتائج الأرباح الأخيرة، دار نقاش حاد بين محللي وول ستريت وفِرق إدارة شركات البرمجيات حول هذا الخطر.
من خلال تسعير ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة بناءً على النتائج بدلاً من عدد الموظفين المستخدمين لها، تحمي “سيلز فورس” نفسها من أثر تقليص العملاء لعدد موظفيهم. على العكس، فإن “سيلز فورس” تتموضع للاستفادة من استبدال الشركات الموظفين بالتكنولوجيا الجديدة. قدم ميلهام، المدير التنفيذي للعمليات، مثالاً حول مركزٍ لخدمة العملاء يعمل فيه 5 آلاف شخص سيحتاج إلى موظفين أقل بـ30% خلال خمس سنوات. وأضاف أن البعض قد يختار ببساطة توظيف عدد أقل من الأشخاص في المستقبل.
قال ميلهام: “نحن نميل إلى التفكير بأن نقوم بإعادة تأهيل المهارات لنرتقي بالأشخاص نحو مهام أكثر تعقيداً. لكن بالتأكيد هناك شركات ترى الأمور من منظور آخر، وهو أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقوم بالكثير من الأعمال التي يقوم بها البشر اليوم”.