زهران ممداني.. وجه جديد لليسار الأميركي يُقلق ترمب

أصبح شاب اسمه زهران ممداني مصدر قلق للرئيس الأميركي دونالد ترمب.. فالسياسي البالغ من العمر 33 عاماً، وله توجه يساري غير مألوف في أميركا، بات قريباً من المنافسة على منصب عمدة بلدية واشنطن، ولديه مواقف وبرنامج انتخابي جعلته في صدام مع إدارة البيت الأبيض.
ممداني فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك، في خطوة تقربه من التنافس على منصب عمدة المدينة في نوفمبر المقبل. وقد لفت الانتباه خصوصاً من خلال موقفه المؤيد للفلسطينيين، ودعمه لحركة مقاطعة إسرائيل، وهو ما جلب له انتقادات واسعة خاصة من الرئيس الأميركي الذي هدد باعتقاله إذا عرقل عمليات وكالة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE)، في حال انتخابه عمدة للمدينة.
خلال تصريحات أدلى بها للصحفيين في فلوريدا، مطلع الشهر الجاري يوليو، اتهم ترمب ممداني، المنتمي للتيار الديمقراطي الاشتراكي، بأنه “شيوعي يريد تدمير نيويورك”.
ممداني.. الوجه الجديد لليسار الأميركي
حتى قبل أشهر قليلة، لم يكن اسم زهران ممداني معروفاً، لكنه اليوم أصبح أحد الوجوه الجديدة لليسار الأميركي، بعدما لفت الانتباه بفوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في مدينة نيويورك.
السياسي الشاب له حضور كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشر باستمرار مقاطع فيديو تطغى عليها الدعابة، لكنها تضم رسائل لا تخلو من مواقف “تقدمية”. خلال حملته الانتخابية للظفر بترشيح الحزب الديمقراطي سعى لخطب ود الطبقة المتوسطة في نيويورك بتقديم وعود بخفض تكلفة المعيشة. كما تطرق في لقاءات عدة لموضوع حرب غزة، ويعبر عن تأييده للفلسطينيين، ويوجه انتقادات مباشرة لإسرائيل وهو ما جر عليه انتقادات شديدة.
من يكون زهران ممداني؟
رأى ممداني النور في العاصمة الأوغندية كمبالا، وبعدها انتقل إلى مدينة نيويورك في سن السابعة. وقد ترعرع في عائلة بارزة، فأمه هي ميرا ناير وهي مخرجة سينمائية شهيرة، ومعروفة بأعمالها التي تتطرق قضايا الهجرة والهوية الثقافية. أما والده البروفيسور محمود ممداني، فيعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة كولومبيا، ومتخصص في الدراسات الإفريقية. وقد تخرجا والديه من جامعة هارفارد الأميركية.
درس السياسي الشاب في المؤسسات التعليمية الحكومية في مدينة نيويورك، والتحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم، وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الإفريقية من كلية بودوين، وحصل على الجنسية الأميركية في عام 2018.
تعددت أنشطته الرياضية خلال مرحلة الدراسة، ففي المدرسة الثانوية شارك في تأسيس أول فريق كريكيت في مدرسته، والذي شارك لاحقاً في الموسم الافتتاحي للكريكيت في دوري المدارس العامة الرياضي.
تزوج ممداني من الفنانة السورية راما دواجي، البالغة من العمر 27 عاماً، بعدما أن تعرفا على بعضهما من خلال تطبيق المواعدة “Hinge”، وفقاً لبعض التقارير الإعلامية، ويعيش الزوجان في مدينة بروكلين حالياً.
في مساره المهني، عمل ممداني مستشاراً في السكن متخصصاً في عمليات الرهن العقاري، وكان عمله هو مساعدة أصحاب المنازل من ذوي الدخل المحدود من غير البيض في جميع أنحاء كوينز على مواجهة أوامر الإخلاء والبقاء في منازلهم.
كان التفاوض مع البنوك التي تفضل الربح المالي على احتياجات الأشخاص يستهلك أغلب أيام عمله، وهو ما مكنه من فهم أن أزمة الإسكان لم تكن وليدة الصدفة، بل نتيجة عقودٍ من السياسات المؤيدة للشركات في الولايات المتحدة ونيويورك تحديداً.
برنامج انتخابي موجه للطبقة المتوسطة
أولى ممداني برنامجه الانتخابي أهمية كبيرة للطبقة المتوسطة، فقد وعد سكان نيويورك بمساعدتهم على تحمل تكاليف المعيشة وتعزيز قدرتهم الشرائية.
قال في تصريح حديث لشبكة “بي بي سي” (BBC) إن “ربع سكان مدينة نيويورك يعيشون في فقر، و500 ألف طفل ينامون دون أكل كل ليلة. وقال إن “الناخبين في أغلى مدينة في أميركا يريدون من الديمقراطيين التركيز على القدرة على تحمل تكاليف المعيشة”.
تتضمن وعود زهران ممداني توفير خدمة حافلات مجانية على مستوى المدينة وإطلاق سلسلة متاجر بقالة مملوكة للمدينة توفر المواد الأساسية بأسعار مناسبة، وتوفير رعاية شاملة للأطفال من عمر ستة أسابيع إلى خمس سنوات، وحل أزمة الإسكان التي تعانيها المدينة من خلال تجميد الإيجارات وتشديد المسؤولية على ملاك العقارات ومضاعفة إنتاج المساكن المثبتة الإيجار التي تبنيها النقابات العمالية بواقع ثلاث مرات، كما تعهد بالقيام بإصلاح شامل لمحاسبة ملاك العقارات وزيادة المعروض من المساكن الدائمة.
عمدة نيويورك القادم وتأييد القضية الفلسطينية
بسبب تأييده للقضية الفلسطينية، يتلقى السياسي الشاب تهديدات من أشخاص معادين للإسلام بشكل يومي، بعضها استهدف عائلته، بحسب تصريحات سابقة له.
خلال الشهر الماضي، أعلن متحدث باسم شرطة نيويورك أن ممداني أبلغ عن تلقيه أربع رسائل صوتية عبر الهاتف، في أيام مختلفة، تتضمن عبارات تهديد معادية للمسلمين من قبل شخص مجهول.
ويرى ممداني أن “العنصرية مؤشر على عيب في السياسة الأميركية”، وانتقد في تصريحاته لـ”بي بي سي” الحزب الديمقراطي لأنه “مكّن لإعادة انتخاب دونالد ترمب وفشل في الدفاع عن العمال بغض النظر عن هويتهم أو أصولهم”، على حد تعبيره.
تسبب دعم ممداني للقضية الفلسطينية وانتقاده لإسرائيل في خلافه مع أغلب أوساط الحزب الديمقراطي. ولتطبيق مواقفه في هذا الاتجاه، سبق أن قدم مشروع قانون لإنهاء الإعفاءات الضريبية للجمعيات الخيرية في نيويورك المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
الدعوة لاعتقال نتنياهو في نيويورك
يذهب ممداني بعيداً في معارضته لسياسة إسرائيل، فهو يرى أن هناك ضرورة لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وصرح سابقاً بأنه “لا يشعر بالارتياح لدولة تعتمد على تسلسل هرمي للمواطنة قائم على الدين أو أي شيء آخر”، وأضاف قائلاً: “أعتقد أن المساواة، كما هو الحال في هذا البلد، يجب أن تكون مكرسة في كل دولة في العالم. هذا هو اعتقادي”.
كما يرفض السياسي معاداة السامية في مدينة نيويورك، حيث تعهد، في حال انتخابه بزيادة التمويل المخصص لمكافحة جرائم الكراهية. وقد حظي خلال حملته الانتخابية بدعم العديد من المنظمات اليهودية والشخصيات السياسية في المدينة، وهو الدعم الذي سيحتاجه في الانتخابات البلدية في نوفمبر المقبل، للفوز برئاسة المدينة التي تضم أكبر عدد من السكان اليهود خارج إسرائيل.