اخر الاخبار

سياسات ترمب قد تجعل الولايات المتحدة تسجل هدفاً في مرماها

إن قضاء يوم في ملعب كرة قدم فرصة جيدة لتناسي الحروب التجارية والحديث عن الرسوم الجمركية. سنختبر صحة هذه النظرية خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم العام المقبل، التي تستضيفها مشاركةً كل من كندا والمكسيك والولايات المتحدة.

هل ستتمكن الولايات المتحدة من تنظيم بطولة ناجحة تجذب المشجعين من مختلف أنحاء العالم؟ أم أن التوترات والرسوم الجمركية والترحيلات ستقصي الزوار والشركات؟

مؤكد أن ما يراه الرئيس دونالد ترمب في انتظار أحد أكبر الأحداث الرياضية في العالم هو فرصة سانحة، وقد قال عندما سُئل عن البطولة في المكتب البيضاوي: “التوتر أمر جيد… هذا يجعل الأمر أكثر إثارة”.

مؤشرات بطولة الأندية

لكن المشكلة هي أن التوتر يرجح أن يجعل كأس العالم أقل ربحية بكثير، ما يؤدي إلى تقويض الحضور والرعاية وبعض الفوائد الاقتصادية والاجتماعية طويلة الأجل التي يفترض أن تبرر استضافة هذا الحدث الضخم في المقام الأول.

لا ينبغي لنا أن ننتظر حتى العام المقبل لندرك الخطر. دعونا ننظر إلى الوضع الذي تواجهه بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم المقبلة، التي ستنطلق في 11 مدينة أمريكية في يونيو. تسلط بطولة كأس العالم للأندية الضوء على فرق محترفة من بلدان مختلفة، وعادة ما تضم ​​لاعبين من جنسيات متباينة، فيما تتميز بطولة كأس العالم بمشاركة فرق وطنية يمثل كل منها بلده.

لسوء الحظ بالنسبة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، كانت مبيعات التذاكر لبطولة الأندية لهذا العام مخيبة للآمال لعدة أشهر. ولا يصعب فهم سبب ذلك، فقد بدأ المشجعون الأجانب، الذين شكلوا لفترة طويلة مفتاح نجاح الأحداث الرياضية العالمية، يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة، وذلك بسبب الرسوم الجمركية والترحيل العدواني لحاملي التأشيرات الشرعية.

سياسات ترمب تدفع السياح إلى التردد في زيارة الولايات المتحدة

على سبيل المثال، انخفضت الزيارات إلى الولايات المتحدة في مارس 11.6% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وانخفض السفر الجوي من المكسيك 23%، في حين انخفضت الحركة عبر المعابر البرية والجوية من كندا بنسبة 32% و13.5% على التوالي. كذلك انخفض عدد الزوار من المملكة المتحدة، والتي تعد تاريخيا أحد أكبر مصادر السياح الأجانب المتجهين إلى الولايات المتحدة، بنسبة 14.3% خلال نفس الفترة.

تضييع إنفاق المشجعين

هذه أخبار تسوء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي توقع الشهر الماضي أن يكون 40% من الحضور في مباريات كأس العالم للأندية من الأجانب. وبحسب حساباته، يتوقع أن ينفق هؤلاء المشجعون مجتمعين ما يزيد على 1.6 مليار دولار خلال الحدث الذي يستمر شهراً.

بالنسبة للاتحاد، هناك قلق أكبر يلوح في الأفق. إذا لم تتبدد الرسوم الجمركية والتوترات قريباً، فإنها ستؤثر على الحضور الدولي لكأس العالم 2026 الأكثر شعبية وربحية. وهذا ليس مستحيلاً برغم أن هذا الحدث معروف عنه حماس مشجعين المنتخبات الوطنية.

مليارديرات الرياضة في مرمى ضرائب ترمب

على سبيل المثال، في 2018، تجنب المشجعون البريطانيون السفر إلى كأس العالم في روسيا بسبب مخاوف بشأن العداء ضد بلادهم في ظل الأزمة الدبلوماسية مع روسيا. في مباراة ربع النهائي بين السويد وإنجلترا بقي 10000 مقعد خاوياً.

إحجام الكنديين

هل يمكن أن يحدث هذا مجدداً؟ يُعتبر الكنديون، الذين يتجنب كثير منهم السفر إلى الولايات المتحدة وكذلك شراء منتجاتها، ممن يرجح ابتعادهم وهذه ثغرة كبيرة. بينت دراسة بتكليف من لجنة استضافة كأس العالم 2026 في لوس أنجلوس أن المشجعين الزائرين يدفعون عموماً مبالغ أكبر بكثير من فئات السياح الأجانب الأخرى، وجاء في الدراسة التي صدرت في 2024 أن إنفاقهم في 2002 كان أعلى بنحو 1.8 مرة ممن سواهم من السياح.

وبما أن لوس أنجلوس من المتوقع أن تستضيف 150000 سائح أجنبي إضافي خلال الحدث مقارنة بالزوار المعتادين للمنطقة، فإن الخسائر قد تصل إلى 343 مليون دولار من الإنفاق المباشر الذي يتوقعه المنظمون خلال البطولة.

فوضى الرسوم الجمركية ستستمر ما لم يتدخل الكونغرس

لا يقتصر الأمر على فقدان الإنفاق السياحي، إذ يُرجح أيضاً أن يتأثر الإعلان والتسويق، وخاصة بالنسبة للمنتجات والشركات التي تخضع لرسوم جمركية باهظة. فكر في المعضلة التي تواجهها شركة ”لينوفو“، عملاقة الإلكترونيات الاستهلاكية الصينية. في أكتوبر، أصبحت شريكاً رسمياً للاتحاد الدولي لكرة القدم (بتكلفة يرجح أن تكون مليارية) مع حقوق تسويق نفسها إلى جانب شعارات الاتحاد الدولي لكرة القدم وكأس العالم، من بين مزايا أخرى.

في ذلك الوقت، ربما بدا الأمر وسيلةً رائعةً للوصول إلى مشجعي الرياضة الأميركيين. لكن الآن، مع مواجهة المنتجات الصينية المصنعة للشركة لمستقبل من الرسوم الجمركية العالية التي يفرضها ترمب، قد تعيد لينوفو النظر في خططها لتفعيل هذه الرعاية من خلال حملات تسويقية باهظة الثمن مقرها الولايات المتحدة.

تحديات إعلانية

وقد لاتكون تلك الشركة وحيدة فيما تواجهه. إن شركة ”كيا“ تابعة ”هيونداي موتورز“ وشركة ”أديداس“ من شركاء ”فيفا“ الذين تواجه منتجاتهم رسوماً جمركيةً مرتفعةً – لذا تواجهان قرارات يتعين اتخاذها بشأن توجيه إعلاناتها نحو المستهلكين في الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، بدأ المعلنون الأميركيون يتراجعون بالفعل. في فبراير، وجد استطلاع للرأي من ”مكتب الإعلان التفاعلي“ شمل 100 من صناع القرار في مجال الإعلان أن 94% من المستجيبين كانوا قلقين من أن الرسوم الجمركية قد تؤثر على الإنفاق الإعلاني – وكان 45% منهم قد شرعوا بخفض إنفاقهم.

الحياة وراء جدران الرسوم الجمركية صعبة

هذه الصدمات هي صدمات قصيرة إلى متوسطة الأجل، لكن الرسوم الجمركية قد تكون أكثر ضرراً على المدى الطويل. وقد تعرقل هذه السياسات خطط الاتحاد الدولي لكرة القدم لبناء إرث ما بعد كأس العالم في مجالات الصحة واللياقة البدنية وزيادة مشاركة الشباب في الرياضة (وهو ما يترجم في نهاية المطاف إلى سوق أكبر لكرة القدم في الولايات المتحدة). على سبيل المثال، أعلنت المنظمة الأسبوع الماضي عن منح قدرها مليون دولار لدعم بناء ملاعب كرة القدم للشباب.

الرسوم قد تحرم أطفالاً من الرياضة

إنها فكرة رائعة تأتي فيما يكافح الآباء لدفع تكاليف رياضة الأطفال. قال تود سميث، رئيس رابطة قطاع الرياضة واللياقة البدنية التي تمثل مصنعي المعدات الرياضية، إن تكلفة تجهيز طفل بالأحذية الرياضية والزي الرياضي وواقيات الساق والكرة ارتفعت بما بين 40% و50% من عام 2017 إلى 2023.

لكن المؤسف أن الرسوم الجمركية من شأنها أن تدفع تكاليف المعدات الرياضية بعيداً عن متناول الأطفال، بخاصة ممن لا يكادون يتمكنون من دفع تكاليفها راهناً، إذ أن معظم المعدات الرياضية التي تباع في الولايات المتحدة مصنوعة في الخارج. 

ما دامت الرسوم الجمركية والتوترات مستمرة، فإن الولايات المتحدة لن تتمكن من تحقيق الفوائد والمتعة التي ينبغي أن تصاحب استضافة أحد أكثر الأحداث الرياضية شعبية وربحية في العالم. لم يفت الأوان بعد لتغيير الأمور، وانعدام الرغبة بفعل ذلك هو هدف تسجله الولايات المتحدة في مرماها رغم إمكانية تجنبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *