اخر الاخبار

روسيا تقترب من طرح أول سندات مقومة باليوان معززة طموحات بكين

تقترب روسيا من تنفيذ أول طرح لسندات سيادية مقوّمة باليوان، في خطوة تدعم مساعي الصين لرفع المكانة العالمية لعملتها.

ستبدأ وزارة المالية الروسية في تلقي الطلبات في 2 ديسمبر على السندات المكونة من شقين والمتداولة محلياً. ومن المتوقع أن يروّج الجهة المصدرة للدين الجديد بعائد مستهدف يتراوح بين 6.25% و6.5% لشريحة مدتها 3.2 سنوات، وفقاً لوكالة “إنترفاكس”، التي أضافت أن عائد الشريحة البالغة مدتها 7.5 سنوات سيقتصر على 7.5%.

وفي ظل معاناة من عجز مالي وحرمانها من الوصول إلى التمويل بالدولار واليورو، فإن موسكو تجد دوافع قوية للاقتراض باليوان، بعدما أدى ارتفاع الفائض التجاري مع الصين إلى تراكم العملة الصينية لدى المصدّرين المحليين. ويمثل الطرح أيضاً خطوة متقدمة في سعي بكين لامتلاك عملة عالمية أكثر توافقاً مع نفوذها السياسي والاقتصادي.

قالت هيلينا فانغ، المحللة في شركة “تشاينا تشنغشين إنترناشونال للتصنيف الائتماني” إن “هذه الخطوة تمثل مثالاً مهماً على التطبيق المحلي لعولمة اليوان، وتشكل مؤشراً رئيسياً على تطور المشهد المالي العالمي”. وأضافت: “من منظور طويل الأجل، فإن إصدار روسيا لسندات سيادية باليوان، يشير إلى تحوّل بنيوي في اتجاه الابتعاد عن الدولار”.

وترجع فكرة روسيا ببيع دين سيادي محلي باليوان إلى عام 2015، وهو العام الذي أعقب ضمّ شبه جزيرة القرم، وما ترتب على هذه الخطوة من عقوبات أدت إلى استبعاد بعض الشركات الروسية من أسواق المال العالمية. ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، ازدادت عزلة موسكو دولياً، فأصبحت الصين واحدة من قنواتها الاقتصادية والمالية القليلة المتبقية.

تزايد الفجوة التجارية وتوسع فائض اليوان داخل روسيا

تشير بيانات الجمارك الصينية إلى أن العجز التجاري للصين مع روسيا ارتفع إلى 19 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، وهو الأعلى للفترة نفسها منذ عام 2022. وبينما حافظت الصين على وتيرة مستقرة من مشتريات الطاقة الروسية، فإن الرسوم الأعلى هذا العام، أدت إلى تراجع واردات السيارات من الصين.

وقد أدى ذلك إلى تراكم فائض من اليوان لدى الشركات الروسية، التي تملك خيارات محدودة لاستثمار العملة الصينية داخل البلاد. ورغم أن الشركات الروسية بدأت في السنوات الأخيرة إصدار سندات مقوّمة باليوان ومدرجة محلياً، فإن غياب مؤشر سيادي مرجعي ما يزال يمثل عقبة رئيسية أمام نمو هذه السوق.

وقال إدوارد جباروف، رئيس أسواق المال في “سبيربنك” إن “المقترضين من الشركات الروسية بحاجة إلى نقاط مرجعية على منحنى العائد لتسعير أدوات دينهم بكفاءة أكبر”.

وبالنسبة لبكين، فإن طرح روسيا الأول لسندات باليوان، يضاف إلى مبلغ قياسي بلغ 13 مليار يوان جمعته هذا العام حكومات أجنبية بينها المجر وإندونيسيا والشارقة، وفق بيانات “بلومبرغ”.

يأتي هذا الاهتمام المتزايد بالاقتراض باليوان بالتزامن مع توسّع ملحوظ في إصدار السندات بالعملة الصينية خارج البلاد، واستخدام الكيانات الأجنبية لتمويل الديون داخل الصين.

وبلغت مبيعات سندات “الديم سام” المقوّمة باليوان الخارجي 855 مليار يوان حتى الآن هذا العام، متجاوزة بالفعل الرقم القياسي المسجل لعام 2024. كما بلغ إصدار سندات “الباندا” مستوى غير مسبوق بلغ 195 مليار يوان في 2024، قبل أن يتراجع قليلاً هذا العام.

اتساع استخدام اليوان عالمياً وتعمّقه داخل النظام الروسي

في غضون ذلك، يواصل الزخم العالمي للاقتراض باليوان قوته، إذ تخطط شركة النفط الحكومية في كازاخستان لإصدار أول سندات “ديم سام”، بينما تدرس كينيا تحويل جزء من ديونها الدولارية إلى قروض مقوّمة باليوان. كما أعلنت كل من سلوفينيا وباكستان نيتهما الاقتراض بالعملة الصينية.

اقرأ أيضاً: الروس بدأوا يشعرون بألم اقتصادي حقيقي من حرب بوتين

ويأتي هذا التوسع بينما تكثّف بكين جهودها لتوسيع استخدام اليوان حول العالم. فقد تعهّد البنك المركزي الصيني في تقريره السنوي الأخير بدعم اعتماد مجموعة متنوعة من المنتجات التمويلية باليوان، تشمل القروض والسندات الخارجية وتمويل التجارة، لتسهيل حصول المؤسسات الأجنبية على العملة.

وبات اليوان ثاني أكثر العملات استخداماً عالمياً بعد الدولار في أسواق تمويل التجارة خلال أكتوبر، إذ شكّل 8.5% من إجمالي المعاملات، وفق بيانات شبكة “سويفت”.

أما في روسيا، فيحتل اليوان موقعاً مهيمناً داخل محفظة استثمارات صندوق الثروة السيادي، حيث شكّل نحو 57% من أصوله السائلة حتى 1 نوفمبر، ارتفاعاً من 31% في يناير 2022 وقبيل بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقالت فانغ من “تشاينا تشنغشين” إن “توسيع مخزون اليوان في روسيا سيؤدي إلى تحسين وتوسيع بنية المدفوعات العابرة للحدود، مما يوفر الدعم التقني الضروري لعولمة اليوان”.

تحديات أمام طموح الصين

رغم هذا الزخم، يبدي بعض المراقبين شكوكاً حول أهمية طرح روسيا لسندات اليوان بالنسبة لطموح الصين النقدي، مشيرين إلى تحديات تشمل تكاليف التحوّط وعمق سيولة اليوان في دول مختلفة. كما أن مرور عقد كامل قبل تنفيذ موسكو لهذه الخطة يُعدّ بحد ذاته تذكيراً بطول الطريق أمام جهود بكين لتعزيز حضور عملتها عالمياً.

اقرأ أيضاً: هل تنجح أوكرانيا بسعيها لقطع شريان نفط روسيا؟

ومع ذلك، يرى آخرون أن عوامل داعمة مثل استقرار العملة الصينية نسبياً، وانخفاض أسعار الفائدة، قد تجذب المزيد من الاقتراض السيادي باليوان.

وقال دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى وشمال آسيا في “ستاندرد تشارترد” إن “الإصدار منطقي اقتصادياً بالنسبة لروسيا”، مضيفاً أنه من “المرجح جداً” أن تواصل موسكو إصدار ديون مقوّمة باليوان، وأن دولاً أخرى قد تحذو حذوها إذا كان ذلك منطقياً اقتصادياً بالنسبة لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *