رهانات المستثمرين تتجه إلى الصين أملا في الأرباح.. ما الأسباب؟
أثارت أحدث حزمة من السياسات الاقتصادية في الصين موجة من الارتفاع في أسعار كل شيء؛ بداية من خام الحديد والنحاس إلى الأسهم الآسيوية، إذ يراهن المضاربون على تقديم المزيد من الدعم لتحقيق مكاسب إضافية.
في أعقاب الإعلان عن خطة التحفيز يوم الثلاثاء الماضي، ارتفعت أسهم الأسواق الناشئة إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، بينما اتجه سعر خام الحديد نحو 100 دولار للطن. وقفز البات التايلندي إلى مستويات لم تُسجل منذ مارس 2022، وارتفعت قيمة الرينغيت الماليزي إلى أقوى مستوى منذ منتصف عام 2021.
تتزايد الثقة في أن أسواق الصين قد تكون على وشك انتعاش مستدام بعد سنوات من التراجع الناجم عن تباطؤ النمو وأزمة ممتدة لفترة طويلة في قطاع العقارات. لكن هذا التفاؤل مشوب بالحذر، إذ يشير مراقبو السوق إلى أن موجات ارتفاع مشابهة في الماضي لم تستمر طويلاً، حيث تحول التركيز سريعاً مرة أخرى إلى مشكلات الاقتصاد الصيني.
حزم الدعم الصينية
قالت شاميلا خان، رئيسة قسم الدخل الثابت في الأسواق الناشئة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ في “يو بي إس أسيت مانجمنت” (UBS Asset Management): “نعتقد في وجود حزمة تحفيزية إضافية مقبلة. ستكون الحزمة التالية على الأرجح مالية. يعد هذا التدخل إيجابياً للعملات الآسيوية وللسلع”.
أسفرت الجهود الأخيرة لبكين عن موجة شراء للأصول المرتبطة بالصين على مدار 24 ساعة، بما فيها الدولار الأسترالي والريال البرازيلي والبات التايلندي والمعادن الصناعية. كانت الأسهم الآسيوية من أبرز المستفيدين نظراً للروابط التجارية للمنطقة مع الصين، حيث ارتفع مؤشر “إم إس سي آي” لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ أمس الأربعاء إلى أعلى مستوى له منذ فبراير 2022.
قال خبراء اقتصاديون في بنك “بي إن بي باريبا”، من بينهم جاكلين رونغ، في مذكرة للعملاء: “ستكون التدابير المالية اللاحقة العامل الحاسم”. وأضافوا: “التدابير الأخيرة فاقت توقعاتنا، ومع السياسات الداعمة في قطاعي العقارات والأسهم، من المفترض أن تزيد شهية المخاطر، لا سيما مع انخفاض توقعات السوق”.
وصف جوناثان باينز، رئيس قسم آسيا باستثناء اليابان في شركة “فيديريتد هيرميس” (Federated Hermes)، الحزمة بأنها “نهج متعدد المسارات وقوي”، ما يبرز جدية الحكومة في معالجة مشكلات الصين. أما جون بي ليو من صندوق التحوط “ترايبيكا إنفستمنت بارتنرز” (Tribeca Investment Partners Pty)، فأشار إلى أن المحادثات مع جهات اتصال في الصين أظهرت أنهم جميعاً “متفائلون للغاية” حالياً.
تعزيز الإنفاق على البنية التحتية
قد تكون الأيام القليلة القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان الارتفاع سيستمر. وربما تعلن السلطات عن المزيد من التدابير المالية، إذ من المقرر أن يجتمع المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم المكون من 24 عضواً بقيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل عطلة سنوية تستمر أسبوعاً وتبدأ الثلاثاء المقبل. تشمل التحركات المحتملة توفير تمويل أكبر لشراء المنازل غير المباعة، وزيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية. يمكن أيضاً لوزارة المالية أن تدفع الحكومات المحلية إلى بيع المزيد من السندات لتعزيز الإنفاق على البنية التحتية.
ينصح بعض مراقبي السوق بالتزام الحذر، مشيرين إلى وجود مخاطر مستقبلية، مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، والتهديد بفرض رسوم جمركية إضافية إذا فاز دونالد ترمب. ربما يسفر تصاعد التوترات التجارية عن الحد من الطلب على الأصول ذات المخاطر مرة أخرى.
تشير شركتا “تايمفوليو أسيت مانجمنت” (.Timefolio Asset Management Co) و”ماغيلان إنفستمنتس هولدينغ” (Magellan Investments Holding) إلى أن مشكلات أخرى قائمة، بما فيها ضعف الطلب والمصاعب في سوق العقارات في الصين ودوامة الانكماش.
أصول عالية المخاطر
في الوقت الراهن، قد يستمر الارتفاع في الأصول عالية المخاطر. وقال جورج بوبوراس، رئيس الأبحاث في صندوق التحوط “كي تو أسيت مانجمنت” (K2 Asset Management): “هذه إشارة موثوقة قصيرة الأجل تشجع على الشراء، وهذا صحيح حتى تظهر الحاجة لاتخاذ تدابير ضخمة أخرى. يتطلب الأمر من الصين إلى بذل جهود إضافية”.